آراء و أصداء حول عبدالله بن سبأ

اشارة

مولف:السيد مرتضي العسكري
پديدآورنده: سيدمرتضي عسكري
ناشر: دانشكده اصول الدين {ايران-قم}
تعداد جلد: 1
محل نشر: ايران ـ قم
سال نشر: 1379
نوبت چاپ: 1
شماره جلد:
تعداد صفحه: 390
تيراژ: 4000
زبان: عربي
قطع: رقعي
جنس جلد: شميز

المقدمة

خـضعت مؤلفات العلامة السيد مرتضي العسكري، للكثير من البحث والدراسة، و اثارت آراؤه التي بـدا بنشرها منذ اكثر من اربعة عقود من الزمن،ضجة واسعة في الاوساط العلمية والثقافية، وذلك عندما اصدر الطبعة الاولي من كتابه (عبداللّه بن سبا - المدخل) عام 1375 ه ثم اعاد طبعه ثانية تحت عنوان (عبداللّه بن سبا و اساطير اخري)، في مجلدين كبيرين. وفيما كان الكتاب لا يزال موضوع نقاش و حوار في الاوساط العلمية، قدم العلامة العسكري كتابه الثاني (خمسون و مائة صحابي مختلق) ولاقي هذاالكتاب من الاهتمام والانتشار ما لاقاه سابقه. و تـكـرر الامـر نفسه عندما اصدر العلامة العسكري الجزء الاول من كتابه (احاديث ام المؤمنين عائشة). و رغـم ان مؤلفات الاستاذ العسكري عميد كلية اصول الدين، تواصلت بشكل مستمر، وابتعد الزمن عن كتابيه الاولين، الا ان الاهتمام بهما ظل متواصلا، وبقي النقاش والحوار يدور حول الاراء التي طرحها فيهما وكانهما قد صدرا حديثا،فتكررت طبعات الكتابين في عدة دول اسلامية منها العراق ومـصر ولبنان وايران، والسبب في ذلك يعود الي خطورة المواضيع التي بحثها، واهمية النتائج التي تفرد في التوصل اليها. لقد واجه الكثير من الباحثين والعلماء صدمة عنيفة عندما قراوا ما كتبه السيدالعسكري، لانه برهن مـن خلال البحث العلمي ان الكثير من ثوابت كتب التاريخ الاسلامي لا حقيقة لها اصلا، وان الاحكام الـتـي تـرتبت عليها، بحاجة الي اعادة نظر من جديد [1] ، وهذه هي نقطة الخطورة التي صدمت الكثير من المهتمين والمتخصصين في مجال التراث الاسلامي وعلومه المختلفة. ومـن الـطـبيعي ان تتوزع المواقف تجاه آراء العلامة العسكري بين مؤيدومعارض، ولا تزال هذه الـمـواقـف مـمـتدة طوال العقود الاربعة الماضية، لان آراؤه ظلت مطروحة للنقاش ومتداولة في الاوساط العلمية. والملفت للنظر ان قسما من المؤيدين وكثيرا من المعارضين لم يستوعبوا حقيقة المشروع الفكري لـلـعلامة العسكري، ولم يدركوا ما رام اليه من خدمة للتراث الاسلامي ولوحدة الصف، بحيث يمكن الـقـول انـهـم لم يقراوا مؤلفاته قراءة تامة،انما كانت قراءتهم تجزيئية ناقصة، وكانت هذه القراءة الـنـاقـصة هي واحدة من اسباب اتخاذ الموقف المعارض، و ربما كانت هناك اسباب اخري منطلقة مـن دوافـع خـاصـة لا عـلاقـة لها بالبحث العلمي والحوار الفكري الموضوعي،كالتعصب الطائفي وتقديس التاريخ المدون، وهي من المشاكل.

ملاحظات عامة حول مؤلفات العلامة العسكري

اولا: ان الـسـيـد العسكري لم ينشر كل مؤلفاته كاملة، فهناك مجلدات لاتزال قيدالانجاز والطبع، ومـنـها المجلد الثالث من كتابه القرآن الكريم وروايات المدرستين،وبقية اجزاء كتابه قيام الائمة باحياء السنة. ثـانـيـا: ان الاراء الـتي نشرها العلامة العسكري حول عبداللّه بن سبا والاسطورة السبئية، والتي صـدرت في مجلدين، ليست هي النتائج كلها التي توصل اليها،فهناك مجلد ثالث مخطوط، حدد السيد الـعـلامـة اسـمـه بالعنوان التالي: (عبداللّه بن سبا والاسطورة السبئية)، كما ورد ذلك في قائمة مـؤلـفـاتـه الـمـدرجـة في نهاية الجزءالاول من الكتاب. ويتناول العلامة في المجلد الثالث حقيقة الاسـطـورة الـسبئية بتفصيل واسع. اما المقدمة الموجودة في بداية المجلد الاول، فهي لاتعدو ان تـكون اشارة مختصرة، ومدخلا للكتاب اثبتها العلامة المؤلف جريا علي المنهج العلمي الاكاديمي في تسجيل النتائج باختصار في مقدمة الكتاب. وعـلـي هـذا فـان الذين يعتقدون ان السيد العسكري قد نشر كل افكاره ونتائج دراساته حول هذا الموضوع، لم يصيبوا الحقيقة، فدراساته حول عبداللّه بن سباوالاسطورة السبئية، تنتظر النشر، ولو نشرت بعونه تعالي، فانها ستزيد النقاش والجدل سخونة حول هذا الموضوع. ثـالـثـا: ان مـؤلفات العلامة العسكري ليست مختصة بالجانب التاريخي فحسب، كماراي الكثير من المثقفين والباحثين، بل انها تتوزع علي ثلاثة اقسام ضمن مشروع واحد: ا - مـؤلـفات في سبيل تمحيص سنة الرسول (ص): وتشمل كتب: عبداللّه بن سبا، خمسون و مائة صـحـابـي مـخـتـلق، احاديث ام المؤمنين عائشة، وكتب مخطوطة اخري سندرجها في نهاية هذه الملاحظات. ب - الـمؤلفات العقائدية: وتشمل كتب: عقائد الاسلام من القرآن الكريم،معالم المدرستين، سلسلة علي مائدة الكتاب والسنة، وبحوث متفرقة اخري. ج - المؤلفات القرآنية: صدر منها الي الان المجلدان الاول والثاني من كتاب القرآن الكريم وروايات المدرستين، و دراسات متفرقة في بعض كتبه ومحاضراته وندواته. ان هـذه الاقـسـام الثلاثة تندرج كلها ضمن مشروعه الاساس الذي يهدف الي تنقية السنة والتراث الاسـلامـي مما لحق به من تحريف، نتيجة الظروف المعقدة التي شهدتها الحياة الاسلامية بعد وفاة الرسول (ص)، ومحاولة العودة به الي اصالته الحقيقية كما كانت علي عهد الرسول (ص). ومـن اجل ان تتضح الصورة اكثر، ندرج هنا ثبتا بمؤلفات السيد العلامة،المخطوطة، اما المطبوعة فهي اشهر من ان نذكرها: 1 - عبداللّه بن سبا والاسطورة السباية (الجزء الثالث). 2 - خمسون و مائة صحابي مختلق (الجزء الثالث). 3 - رواة مختلقون. 4 - انواع الاختلاق و اصناف المختلقين. 5 - الروايات الاسرائيلية و روايات الزنادقة والغلاة. 6 - من سيرة الرسول (ص) و اهل بيته (ع). 7 - تراجم الصحابة (من راي الرسول (ص) و روي عنه). 8 - تراجم الصحابة (من راي الرسول (ص) ولم يرو عنه). 9 - تراجم الصحابة (من عد من الصحابة ولم ير الرسول (ص) ولم يرو عنه). 10 - القرآن الكريم و روايات المدرستين - الجزء الثالث (تحت الطبع). 11 - بحوث و دراسات متفرقة، في المجالات العقائدية والقرآنية والحديثية،تفضل سماحة السيد العلامة واطلعني علي مخطوطاتها. ومن هنا يمكن القول ان المخطوط من مؤلفات السيد العسكري لاتقل اهمية عن المطبوع منها، بل ان الـنتائج والاراء الموجودة في مؤلفاته المخطوطة تفوق اهمية وحساسية مما هو منشور في مؤلفاته المطبوعة. وعـلي هذا فان دراسة آراء العسكري، وفهم مشروعه الفكري بصورة صحيحة،لايمكن ان تكتمل الا بـدراسـة مـنـظـومـة مؤلفاته الكثيرة التي صدرت خلال فترة طويلة تقرب من نصف قرن. مع مـلاحظة ان ما اصدره السيد العسكري كان يخضع لمنهجية دقيقة في النشر، حرص علي الالتزام بها في كل مؤلف من مؤلفاته. وذكـرنـا آنفا ان مؤلفات السيد العسكري خضعت لاهتمام الاوساط الفكرية في العالم الاسلامي، بل انـهـا شـمـلت حتي دائرة المستشرقين المهتمين بتراث الاسلام.و نذكر هنا ما كتبه استاذ الفقهاء والـمجتهدين السيد الخوئي في موسوعته الكبيرة (معجم رجال الحديث) حول كتابا عبداللّه بن سبا و خمسون و مائة صحابي مختلق: ان اسـطـورة عـبـداللّه بـن سبا وقصص مشاغباته الهائلة موضوعة مختلقة اختلقهاسيف بن عمر الوضاع الكذاب، ولا يسعنا المقام الاطالة في ذلك والتدليل عليه،وقد اغنانا العلامة الجليل والباحث الـمـحـقق السيد مرتضي العسكري في ما قدم من دراسات عميقة دقيقة عن هذه القصص الخرافية وعـن سـيـف و مـوضـوعاته في مجلدين ضخمين طبعا باسم (عبداللّه بن سبا) وفي كتابه الاخر (خمسون ومائة صحابي مختلق) [2] . ثـم نعرض في ما ياتي المعركة الصحفية الساخنة التي دارت بين العديد من علماءواساتذة الجامعات السعودية حول الموضوعات التي اثارها العلامة العسكري.وفيها توزع الحوار بين طرفين متقابلين: الاول يتبني افكار السيد العسكري حول بعض الشخصيات المختلقة ابرزها عبداللّه بن سبا والقعقاع بـن عـمـروالـتـميمي. والثاني يقف في الاتجاه المعاكس، محاولا اسدال الستار باي وسيلة عن هذا الـمـاضـي وعـن الخوض فيه، لانه يري فيه التهديد الحقيقي للكثير من المرتكزات والثوابت التي حوتها امهات المصادر التاريخية والحديثية والرجالية.

مقتطفات مصورة عن الصحف السعودية

- الدكتور الهويمل: في صحيفة الرياض - الدكتور العودة: في صحيفتي الرياض والمسلمون - الدكتور العزام: في صحيفة الرياض - الدكتور المالكي: في صحيفة الرياض قال الدكتور فهد الهويمل في: صحيفة الرياض 4 / ع 1 / 1418 ه لان فـي نـسـف هـذه الشخصية نسفا لاشياء كثيرة وتفريغا لكتب تراثية لكبارالعلماء من امثال شيخ الاسـلام ابـن تـيـمـية وابن حجر والذهبي وغيرهما، فابن سبااو ابن السوداء يشكل مذهبا عقديا ويشكل مواقف اخري لو تداعت لكناامام زلزلة تمس بنايات كثيرة. انظر صفحة 55 قال د. العودة: فـفي هذا الراي نسف لكتب باكملها تعد من مفردات كتب التراث، ويعتمدعليها في النقل والتوثيق من قرون متطاولة، فكتاب منهاج السنة - مثلا -لشيخ الاسلام ابن تيمية ينطلق من اعتبار عبد اللّه بن سـبا اصل الرافضة، فهواول من قال بالوصية والرجعة وغيرها من معتقدات وانكار هذه الشخصية اوالتشكيك فيها تشكيك في الكتاب كله، ونسف له من اصوله، بل ربماتجاوز الامر ذلك الي التشكيك في اصول الرافضة وتاريخ نشاتهم.انظرصفحة 277 وقال د. العودة ايضا: لقد كان سيف بن عمر التميمي - يرحمه اللّه - مشجبا، علق عليه السابقون واللاحقون مسالة انكار ابن سبا، بل زاد بعضهم، وحمله اختلاق عدد من الصحابة، ليس (القعقاع بن عمرو رضي اللّه عنه) الا واحـدا مـن هـؤلاء، فـقـد الـف (السيد مرتضي العسكري) - وهو رافضي المذهب والهوي - كـتـابابعنوان (خمسون ومائه صحابي مختلق) والكتاب مؤلف قبل ما يزيد علي (عقدين) من الزمن ويـعتمد مؤلفه اتهام (سيف) باختلاق هذه الشخصيات احداثها، ليس في هذا الكتاب فحسب، بل وفي كتابين قبله احدهما بعنوان (عبداللّه بن سبا بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري، طالنجف 1375 ه /1956 م). والاخـر بـعـنـوان: (عـبـداللّه بـن سـبـا واسـاطـيـر اخـري، ط دار الـغـديـر، بـيـروت، طهران1392 ه/1972م)انظر صفحة كتاب المالكي: الكتاب مجموعة مقالات نشرها المؤلف في صحيفة الرياض الاعداد من الخميس 25شوال 1416 ه الـمـوافق 14 مارس 1996 م حتي الاحد 28 شوال 1416ه الموافق17 مارس 1996م وآخرها السبت 26/7/1416 ه 7 ديسمبر 1996م.

نصوص من كتاب المالكي

امـا بين الخاصة: فلم تنتشر روايات سيف علي مدي قرن ونصف القرن من موته (180 ه) فكان اول مـن اشـهرها - كما اشهر غيرها - هو الطبري (ت: 310 ه)وكانت روايات سيف قبل ذلك خاملة جـدا فـاحـتاجها الناس بعد الطبري للرد علي الشيعة وتـدافع عنهم سـيـف كـنـزا مـخفيا في الدفاع عن العنصر الاموي ضـدالـشـيـعة الانتشار لروايات سيف واعتمد عليها المعاصرون للسبب نفسه تقريبا المعاصرون عامة احتاجوا للرد علي هجمات الشيعة والمستشرقين علي التاريخ الاسلامي خصوصا عـهـد عـثمان وبني امية فلذلك اتجه المدافعون يتلمسون الدفاع سواء كان الدفاع بحق او بباطل فـاتـجـهـوا لـلطبري فوجدوا في روايات سيف منهلا فائضا للدفاع عن بني امية وولاتهم اكـثـروامـن النقل عنه ثم وثقوه الـمـحدثين (توثيق سيف) وللّه في خلقه شؤون ثـم ان تـوثـيـق الـمـؤرخـيـن في هذه الايام لسيف بن عمر لاجل الدفاع عن بني امية ضدالشيعة والمستشرقين واحيانا ضد عمار وابي ذر وهذا يعني بكل بساطة ان مقياس التوثيق والتضعيف لم يعد الـصـدق والـكـذب وانـما (المصالح) و(الظروف الراهنة)و(الحاجة الملحة) لـلاسـف - مـنهج انهزامي، ولو علم هؤلاء اننانستفيد من اخطاء سلفنا مثلما نستفيد من صوابهم لما فعلوا هذا الفعل ص 77 - 78 وقد ياخذ علي الدكتور انني نقلت بعض النتائج التي توصل اليها بعض الباحثين كالهلابي والعسكري وهـذا غـير صحيح لانني رجعت للمصادر نفسها وتاكدت من تلك النتائج بنفسي وخالفتهما في بعض الـنـتـائج الـتـي لـم اعـلن عنها واضفت مما لم اجده عندهما مع امتناني لصاحب السبق في سبقه الي تلك النتائج او بعضها لكن لنتاكد من المعلومات بانفسنا ونضيف غير مقلدين لياتي بعدنا من يضيف ويبني علي نتائجناوهكذا. ص 81 - 82

اجوبة السيد العسكري علي اقوال الاساتذة الجامعيين

تمهيد

بسم اللّه الرحمن الرحيم الـحمد للّه رب العالمين والصلاة علي محمد وآله الطاهرين والسلام علي ازواجه امهات المؤمنين واصحابه المنتجبين. وبـعد، منذ اواخر محرم سنة 1418 ه الي 25 / ج 1 / 1418 ه وجدت ضجة كبري في صحيفتي الرياض والمسلمون السعوديتين اثارها اساتذة جامعيون حول ثلاثة مواضيع: ا - الراوية الكذوب سيف بن عمر. ب - عبداللّه بن سبا و اسطورته. ج - كـتابي عبداللّه بن سبا و خمسون و مائة صحابي مختلق وخاصة حول القعقاع بن عمرو اشهر من اختلقهم سيف في الصحابة. وجـري الكلام فيهما عني وعن الدكتور حسن المالكي، غير ان الدكتور المالكي دافع عن رايه في الـصـحـيفتين باستمرار، ولم يتسن لي ان ابين وجهة نظري في ماكتب و دوافعي لما كتبت. واليوم اسـتـعين اللّه تبارك وتعالي لاشرح في ما ياتي دوافعي لهذه البحوث وكيفية توصلي الي تلكم النتائج بداية العمل. عـندما كنت ادرس الفقه الاستدلالي بمسقط راسي سامراء بلد الامامين العسكريين (ع) لاحظت ان الادلـة فـي بـحوثنا الفقهية روايات الاحاديث ولايستدل بسيرة الرسول (ص) في استنباط المسائل الـفقهية ودفعني ذلك الي القيام بتاليف في سيرة الرسول الاكرم (ص) يستدل بها في استنباط الاحكام الي جنب روايات الحديث، وفي هذا الصدد عزمت علي جمع روايات السيرة من كتب عامة المسلمين لان الـخـلاف وقـع بـعـد عـصـر الـرسول الاكرم (ص) و نويت ان اءسمي بحوثي لواء الوحدة الاسلامية ثم بدا لي اءن اءتوسع في البحث واءكتب عصور الاسلام، كالاتي: ا - الاسلام في مكة (من البعثة الي الهجرة). ب - الاسلام في المدينة (من هجرة الرسول (ص) اليها الي هجرة الامام علي (ع)منها). ج - الاسلام في العراق مدة حكم الامام علي (ع) في الكوفة وهكذا الي عصرالعباسيين. وبدات بالتفتيش وكان اسلوبي في الرجوع الي المصادر اخذ الرواية من الاقدم زمانا فالاقدم. وكنت اري ان الـرواية - مثلا - في مسند الطيالسي (ت:204 ه)اقرب الي الصحة من الرواية في مسند احـمـد (ت: 241 ه) والرواية فيهما - ان اختلفت الالفاظ - وما في مسند احمد اصح مما في سنن الدارمي (ت:255ه)وكذلك الامر في غيرها. وكـان فـي مـا جمعت من سيرة الرسول (ص) من رواية ان جبرائيل (ع) لما نزل عليه (ص) اول وحـي قـال لـه: اقرا قال الرسول (ص) ما انا بقارئ فغطه [3] حتي بلغ به الجهد - الي ثلاث مرات - ثم ارسله فقال (اقرا باسم ربك الذي خلق...). فـجـاء الرسول (ص) الي خديجة (ع) يرجف فؤاده وخشي علي نفسه فاخذته الي ورقة بن نوفل النصراني فطمانه واخبره انه رسول والذي اتاه جبرائيل. وفي روايات اخري قال (ص) لخديجة: اخشي ان يكون في جنن. و لاخشي ان اكون كاهنا. وفـي بـعـض روايات كتب السيرة انه (ص) قال لنفسه ان الابعد - يعني نفسه لشاعر او مجنون.. لاطرحن نفسي من حالق جبل. وفي رواية اخري ان خديجة (ع) اجلسته عندما نزل عليه جبرائيل علي فخذهااليمني واليسري وهـي مقتنعة بخمارها ولما تحسرت والقت خمارها لم ير جبرائيل فطمانته خديجة بان الذي يراه ملك وليس بشيطان [4] . تـروي امـثال هذه الروايات عن ام المؤمنين عاشة وعبداللّه بن عباس في حين ان اهل الكتاب كانوا ينتظرون بعثته، نظير خبر بحيري الراهب في سفره (ص) مع عمه الي الشام مما ذكرنا قسما منها في كتابنا احاديث ام المؤمنين عائشة (ج 2)وفيها: عـن عـلـي بـن ابي طالب (ع) خرجنا بعض نواحيها - مكة - فما استقبله جبل ولاشجر الا وهو يقول: السلام عليك يا رسول اللّه [5] . وايضا وجدت في الروايات في تفسير آية (وما ارسلنا من قبلك من رسول ولانبي الا اذا تمني القي الـشيطان في امنيته...) (الحج / 52) ان اللّه لما انزل علي رسوله (ص) (والنجم اذا هوي...) فلما انـتـهـي الي قوله (وما ينطق عن الهوي)القي الشيطان علي لسانه (تلك الغرانيق العلي منها الشفاعة ترتجي) فلما سمع المشركون ذلك فرحوا وسجد المشركون لذكر الهتهم والمسلمون. فـبـلـغ الخبر المهاجرين الي الحبشة فرجع بعضهم الي مكة ولما عرفوا حقيقة الخبربقي بعضهم مستخفيا وعاد بعضهم الي مهجره. ونـزل جـبرئيل (ع) واخبر النبي (ص) بانها ليست وحيا فحزن الرسول (ص)فنزلت عليه: (وما ارسلنا من قبلك من رسولا ولا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته...) [6] (الحج / 52). و ايضا وجدت في روايات سيرة الرسول (ص) بصحيح مسلم باب ان من لعنه النبي او سبه جعله اللّه لـه زكـاة و طـهـورا: عن ام المؤمنين عائشة وغيرها من الصحابة: ان رسول اللّه (ص) كان يلعن الـمؤمنين اذا ضويق و يبرر ذلك بقوله:شارطت ربي ايما مؤمن لعنته او سببته جعله اللّه له زكاة و طـهـورا. مـع قـولـه تـعـالـي في وصفه: (انك لعلي خلق عظيم) و مع قوله (ص): من لعن مؤمنا فهوكقتله [7] . فـرايت اننا بحاجة الي تمحيص سنة الرسول (ص) و ثبت عندي ان قسما من هذه الروايات افتري بـهـا علي الصحابة كما افتري بها علي رسول (ص). وبدات اجمع الروايات اللاتي نحن بحاجة الي دراستها من المكثرين في ملفات خاصة لدراستها مثل روايات ام المؤمنين عائشة وعبداللّه بن عباس كي ادرسها بعدذلك. وكنت اري في سيرة الصحابة روايات لا يتقبلها العقل السليم وكثيرا منهاكانت من روايات اخبار الفتوح مثل رواية سيف في خبر فتح السوس التي قال فيها: ان ابا سبرة ناوش اهل الـسـوس مـرات ويـصيب فيها المشركون المسلمين وذات يوم اشرف رهبان سوس علي المسلمين وقالوا لهم: لايفتح السوس الاالدجال وصاحوا بالمسلمين وغاضوهم وكان مع المسلمين الدجال صاف بـن صـيـاد فـاتـي باب السوس ودقه برجله وقال انفتح بظار فتقطعت السلاسل وتكسرت الاغلاق وتفتحت ودخلها المسلمون واستسلم المشركون. بينما روي البلاذري والطبري وسائر المؤرخين عن غير سيف: ان ابا موسي الاشعري قاتل اهلها وحاصرهم حتي نفذ ما عندهم من الطعام فضرعوا الي المصالحة في السنة الثامنة عشرة. و روايـتـه عن يوم سماه بيوم الاباقر قال: ان سعد بن ابي وقاص بعث عاصم بن عمرو - الصحابي المختلق - الي اسفل الفرات في طلب الغنم والبقر لاطعام الجيش فاتي ميسان و سال رجلا رآه هناك عن البقر والغنم فحلف له وقال: لااعلم وكان راعي الثيران في الاجمة فصاح منها ثور: كذب واللّه وهانحن اولاء.فدخل واستاق الثيران فاخصب الجيش اياما و سمي ذلك اليوم بيوم الاباقر. وروايته عن يوم الجراثيم: قال سيف وقف سعد بن ابي وقاص بعد القادسية حائرا امام دجلة وقد فاضت فخطب جيشه وقال: اني عزمت علي قطع هذا البحر فركبوا اللجة وان دجلة لترص بالزبد وان الناس ليتحدثون في عومهم لايكترثون كما يتحدثون في مسيرهم علي الارض لايعي فرس الا نشزت له جرثومة [8] . وفي رواية غير سيف: ان الدهاقين ولوهم علي مخاضة اسفل المدائن فاخاضوهاالخيل [9] . وذكر نظيرها للعلاء بن الحضرمي وجيشه في فتح دارين وقال:... حـتـي اذا اتي ساحل البحر اقتحموا.. الراكب والراجل.. فاجتازوا ذلك الخليج يمشون علي مثل رمـلـة ميثاء [10] فوقها ماء يغمر اخفاف الابل وان ما بين الساحل ودارين مسيرة يوم وليلة لسفن البحر [11] . و خبر اطلال فرس بكير في فتح القادسية: قـال سيف: وقرا المشركون و امر سعد.. ان يتبعوا اثر الفارين فاتبعوهم حتي انتهوا الي النهر الذي بـثـقـوه ليمنعوا المسلمين من عبوره فضرب بكير بن عبداللّه فرسه - وكانت انثي - وقال لها ثبي اطلال فتجمعت وقالت (وثبا وسورة البقرة)ووثبت، فاقتحم الباقون خلفه [12] . ومـثـل خبر الاسود العنسي المتنبئ الكذاب الذي روي سيف في خبره: انه كان له شيطان ينبئه عن الـغـيـب وكان الاسود يسميه الملك. والذي نشك ان سيفا كان يحاول في فريته هذه ان ياتي بمشابه للوحي الذي كان ينزل به جبرائيل (ع) علي رسول (ص) بدافع ما رمي به من الزندقة [13] . و مثل خبر ما رآه يزدجر ملك الفرس في نومه في ما رواه سيف: انـه كـان نـائمـا فـي مـحمله ليلا والبعير يسير به فانبهوه ليعبروا مخاضة فقال: بئسماصنعتم لو تـركتموني لعلمت ما مدة هذه الامة اني رايت: اني ومحمدا تناجينا عنداللّه فقال له: - اي قال اللّه - امـلكهم مائة سنة، فقال: زدني، فقال: عشرا ومائة سنة، فقال: زدني، فقال: عشرين ومائة سنة، فقال: لك، وانبهتموني فلوتركتموني لعلمت ما مدة هذه الامة [14] . و اني اري ان سيف بن عمر كان يرمي من وراء هذا النوع من التهوين في امرالوحي الذي كان ينزل علي خاتم الانبياء (ص) تشويش اذهان المسلمين. كـنـت اجـمـع هـذه الاخبار في ملف خاص ولا اعرف الي من انسب هذه الروايات بينما كنت اجمع روايات المكثرين من الصحابة كل في ملف باسم من رويت عنه. وكـان ضـمـن ملف الراوي المجهول اخبار عبداللّه بن سبا وانه كان يهوديا من اليمن اسلم علي عهد الخليفة عثمان، وجاء بعقيدة الوصاية والرجعة وآمن بقوله صحابة و تابعين ابرار مثل ابي ذر وعمار بـن ياسر ومحمد بن حذيفة وصعصعة بن صوحان العبدي و... وانهم استطاعوا ان يثيروا اهل الشام علي معاوية،واهل الكوفة علي الوليد وسعيد واهل مصر والبصرة وغيرها علي ولاتهم وجاؤا الي الـمـديـنـة وقـتلوا الخليفة عثمان ونصبوا عليا للخلافة واقاموا حرب الجمل ولم يدرك كل ذلك الخليفتان علي وعثمان وعائشة وطلحة والزبير الي غيرهم وجهاء ذلك العصر - علي عقل من يقبل ذلك العفاء -. وكـنت قد جمعت تلكم الروايات التي لم اعرف راويها في ملف خاص بينما كنت قد جمعت الروايات المنسوبة الي المكثرين من الصحابة كل في ملف خاص وباسمه وذات ليلة بينما كنت اراجع روايات ملف الراوي المجهول انتهيت الي تكرار اسم سيف في روايات ذلك الملف فصرخت (وجدته، وجدته، وجـدتـه)وراجـعـت مـا حضرني من كتب الرجال واذا بهم يقولون عنه متهم بالوضع وبعدكل ذلك الـتـفـتيش والبحث رايت من الواجب علي ان اقوم اولا بتمحيص سنة الرسول (ص) وابدا بدراسة روايات المكثرين واسمي روايات كل منهم باسم من روي عنه وكان من اهمها الاحاديث المروية عن ام الـمـؤمـنـيـن عـائشـة والاحـاديث المروية عن الصحابي ابي هريرة واحاديث سيف وفي ما انا ادرس احـاديـث سـيـف شككت بانه اختلق في ما اختلق صحابة للرسول (ص) وبقيت شهرين ادرس تـراجم الصحابة في مصادرها فثبت عندي اختلاق سيف اكثرمن خمسين صحابيا للرسول وسميت الكتاب احاديث سيف ولما رآه العلامة الشيخ راضي آل ياسين سماه بعبداللّه بن سبا واساطير اخري ثـم تـابـعـت الـدراسـة وبـلـغ عدد الصحابة في بحوثي نيفا وستين ومائة صحابي مختلق وسميته (خـمـسـون ومائة صحابي مختلق) تخفيفا للاسم ونشرت تراجم ثلاث وتسعين صحابيامنهم حتي الـيـوم فـي مجلدين وبقي المجلد الثالث لبقية المختلقين اما (عبداللّه بن سباواساطير اخري) فقد نـشـرت مـنـها حتي اليوم مجلدين وبقي المجلد الثالث (الاسطورة السبائية) وهي اصل الاسطورة رجحت نشر بحوث اخري لي علي نشرهما. وفي بادئ الامر ظننت ان سيفا يروم في ما يضع و يختلق الدفاع عن ذوي الجاه من الصحابة والح ط من مناوئيهم وانه بسبب ذلك راجت رواياته وشاعت، ولماتابعت دراساتي في احاديث سيف ادركت ان دافع سيف في ما وضع واختلق امران: الـف - الـتعصب القبلي ولذلك يمجد في ما يختلق العدنانيين وخاصة قبائل تميم منهم و يحط من قدر القحطانيين ويختلق لهم المعايب والمثالب ولما كانت السلطة للعدنانيين اختلق عبداللّه بن سبا وجاء به مـن الـيـمـن والقي تبعة وقوع الخلاف بين سادة مضر علي عاتقه وحده واختلق في ما اختلق ثلاثا وعـشـريـن صـحـابيا من تميم جاءت تراجمهم في الجزء الاول من خمسون ومائة صحابي مختلق وجاءت تراجم بعضا آخر منهم في الجزء الثاني المطبوع وتاتي تراجم من بقي منهم في الجزء الثالث الذي لم يطبع حتي الان [15] . ب - دفعه ما رمي به من الزندقة الي تشويش معالم التاريخ الاسلامي واشاعة ان الاسلام انتشر بحد السيف ونشر اساطير وخرافات في المجتمع الاسلامي وفي ما ياتي بيان كلا الامرين. وياتي في مقدمة ما روي بدافع التعصب القبلي ما اختلقه من امجاد لقبيلته تميم الصحابة الاسطوريون من بني عمرو بن مالك: مالك من بني عمرو وفـي مـقدمتهم بروايات سيف: القعقاع بن عمرو، بما رواه عن الخليفة ابي بكرعندما ارسل القعقاع مـددا للقائد خالد في حروب العراق بعد ان ارفض [16] عنه جنوده انه قيل له اتمد من ارفض عنه جنوده برجل فقال: لايهزم جيش فيهم مثل هذا اي: القعقاع. بـروايـتـه هـذه هيا سيف ذهن القارئ لسماع ما يختلقه من بطولات للقعقاع و اولهاما رواه في فتح الابـلـه [17] بـان قائد الفرس هرمز واطئ اصحابه علي الغدربخالد فلما تبارزا حملت حامية هـرمـز علي خالد للغدر وكان القعقاع منتبها لهم فحمل عليهم وازاحهم وروي عن قول القعقاع ستة ابيات منها: فنحن وطانا بالكواظم هرمزا++ وبالثني قرني قارن بالجوارف [18] . بينما روي الطبري ان فتحها كان بيد عتبة بن غزوان سنة 14 ه وعلي عهدالخليفة عمر. و لـم يـكـن لمن تخيلهما سيف قائدي الفرس وللمكانين الثني والولجة ولاللمعارك التي ذكرها ولا لـكـتـاب صـلح خالد لهم والذي شهد فيه القعقاع ولالاربعة من رواة اخبارها وجود خارج روايات سيف [19] . وكذلك شان معركة الفراض والتي ذكر فيها ان خالدا قتل فيها مائة الف. وذكـر صرف عمر خالد وجيشه وفيهم القعقاع الي الشام وانهم قتلوا في اليرموك عشرون و مائة الف. وروي فـي فـتح دمشق ان خالدا كان قد هيا حبالا فالقاه مع القعقاع فتعلقت بالشرف فتسلقوها وقتلوا في فحل ثمانين الفا. بينما روي غيره ان خالدا اخذ من دير خالد سلما صعد عليه. و روي ان الـخـلـيفة امر بصرف جيش العراق الي العراق وفي مقدمتهم القعقاع ثم روي له ولاخيه عاصم بطولات الايام التي سماها: ارماث و اغواث وعماس وانهما فقئا عين الفيل الابيض الذي كانت تتبعه الفيلة وبتدبيره في الايام الثلاثة قوي الجيش الاسلامي. وفي عبور دجلة سبق عاصم الجيش وحماه للعبور. وبعد الفتح سلب القعقاع من فارس يقود دابتين عليهما سيف كسري وهرمزوقياذ و فيروز وهرقل و حـاقـان مـلك الترك و داهر ملك الهند و بهرام وسياوخش والنعمان اعظم به من فخر تميم التي غنمت سيوف الملوك بفضل روايات سيف وروي انهم قتلوا في المعركة مائة الف. وفـي جلولاء - ايضا - فتحها الجيش الاسلامي بتدبير القعقاع بعد ان كانوايزاحفونهم ثمانين يوما دونما اية نتيجة و قتل منهم فيها مائة الف. وروي ان ابـا عـبـيدة في الشام استمد من الخليفة عمر فكتب الي سعد في العراق ان اندب الناس مع القعقاع يوم ياتيك كتابي فمضي القعقاع الي الشام في اربعة آلاف وانشد القعقاع في ذلك وقال: يدعون قعقاعا لكل كريهة++ فيجيب قعقاع دعاء الهاتف الابيات وروي سيف ان فتح نهاوند - ايضا - كان بتدبير القعقاع وانهم قتلوا من المشركين في المعركة مائة الف. كان ذلكم فهرست ما رواه سيف عن القعقاع في الفتوح علي عهد الخليفة عمر. وعـلي عهد الخليفة عثمان روي ان عثمان ولاه سنة 34 و 35 الحرب علي الكوفة وكانت الكوفة يـومـذاك عاصمة للقسم الشرقي من البلاد الاسلامية وانه لماحوصر الخليفة عثمان كتب الي اهل الامصار يستمدهم فخرج القعقاع من الكوفة لنصرة عثمان ومعاوية من الشام وبلغه في الطريق خبر قتل عثمان فرجع هو ومن معه الي الكوفة. وروي في حرب الجمل ان الامام علي بن ابي طالب لما استمد من الكوفة لحرب الجمل وثبطهم امير الـكـوفـة ابـو مـوسـي الاشعري قال القعقاع لابد من امارة تنظم الناس وهذا علي ولي ويدعو الي الاصـلاح فانفروا وكان هو من رؤساء اهل الكوفة الذين التحقوا في حرب الجمل بالبصرة فارسله الامـام عـلـي الـي طـلـحـة والزبير يدعوهما الي الالفة والجماعة فذهب اليهم وكلمهم فضلت ام الـمـؤمنين عائشة و وافق طلحة والزبير علي الصلح وقالوا له احسنت واصبت واشرف القوم علي الـصلح فاجتمع السبايون وتشاورا ليلا فاشار عليهم ابن سبا ان ينشبوا القتال ليلا دون علم غيرهم وثـاروا فـي الغلس وانشبوا القتال بين الجيشين دون علم غيرهم ووقع القتال بين الجيشين واخيرا امر القعقاع بعقرجمل ام المؤمنين عائشة وقال لمن يليه انتم آمنون ووضعت الحرب اوزارهابفضل ما فعله القعقاع. و روي ان معاوية بعد صلح الامام الحسن معه كان يخرج من الكوفة المستغرب في امر علي - شيعة عـلـي - ويـنـزل مكانه المستغرب في امر نفسه من اهل الشام والبصرة ونقل القعقاع وبني ابيه من الـكوفة الي فلسطين ونقل بني تغلب الي الكوفة واسكنهم منازل القعقاع وبني امية ولذلك عده الشيخ الـطـوسـي (ت:460 هـ) فـي رجـالـه مـن اصحاب امير المؤمنين والاردبيلي (ت: 1101) في جامع الرواة والقهبائي (كان حيا 1016 ه) في مجمع الرجال والمامقاني (ت:1351ه)في تنقيحه. روي سيف اخبار القعقاع عن تسع وعشرين راويا من مختلقاته من الرواة لم نجد لهم ذكرا في غير روايات سيف وكذلك لم نجد ذكر لاكثر من خمسين ومائة صحابي مختلق في غير روايات سيف. وكذلك لم نجد اسماء لاثنتين وسبعين راويا الاتية اسماؤهم في غير روايات سيف: اسم الراوي عدد رواياته 1) محمد بن عبداللّه بن سواد بن نويرة 216 2) سهل بن يوسف 126 3) مهلب بن عقبة67 او 76 4) زياد بن سرجس الاحمري 53 5) نصر بن السري29 او 24 6) رفيل و ابنه 20 7) مستنير بن يزيد 18 8) ابن رفيل عن ابيه 18 9) سعيد بن ثابت بن جذع الانصاري 16 10) عبداللّه بن سعيد بن ثابت 16 11) مبشر بن فضيل 15 12) خالد مجهول 16 13) عبادة مجهول 16 14) رفيل 14 اسم الراوي عدد رواياته 15) غصن بن قاسم 13 16) ابو عثمان مجهول 10 17) صعب بن عطية 9 18) ابو عثمان يزيد بن اسيد العساني 9 19) عبد بن رحمان بن سياه الاحمري 7 20) عبيداللّه بن محفز 6 21) عروة بن غزية الدثيني 6 22) عمرو بن الريان 6 23) ابو سفيان طلحة بن عبدالرحمن 5 24) ابو زهراء القشيري 5 25) رجل من بني كنانة 5 26) طاهر بن ابي هالة 5 27) ضحاك بن قيس 4 28) حلحال بن الذري 4 29) انس بن حليس 4 30) مخلد بن قيس 4 31) سماك بن فلان الهجيمي 3 32) قيس بن زيد النخعي 3 33) قيس بن يزيد 3 34) ظفر بن دهي 3 اسم الراوي عدد رواياته 35) مقطع بن هيثم بن فحيع 3 36) ابن محراق 3 37) بحر بن فرات العجلي 2 38) رجل من كنانة 2 39) عثمان بن سويد 2 40) حنظلة بن زياد 2 41) حماد بن فلاح البرجمي 2 42) جرير ابن اشرس 2 43) رجل عن بكر بن وائل 2 44) عامر 2 45) خزيمة بن شجرة العقفاني 2 46) عبد بن صخر بن لوذان 2 47) ورقاء بن عبدالرحمن الحنظلي 2 48) حبيب بن ربيعة الاسدي 1 49) عمار بن فلان الاسدي 1 50) ابن شهيد 1 51) عمرو بن تمام 1 52) رجل من طي 1 53) عبداللّه بن مسلم العكلي 1 54) كرب بن ابو كليب العكلي 1 اسم الراوي عدد رواياته 55) ابن ابو مكنف 1 56) بكر بن وائل 1 57) حميد بن ابو شجار 1 58) عصمت الوائلي 1 59) عصمت بن الحارث 1 60) رجل 1 61) رجل من بني الحارث 1 62) بطان بن بشر 1 63) عروة بن وليد 1 64) ابو معبد العبسي 1 65) ابن صعصعة او صعصعة المزني 1 66) مخلد بن كثير 1 67) فلان الهجيمي 1 68) كليب بن حلحال 1 69) جرير بن يزيد الجعفي 1 70) حريث بن معلي 1 71) بنت كيسان الضبيه 1 اضف اليهم اسماء ثلاثة من التابعين الاتية اسماؤهم: 1) معن الشيباني اخو مثني قائد الجيش الاسلامي 2) ابو ليلي الفدكي. 3) اط بن سويد. و شاعران عربيان اسمهما: 1) خطيل. 2) عمرو بن قاسم بلغ عدد اسماء من اختلقهم سيف وترجمناهم في مجلدي ابن سبا وخمسون ومائة صحابي كالاتي: 3 9 صحابي 3 0 تابعي 2 0 شاعر 1 7 راوي حديث --------- 169 عـربيا لم يرد ذكرهم في غير حديث سيف ولم يذكر اسم احدهم في كتب الانساب ودونكم جـمـهرة انساب العدنانيين والقحطانيين لابن الكلبي لاتجدون عربيا محققا وجوده الي القرن الثاني الهجري الا وتجدون اسمه وتسلسل نسبه الي احد القبيلتين ثم ابحثوا عن تسعة وستون و مائة اسما من العرب درسناهم في كتابي ابن سبا وخمسون ومائة صحابي مختلق. ان وجـدتـم اسـم احد هؤلاء الذين اختلقهم سيف بن عمر وكذلك شان عبداللّه بن سبا والمكني بابن السوداء الذي جول البلاد واخضع العباد واثار الفتن علي بني امية حتي قتل الخليفة عثمان بدون رضا جـمـاهـيـر الصحابة والمسلمين في المدينة واقام حرب الجمل بدون رضا علي وطلحة والزبير وعائشة. هذه الشخصية اليمانية الشهيرة الضخمة هل سقط من السماء ام نبع من الارض كي لايعرف نـسـبـه وسلالة ابيه واين ذكر اسمه ونسبه في كتب الانساب وخاصة جمهرة نسب قحطان لابن الكلبي والمطبوع بسورية. اما ما قاله الدكتور الهويمل: لان فـي نـسـف هـذه الشخصية نسفا لاشياء كثيرة وتفريغا لكتب تراثية لكبارالعلماء من امثال شيخ الاسـلام ابـن تـيـمـية وابن حجر والذهبي وغيرهما، فابن سبا او ابن السوداء يشكل مذهبا عقديا ويشكل مواقف اخري لو تداعت لكناامام زلزلة تمس بنايات كثيرة [20] . وما قاله الدكتور سليمان بن حمد العودة: فـفي هذا الراي نسف لكتب باكملها تعد من مفردات كتب التراث،ويعتمد عليهافي النقل والتوثيق من قرون متطاولة، فكتاب منهاج السنة - مثلا - لشيخ الاسلام ابن تيمية ينطلق من اعتبار عبد اللّه بن سبا اصل الرافضة، فهو اول من قال بالوصية والرجعة وغيرها من معتقدات وانكار هذه الشخصية او التشكيك فيها تشكيك في الكتاب كله، ونسف له من اصوله، بل ربما تجاوز الامر ذلك الي التشكيك في اصول الرافضة وتاريخ نشاتهم [21] وما قال الدكتور العودة ايضا: لقد كان سيف بن عمر التميمي - يرحمه اللّه - مشجبا، علق عليه السابقون واللاحقون مسالة انكار ابن سبا، بل زاد بعضهم، وحمله اختلاق عدد من الصحابة، ليس (القعقاع بن عمرو رضي اللّه عنه) الا واحـدا مـن هؤلاء، فقد الف (السيد مرتضي العسكري) - وهو رافضي المذهب والهوي - كتابا بعنوان (خمسون ومائه صحابي مختلق) والكتاب مؤلف قبل ما يزيد علي (عقدين) من الزمن مـؤلـفه اتهام (سيف) باختلاق هذه الشخصيات احداثها، ليس في هذا الكتاب فحسب، بل وفي كتابين قـبله احدهما بعنوان (عبداللّه بن سبا بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري، طالنجف 1375 ه /1956 م). والاخـر بـعـنـوان: (عـبـداللّه بـن سـبـا واسـاطـيـر اخري، ط دار الغدير، بيروت،طهران 1392ه/1972م). واقول في جوابهما: اولا - ان اللّه لم يعصم من الخطا كتابا عدا كتابه العزيز الحكيم. ثانيا - الحق احق ان يتبع. ثالثا - كان ينبغي للاساتذة ان يرتاوا بانفسهم عن السب والشتم (رافضي المذهب والهوي). مرتضي العسكري آراء و اصداء حول عبداللّه بن سبا وروايات سيف في الصحف السعودية

القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة (3)

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 11 صفر 1418 هـ ذكرت في الحلقة الماضية بعض الاقوال والحجج التي ذكرها الاخ عبدالباسط مدخلي مدللا بها علي حقيقة (وجود) القعقاع بن عمرو (الـمـصدر الوحيد لاخبار القعقاع يشير الي انها ناقلة امعانا في الاخفاء علي القراء وقبلهم المشرف والمناقشين ان مـصـدر الـرسـالـة الوحيد كان سيف بن عمر التميمي فلو سقط لسقطت الرسالة الـمـدخـلي كثيرا في خديعة المناقشين بنسبة اخبار القعقاع الي تلك المصادر الناقلة وكذلك بنسبة اخـبـار الـقـعـقاع الي كتب مختلفة ومنسوبة ظلماالي مؤرخين متقدمين كالواقدي الواقدي قد روي اخبارالقعقاع ايضا وقـد حـاولـت فـي الحلقة الماضية ان اذكر بعض الادلة (الاسنادية) فقط علي بطلان نسبة كتاب (فـتـوح الشام) للواقدي فكيف بالادلة (المتينة) الكثيرة التي تكلم عن بعضها الدكتور محمد صامل السلمي ولو استطرد فيها لاخرجتنا من موضوع (القعقاع بن عمرو) الي موضوع آخر عن (بطلان نسبة كتاب فتوح الشام) للواقدي بـسـهـولة ان الكتاب منسوب ظلما الي الواقدي وقد صرح مؤلفه بانه ينقل عن ابن خلكان والطبري وامثالهما ممن لم يولدوا الا بعد وفاة الواقدي فـكـان اثـبـات الـمـدخـلـي لهذا الكتاب واصراره علي نسبته الي الواقدي حيلة من الحيل الكثيرة الـمـسـتـخـدمـة فـي كـثيرمن الدراسات الجامعية للاسف، فالمدخلي ليس الا واحدا من كثيرين يعتمدون علي التحايل والضحك علي القراء والمؤسسات العلمية معا. ولـو كـان غـيـر ذلـك لما وجدنا مثل هذه الاخطاء الثقيلة الوزن التي يندي لها جبين العلم والبحث والدراسة (97، 105،112،191) من المجلد الثاني..مع ان مؤلف ذلك الكتاب كثيرا ما يذكر روايات سيف ولا يـشـيـر الـيـه الانادرا الـمزيدمن النقد لانه مجموعة من الاساطير والاكاذيب والاهوال والمبالغات والقصص التي لم يفلح صاحبها في التلبيس الا علي امثال المدخلي الذي يريد اثبات وجودالقعقاع بشتي الوسائل والاساليب والمراجع ولو كان ذلك بالنقل عن كتاب (فتوح الشام) وساستكمل موضوع المدخلي في الاسبوع القادم رد الماجد اسعدني جدا ما كتبه الاستاذ حسام بن عبد الرحمن الماجد في صحيفة الرياض يوم السبت 9 صفر 1418 هـ وكان الاخ حسام قد رد علي بمقال عنوانه (الامرليس كما تصور المالكي حول شخصية الـقـعـقاع) ذكـر نقاط مهمة ينبغي النظر فيها وانني قبل ان ادخل في الحوار مع الاخ حسام احب ان اشكره علي لغته العلمية ولعل مقاله اول مقال في الرد علي لم اجد فيه طعنا في النيات ولاتشويها لاقوال ولا بترا لـلنصوص فمقاله رغم صغر الحجم الا انه كان فيه تعقل الي درجة كبيرة رغم انني اختلف معه في كل الحجج التي اوردها واليكم البيان: الملاحظة الاولي حجة الاخ حسام (وهي الحجة الاولي) قوله: (ان دراسة التاريخ بهذا المنهج يؤدي الي رفض اغلب الـتاريخ الاسلامي) اسحاق - الواقدي - المسعودي - ابي مخنف).. اقول: اولا: ليس صحيحا ان دراسة التاريخ دراسة جادة اسانيدا ومتونا انهاستؤدي الي رفض اغلب الـتـاريـخ الاسلامي فهذا التخوف الذي يبديه الاخ حسام - رغم انه تخوف مشهور - ناتج عن عدم دراسـة لاحـداث الـتـاريـخ الاسـلامي خاصة عصوره الاولي فهناك اسانيد كثيرة وصحيحة عن الـفـتوح والمعارك والفتنة والاحداث التي حدثت في الصدر الاول فهذا التخوف والتهويل مبني علي الجهل بالشي ء لا العلم به ثم انني لم اشترط في اثبات اخبارالقعقاع ان تصلني باسانيد صحيحة قـلت ان وجدتم صادقا او كذابا ذكرالقعقاع غير سيف بن عمر فانا راجع الي اثباته وتوثيق سيف بـشرط الايكون ذلك (الذاكر للقعقاع) قد نقل عن سيف بن عمر واظن هذا في غاية الانصاف وليس من الانصاف ان تلزمني باثبات القعقاع بناء علي روايات مؤرخ كذاب مثل سيف بن عمر ثـم ان هـذا الـتنزل الذي ذكرته في الحلقتين الماضيتين كان خلاف المنهج العلمي وقد عاتبني عليه بـعـض الاخوة وقالوا ليس من حقك ان تثبت القعقاع وتوثق بسيف برواية كذاب آخر عـلـي يـقـيـن ان الكذابين لن يجرؤوا علي مثل اكاذيب سيف والـواقـدي والـمسعودي فهذا غريب لان هؤلاء يتفاوتون فابن اسحاق ثقة عند اكثرالمحدثين ولم يـطـعـن فيه الا القليل النادر بحجج واهية. نعم ابن اسحاق اتهم بالتدليس فيبقي ثقة فيما صرح فيه بـالـسماع، اما الواقدي فقد وثقه بعضهم لكن اكثرهم علي تضعيفه، اما ابو مخنف والمسعودي فدون الـواقدي لكن هؤلاء كلهم فوق سيف بن عمر فلا يجوز ان نعمم ونزعم ان المؤرخين مطعون فيهم هكذا بلاتفصيل فهذا تعميم غير علمي لا يقره المحدثون ولا المؤرخون.. الملاحظة الثانية الـحجة الثانية التي اوردها الاخ حسام قوله بان (اجيالا من المؤرخين المحققين مثل ابن كثير وابن الاثير وابن حجر.. جاءت بعد سيف بن عمر وقبلوا روايته وخصوصا اخبار يوم القادسية ولم ينكر ذلك احد من معاصريه ولا ممن جاءبعده) اقـول: لم يخف علي ساعة كتابة المقال الاول ان من المؤرخين بعد القرن الثالث بداوا ينقلون روايات سـيف بن عمر لان الطبري ضمن كثيرا منها في كتابه (تاريخ الامم والملوك) وكان تاريخ سيف بن عمر مهملا في القرن الثاني والثالث واول من اشهره كان الطبري رحمه اللّه.. لـكـن لعل الاخ حسام يتفق معي ان البحث التاريخي بل والحديثي لايعترف بالتقليد فالدراسة والبحث عـن الـحقيقة المجردة لاينتهيان بزمن معين دون غيره وقد استدرك ابن كثير وابن حجر علي من قبلهما ولم ياخذا ببعض ما اثبته السابقون فما المانع ان نترك بعض ما نقله ابن كثير او ابن حجر اذا تـبـيـن لـنـا بـالـدلـيل والبرهان ان الصواب في ترك ذلك.. وقد ذكرت في الحلقة الماضية ان ابن حجرنفسه استدرك اكثر من الف من الصحابة علي من سبقه ونفي صحبتهم وكم من حديث نقله بعض السابقين لكن لنا الحق في الحكم عليه بالصحة او الضعف وكذلك الاحداث والتراجم، ليس هناك نص شرعي ولا دليل عقلي يمنعنا من مخالفة ما ذهب اليه بعض المتقدمين. اما قول الاخ حسام بان احدا من معاصري سيف لم ينكر وجود القعقاع فاقول: بل لم يقره احد من معاصري سيف بن عمر الاولـي اشـبـه مـا يـكـون بالقصاص الذين لايتلفتون الي مؤلفاتهم واخبارهم. ولذلك لم يذكره علماء الجرح والـتـعديل المتقدمون بجرح ولا تعديل فلم يذكره يحيي بن سعيد القطان ولا عبد الرحمن بن مهدي ولا وكيع بن الجراح وامثالهم، بل ولا نقل عنه البخاري في تواريخه حرفا واحدا كما لم ينقل عنه يـحـيي بن معين في تاريخه حرفا واحدا ولاابو زرعة ولاغيرهم من المتقدمين ولما ذكر سيف بن عـمـر عـنـد يـحيي بن معين قال: (فلس خير منه) ثم تتابع الائمة علي تضعيفه وعدم الالتفات الي رواياته التاريخية فضلا عن الحديثية اسـحـاق ومـوسي بن عقبة وعروة بن الزبير وامثالهم. ولذلك لم تجد المؤرخين ولا المحدثين في الـقـرون الـثلاثة الاولي ينقلون حرفا من روايات سيف بن عمر لاعن القعقاع ولاغيره مما اورده سـيـف مـن احـداث. ثم جاء الطبري نهاية القرن الثالث ونقل عن سيف وكان للطبري منهجه الخاص افصح عنه في المقدمة، ثم بدا الناس ينقلون عن الطبري بلا تدقيق في الاسانيد ولذلك نجد ابن كثير يـقـول (قال ابن جرير الطبري:) ثم يسرد رواية لسيف او غيره ناسبا اياها للطبري مع ان الطبري مجرد ناقل لهذه الرواية الملاحظة الثالثة الحجة الثالثة التي ذكرها الاخ حسام قوله بان (القول ان جميع اخبار القعقاع لم يذكرها الا سيف بن عمر يحتاج الي بحث واستقصاء) اقـول: انـا اطمئن الاخ حسام - من جهتي - انني لم اكتب الا بعد ان استقصيت واستخرجت روايات سـيف بن عمر (الثمانمائة) من تاريخ الطبري ودرستهارواية رواية وقرات كتاب سيف المكتشف حديثا الذي حققه الدكتور قاسم السامرائي وتتبعت اخبار القعقاع قدر طاقتي وازعم انني استقصيت فـي الموضوع فيبقي علي الاخ حسام ان يستقصي ويتاكد بنفسه فان وجد خبرا اوذكرا للقعقاع عند غـيـر سيف فانا راجع الي قوله حتي ولو وجد ذلك الخبر عندراو كذاب فانا اقبل ذلك بشرط الا يـكون ذلك الكذاب قد روي عن سيف اونقل الخبر من سيف واظن ان هذا دليل علي قوة الاستقصاء. والاخ حسام مطالب بابطال هذا الاستقصاء او التسليم بما سبق من تفرد سيف باخبارالقعقاع.. ثم ان سيف بن عمر لم يتفرد باخبار القعقاع فقط بل ان قرات رواياته وقارنتهامع روايات الاخرين وجـدت تـاريـخين مختلفين المشهور حتي يخفي اكاذيبه علي العوام.. الملاحظة الرابعة اما ما ذكره الاخ حسام من ان دمار بغداد قد اضاع كثيرا من المصادر في اثبات القعقاع فهذه الحجة التي ذكرها الاخ حسام حجة مطاطة في ظني وينقصها البرهان والدليل لانـه علي هذا القول يتوجب ان نتوقف في تضعيف الاحاديث الموضوعة مـصـادرضـاعت في دمار بغداد كانت تحمل متابعات وشواهد وربما اسانيد صحيحة لهذه الاحاديث الـمـوضوعة نـسـخ لهذه المحرمات، وهكذا يمكن ان نتشكك في كل حقيقة ونتوقف في رد كل باطل بهذا التعليل المطاط ثـم ان دمـار بـغداد بولغ فيه كثيرا ولم يشك العلماء بعد الدمار من ضياع مصادرمهمة ولم يذكروا مصدرا واحدا مهما ضاع في ذلك الدمار بل ان مصادر التراجم الموضوعة قبل دمار بغداد قد وصلتنا كـاملة مثل تاريخ البخاري الكبير والصغيروتاريخ يحيي بن معين وكتاب الجرح والتعديل لابن ابي حـاتـم وغـيـرهـا فـهـؤلاءاتفقوا علي اثبات التراجم المشهورة فلماذا لم نجد واحدا منهم يذكر تـرجمة للقعقاع ولو اسما فقط عن طريق غير سيف بن عمر اين ترجمة القعقاع في طبقات ابن سعد وكـتـب البخاري وطبقات خليفة بن خياط وطبقات مسلم وتاريخ خليفة وكتب الانساب وغيرها لماذا تتفق هذه الكتب علي ذ كر من هو اقل شانا وشهرة من القعقاع (تدمير)ترجمة القعقاع فقط طـلبة العلم في العراق والشام والحجاز واليمن ومصر والاندلس.. الخ فلا يجوز ان نبالغ في الامر فوق حقيقته ونعطل البحث والدراسة لاحتمال ان دماربغداد قد اتي علي مايمنعنا من ذلك الملاحظة الخامسة ما ذكره الاخ حسام بانه يصعب اختلاق شخصية مشهورة مثل القعقاع باخبارها واشعارها وقيادتها و امارتها.. الخ.. اقـول: هذه حجتي في انه لا يعقل ان مثل هذه الشخصية تبقي مجهولة ثلاثة قرون مؤرخ كذاب اما كون العهد و المدة بين سيف و القعقاع قريبة لا تبلغ قرنا فلا تدفع الحجة الاقوي السابقة و قرن من الزمان ليس بالمدة اليسيرة كما ان بقاء القعقاع مجهولاثلاثة قرون ليس بالامر المعقول ابدا.. الملاحظة السادسة مـا ذكـره الاخ حـسـام بان (الاخبار المختلقة يكون وراءها هوي او تعصب لمذهب او نزاع) فهذا صـحـيح وسبب اختلاق سيف للقعقاع وغيره ان سيفا كان معروفابالتعصب لقبيلته بني تميم كما كان بـعض المؤرخين الضعفاء مشهورين بالتعصب لقبائلهم. ولذلك نجد في روايات سيف عشرات الابطال من بني تميم لم يذكرهم غيره.. امـا مـا ذكره الاخ حسام من ان (الاخبار التاريخية لا تحتاج كل هذا التوثيق)فاقول: ايضا الاخبار التاريخية لا يعني ان نقبل الاكاذيب التي تخالف مااتفق عليه المؤرخون والمحدثون علي حد سواء. اما قـوله (ان الثابت مقدم علي النافي)فهذا صحيح اذا كان المثبت والنافي في مستوي واحد من القوة اما ان يكون الثابت من طريق كذاب يعارضه مئات من الثقات والضعفاء علي حد سواء فهذاغير مقبول ولا يقره عاقل.. واخيرا اشكر الاخ حسام الماجد علي اهتمامه ومشاركته..

القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة (4)

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 18 صفر - 1418 ه نكمل اليوم ابرز الملاحظات علي رسالة الاخ الاستاذ عبدالباسط مدخلي التي كان عنوانها (القعقاع بن عمرو...) وكنا قد ذكرنا في الحلقات الماضية ستا من الملاحظات والان الي بقيتها فنقول: الملاحظة السابعة قـال الاخ الـمدخلي: (كما اعتمدت علي عدة مصادر منها كتاب الطبقات لابن سعد) انـنـي اسـتطيع بكل ثقة ان اقول ان هذا غير صحيح البتة فالقعقاع لم يترجم له ابن سعد ولم يذكره بـحـرف واحـد، والـطـبـقات موجودة بين ايدينا وليست غريبة فان جاءني الاخ المدخلي او غيره بترجمة للقعقاع في طبقات ابن سعد باسناد ليس فيه سيف فانا راجع الي قوله وقد بحثت في الطبقات ولـم اجـد للقعقاع ذكرا ولا خبرا ولا ترجمة ولا اسما بـنـحـو ستين سنة فان ذكر القعقاع فلن يكون عن غيرسيف اقول هذا علي افتراض اننا لو وجدناه مترجما بلا اسناد. الملاحظه الثامنة ثم ذكر الاخ المدخلي مصادر اخري اعتمد عليها و اثبتت القعقاع فقال (وكتاب تاريخ الامم والملوك للطبري) اقول لا اشك ان هذه زلة علمية اخري من اخي المدخلي وفيها استغفال للمشرف والمناقشين والقراء لانـه من المعلوم عند المدخلي ان كل اخبار القعقاع الموجودة في تاريخ الطبري انما رواها سيف بن عمر وقد صرح بذلك الطبري في بداية كل اسانيد الروايات التي فيها القعقاع. الملاحظة التاسعة ثـم اثني علي تاريخ الطبري بقوله (وهو المصدر الوحيد الذي تحدث باسهاب عن القعقاع بن عمرو حـيث فصل احداث المعارك الاسلامية تفصيلا دقيقا...) لـتلك الاحداث هو سيف وليس الطبري فالطبري مجرد ناقل فقط ولا ذنب له في اثبات الشخصيات المختلقة والروايات المكذوبة التي اوردها سيف بن عمر. الملاحظة العاشرة ثـم ذكـر الاخ المدخلي عدة مصادر اخري كتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ ابن الاثير و البداية والـنـهاية لابن كثير و معجم البلدان للحموي وكتب التراجم واوهم القارئ بان هؤلاء نقلوا اخبار القعقاع استقلالا الملاحظة الحادية عشرة قـول المدخلي: (اشرت الي دور القعقاع في معركة فحل وان كان المؤرخون قداغفلوا الحديث عن هذا الدور اقول: كيف عرفت ذلك الدور وقد اهمله المؤرخون استقلالا فلا يجوز ان ننسب للمؤرخين ما انفرد به سيف الكذاب. الملاحظة الثانية عشرة تكلم المؤلف من ص 3 الي ص 25 عن نسب بني تميم ولم يظفر بنسب القعقاع بن عمرو كما لم يجد احـدا مـن النسابين المتقدمين او المتاخرين ذكره بحرف واحد القعقاع لانه لو كان موجودا علي هذه الشهرة التي يزعمها سيف فستتسابق القبائل والافخاذ والبيوت عـلي اثبات نسبته لهاوتدوين ذلك وسيعرفه النسابون الذين ذكروا من هم اقل شانا من القعقاع بكثير والـكـلـبي وابن سلام والقلقشندي والبلاذري وابن دريد وابن حزم والسمعاني ومؤرج السدوسي والمدائني ومصعب الزبيري وابن حبيب والزبير بن بكار والهمداني وغيرهم من علماء النسب مع ان بعض هؤلاءبعد سيف بن عمر الملاحظة الثالثه عشرة تكلم الاخ المدخلي عن (منازل بني تميم) من ص 26 الي ص 45 ولم يجد منزل القعقاع ايضا مقر سكنه او تنقله وما ذ كره الاخ المدخلي عن منازل بني تميم لا يفيد اثبات القعقاع ان لم نجدموضعه ومسكنه من غير طـريق سيف بن عمر لكن الظاهر ان سيفا نفسه نسي ان يذكر للقعقاع منزلا فكان ذكر المنازل هنا خارج الموضوع. الملاحظه الرابعة عشرة تـكلم المدخلي من ص 46 الي ص 56 عن مكانة بني تميم في الجاهلية وليس هناك احد ينكر مكانة بني تميم ورجالاتهم واثرهم الكبير في الجاهلية والاسلام لكن هذه المكانة ليست دليلا علي اثبات وجـود القعقاع بن عمرو الذي انفردبكل اخباره راو كذاب متهم بالزندقة ثم لم يذكر المدخلي اي دور للقعقاع في الجاهلية لان سيفا لم يفعل ذلك الملاحظة الخامسة عشرة تـكلم المدخلي من ص 57 الي ص 67 عن (مكانة بني تميم في الاسلام) وهذاايضا مما يتفق الناس فـيـه مع المؤلف ولا ينكر مكانة بني تميم في الاسلام الامكابراو متعصب او جاهل لكن هذا كله لا عـلاقـة له باثبات وجود القعقاع ولو ان سيفا ضخم دور بعض المشهورين من بني تميم لانطلي هذا عـلـي كـثـيـر مـنا لكنه اختلق شخصية وهمية بهذه الدرجة من الشهرة فاكتشف الناس كذب سيف في التاريخ والاحاديث ايضا. الملاحظة السادسة عشرة ذكـر الاخ المدخلي ص 57: ان القعقاع بن عمرو كان من الوافدين علي النبي صلي اللّه عليه وسلم فـي الـسنة التاسعة من الهجرة هذا ثـم وجـدت الـمدخلي ينسب هذا في الهامش لكتاب (الطريق الي المدائن) للاستاذاحمد كمال فلما رجـعت لهذا المصدر (المعاصر) لعلي اجد ما يدعم قول المدخلي وجدت العكس وان كمال لم يذكر هـذا وانما ذكر ان القعقاع اسلم في تلك السنة ولم يذكر وفادته علي النبي صلي اللّه عليه وسلم. ثم ان الاسـتـاذ كمال نفسه لم يحل علي مصدر ويظهر انما ذكر ذلك توقعا فقط حـقـيـقـة عندالمدخلي وسياتي بعد المدخلي من ينسب هذه المعلومة للمدخلي نفسه مثلمانسب الان اخـبـار الـقـعـقاع للطبري وابن كثير مع انهما انما نقلا تخيلات سيف بن عمر مثلما نقل المدخلي توقعات كمال الملاحظة السابعة عشرة تـكلم الاخ المدخلي ص 67 الي ص 73 عن فرسان بني تميم وكرمائهم ومكانتهم الشعرية ومكانة الـمـراة عـنـدهـم... وهذا كله ليس له صلة باثبات وجود القعقاع بن عمرو اذن فالصفحات الثلاث والـسـبـعين من بداية الرسالة ليس لها علاقة اساسية بموضوع الرسالة فكان اختصارها او حذفها اولي. الملاحظة الثامنة عشرة عـقد المدخلي فصلا ص 74 بعنوان (نسب القعقاع ونشاته) ولم يذكر عن نشاته شيئا لانه سيفا لم يذكر ذلك امـا نسبه فقد ذكر المدخلي ان اسمه هو (القعقاع بن عمرو بن مالك) من (بني عقفان) وهذا كله من كلام سيف ذكر المدخلي انه لم يجد ذكر) لعقفان في بني تميم الا (عقفان بن سويد) وهذا ينتهي نسبه الي (مناة بـن تـمـيـم) الـمدخلي ذكرنسبا جديدا لم يذكره سيف ولا غيره وسياتي من الباحثين من ينقل عن المدخلي مثلما نقل المدخلي عن سيف وكمال الملاحظة التاسعة عشرة ثـم ذكـر الـمـدخـلـي قـولا آخر في جد القعقاع بان اسمه (معبد) ثم ذكر انه من فرسان العرب الـمشهورين ونسب ذلك لابن عساكر وابن عساكر روي كل اخبارالقعقاع عن سيف بن عمر، طالع المطبوع من تاريخ دمشق (49/352) تحقيق الاستاذ عمر العمروي. فثناء ابن عساكرعلي القعقاع انـمـا هو تلخيص لما رآه في روايات سيف بن عمر التي ساقها في تاريخه وعلي هذا فلا يجوز ان نقول ان ابن عساكر اثبت وجود القعقاع او اثني عليه بعيدا عن سيف الملاحظة العشرون قول الاخ المدخلي ص 74 (ولم يذكر المؤرخون شيئا عن مولد القعقاع ونشاته قبل اسلامه..) اقول: يقصد لم يذكر ذلك سيف اثـبات القعقاع نجده يقول (ذكر المؤرخون (لم يذكر المؤرخون - المطلب الاول: اهمالا لذكر سيف لانه المصدر الوحيد الذي بني عليه المدخلي رسالته. - الـمطلب الثاني: لما في التعميم من ايحاء بان المدخلي استقصي وانه لايعتمد علي سيف فقط بل كل (المؤرخين الملاحظة الحادية والعشرون نـقل الاخ المدخلي ص 75 قول ابي بكر في مدح القعقاع عندما قال (لصوت القعقاع في الجيش خير من الف رجل) وقول ابي بكر (لا يهزم جيش فيهم مثل هذا ونسب المدخلي الرواية الاولي للحافظ في الاصابة (3/239) والثانية للطبري (3/347) مع ان الحافظ والطبري انما نقلا ذلك عن سيف ثـم هل يعقل ان يقول ابو بكر مثل هذا الكلام في القعقاع اذا كان لا يهزم جيش فيه مثل القعقاع الـقـعـقاع بهذه النصرة التي لم تتحقق حتي للانبياء صلي اللّه عليه و سلم وسائر الابطال كحمزة وعلي وعمر وغيرهم فهل القعقاع افضل من هؤلاء هذاما اراد سيف اثباته بنسبة هذه الرواية المكذوبة علي ابي بكر رضي اللّه عنه. الملاحظة الثانية والعشرون قال المدخلي ص 75 (هل وصفه ابوبكر الصديق رضي اللّه عنه بهذه الاوصاف المجيدة بدون سابق معرفة به وببطولاته اقـول: بل هل يعقل ان رجلا كهذا لا يكون معروفا علي مدي ثلاثة قرون من الزمان التي الصقها سيف بالقعقاع والتي لا تتوفر في الانبياء سيف بن عمر الملاحظة الثالثة والعشرون قـول المدخلي ص 77 (وقد تقصيت اكثر المصادر التي وقعت تحت يدي فلم اجدذكرا او ترجمة لحياة القعقاع) اقـول: هذا القول غريب لا ادري كيف قاله المدخلي تنقل من سيف بن عمر الملاحظة الرابعة والعشرون ذكـر الـمـدخـلي ص 78 انه (شد الرحال) بـالـفعل قبرا ومسجدا باسم القعقاع بن عمرو التميمي والقبر اقول: هذا كله ليس دليلا علي صحة نسبة هذا القبر للقعقاع فكم من قبرمنسوب كذبا الي مشهور او مغمور او معدوم. ولـعـل قصة (قبر الحسين) ووجوده في اكثر من ارض دليل علي هذا، وكذلك قبرزينب وكذلك العوام تجدهم ينسبون كثيرا من القبور الي ابي زيد الهلالي وعزيزبن خاله ومن الطرائف ان قبر (عزيز بن خاله) تجده في اكثر من مكان في الجنوب (عندنا)وفي بلاد بني الحارث بالطائف وفي نجد ومصر وتونس وهكذا وهـذا الاخـيـر يزعمون انه ابن لابي زيدالهلالي وقصصه علي السنة العوام في كثير من الاماكن فـاستدلال المدخلي بالقبرالمنسوب للقعقاع ليس دليلا صحيحا ولا مقنعا، بسبب ما انتشر بين الناس من نسبة قبور لغير اصحابها. الملاحظة الخامسة والعشرون قول المدخلي ص 78: (ولم اجد مصدرا واحدا يتحدث عن جهاد القعقاع في مصر او انه سكن مصر ما عدا الواقدي في كتابه فتوح الشام) اقـول: الـكتاب مكذوب علي الواقدي والسلام فتوحه في العراق واستقراره بها الملاحظة السادسة والعشرون قـولـه (كـمـا انه لم يذكر لنا المؤرخون ان القعقاع اشترك في معركة او نشاط حربي بعد معركة صفين) اقـول: بـل ليس له ذكر في صفين ايضا لسبب بسيط وهو ان سيف بن عمر لم يكتب عن وقعة صفين وانما انتهي كتابه الي موقعة الجمل فقط والـخـلاصـة فـي هـذا الفصل الذي خصصه المطالب عن (نسب القعقاع ونشاته) لم يثبت فيه نسب القعقاع ولا نشاته ولا وجوده اصلا وكل ما احال عليه الطالب - باحتيال - تم اكتشافه وانه كله عن سيف بن عمر او عن كتب منسوبة كذباوزورا لغير اصحابها.

القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة (5)

اشاره

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 25 صفر - 1418 ه يـنسب الي احد الفلاسفة انه قال (اذا شرحت فكرتك عشرين مرة ثم ظننت انه قد فهمك الاخرون فانت متفائل اكثر من اللازم وفـي ظـنـي ان ذلك الفيلسوف كان متفائلا (اكثر من اللازم) لان المصيبة اليوم ليس في (عدم فهم الاخرين) بقدر ما تكون المصيبة في تعمدهم (اساءة الفهم) ومحاربتهم للحقائق بطرق ملتوية و بتر لـكلام الخصوم و تحميل الكلام مالايحتمل، فمثل هولاء لن يفيد ان نشرح لهم عشرين مرة ولا مئة مرة.. اقول هذا حتي لا يمل بعض الاخوة القراء ان كررنا بعض الايضاحات والاقوال وشرحناها بطريقة تـمكن من وصول الحقيقة مجردة الي اكبر قدر ممكن من الناس ثم بعد هذا من اراد ان يسي ء القراءة والفهم فانه يستطيع ذلك بسهولة ولذة ايضا.. وقبل ان استطرد في سرد بعض الملاحظات علي رسالة الاخ المدخلي عن (القعقاع بن عمرو) اود هـنـا ان اشـكر كل الاخوة الذين شاركوا في الحوار سواءمن وافقني منهم او خالفني، فاشكر الاخ حـسـام الـمـاجـد والاخ خالد البكر وهذاالشكر لا اقوله منة او مجاملة وانما واجب، لان القارئ (الايـجـابـي) الـذي يـقـراالـمـوضـوع ثم يتفضل ويكتب عنه نقدا او تاييدا او اضافة ثم يرسل لـلصحيفة ويتابع موضوعه فهذا افضل (ايجابية) من القارئ الذي يقرا الموضوع بلاايجابية، مع ان القارئ للموضوع افضل (ايجابية) من الذي لا يقرا اصلا. فالاخوة الذين شاركوا باثراء الموضوع لهم فضل يجب ان يذكر ويشاد به بغض النظر عن الصواب والـخـطـا فكلنا خطاؤون والخطا بداية التصحيح، ومن لايعمل لا يخطي ء وكذلك من لا يبحث ولا يكتب فلن ياخذ عليه الناس خطاء ولاصوابا.. (منهج امثل في الردود) لـكـن الاخـوة الـذين يكتبون الردود والتعقيبات (مؤيدة او معارضة) هم بحاجة الي معرفة المنهج الامـثـل والالـيـة الصحيحة قبل كتابة المقال وبعثه الي الصحيفة ولعل من ابرز ملامح هذا المنهج التركيز علي ثلاثة امور هي: (1) القراءة قبل النقد فمن العيب العلمي ان يحكم القارئ علي الكاتب او علي رايه في المسالة قبل ان يقرا المقال نفسه.. ولـلاسف ان كثيرا من الناس ما ان يسمعوا نقدا لاحد الكتاب حتي يسارعوا في الموافقة وتبني ذلك النقد بما فيه قبل ان يقرا الفرد منهم ثم يتخذ القرار عن قناعة تامة. فنحن مصابون بالعقل (الجمعي) والتفكير (الجماهيري).. فاذا وجدنا المجلس يذم الكاتب الفلاني ذممناه.. الـحـالتين لم نقرا و لم نتبين.. كـبـير وذكر بانه سيشن حربا علي دولة اخري.. الـحـرب لاتـعطي نتيجة سنحاربهم بالسلام والمفاوضات).. مع اول من تكلم ولا نعارض الاخير... ونحن في مجالسنا قريبون الي حد كبير من (المصفقين) لذلك الرئيس، فاذا (حش)احد الحاضرين في كاتب (تتبعناه) و ان مدح (تبعناه) فنحن بحاجة قبل (موافقة الاخرين) او مخالفتهم ان نستاذنهم ونقول لهم اننا لا نستطيع الان (اتخاذ موقف)لسبب بسيط وهو (اننا لم نقرا ما قراتموه) فاذا قرانا ذلك المقال سنخبركم بموقفنا.. و... الخ. قـولـوا لـه: اذا كـان بعض كبار المحدثين قد اخطاوا ونقلوا بعض الاحاديث مبتورة وفهموا بعض الاحـاديـث عـلـي غـيـر وجهها فمن باب اولي ان - تفهموا خطا اوتنقلوا خطا.. بالاسلوب السهل المتعقل ان نقنع من في المجلس بصحة موقفنا مع الاصرار عليه بل ندعوهم الي هذا وننقد طريقتهم في اتخاذالمواقف. (2) الـفهم بعد القراءة اذا استطعنا ان نقرا المقال لكاتب من الكتاب فمن العيب العلمي ايضا الا نفهم ما كتبه الكاتب.. - لا يـحـسـن فـهـم الـمـقال ثم يعمم هذاالسوء - سوء الفهم - وينقله للناس او ينقد و هو لم يفهم الموضوع فلذلك نجده يكرر بعض الشبهة والاعتراضات التي سبق للمقال ان ناقشها.. قبل ان يحكم للكاتب او عليه مطالب بان يقرا ما كتبه الكاتب ثم يفهمه. (3) الـعـدل بعد الفهم والقراءة: بعض القراء قد يقرا المقال - وهذا جيد - ويفهمه - وهذا اجود - لكنه لا يستطيع ان يعدل لان المقال او الافكار لا تتفق مع ماقد كان يراه مسبقا.. فـهـو يـحـاكم حقائق المقال الي مقياس خاص به وهذا المقياس قد يكون ظالما اوغير منضبط ولا تـحـكمه المعايير فلذلك نجد القارئ - احيانا - يظلم الكاتب ويتعمد تحريف اقواله وتفتيحها وبتر الاستدرا كات والتوضيحات وربط افكارالكاتب بامور لم تخطر له علي بال.. الظلم وهو يفوق - في نظري - ظلم الذي يحكم ولا يفهم او ظلم الذي يحكم قبل ان يقرا. اذا فـنـحـن بـحاجة الي تذكير انفسنا بانه قبل النقد والاعتراض يجب ان نقرا ثم نفهم ثم نعدل في الحكم. اما ما هو سائد من ظلم قبل القراءة وقبل الفهم فهذامحرم شرعا ومذموم عقلا وفطرة. ثم لا يستطيع احد ان يجبر القارئ علي حسن القراءة وحسن الفهم والعدل ولذلك يستطيع القارئ ان يـعـبث كما يشاء ويرسله للصحيفة او ينشره في مجلس من المجالس.. يجب التنبيه عليها انه يفهم احيانا(بفهم الاخرين) ويقرا (بعيونهم).. (بـالسنتهم).. علي باطل لان هذه المتابعة توفر له جوا (اجتماعيا) جيدا او خدمة مؤقتة.. تفيده عند اللزوم.. الاثام عنه. اذا فـالـقـاري ء مطالب باتخاذ الموقف عن قناعة ولن يستطيع اتخاذ هذا الموقف الابمعرفة (الالية الـصـحـيحة) التي توصله لهذا (الموقف) وقد سبق شرح ابرز جوانب هذه الالية وهي (القراءة + الفهم + العدل). ولـو طـبـق القراء هذه الالية بدقة لاتفقنا في كثير من الامور التي يجب ان نتفق فيهاولاصبحنا من الـمجتمعات المثالية في (فهم الحوار) و (فهم الاخرين) هذا الفهم الذي لن ننهض بدونه لانه (اي الفهم) مفتاح كل حسنة وعنوان كل ايجابية من ايجابيات العلم والفكر والمواقف ايضا. (رسالة المدخلي ايضا) بـعـد هـذا الايضاح الذي شجعنا عليه مقولة الفيلسوف التي سقناها في بداية المقال.. نعود للاخ عبد الباسط المدخلي واحب ان اوضح ايضا بان المدخلي صاحب الرسالة المنتقدة يبقي اخا في اللّه لا اكن لـشـخصه الكريم الا كل خيرودعاء. اقول هذا لان بعض الناس - بغير هذا التوضيح - قد يظن ان بيني وبين من اتحاور معهم عداوات شخصية.. ثـم ارد عليه.. بعض الخاصة. اذن فـكوني اكن لاخي عبد الباسط المدخلي او غيره التقدير لا يعني هذا (تعطيل النقد الذاتي) ولا يعني اقراره علي ما ذهب اليه كما ان الاخ عبد الباسط اوغيره لا اطلب منه الموافقة مطلقا علي كل مـا اقـول فله الحق ان يرد ويبدي وجهة نظرمدعمة بالادلة والبراهين. ولعل اخشي ما اخشاه علي الاخ الـمـدخـلـي الـتـاثـربـالوسط الذي هو فيه فكثير من الزملاء والاصدقاء يشجعون المنقود عـلـي الاصـرار عـلـي الخطا وتبرئة الساحة وارجاع الكيل كيلين.. الـردود والمجادلات، ويساعد في ضياع الحقائق ان اكثر القراء عندنااو كثيرا منهم عندهم ضعف ظـاهـر ولا يـسـتـطـيـعون اتخاذ قرار ولا معرفة الصواب والخطا فيقعون لقمة سائغة (لاخر صيحة.. ارجو ان يفهم القراء انني لم اعمم وانما قلت (اكثر او كثير). عـلي اية حال: نحن نجد في تاريخنا الاسلامي اروع الامثلة للرجوع الي الحق رغم مخالفة الاتباع والـرعاع وغوغاء المؤيدين فان لم يتنبه العاقل لهذا فسيجدنفسه متبنيا لموقف خاطي ء لا يرتضيه لنفسه. نحن نرفع شعار (كل يؤخذ من قوله ويرد) لكن عند التطبيق لا ناخذ الاقوال الاممن نحب ولا نرد اقـوال الا مـن نكره.. علي المصالح والاراء الجماهيرية ومجاراة السائد بما فيه من تقليد وركود وتلقين. نـعـم ان الـنظريات الجميلة موجودة لكن نظريات وقد حل مكانها نظريات اخري جاهلة لها واقعها الـتـطبيقي مثل من انت.. وكان لهذه النظريات الجاهلة اثرهاالمدمر علي النظريات القرآنية والحديثية التي تنهي عن التقليد وتامرنا بالتدبروالتفكر والتعقل والتفقه.. فاصبح التقليد علامة التسنن والاتباع واصبح البحث الجاد علامة المخالفة والابتداع.. وقـد عاني كثير من نوابغ السلف الصالح من هذه النظريات المستحدثة وتستطيعون استعراض ائمة الاسـلام الـكبار الذين كان لهم اثرهم الطيب علي العلم والمعرفة هل تجدون واحد منهم لم يتهم في نيته او عقيدته او دينه.. كـلـكم تذكرون ماذا حدث لسعيد بن المسيب والشافعي و احمد و ابي حنيفة ومالك وابن تيمية وابن القيم والمزي وغيرهم.. هكذا تجد المحاولات (الماكرة) لاسكات العلم النافع الذي لا يدرك منفعته الا اجيال من العصور التالية. ايـضـا هـذه ايضاحات التي اقولها الان دفعنا اليها كلمة الفيلسوف فلا تساموا من التكرار فالكاتب او المؤلف او صاحب الراي في امس الحاجة الي التوضيح ثم التوضيح ثم التوضيح. (عودة الي الرسالة ومصادرها) راينا في الحلقة الماضية ان الاخ المدخلي عقد اول فصول كتابه بعنوان (القعقاع بن عمرو و مكانته فـي بـني تميم) ثم تكلم عن نسب القعقاع و نشاته واحال في هذا الفصل علي احد عشر مصدرا كلها نـقـلـت من سيف بن عمر.. ونشاته ومكانته.. الخ. والغريب ان الاخ المدخلي لم يذكر (سيفا) في المصادر البتة..! وهذا - كما قلت سابقا - يظهر انه هدف اساسي من اهداف الاخ المدخلي حتي لا يتهم بانه اعتمد علي مصدر واحد غير موثوق.. (مصادر المدخلي 116 مصدرا.. واغـرب مـن هـذا كـله ان المدخلي في رسالته قد احال علي مائة وستة عشرمصدرا ومرجعا.. سـردهـا في نهاية الرسالة في ثلاث وعشرين صفحة.. ولـيـس هناك مصدر من تلك المصادرذكرت القعقاع استقلالا.. بـذكـر مـصـدر واحـدفـقـط وهـو سـيـف لكان افضل واصدق واقل تكلفة وجهدا من كتابة ذلك (الـثـبـت)الطويل الذي بدا بالقرآن الكريم وانتهي بمحمد عمارة.. (سيف بن عمر) في هذه المصادر والمراجع البتة.. يسجل نادرة من نوادر الرسائل الجامعية في هذاالعصر. كـل هـذه الـمـصادر - سوي القرآن الكريم - نقلت اخبار القعقاع عن سيف بن عمر الكذاب.. الذي يعترف المدخلي بانه (متروك الرواية) لكن (لم يترك)رواياته.. امـا عـن سـبـب ورود الـقرآن الكريم هنا فقد ذكره المدخلي لانه زعم - تبعا لسيف - ان القعقاع صحابي.. والغريب في القعقاع انه يزحف بقوة فهو لم يكن موجودا اصلا فزعم سيف انه شهد وفاة النبي (ص) ثـم تـوقع احمد كمال انه (اسلم في السنة التاسعة) وزادالفقيهي بان القعقاع (وفد علي النبي (ص) فـي الـسـنـة الـتـاسـعة) وتوقع عبد اللّه صقر (انه شهد الخندق).. (الـتـوقـعات) علي انهاحقائق مثلما نقلنا تخيلات سيف بن عمر (القصصية) علي انها حقائق والفنا فـي ذلـك الـمؤلفات والرسائل الجامعية.. الخلفاء الراشدين وهكذا نجد ان اكاذيب سيف بن عمر قد سرت في دمائنا من حيث لا نشعر واصبح لها فعل المخدر.. بـمـنهج علمي ولااصول تحقيق ولا اثم الكذب لاننا نشعر اننا اصحاب (نيات حسنة) وهذا الشعور نجعله مبررا لنا لمخالفة المعايير والضوابط البحثية، اضافة الي مخالفة مانعد الناس به من التزام بهذا المنهج وتلك الضوابط. واخـيـرا فـقـد حاولت ان اخصص هذه الحلقة لهذه الايضاحات لاننا بحاجة من وقت لاخر لتذكير الـنـاس بما ننادي به وما نتبناه من آراء نزعم ان لها ادلتهاالعلمية، وما دام ان هذه الايضاحات متعلقة بـمـوضـوع (الـقعقاع) فقد جعلناه في السلسلة نفسها لهذا السبب ولسبب آخر ذكرناه وهو مصادر ترجمة القعقاع التي نقلها لنا المدخلي. في النور: الاسـتـاذ شـاكـر محمود عبدالمنعم، ان دراستكم عن (ابن حجر العسقلاني مصنفاته ودراسة في منهجه وموارده في كتابه الاصابة) دراسة تستحق الاشادة ولعل ممايهمنا في هذا الموضوع ما كتبه الاسـتـاذ شـاكـر في الباب الثالث عن (منهج الحافظفي الاصابة.. حجر وهو لايعرف منهجه..

المالكي و التاريخ

د. حسن بن فهد الهويمل صحيفة الرياض - 4 ربيع الاول - 1418 ه كـنت منهمكا في تصحيح طبعة محاضرتي عن وعي الانا ووعي الاخر طريق الفاعلية في مكتبي بنادي القصيم الادبي فاذا بي افاجا بشاب يقدم نفسه اخوك حسن فرحان المالكي وسعدت برؤيته بين يـدي دون سـابق وعد. وتلك كانت اول مرة اراه فيها وجها لوجه، وماكنت احسب هذا الكاتب المثير الـي حـدالازعـاج بـهذا السن، وتذكرت نرجسية ابن ابي ربيعة: (اهذا المغيري الذي كان يذكر) ونـبـذت مـا فـي يدي، واقبلت علي الشاب، اجادله في بعض ما يشغلني حول اطروحاته، واثير معه بعض القضايا، واستعرض اطراف المحاذير حول تناولاته التي شغلت البعض. ولـمـا لـم يـكـن اللقاء المتاح كافيا لاستكمال الحوار، رتبنا لقاء آخر، مساء اليوم نفسه، وفيه كانت مطارحات شيقة، ومفيدة، وتساؤلات كثيرة، اكدت لي ان المالكي تنحصر رسالته في فترة تاريخية وازاء قـضـية او قضايا متجانسة. ولكن - وبسبب حداثة السن - تنقصه اشياء، ما كنت سعيدا بفقدها عند من يشتغل في مناطق حساسة، فانا حريص علي ان يستكمل مثلها مثله. واذا كـنـت اخـتـلف معه في بعض ما يذهب اليه، اتمني ان تكون تناولاته مثيرة،وحافزة لاخواننا، وزمـلائنـا في اقسام التاريخ في جامعاتنا التي تتوفر فيها مثل هذه الاقسام، ليعيدوا النظر في امور كـثـيـرة ثم ليخوضوا مع الرجل، ومع غيره،معترك الجدل حول القضايا التي اختار لنفسه الخوض فـيـهـا، والح في طرحها،وخرج فيها علي السائد، وعلي النمط فاما ان يقلموا اظفاره، ويضعوه في حـجـمـه الـطـبيعي، واما ان يتشايلوا معه المهمة وليس من اللائق ان يصول، ويجول وحده في تلك الـفـجـاج، اذ مـن واجـب المتخصصين ايقاف هدمياته، لاحقاق الحق،والدخول في واحد من ثلا ثة مـسـتويات فاما ان يكونوا معه واما ان يكونوا ضده في كل ما ذهب اليه واما ان يكونوا وسطا يقبلون الحق ويردون ماسواه ان كان يخلط واما ان يتوقفوا فيما لا يعرفون وجه الحق فيه وهو قليل. واذا كان الرجل الذي يكتب من خلال آليات ثقافية لا تخصيصة يمتلك كل هذا الجلد، فاين من يملكون العلم الـتخصصي، والاليات التخصصية اين هم من هذا الطرح المثيرالذي سيكون له اثر في الموقف من الـتـاريـخ الاسـلامـي، اين هم من قبل ان ياتي ومن بعد ما جاء اقول ابتداء: ان اندهاشي من مغامراته الجريئة لايعني موافقتي،ولا مخالفتي له علي الاطلاق، ولا يعني ارتياحي من بعض تناولاته، كما لا يـعـنـي رغـبتي في احترام التاريخ، وعدم المساس به ومع كل هذه التحفظات اجد بعض الرغبة في التناولات المثيرة، والمحركة للركود، فالساحة الفكرية، والثقافية بحاجة الي تحريك ما ينتابها من الـركـود. واختلافي معه، وترددي في قبول كل رؤاه لايضيره بشي ء، ان كان ما يطرحه، ويثيره عـن عـلـم، وحـسن نية. فالبشر عرضة للخطا، وعرضة للجهل، واذا كان التاريخ الاسلامي مظنة لـلـمـسـاءلة، والمحاكمة،والاقرار، والنفي فان له حرمته، ومكانته في نفوس المسلمين، ولا يليق الـمساس به الا بقدر ما يخدم النص والحدث من اسقاط، او تصحيح، او تاييد، او دفاع،ووفق منهج، وآليات معتبرة، وفي ظل نتائج لاتؤدي الي سحب الثقة به كتراث نعتز به والتاريخ الاسلامي يرتب ط قوة وضعفا بالمؤرخ و بمنهجه، ومصادره،فالبعض يتسع للاساطير، و اللامعقول، وآخرون يرونه للمتعة والتسلية،وطائفة منهم يرونه للاعتبار، و قليل منهم من يمحص الروايات ويحاكم الاخبار، ولا يـدون الا ما وافق العقل و الواقع وايدته الرواية المستفيضة ولايعول علي كل المصادر. وفي ظـل الـفعل، ورد الفعل، لم اجد الحوار الموضوعي الذي يدع شخص الكاتب جانبا، ويمسك بكلامه مـوضوعا، حتي يتبين الحق،ومن ثم يحكم القراء علي الكاتب كل الذي اقرؤه - مع الاسف - تلاسن واتهام،والقضايا مازالت بعيدة عن الحوار. والـمالكي الذي طبق منهج المحدثين علي الرواية التاريخية تاسيا بسلف صالح،وطالح، سيجد نفسه يـوما ما امام ركام مخيف من المبالغات، والاكاذيب، قديخدم بعضها التاريخ نفسه. ولكن التسرع في اصـدار الاحكام علي ضوء تلك الاليات سيؤثر في النهاية علي المسلمات. ومنهج المحدثين واحد من الـمـناهج التي طبقت في قراءة التاريخ، كمنهج الشك مثلا عند اسد رستم الذي يري ان شك المؤرخ رائع حكمته، وهو ما يذهب اليه انجلو وسينويوس من ان نقطة الابتداءللباحث هي (الشك المنهجي) بـحـيث يرتاب المؤرخ في كل الاقوال، وهومايذهب اليه ايضا حسن عثمان، وقد علل عبد الرحمن بدوي اسباب الكذب في التاريخ من خلال رؤية عقلية او حدسية، وفقاعة المالكي واحتدام مشاعره فـي سـياق الفعل الكتابي ادي اليه دابه، وتقصيه للقضايا القابلة للتداول وغيرالقابلة، وهو ما لا نجده عـند كثير من لداته، وشي ء آخر ارجو ان يتقبله المؤرخون المعاصرون، وهو تخوفهم وترددهم، وضـعف آلياتهم ونمطيتهم في تناول الاشياء والاحداث، وقلة بضاعة البعض منهم ولو ان احدا منهم كـشـف عن ساقه ودعي بقلمه و محبرته و نازل الرجل من خلال علمية متفوقة ومنهجية منضبطة، لكان بالامكان حفظ التوازن بين داخل بليات صارمة،ومدافع من خلال آليات متسامحة. وانـا اتـحـفـظ علي جراة المالكي، ومحدودية تناوله والتي ياتي في ذروتها البيعة وابن سبا و سيف بن عمر واتمني لو انه حد من اندفاعه، وخفف من حدته،وعدل من احكامه، وبحث في قضايا غـير مطروقة، وغير مثيرة للتساؤل والشك، ثم - بعد تناوله - ارجا اصدار الاحكام، وترفع عن الـتـحـدي، وطلب المبارزة،فالامر ليس من السهولة بحيث تتلاحق فيه الاحكام بهذه الحدة، وبتلك الجراة.ولناخذ علي سبيل المثال موقفه من ظاهرة عبد اللّه بن سبا بعد اتفاقنا معه فيمايتعلق بالبيعة لعلي، وضعف ابن عمر في الحديث وهشاشة بعض الرسائل العلمية في منهجها، ومادتها، ونتائجها. لـقـد تـساوق مع غيره من مذهبيين ومستشرقين، وعقلانيين، في انكار هذه الشخصية، واعتبارها مـختلقة، وحمل سيف بن عمر مسؤولية ذلك. وهذه الشخصية دار حولها جدل طويل قبل ان يثيرها الـمـالكي، بل قبل ان يثيرهاقدوته الهلابي ولعل اكثر الاطروحات اثارة، وازعاجا علي المستوي الـخـليجي،وعلي مستوي جامعة الرياض، ما قام به زميلنا وصديقنا الصامت الي حدالسكون الاستاذ الـدكـتـور عـبـدالعزيز الهلابي. وذلك عندما نشر بحثه المحكم في حوليات كلية الاداب بجامعة الكويت (الحولية الثامنة، الرسالة الخامسة والاربعون عام 1407/1408 ه بعنوان عبداللّه بن سبا دراسـة لـلـمـرويـات التاريخية عن دوره في الفتنة. وهذا البحث المثير هو الذي حفز المالكي، وفتق حلقه، وحمله علي اهداء كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي - قراءة نقدية لنماذج من الاعمال والـدراسـات الجامعية) الذي قامت مؤسسة اليمامة الصحفية مشكورة بطباعته ضمن سلسلة (كتاب الرياض) لاستاذه ومعلمه الذي لم يتلق علي يده الدراسة، ولكنه تلقي علي بحوثه وكتبه الثقافية. والـدكـتـور الـهـلابـي توخي واسطة العقد في منظومة اشكاليات التاريخ الاسلامي،ومارس فيها حـفـرياته المعرفية. وما اعده الا كاتبا يتلقط في كتاباته الاشياءالحساسة والمثيرة، ولا يعنيه بعد ذلـك، مـا اذا كـان ارضـي الناس، او اسخطهم واذكر انه اهداني قبل سنوات مستلة من بحثه عن الـقـراء، ودورهـم فـي مـعركة (صفين) وكان بحثه هذا، وآخر لا اذكره الان، مثار اعجابي به، وتساؤلي عن مصداقية النتائج التي توصل اليها. ولما لم اكن اذ ذاك مهتما بالتاريخ وقضاياه المثارة علي كل المستويات، فقد صرفت النظر عن مساءلة الباحث القدير عن تلك الاراء المخالفة للسائد واحسب انها مرت بسلام فالاجواء يوم ذاك طبيعية،والحالة هادئة لا توتر فيها. ومـن قـبـل ومـن بـعـد اخذت الاقلام المشبوهة تتجه صوب التاريخ الاسلامي،وتراثه، تنقب عن هـفواته، وتنفخ في هناته لاغراض دنيئة، هذه القنافذ الهداجة حفزتني علي الاهتمام بالتاريخ، وبما يـدور حـولـه مـن دراسـات باقلام عربية وغريبة منصفة او متحاملة مريبة او مستريبة في هذه الاجـواء الـمـلـوثـة،والـمشبوهة استكملت الدراسات حول تفسير التاريخ كالتفسير الاشتراكي كمايصفه انجلز مردريك، ومناهجه عند الغرب وعند العرب كما يجليه الدوري وعبد الغني حسين وعـثـمـان حـسـن واسـد رسـتم وشوقي الجمل، وحسين نصارومن ثم عرفت شيئا عن مدارسه وخـصـائصـها وصلة التاريخ بالعلوم الاخري ومصادره المشروعة وغير المشروعة، والموثوقة وغـير الموثوقة ومستويات نقدالتاريخ لقد سعدت حين عدت الي مكتبتي فوجدت فيها العشرات من هذه الانواع. وزاد اهتمامي بالتاريخ الاسلامي بعد ان اوغل فيه العلمانيون، والحداثيون،وقرؤوا بعض الاحداث واتـخـذوهـا سـلما للطعن في التجربة الاسلامية في الحكم.ومازلت انحي باللا ئمة علي اخواننا المؤرخين، الاكاديميين، الذين يمرون بهذه الاشياء وكانها لا تعنيهم وانحي باللائمة - ايضا - علي اقـسـامـنـا الـعـلـمـية المتخصصة، التي لم تتخلص من نمطيتها، واسلوب تناولها المعتق واتحسر عـلي ضحالة الاكثرية منهم، وارتجالهم الاشياء، او التسطح عليها واعجب كل العجب من ضعف التقي وجلد المنافق. ومـمـا زاد اسـتيائي وصعدمن حرصي علي قراءة التاريخ الاسلامي ما تتابع من مناهج غربية تسابق الـمـؤرخـون عـلي تطبيقها في دراسة التاريخ الاسلامي وتعمدالبعض محاكمة الاسلام فيما كتبه بـعـض الاسلاميين كفعل المستشرقين مع الاسرائيليات في التفسير، ومحاكمة الاسلام فيما يفعله الاسـلامـيون كالذي كتبه العلماني الهالك فرج فودة في كتابه (الحقيقة الغائبة) وما تلفظه المطابع، ودورالـنشر المشبوهة والمرتزقة من كتب تسي ء الي رموز الاسلام، ومقدساته،ولاتعف عن النيل مـن شـخـص الـرسول - صلي اللّه عليه وسلم - واصحابه الكرام، واحداث التاريخ. ومن قبل هذا قـرات بـاستياء روايات جرجي زيدان التي وظف فيها آليات فرويد الجنسية وكتابات الدكتور طه حـسـيـن عـن الفتنة الكبري و المعذبون في الارض، و الادب الجاهلي ومن بعد اولئك جمع غـفيرمن الماركسيين القذرين الذين لم يتورعوا عن النيل من الرسول ومن المجتمع المدني وعندي من ذلك ما يغثي النفوس. ثـم مـا نـراه ونـسمعه من كتابات المتطرفين في فكرهم كال (العروي) وغيره، ممن حكموا العقل الـمـطـلـق، او حـكـمـوا الـمناهج الغربية في قراءة التاريخ ومع انني لااترددفي ادانة كثير من المؤرخين، ومع انني - ايضا- اومن ايمانا لايزعزعه الشك،ان تاريخنا بحاجة الي غربلة، ومساءلة، وتـصفية، وتنقية، الاان هذا لا يجعلني اتفق مع المفكرين، والعقلانيين، والماديين، في قراءة التاريخ عـلـي هذه الشاكلة، ولمثل هذه الاهداف الدنيئة. ويقال مثل ذلك عن التفسير الملي ء بالاسرائيليات، مـمـافـتـح ثنيات علي فكر الامة، وتراثها. ثم يجب ان نعرف ان مدار الاعمال علي النية وعلي العلم واستكمال آليات البحث، فمن آخذ التا ريخ، ولام المؤرخين وآخذالمفسرين لغرض شريف ومقصد سليم، وبعد اهلية الاجتهاد لا يرمي في مؤاخذته الي تقرير نتائج مناهضة للاسلام، فاولئك مع الذين انـعـم اللّه عـلـيهم واستعملهم في خدمته، وطاعته ومن مارس الفعل نفسه وله نوايا دنيئة،ومقاصد سـيـئة، ثم هو دون القدرة المطلوبة لمثل هذا العمل فاولئك مع الذين لايستطيعون توصية ولا الي اهلهم يرجعون. والمالكي واحد ممن نتحفظ علي بعض قراءاته. ولا اشـك انه يمثل عنصر الاثارة لزملائنا في الاقسام التاريخية فهل هم معه، اوضده والي اي حد يـمـضـون مـعه او ضده ولماذا هذا الصمت الطويل هل ما يقوله لايستحق الرد، والمساءلة، ام انهم يرون انفسهم اكبر من الرجل، ومن المجال الصحفي الذي يشتغل من خلاله. وامنيتي ان يمد المالكي عـينه لاارادة لزينة الحياة الدنيا، ولكن اتقاء كالذئب الذي ينام باحدي مقلتيه، ويتقي باخري الاعادي، يـمـدها ليقرا لاولئك الذين اسالوا دم التاريخ من عقلانيين، وعلمانيين،ومستشرقين، ثم ينازلهم، ان كان ثمة فضلة من جهد وعلم. اذ كلما رايتهم يخبون،ويضعون في تراثنا، دون منازع، تذكرت قول الشاعر: لو كنت من مازن لم تستبح ابلي++ بنو اللقيطة من ذهل ابن شيبان ان كتابات المالكي الفاقعة اللون، تهز المسلمات، وتحفز القارئ الي اعادة النظر في مصداقية التاريخ، ولـيست باقل اثارة مما يكتبه الاخرون. فمتي يهب الاخوة في الجامعات، لاعادة الثقة بهم، وبالتاريخ المستباح، لايقاف هذه الهدميات التي تمارس بين الحين والاخر من مغرضين حاقدين اليس فيهم رجل علم واثق،ينازل باقتدار، ويسائل بحكمة، ويوقف هذه الجراة التي نحترمها عند البعض،وقد لانتفق مع طائفة من مفرداتها. ومن المؤكد ان (التاريخ الاسلامي) الذي اري ان يسمي (تاريخ المسلمين) يهتم باحداث السلاطين، ولا يـتـسـع لـلفكر، ورجلاته، والعلم واساطينه، كما يمتلي ءبالمبالغات، والخرافات والاساطير، واللا معقول، واللالائق وسبق ان قيل: (لايكتب التاريخ الا المنتصر). ومع شديد الاستياء، فالتاريخ فـي مـفـهـومـنـا لايمتد الي تراجم الرجال من علماء، وفلاسفة، ومفكرين، والي منجزهم، بل يقف حـيـث تـكون الاحداث السياسية، والعسكرية، واخبا ر السلا طين. هذا التاريخ بلياته، ومرجعياته واهـتـمـامـته، ومناهجه، بحاجة الي اقلام مخلصة واعية، تمسه بلطف،وتنقيه باقتدار، لكي توقف طوفان التساؤلات المحرجة. لقد كانت الضربات الموجعة للتاريخ، تاتي من علماء الملل والنحل الاسلامية،التي تعمدت انكار بعض الاحـداث، وبعض الشخصيات المؤثرة، كبعض الصحابة، والتابعين المشبوهين وتاتي هذه الاثارات مـن الـمستشرقين الذين دخلوا علي التاريخ الاسلامي بليات غير ملائمة ونوايا مشبوهة، ووجدوا فيه مايريدون. وكنت اود لو عمد علماؤنا ومفكرونا ونفوا من التاريخ ما لا يتسع له نص ولا يحتمله عقل ولا تقبله اوضاع، فنحن احق بالمعالجة منهم، وهذه مسؤوليتنا. واذ يكون ابن سبا محور كتابات الـمـالـكي فان ممن كتب عن شخصية ابن سبا في سياق انكار هذه الشخصية مرتضي العسكري في عملين هامين ومشبوهين في آن هما: (عـبداللّه بن سبا بحث وتحقيق فيما كتبه المؤرخون والمستشرقون عن ابن سبا)المطبعة العلمية فـي الـنجف 1375ه - 1956م) وعبد اللّه بن سبا واساطيراخري) دار الغدير بيروت طهران 1392ه/ 1972م. والـجـدل حـول ابن سبا ياخذ ثلاثة مستويات - المستوي السائد عند المؤرخين الاسلاميين. وهو ثبوت وجوده، وثبوت دوره في الفتنة، بكل حجمها المبالغ فيه. - المستوي الاستشراقي والشيعي المتاخر. وهو انكار وجود ابن سبا، ومن ثم انكار دوره. وعندما اقـول الـشـيعي المتاخر فانما اشير الي ان المتقدمين من الشيعة لم ينكروا وجود ابن سبا وان نفوا بعض اثره. - الـمستوي المتوسط، وهو اثبات وجود ابن سبا، والتقليل من دوره في الفتنة وهذا ما اميل اليه، ان كـنـت لـم اجـدا الـوقت والجهد الكافيين للقراءة النقدية الجادة حول هذه الشخصية، لاعلان رايي بـصـراحة، وبدون تردد، فموقفي متابع لمن اثق به من العلماء والمؤرخين والدارسين، ومن ثم فهو راي اسـتـئنـاسي تقليدي،وليس نتيجة بحث وتقصي، وحكم شخصي، ولو فرغت للتقصي لاتخذت موقفالا محاباة فيه، ولا تردد. ويـاتـي الـدكـتـور الـهـلابـي، ومن بعده حسن المالكي مع تيار المتشددين، المنكرين لوجود هذه الشخصية. ومع قراءتي لما كتبا ووقوفي علي الجهد المبذول في التقصي الا انني لا اطمئن لما ذهبا اليه، ولا ارتاح له لان في نسف هذه الشخصية نسفا لاشياء كثيرة وتفريغا لكتب تراثية لكبار العلماء مـن امـثـال شـيخ الاسلام ابن تيمية وابن حجر والذهبي وغيرهما، فابن سبا او ابن السوداء يشكل مذهباعقديا ويشكل مواقف اخري لو تداعت لكنا امام زلزلة تمس بنايات كثيرة. ومع هذا مازلت محتاجا الي مزيد من القول لكي اعدل عن رايي التبعي الاستئناسي. وفـي سـيـاق مغاير ياتي الاستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة الاستاذ المشارك في قسم التاريخ بـفـرع جامعة الامام بالقصيم متساوقا مع المستوي السائد الذي يؤكد وجود هذه الشخصية واثرها ومثله الاستاذ الدكتور سعدي الهاشمي. والدكتور العودة خبير كبني لهب في هذا المجال، فقد قدم رسالة ماجستير عن (ابن سبا) وهو باحث متمكن، فيه اناة، وبعد نظر، ويملك آليات الحوار الجاد،وهو المؤهل للمنازلة، ولكنه بعد لم يقطع. واذكر ان لدي بحثا صغيرا عن ابن سبا للدكتور سعدي، تناول فيه هذه الشخصية. وقرر انها حقيقة لا خيال وقد حاولت الحصول عليه مع بحوث الدكتور الهلابي في مكتبتي المركومة بشكل فوضوي فلم اجدها ووجدت كتاب (الرواة الذين تاثروا بابن سبا) للهاشمي. والدكتور العودة كرمني حين عرض علي اخيرا بحثا قيما تحت عنوان ابن سباوالسبئية كتبه عام 1411 هـ في اطار بحوث الترقية وفيه رد، علي منكري وجودابن سبا. وبالذات الدكتور الهلابي وعـجـبـت كـثيرا من تردده في نشر هذا البحث القيم الذي اتوقع ان يثير قضايا جديدة، قد تحمل المالكي علي اعادة النظر فيماتوصل اليه من نتائج ساير فيها استاذه الدكتور الهلابي، وسايرا معا من لايـبـحـث عـن الـحق. واملي ان يجد الدكتور العودة الشجاعة في نشره، او ارسال نسخة منه الي الاستاذ الدكتور الهلابي، وحسن المالكي، لقراءته املا في تعديل بعض آرائهما، ان كان في البحث ما يـحـمـلهما علي ذلك او اسقاطه في سياق مايمارسانه من هدميات موسعة، في بنية التاريخ فنحن مع الـحـق مـتـي بـدا لـنا،وليس بيننا وبين احد نسب، ولا عهد، في قضايا العقيدة، والفكر، فكل نفس بـماكسبت رهينة، تاتي يوم القيامة تجادل عن نفسها. والذي اعرفه ان المالكي يشير دائما في بحوثه الـمـثـيـرة الـي انه طالب حق، رجاع اليه، متي تبين له وجه الصواب، وهذا البحث هو المحك عن المصداقية. بـحـث كهذا سيضع الاثنين امام مساءلة لن يجدا مناصا من الاجابة عليها، ورد مايمكن رده، وقبول ما يـمـكـن قـبوله والمالكي تناول من قبل اطروحة العودة عن ابن سبا ص 175 من كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي) بحيث اشار الي اربع ملاحظات هامة، ما كان يسع العودة السكوت عليها، ولاسيما انه يدعي امتلاك الوثائق التي تحمل المالكي علي التراجع عن شي ء من رايه وعن بعض ملاحظاته. والـبـحث الذي بين يدي للدكتور العودة يعول فيه علي روايات لم تكن عن طريق سيف بن عمر في سبيل اثبات شخصية ابن سبا. والهلابي ومن بعده المالكي، ومن قبلهما العسكري، يقتصرون في انكار وجودشخصية ابن سبا علي روايـة سـيـف بـن عمر المجروح عند المحدثين، وربما اخذا هذاالموقف التحفظي من منهج اسد رستم حول المصدر الواحد للقضية وكم كنت اتمني لو ان (الهلابي والمالكي) لم يجعلا ضعف سيف بن عمر سبيلا لنسف حقيقة ابن سبا، ذلك ان الضعف في الراوي قد لا يحمله علي اختلاق الشخصية مـن الـعدم، واختلاق احداث لها، وانما قد يحمله علي نسبة اشياء لاتصح نسبتها اليه.وشخصية ابن سبا مستفيضة في كتب التاريخ، والعقائد، وعند علماء التاريخ،وعلماء الكلام، وليس احد من السلف - فـيـما اعلم - اثار هذه الاشكالية كاثارة الاخوين، ولا اري مبررا لنسف هذه الشخصية من اساسها. وسيف بن عمر(عمدة في التاريخ) كما يقول ابن حجر، مع ان هناك روايات لم تات عن طريق سيف بـن عمر اشار اليها الدكتور العودة، ويقال عن (القعقاع) ما يقال عن (ابن سبا)، ولا سيما ان القعقاع مـن عـشـيرة سيف بن عمر، وهو ادري به وباخباره والماخذ علي سيف ربما يقتصر علي تضخيم الدور، والتركيز علي الشخصية لدافع قبلي او عقدي لكنني لا اتصور اختلاق شخصيات من الوهم والـخـيال للتشيع، اذ ليست الامة وعلماؤها من الغفلة والسذاجة، بحيث تصنع لهاشخصيات وهمية، وتـمـرر عـلـيـها. احسب ان ذاكرة الامة اوعي من هذاالاستغفال وعلماء الحديث الذين كتبوا في الـطـبـقات، وفي تاريخ الرجال، ذكرواالقعقاع، ولم يشكوا في ثبوت وجوده، كشخصية فاعلة في الـفتوح والغزوات.وقد نبهني بعض الزملاء الي اطروحة دكتوراه كتبها طالب عراقي عن القعقاع بين الحقيقة والخيال، وكم اتمني الحصول عليها. وعلي ضوء ذلك فان ما يكتبه المالكي تحصيل حاصل، وتـسـخـين طبيخ. فلا احسبه يضيف شيئا اكثر من تاكيدما قيل. يقال هذا فيما سبق اليه، ولامساس فيما بادر اليه من دراسات قيمة لايهمنا الحديث عنها الان. وبـصرف النظر عن كل ما سبق، فانه يجب علينا في حالة الدخول في مثل هذه المضائق الحساسة ان نـتـجرد من الهوي، وان نتوفر علي المعلومات، وان نمتلك آليات الاجتهاد، وان نتحري الدقة، وان نـسـتخدم كل مانملك من امكانات، وان نكون واثقين من انفسنا، مستقبلين لكل اعتراض بصدر رحب، فـيـمـا يـتـعـلـق بـقضايا مثل هذه القضايا، ولاسيما اذا كانت تلك القضايا قد سبق الي التشكيك فيها مـسـتـشـرقـون مشبوهون، واصحاب ملل مستفيدون من هذا التشكيك.وعلي الذين يهزون الثوابت ويـحـمـلـونـنا علي اعادة ترتيب معلوماتنا، ان يستمعوا لنا بادب جم، وان يحاورونا باحترام، وان يـتـلـطـفـوا بـازالة الشك،والارتياب، بعلمية مهذبة، وان لم يفعلوا فما بلغوا رسالتهم، وفق اصول الـبـحـث العلمي وفي المقابل علينا ان نحسن الظن بمن لم يبد عواره، ولم يثبت ارتيابه، وان نتحامي الحكم علي النوايا فلا يحصل ما في الصدور الا اللّه، ولا يبلو السرائرالاخالقها، ولا ينجو الا من اتي اللّه بقلب سليم. وثـقـتي بالاستاذ الدكتور الهلابي ومن بعده الاستاذ حسن المالكي قوية، وارجوالا يحملاني علي زعـزعة الثقة بالنفار او بالاستهتار. ومع ذلك لا يمكن ان ارفعهمافوق المساءلة، والنقد، والشك في امـكـانـاتـهـما. وعتبي الشديد علي اخواننا اساتذة التاريخ في جامعة الامام وفي الجامعات المماثلة، وبخاصة المتخصصين منهم في التاريخ الاسلامي القديم فهم الاجدر بالمواجهة. وليس من اللائق ان ننازل عنهم، فقد يخرج علينا من يقول: (ليس هذا العش عشك فادرجي)، ولو وجدنافسحة من الوقت وفـضـلة من الجهد لكنا اندي صوتا، واصلب عودا. ولكنناكخراش وضبائه، فالي اللّه المشتكي وما افعله الان علي الاقل من باب الغيرة،وفك الاشتباك، وارجو الا يقال لي زادك اللّه حرصا ولا تعد وارجـو مـمن يجدالاهلية من نفسه، مع توفر الوقت، والقدرة، ان يدخل دخولا علميا لا تسفيه فيه، ولا سـخـريـة، ولا لجاجة، ولا هجاء مخلا بحشمة العلماء ووقارهم، ومسيئالمكانة القضايا مجال الـنـقـاش، فـكم من مقتدر يمنعه من الدخول في الحوار ما يؤول اليه من مهاترات، وتراشق بكلمات السباب، والاتهام، وما يخشاه من دخول ادعياء اذا ريع احدهم اهتاج اعزلا علي حد: (ينيلك منه عرضا لم يصنه ----- ويرتع منك في عرض مصون) لـقد كان صمت المتخصصين مريبا، واحجامهم مخلا في الثقة بهم. فالصحافة الان وقبل الان تشتغل فـي تـخصصهم، وتدك حصونهم، وهم صامتون ان عليهم ان يوظفوا قدراتهم ليحقوا الحق ويبطلوا الـبـاطل، ولا يعجب الانسان ان يقول اخطات، ويعود الي الصواب ونصف العلم لا ادري ومن قال لا ادري فـقـد افـتـي اذا كـان سـيـف بـن عـمـر متكا المنكرين (عمدة في التاريخ) عند ابن حجر (ويـروي عنه البخاري في التاريخ) فالامر فيه متسع، (فابن حبان) و(الذهبي)، و(ابن حجر)، و (المزي)، وغيرهم قالوا بضعفه، وكذبه ووضعه، وزندقته. علي اختلاف فيما بينهم، وتحفظ منهم عـلي بعض التهم وكثير غير ابن عمر اختلف العلماء حولهم فمن موثق ومن مضعف ولكن لم يقل احد مـنـهم - فيما اعلم - بردرواياته التاريخية، ويكفيه تزكية في مجال التاريخ علي الاقل، شهادة ابن حـجـر،ورواية البخاري له، واحسب ان الرجلين شاهدا عدل، ولا يمكن استبدال الادني بالذي هو خـير، وفي تعليق القلعجي علي العقيلي قال كان اخباريا عارفاالا انه في الحديث ضعيفا) ولم يقل في الـتاريخ، وقضية الزندقة اتهام تحفظ عليهاالكثيرون. وعلي ضوء ذلك يحسن ب (الهلابي والمالكي) مراجعة الموضوع. واشكالية المالكي الاولي: انه يعيش عقدة سيف بن عمر وما وصم به من جرح قادح في روايته في الحديث، دون التاريخ، ومن ثم يشكل المنفذ الوحيدلمرافعته ضد بعض احداث التاريخ وشخصياته. واشـكـالـيـته الثانية: اصراره علي تطبيق منهج المحدثين علي الاطلاع، في تمحيص المروي من طريق تتبع طرق الرواية، ومعرفة الرجال. واشكاليته الثالثة: انه ما يزال في اطار المثار، ولم ينفرد بشي ء بعد. واشكاليته الرابعة: انه يقف حيث تكون احداث الفتنة الكبري وهي شائكة وحساسة وللسلف في ذلك مـوقـف اسـلـم واحـكـم وتـطبيق منهج المحدثين علي الروايات التاريخية دون قيد، فيه مافيه من المحاذير، وللسلف الصالح موقف عدل في هذا الامر ولعل مشروع الدكتور ضياء العمري الذي وظف لـه وظـائفـه مـن الدارسين كان مغريا لكثيرمن اللاحقين، اذ من اليسير علي ضوء هذا المنهج نسف الـتـاريـخ بـكامله، فهذا الطبري وهو من هو يعتمد علي وضاعين، وطائفيين كابن مخنف مثلا، ولو قـراناه بتلك العيون لما ابقينا علي متنه نصا صحيحا،ومشروع ضياء العمري يقف عند تاريخ الصدر الاول المؤثرة احداثه بامورالشريعة، والعقيدة، والعبادة، كسيرة الرسول (ص). واذا كـانـت الروايات الاتية من طريق سيف بن عمر، ضعيفة عند المحدثين، حجة عند المؤرخين، والاخـبـاريين، فلا يمكن معها ان ننسف الظاهرة كلها. فابن عمرليس من اهل البدع، والاهواء، وان اتـهـم بـالزندقة تحاملا من ابن حبان حيث قال وكان قد اتهم بالزندقة، وليست كل رواياته مخالفة لـنـص قـطـعـي الـدلالـة والـثـبوت، وانما هي روايات تاتي في سياق معهودات مستفيضة، فابن سـبـا،والـقـعقاع، مثلا شخصيات تداولها، وقبل بوجودها علماء التاريخ، وعلماءالحديث، وعلماء الـجـرح والـتعديل، وعلماء الكلام، والمؤرخون للملل والنحل وبخاصة ابن سبا فهم يذكرونها في سياق ما يكتبون، ولم يكن اعترافهم بهذه الشخصيات الا لانها مستفيضة علي الالسن يتداولها الناس، وعـلـماء الجرح والتعديل انصفوا سيف بن عمر حتي لقد قال ابن حجر العسقلاني عنه: ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ واردف: افحش ابن حبان القول فيه وقال العقيلي: يحدث عنه البخاري اي: فـي الـتـاريخ، ولو اننا طبقنا منهج المحدثين علي بقية العلوم علي اطلاقه مثلما يفعل البعض مع الروايات التاريخية، ولتكن مثلاعلي روايات الجاحظ في البيان والتبيين وفي الحيوان، او علي روايات ابي الفرج الاصفهاني في الاغاني، او علي روايات علماء النحو والصرف واللغة،والبلاغة، كـمـا لا نـقـبل ان يكون هذا الشعر لذلك الرجل المنسوب اليه لوصوله عن طريق مجهول الحال او الذات، او يكون مجروحا، وهذا يمتد بنا الي انكارالشخصيات، كما انكرها الهلابي، والمالكي، ومن قبلهم المستشرقون والمذهبيون. واحـتـياجنا الي منهج المحدثين في الجرح والتعديل قائم، ولكنه ليس علي اطلاقه،وانما يقوم متي قـامت الحاجة، وذلك اذا تعارضت الروايات بين المؤرخين، بحيث جاءت الواقعة عند مؤرخ مناقضة لواقعة اخري عند مؤرخ آخر، ولزم التوفيق بينهما، او عندما ياتي مقتضي الرواية التاريخية مخالفا لنص ثابت، قطعي الثبوت،او عندما يرتبط بالرواية التاريخة حكم شرعي، او عقدي، او تعبدي، او عـقـلـي،ففي اختلاف المؤرخين نحاول الجمع، فان امكن صرنا اليه، وان لم يمكن الجمع نظرنا الي رجال السند، فاثبتنا ما كان رجاله ثقات، واسقطنا ما كان في رجاله قول. ومعارضة الرواية التاريخية لـلـنـص الثابت، او القطعي تسقط الرواية ولاكرامة، وخروج الرواية علي المعقول يسقطها عقلا والـذيـن درسـوا مـناهج التاريخ وضعوا ضوابط للنقد وحصروا مخذ كل ضابط وفرقوا بين النقد الـسـلبي والايجابي، ونقد النص، وا لاشخاص والوثائق، وما يعرف بالنقد الظاهري،والباطني، ومع ذلـك فـما احد منهم افاض في منهج النقد علي طريقة المحدثين،وبخاصة عندما لاتقوم الحاجة لهذا المنهج كما اشرت. و اذا جاء الناقد التاريخي الي واقعة متعارف عليها، متداولة بين المورخين،مقبولة عند علماء الجرح والتعديل، ممن ضعفوا راوي الواقعة التاريخية وقبلوهامنه، مثلما يفعل ابن حجر، ومن قبله البخاري فـي التاريخ الكبير، وهي ايضامستفيضة لدي كافة العلماء، ثم تعمد نسفها من اساسها، لمجرد ان في سـنـدهامجروحين، فذلك امر لايمكن القبول به، ولا سيما اذا كان الحدث، او الظاهرة،مستفيضة، ولـم يـكـن لاحد من العلماء المتقدمين والمتاخرين من امثال ابن حجروالذهبي وغيرهما، ومن جاء بعدهم ممن عرفوا ان ابن سبا، - مثلا - لم يات الامن طريق سيف بن عمر، ومن الذين درسوا الملل والنحل، وعرضوا للسبئية ولم ينكروا وجود ابن سبا واشكالية ابن سبا انه لم يعد شخصية تاريخية وحسب كالقعقاع مثلا، فكل متحدث عن الفتنة وعن العقائد وعن التاريخ عرض لهذه الشخصية. لـقـد مـرت بـهـؤلاء علي مختلف تخصصاتهم، في الحديث، والتاريخ والملل، والنحل،وعلي مختلف الـعـصور، شخصيات كابن سبا والقعقاع، وقضايا، واحداث، ومااحد منهم نظر في حقيقة وجودها، لـمـجـرد انه لا يوجد طريق الاطريق سيف بن عمر المجروح عند المحدثين. وما احد من علماء الـسـلـف المعتبرين من شكك بوجود هذه الشخصيات، هذا فيما اعلم وفوق كل ذي علم عليم وكما اشرت فان ضعف الراوي في مجال التاريخ يحملنا علي استخدام العقل ورد المبالغات التي لاتعقل اذا لم يـتـرتـب عـلـي ردهـا تعطيل لسلطة النص القطعي الدلالة والثبوت،ورد الاحداث التي لا يتوقع صـدورهـا مـن شخص، او جيل توفرت لديناالمعلومات الكافية لتزكية، لا رد الحدث او الظاهرة الـمـعـقـولـة والـمبررة والمستفيضة، فالرواية الضعيفة في بعض احاديث الصلاة لا تنفي الصلاة نفسها،وثبوت شخصية ابن سبا والقعقاع لايلزم منه ثبوت كل مانسب اليهما. ثم ان ثبوت شخصيتيهما مـستفيضة، ومعروفة، ولم يشك احد من المعتبرين بوجودهما.وما اثار مثل ذلك الا المستفيدون من انـكار مثل هذه الشخصيات. والسلفيون ليس لهم فائدة من انكار شخصية كابن سبا فلماذا نتواصل مع غـيـرنـا لـصـالـح الـغير. واي اجحاف بحق المصداقية التاريخية يحصل لوصرفنا النظر عن مثل هذه الامور. وظـاهـرة الانـتحال في الشعر العربي التي التقطها مرجليوث حين حقق كتاب الحموي، تعيد نفسها بـشكل آخر مع حسن المالكي، ومع سلفه الذين امدوه بالمادة وبالمنهج، فهو حين نظر الي شخصيات مـثـيـرة كـابـن سـبا، والقعقاع، وليس لها طريق غير طريق سيف بن عمر المجروح راح يتقصي الـروايـات الـمـنـسـوفـة مـن قبل ليعيد نسفها من جديد رواية رواية من خلال آليات المحدثين، مـتـناسياتباين القيمة الروائية بين المؤرخين والمحدثين، وفاته، او ربما فوت علي نفسه ماتعارف عـلـيه العلماء، والمؤرخون من التفريق بين شروط الرواية في الحديث والتاريخ وتفاوت الخطورة فـي الرواية الضعيفة بين العلمين، فالرواية في الحديث تثبت حكما شرعيا او تعبديا، او عقديا يمس احوال الناس، وقد يقدح في معقولية الحكم اما الرواية في التاريخ فامر مختلف جدا ما لم يترتب علي ذلـك ضـرر مـن اي وجـه. كـما انه لم يفرق بين الاستفاضة في الظاهرة، وارتباطهابالرواية دون استفاضة، وفاته او فوت علي نفسه - ما توصل اليه العلماء من تقرير قواعد، واصول، لكل علم. وما اتـخـذه الـفقهاء دليل علي تغير الحكم بتغيرسياقاته، ولهذا قال الفقهاء تقبل شهادة الصبيان فيما بينهم والـرجـوع الـي اهـل الخبرة ومراعاة الاحوال في بعض الاحكام رؤية اصولية فالقاضي محتاج الي الصانع والمزارع والطبيب في القضايا المتعلقة بمهنهم. ومن ثم يرتكب بعض الباحثين اخطاء فاحشة عندما يعزلون القضية - اي قضية - من سياقها الزمني،او من سياقها المعرفي، متجاهلين - لحاجة في النفس - الضوابط والسياقات المعرفية. واذكر انني وانا اتقصي مذهب عبد اللّه القصيمي الالحادي الهالك تبين لي انه يهدم قضية بحجة عقلية، ثم يهدم تلك الحجة باخري، فحاجته هي التي تمنح الاشياء مشروعية الوجود، او المعقولية ثم تنزعها، ولهذا عد من الهدامين ولم يصنف من المذهبين. وما يجب في هذا السياق ان يعرفه مرجليوث ومن بعده طه حسين والمالكي ان هناك اصولا لصناعة الادب واخـري لـصـناعة التاريخ وثالثة لصناعة الفقه ولايجوز تجاهل شي ء من ذلك اثناء محاكمة الظواهر ولو اننا طبقنا اصول علم علي آخر لالحقنا الضرر بانفسنا، وبالفن الذي نعمل به. وقدوتنا فـي ذلـك الامـام الـبـخـاري رحـمـه اللّه، لـقد كان لصحيحه شرطه المعروف ولتاريخه الكبير والادب المفرد منهجهما وشرطهما ومن ثم روي في التاريخ الكبير لسيف بن عمر، وهويعرف انه ضـعـيـف لا يـحتج به في الحديث، واعود لاقول ما الذي يترتب علي الاعتراف بوجود ابن سبا، او الـقـعقاع امن الخلل المعرفي او النقص في الدين اوالقدح في الفكر او في العقل العربي اذ ليس احد مـنـهـم اسطورة لايقبلها العقل،وليس احد منهم ينطوي علي فعل يعارض الثبوت والدلالة القطعيين وليس احد منهم ينطوي علي مغمز حضاري لا يتسع له الفعل الاسلامي المعتبر،وليس ثبوت احدهم قـادحـا في المقتضي الشرعي او التعبدي او العقدي، فماالمحذور اذا عند السلفي، وما النتائج التي يسعي باحث كالدكتور الهلابي ومن بعده المالكي حين انفقوا مزيدا من الجهد والوقت لمصادمة السائد والـمتعارف عليه والمتلقي بالقبول لدي عامة علماء المسلمين الثقات من مؤرخين ومحدثين واصوليين ومـتـكلمين. ثم لماذا يعيدان ما قاله غيرهما من انكار لهذه الشخصيات، اما كان يكفيهما الاشارة الي هذه النتائج والاشتغال بما هو اهدي واجدي. اقـول هذا وانا علي رصيف الانتظار والترقب لاجابات كافية شافية، من الهلابي، او من المالكي، او مـنـهما معا او من غيرهما فانا طالب علم، ولا اريد لاحد ان يخلط اوراقي، واذا كان المستشرقون واصـحـاب الـمـلل المنحرفة يرمون الي اهداف وغايات بعيدة ويحاولون بطرق ماكرة ان يخلطوا الامـور ويـحـوسـوا الـفـكـرويـغـرسـوا الـشك والارتياب، فان باحثا ليست له الغايات نفسها، ولاالاهـداف عينها يوظف نفسه من حيث يدري، او لا يدري لمؤازرة اولئك وخدمتهم، لقدبشمنا من تقليب الحطب علي نار الفتنة الكبري وما احد منا شفي نفسه وابراسقمها، ومن من السلفيين من يجرؤ علي وضع نفسه بين علي وعائشة رضي اللّه عنهما. والتاريخ الاسلامي الذي انطوي علي فتن بدرت بين الصحابة رضوان اللّه عليهم اوجب السلف الكف عـنـها، ولغ في معينة الصافي علماء متضلعون وفلاسفة عميقون ومفكرون جهابذة، من اصحاب ملل، ونـحل واهواء، وديانات مختلفة،وما زالت فيه بقايا لمن اراد الولوغ وكان يجب علي كل من يجد في نـفـسـه مـزيـدعـلم وفضلة قوة ووفرة وقت التصدي لاؤلئك وبخاصة من دخل منهم سدة التاريخ لـلافـساد والتشكيك فاين المتخصصون والمثقفون والمؤرخون من فيليب حتي او بروكلمان و جرجي زيدان وعشرات بل مئات المستشرقين الذين كتبوا عن القرآن والرسول والحديث والفقه والتاريخ الاسلامي واوغلوا في الهدم والذم والتشكيك والاتهام. لـقد كانت زيارة حسن المالكي لنادي القصيم الادبي وحديثي معه الذي حملني علي قراءة ما كتبه عن القعقاع بتمعن وكان لكتابه الذي اصدرته مؤسسة اليمامة وقام باهدائي نسخة منه حافز لقراءة مقالاته مـجموعة في كتاب بعد قراءتهامفرقة في جريدة، وحين فرغت من قراءة ما كتب عن الاطروحات وعن البيعة في كتابين علي الرغم من المشاغل التي تنتابني من كل جانب، عدت الي نفسي اتساءل عما تحققه هذه المبادرات وبخاصة ما يوافق فيها هوي الاخرين وتصورت المالكي بعد هذا الجهد الجهيد يلتقط انفاسه ويمسح جبينه وينتبذ من اهله مكانا قصيا، ينظر الي هذه الهدميات في التاريخ الاسلامي ويحصي ما ظفربه من الغنائم علي المستوي العام، او علي المستوي الشخصي ومن حقنا ان نتساءل ما الـذي كـسـبه لنفسه وما الذي كسبه لامته وما الذي حققه لتراثه وماالشوكة التي غرسها في حلق اعـداء الامة، حين فرغ من هذا العمل الشاق المضني ومحي من الوجود شخصية ابن سبا، وشخصية الـقـعـقـاع لقد وضع نفسه من حيث لا يعلم في خندق المشبوهين وما كان جهده المبذول ازاء قضايا ابتدرها ولاقضايا قلقة وملحة انفرد بها، والامر لا يعدو تحصيل حاصل وتذكيرا بمعلوم،وفي هذا الـسـيـاق اذكر ان عالما من علماء الشيعة تناول في كتاب متداول مئة وخمسين شخصية في التاريخ الاسلامي حيث اعتبرها وهمية وليس لها وجودحقيقي واذكر انني قرات عن هذا العمل المشبوه ما لا اذكـره، ومـازلـت اتمني الحصول عليه فانا كحذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه الذي يحرص علي مـعـرفة الشر لاتقائه، ولان ظروفي لا تسمح بالمنازلة المكافئة، فانني ارجو ان ينهض المالكي او الهلابي لقراءة هذا الكتاب وما شاكله من عشرات بل مئات الكتب المغروسة كالخناجر المسمومة في خاصرة التاريخ الاسلامي ونقدها واقرار مايمكن اقراره، ونفي ما يمكن نفيه فذلك هو العمل المفيد والـجـاد والـمـاجـور، وعـلـيهماان يقرءا ما يكتبه الماديون، والعلمانيون والماسونيون ومعتزلة العصروالتنويريون والحداثيون والسذج من مغفلي المثقفين والتبعيين والادعياءوالماجورين النفعيين الـذين يؤجرون قدراتهم لخدمة الايديولوجيات من امثال جارودي الذي اعلن للملا توظيف امكانياته لخدمة المذاهب التي تدفع اكثر،والتطوع للتصدي، لكل هذه الطوائف، وانقاذ ما يمكن انقاذه من تحت حـوافـرهـافـاذا فـرغوا من كل ذلك، ولااحسبهم فارغين، امكن الدخول علي التاريخ بليات الناقد الـمـمـحـص الـمصفي النافي لما لا يليق عقلا، او علما، او اخلاقا،وهوكثير. والقعقاع وابن سبا لايـنـدرجـان تـحـت اي مـحـذور مـن تلك المحاذير، واذاكان لاحدهما رغبة في نفي المبالغات، والـتـهويلات، فما في ذلك من باس، ولكن يجب ان يكون وفق الاصول المعتبرة ومحاولات المالكي لـقـراءة الـتـاريـخ وفـق آلـيـات مـغـايـرة لـم تكن جديدة، ولكنها كانت مبكرة علي شاب بسنه، وتجربته،وخبرته. لـقـد تـبدي لي وانا استعرض كتابات المالكي في قراءته الجريئة للتاريخ، انه لايملك براعة العالم الـمـتـخـصـص، ولا دقة ملاحظته. فنحن ذلك الرجل، فيمالاتخصص لنا به. والمثقف في العرف الـمعاصر (من يعرف كل شي ء عن شي ءوشيئا عن كل شي ء). ولكي اضرب مثلا حيا علي الفرق بين الـمـتخصص والمثقف اضع ثقافة المالكي في مجال الفقه، الي جانب فقه الشيخ بكر عبداللّه ابوزيد - مـثـلا - نجد ان بينهما فرقا حتي في لغة الفن فضلا عن دقائقه. واضرب له مثلا آخر بنفسي، لقد كـان لـي ولـع في علم الحديث، وكتابات صحفية في الضعيف والصحيح، حتي لقد تواصل معي بعض الـمـتخصصين لمراجعة بعض مخطوطاتهم في الحديث ظنا منه انني متخصص، وما انا بمتخصص، ضـع هذه الامكانيات الضئيلة الي جانب امكانيات (الالباني) يتضح لك الفرق بين المثقف والمتخصص، وبحوث المالكي المثيرة لم تكن في مجال تخصصه، وانما هي في مجال اهتماماته. والخطورة تكمن في مثل هذا العمل، فهو- وكثير من المشتغلين - لم يكن متخصصا في التاريخ، ولم يـكـن متخصصا في الحديث، وعلم الجرح والتعديل ومن ثم فان ثغرات كثيرة ستبين لو ان احدا من المتخصصين المتعمقين في علمي الحديث، والتاريخ تعقب اطروحاته. والـشي ء الذي اود تحاميه من كل المتداخلين معه، وكل المفكرين في الدخول معه او مع غيره القول فـي الـسـرائر، والـنوايا، او الشك في المعتقد، او التجهيل المطلق ان في مثل ذلك قمعا وتسلطا لا يليقيان، والناس لا يملكون شق الصدور. وحـين اشير الي اهمية التخصص، فليس معني هذا ان الثقافة غير مؤهلة للدخول في بعض القضايا، ولـيـسـت مـانعة من الدخول فهذا العقاد - رحمه اللّه -لم يكن متخصصا في شي ء من المعارف التي طرقها، ومع ذلك كان مجليا في كل تناولاته، كتب في التاريخ، وفي الادب، وفي الفلسفة، وفي سائر الـمـعـارف، وهـوحـجـة فـيـمـا كـتب، ومع كل هذا الاقتدار يؤخذ من قوله ويترك. وتبدو له هـفوات لاتحتمل، وتجاوزات لا تليق، ومن تجاوزاته التي لا تليق بحق معاوية في كتابه (معاوية في الميزان)، ويقال مثل ذلك عن كثير من العلماء. من امثال احمد امين في مشروعه عن حضارة الاسلام. ومـن اقرب الشواهد ابو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري لقد خاض في قضاياكثيرة، اخطا واصاب، وابدع واخفق، وهو لم يكن متخصصا في كثير من المعارف التي تطرق لها. ولكن يجب علي الدارس الذي يبحث في غير تخصصه، ويحس في نفسه القدرة،ان يتجنب القطع في الامـور، وسد طرق المعالجة والاستبعاد او الاضافة من الاخرين. والمالكي تبلغ به الثقة، والزهو حدا لا يطاق من القطع في الامور،والتحدي وتلك سمة لا تليق. ولـي ان اضرب مثلا بالمحدث محمد بن ناصر الدين الالباني. لقد رجع عن كثيرمن احكامه بمحض ارادتـه واخذ عليه من هو دونه، ومازال فيما قال، وقرر مجالاللاخذ والرد وهو من هو في مجال الـحديث ومعرفة الرجال والدقة والعمق والشمولية، ثم انه حين يدخل في غير مجال تخصصه يقع فـي المحذور، وقد بدر منه شي ء من ذلك، وكل انسان يؤخذ من رايه ويترك الا الرسل المعصومون الـذيـن لاينطقون عن الهوي، وانما يتلقون ما يقولون عن طريق الوحي، ولعل اقرب مثل علي تفاوت العلم وتفاضله ما اجراه اللّه بين موسي عليه السلام، والخضرالذي مكنه اللّه من بعض العلم اللدني، وهومن اولي العزم من الرسل. والمالكي لا تلين عريكته، ولا يذعن للمساءلة. لقد ادت كتابات المالكي الي اشكاليات مثيرة، لما فيها من حدة اسلوبية وتناوله للرسائل العلمية كشفت عـن هـشـاشـة بـعضها، وظهورها بمظهر لا يليق بانتمائهاالاكاديمي، وكم قلت، واوصيت بوضع مـشـرفـين لكل رسالة علمية: احدهماللمنهج، والاخر للمادة العلمية ومتي تداخل العمل مع معارف اخـري، كـان يـجـب اسـتـشارة متخصص في مجال التداخل، واشراكه في المنافسة. ومما يحمد لـكـلـيـة اصـول الدين بجامعة الامام اخذها بهذا المبدا الاخير بحيث لا تجد غضاضة من الاستعانة بـمـتـخـصـص في مجال التناول وقد شرفت بتكليف من هذا النوع. وماساءني اطلاعي علي بعض مـخـطـوطـات رسائل جامعية لطباعتها ضمن اصدارات النادي او لغرض التحكيم، وتبين لي ضعف لايطاق واخطاء لاتحتمل، ونتائج لاتقبل، ولا احسب كلياتنا يشرفها نسبة هذه الاعمال اليها، لما فيها من تسطح،وخلل. وكـلـمـة اخيرة للمالكي نقولها ناصحين: (السكينة السكينة) و(التروي التروي)و(الاناة الاناة) و(التبصر التبصر) فالامر اخطر من ان تتلاحق فيه الاحكام،وتستمر الهدميات، والقفز من قضية الـي اخري، والتشايل مع الطرح المشبوه واحسب ان استخدام منهج المحدثين في محاكمة الروا ية الـتـاريـخـيـة عـلي الاطلاق،ودون قيد معتبر، فيه ما فيه من القسوة، والظلم، والنتائج السلبية. ولعلمائناالاجلاء راي صائب في الموقف من الروايات المتعلقة بالعقيدة، والروايات المتعلقة بالعبادة، والروايات المتعلقة باحداث التاريخ وكل الذي اتمناه ان يستحضر المالكي هذه الوسطية الفذة، والا يخضع كل الاحداث لهذه المحاكمة الشديدة الجائرة وغير المنطقية. ثـم ان فـي الـتاريخ احداثا مهمة، تحتاج الي تمحيص ومساءلة، وبخاصة مايتعلق منها بالنيل من خلفاء الـدولـة الامـويـة والعباسية، مما لا يليق بهم، ولايتوقع من مثلهم بوصفهم قادة كبارا، حققوا للامة الاسـلامية امجادا لا تنازع من فتوحات،وانظمة، واشاعة علم، وعدل، وغير ذلك ولنضرب مثلا بـهـارون الـرشـيـد وفـي الـتاريخ قصص وحكايات تعقبها البعض لنكارتها، لالضعف سندها ولكن السندالضعيف آنس الناقد وعضده ولعلنا نذكر في هذا السبيل ما يشاع عن ظاهرة الغناء والترف في الحجاز، في العهد الاموي، عن طريق تمر الامويين، وتعاقب العلماء علي قبول ذلك، والتاليف فيه من امـثال، شوقي ضيف، وشكري فيصل علي ما اذكر وبعد تمحيص دقيق اكد الزميل الدكتور عبداللّه الخلف برسالة علمية مخطوطة كذب هذا الادعاء، ونفي عن مجتمع الحجاز هذه الفرية. علي ان مبدا الشك في الروايات، وا لاخبار، اتخذها كتاب مشهورون استخدموافي سبيل ذلك المنهج العقلي من امثال الباحث العراقي عبدالعزيز الدوري، يقول وليد نويهض عنه (اعتمد منطق الشك في الـعـديد من القصص والاخبار) واشارالي ان الدوري لم يكن الوحيد في منهج التفسير المؤامراتي لـلـحـوادث فـقـد سـبقه (طه حسين) و(نبيل ياسين) و(نصر حامد ابو زيد). ومنهج الشك الذي الـمـحـت اليه في صدر هذا الحديث ليس علي اطلاقه، فهو كمنهج المحدثين لا يستدعي حتي تقوم الحاجة اليه. ان هـناك مناهج عدة لتفسير التاريخ، اورده، وتكذيبه واللاحقون ركبوا متون تلك المناهج والكثير مـنـهـم لم يع المكائد التي ينطوي عليها سلفهم. علي ان هناك قراءات نقدية فيها شي ء من المعقولية، وكـثـير من المبالغات، والفرضيات، كنقدالشيخ عبداللّه العلايلي، غير انه مع هذا اوغل في الخطا حين ارجع حروب الردة الي قتال قبلي بين العدنانية والقحطانية. وهـنـاك قـراءات تـحت ظلال النص التاريخي، ومن اخطرها القراءات الاستشراقية الني تستبعد الـوحـي، والـقـراءات المارقة من مثل قراءة ادونيس في الثابت والمتحول، ومن قبله قراءة جرجي زيـدان الـذي خـادع بـكـتـابـه تـاريخ التمدن الاسلامي حيث ركز علي بؤر الترف، والمجون، والـجـواري، والـقـيـان،لـيجعل من هذه المخازي مؤشرا للتمدن الاسلامي ولدي نسخة مطبوعة عـام1330 ه في الرد عليه، وهي مجموعة مقالات كتبها (شبلي النعماني) ونشرها في مجلة المنار ثـم جـمعها في كتاب، ومن بعد زيدان، جاء محمد الخضري في محاضراته المثيرة في قراءة التاريخ الاسـلامي، قراءة عقلية، وقد تصدي له الاستاذ المؤرخ محمد التباني فكشف عن زلاته. والتفسير الماركسي. والقومي للتاريخ من هذه الموجات العاتية التي زعزعت الثقة في مضامين التاريخ وغاياته. وهناك قراءات متفاوتة في مستوي الجودة، وتعدد المناهج، وفي دركات التمر،لا تعد ولا تحصي، تـقـرض الـتاريخ ذات اليمين وذات الشمال، وتفلسف الدوافع والنتائج فعلي المستوي الاستشراقي وفـي الـسيرة العطرة فقط نجد المستشرقين (رينان ت 1892 م وجرونيه ت 1936 م وحريمه ت 1942 م وهـوتـنـجـرت 1667 م وبـيـلادمين ت 1621 م وريلاند ت 1718 م وبولانفلييه) ومئات غيرهم ولك ان تراجع (سيرة الرسول في تصورات الغربيين) للمستشرق الالماني جوستاف بفانموللر ترجمة محمود زقزوق لتري البواقع ومن ابرز من تناول التاريخ بهذه الروح حسين مروة الـمـاركـسـي الـمتعصب، وعبد اللّه العروي في كتابه (العرب والفكر التا ريخي) وكتابه (مفهوم الـتاريخ) بجزايه المشتملين علي الحديث عن الالفاظ والمذاهب، والمناهج، والاصول، وقسطنطين زريق في كتابه (نحن والتاريخ) ومن اوسع الدراسات الوصفية التحليلية الحكمية الحصرية لمناهج التاريخ كتاب فرانز روزنتال (علم التاريخ عند المسلمين) ترجمة الدكتور صالح احمد العلي. وفي اسـلوب التعامل معه، كتب فهمي جدعان، ومحمدعابد الجابري، وحسين مروة، وغير اولئك كثير، ولـكـل مـفكر مدرسته، ومنهجه، ونواياه، منهم المسي ء، وقليل منهم المحسن وواجبنا ان نكون في مـسـتوي هذاالطرح، وفي مستوي اولئك المفكرين. فليس الاسلام وحماته باقل من غيرهم لنواجه بندية. وعلي العموم فان التاريخ الاسلامي يواجه هجمات شرسة،وتطبق بحقه مناهج غير ملائمة، ويقرا من خلا ل ايديولوجيات متعددة، ويفسرتفسيرات مخلة، ومحرفة لاهدافه واذ يكون الاسلا م عـقـيـدة وشـريـعـة. حـضـارة،وتـاريخا فان رصد احداثه، وشخصياته، يعني التاريخ للعقيدة، والشريعة،وللحضا رة. والـمـسـتـشـرقـون الذين يمتلكون قدرة فائقة، وصبرا)، وتحملا لا نظير لهما، وظفواكل هذه الامكانيات لمحاربة الامة الاسلامية من عدة ثنيات، ومنها ثنية التاريخ. واذ لا نعدم الماكرين، يجب ان نرمي في نحورهم بمن نثق بعلمه، وعقيدته، من ناشئة الامة المسلمة الـذيـن تربوا علي منهج السلف، ورضعوا لبان العلم الصحيح، و ارجوا ان يكون اخونا حسن المالكي واستاذه عبدالعزيز الهلابي من اولئك النفر.

القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة (6)

اشاره

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 10 ربيع الاول - 1418 ه وقفة مع الردود والتعقيبات كـمـا راي كـثـيـر من الاخوة القراء فقد كثرت ردود الافعال حول قضية القعقاع بن عمرو مؤيدة ومـعـارضة وقد علقت سابقا علي بعض الردود ثم شارك الاخوة منصور الفيفي وعبد الاله الفنتوخ وعـادل الماجد وعبد اللّه الناصري وعبدالرحمن الفريح وعلي رضا، ثم كان آخر هؤلاء الدكتور حـسن الهويمل فهذه ست من المقالات حول الموضوع بين مؤيد ومعارض ولذلك اعذروني في تناول هذه الردود باختصار شديد في عدة نقاط فاقول: اولا: في ظني ان كثرة ردود الافعال امر سار وجيد وينبغي الا نغضب من السلبيات المصاحبة لهذه الكثرة فمن الطبيعي جدا ان تزمجر بعض الردود في اودية بعيدة عن الموضوع. فلذلك لن ارد علي كثير من الافكار التي طرحهابعضهم لانهم خارج الموضوع. ثـانـيا: التحدي العلمي امر مشروع خاصة في الامور الواضحة جدا وهذاالتحدي كان من الاسباب الـتـي حـفزت الاخوة علي التعقيبات المؤيدة والمعارضة وليس في التحدي الا الثقة العلمية وليس زهوا ولا تكبرا فتحديات السلف في المسائل العلمية لا تكاد تحصر. ثـالـثا: لا يزال التحدي قائما وما ذكره الدكتور الفريح من سقوط التحدي كان مجرد (تهويشة) عـلي القراء الذين لا يستطيعون البحث وسترون في هذا الردانه لم يستطع ان يجد ترجمة للقعقاع ولا خبرا لا من طريق سيف بن عمر كما ان قاتل ابي لؤلؤة لم يذكره احد تميميا وان المصادر وفي مقدمتها صحيح البخاري مجمعة علي ان ابالؤلؤة قتل نفسه وساذكر ذلك بالتوثيق ليرجع اليها من شاء مع ان الموضوع الثاني لا يمثل عندي اهمية وان كان له دلالة علي ميول سيف. رابـعـا: تمتاز الردود (المؤيدة) بالتقيد العلمي والبحث وترك التقليد كما راينا في رد الاستاذ عبد الالـه الـفنتوخ مثلا بينما كانت الردود المعارضة تخرج عن الموضوع كثيرا وتتشبث بالتقليد ولا اقـول هـذا مـجاملة للردود المؤيدة (لانهاايدت طول المقال فليس مقياسا خامسا: القارئ الباحث هو الذي سيعرف المحق من المبطل، وسيعرف من يستغفله ممن لا يفعل ذلك اما القارئ الذي لا يرجع ولا يبحث فسيكون عرضة لاخر الردود لـذا نـود مـن الـقارئ ان يحاكم كل من كتب في الموضوع ويكتشف بنفسه وسيجد مفاجت كبري والان ليسمح لي القراء في التعليقات المختصرة علي الردود المعارضة فاقول: رد علي رضا رد الاستاذ علي رضا في صحيفة المسلمون الجمعة 29/صفر/1418 ه والاستاذ علي رضا مثلما لا يـحـسـن المعارضة فهو لا يحسن التائيد فقد ايدني ان القعقاع مختلق وان سيف بن عمر كذاب لكنه ذكر ان الواقدي ذكر القعقاع بن عمرو و هذا يعني ان (محقق التراث الشام للواقدي ولـلاسـف ان جـل مـا طرحه علي رضا كان بعيدا عن الصواب مثل رده لعنعنة ابي اسحاق السبيعي وحميد الطويل ومغيرة بن مقسم مع انه محتج بهذه (العنعنات)في الصحيحين فـضالة في مقاله مع انه قد صححه في تحقيقه لسند علي (انظر الاحاديث رقم 2394 - 2396) وغير هذا كثير. ولـكـن لان الـموضوع عن (سيف والقعقاع) لذلك فساترك التعقيب علي علي رضا الي مناسبة قادمة لـيـعرف القراء حقيقة الامر الـمـبـتـدئيـن في علم الحديث تصحيحاوتضعيفا، تجد الواحد منهم مقلدا للتقريب معرضا عن منهج الـشيخين لـيـست منه وهذا للاسف ما فعله علي رضا فقد زاد في متن حديث نبوي الرحمن بن عديس البلوي (الوضع في الحديث) رد الدكتور عبدالرحمن الفريح اطـلـعـت عـلـي مقال الدكتور عبد الرحمن الفريح يوم الجمعة 29/2/1418ه المنشور بصحيفة، الرياض وكان ردا علي حول سيف بن عمر والقعقاع مع ان اكثر مقال الاخ الفريح لم يكن عن سيف ولا الـقـعـقـاع وسـائر مـا يـمكن توقعه من اتهامات كالعادة فـهـم المكتوب فـيـه الاخ الـفريح ولذلك فساتجنب الرد علي معظم المقال لانه خارج موضوعنا ولان بعضه قد تم الاجابة عليه سابقا اما الملاحظات فكالتالي: الملاحظة الاولي: اثـنـي الفريح كثيرا علي علي رضا لان الاخير رد علي المقال الاخير لعلي رضا الذي ايدني فيه بان سيفا كذاب والقعقاع مختلق لا اصل له الاخ الـفـريـح قـد (تـورط) فـي الثناء علي علي رضا وتقليده شـخـصـيـة القعقاع او توثيق سيف (ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض). الملاحظة الثانية: زعـم الاخ الـفـريـح انـه وجـد ان قاتل ابي لؤلؤة المجوسي تميمي كـالمدائني وابن حجر ذكـرا ان رجلا تميميا القي علي ابي لؤلؤة كساء وقيل برنسا فلما راي ابي لؤلؤة الخطر قتل نفسه انظروا قول المدائني في العقد الفريد(5/25) وقول ابن حجر في الفتح (7/63) فانتم ترون انه رغم اسناد القصة الضعيف الا ان ذلك التميمي انما ساعد في القبض علي ابي لؤلؤة مثله مثل غيره من الـذين احاطوا بابي لؤلؤة وقد ثبت في صحيح البخاري ان ابالؤلؤة نحر نفسه انظر صحيح البخاري مع الفتح (7/60). امـا سـيـف بـن عـمر فزعم ان ابالؤلؤة هرب من المسجد بعد قتله عمر فلحقه رجل من بني تميم وضـايـقـه حـتي قتله ثم رجع اليهم بعد قتله له القارئ يعرف ان هناك فرقا كبيرا بين ما اورده المدائني وابن حجر وبين ما قاله سيف بن عمر تـاملوا الروايتين فالمدائني وابن حجر يثبتان ان ابالؤلؤة قتل نفسه ومثلهماالبخاري في صحيحه اما سيف فانه انفرد بان المباشر لقتل ابي لؤلؤة كان تميميا بنفسه من الذي سقط في تحديه الملاحظة الثالثة: زعـم الفريح ان تحدياتي (هشة) او اثبات حقيقة القعقاع الملاحظة الرابعة: ذكـر الاخ الفريح ان سيف بن عمر ثقة عند المتقدمين والمتاخرين واقول:وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته الملاحظة الخامسة: ذكـر الاخ الـفريح ان القعقاع بن عمرو وردت اخباره من طريق غير سيف ابوعمرو الشيباني في معجم البلدان لياقوت الحموي اقـول: وهذه ضحكة كبري فان ياقوت الحموي كان يسرد الاشعار والاقوال عن يوم بزاخة فذكر مـنـهـا قـول الاصـمعي ثم قول ابي عمرو الشيباني ثم شعرالقعقاع ثم شعر ربيعة الضبي ثم شعر لجحدر بن معاوية وشعر القعقاع لن يجده ياقوت الحموي (ت 626 ه) الا في كتب سيف بن عمر او مـن نـقـل عـنـه (يـاقـوت الـحـمـوي) ويـجعله لابي عمرو الشيباني المقالات السابقة. ثـم لـم يـذكـر لـنـا مـن هو (الاشعري) صاحب الانساب الذي زعم بانه ذكر القعقاع الاشعري بعد سيف ام قبله واذا كان كذلك فلماذا لم يذكره لنا الفريح حتي نرجع الي اثبات القعقاع بن عمرو كتاب (فتوح الشام)المنسوب للواقدي فقد سبق الكلام عليه في حلقات مضت، وانه لاتصح نسبته الي الـواقـدي بـل هـو مكذوب عليه مؤلف بعده بمئات السنين الـفـريح انه في واد وكلامنا في واد آخر القعقاع مذكور في البداية والنهاية وكتاب عرموش ودار النفائس الملاحظة السادسة: ذكـر انـي وثـقـت الـوضاعين و الضعفاء الجرهمي و امثالهم اقـول: وهـذه دعـوي مـن الـنوع الثقيل توثيقي لهؤلاء بالنص وليس بالادعاءات التي كنت اربا بمثله ان ينشرها ويكررها اما قولي بانهم لم يذكروا القعقاع فهذا صحيح لكن هذا لا يعد توثيقا لهم وانماقصدي انهم مع ضعفهم وكذب بعضهم الا انهم لم يتجرءوا علي ما تجرا عليه سيف بن عمر الملاحظة السابعة: كل ما ذكره الدكتور في اكثر العمود الاول ثم كامل العمود الثاني والثالث والرابع والخامس ليس له دخل في موضوعنا الملاحظة الثامنة: ذكـر انـنـي اتباهي بذ كر نشوان الحميري البتة الملاحظة التاسعة: ذكـر ان وهـب بـن مـنبه من الاسماء التي طرحتها انا وزكيتها ثم زعم ان (وهب بن منبه من اوائل الملفقين الوضاعين وانه راس مدرسة الدس والتدليس) اقول: الا يعلم الدكتور ان وهب بن منبه احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما والغريب في الاخ الفريح انه يطلق اقواله بلا منهج ولا ضوابط. الملاحظة العاشرة: ذكر انني بذلت جهدي في جعل ابن عديس من الصحابة اقول: علي اهل الحديث ان يتبينوا من منا المصيب الملاحظة الحادية عشرة: ذكر انني فضلت الهمداني اليمني علي الطبري وابن كثير وابن حجر اقول وعليك السلام ورحمة اللّه الملاحظة الثانية عشرة: خلط الدكتور بين امرين في شان ابن عديس فظن انني قلت انه لم يخرج علي عثمان مـا قـلته (انظر بيعة علي ص 284) فانا اعرف ان ابن عديس خرج علي عثمان واخطا لكنني انفي وبـشـدة ان يكون هذا الصحابي وامثاله من تلاميذ عبد اللّه بن سبا كما اراد سيف بن عمر موثقوه ومحبوه و امـا مـا ذكره الفريح من ان المؤرخين الاخرين ذكروا خروج ابن عديس فهذاصحيح وليس هذا مـوطن نزاع لكنهم لم يذكروا انه من اتباع عبد اللّه بن سبا عـنـدنا - بحمد اللّه - تستحي من ذكره وتهمل اقوال سيف فيه ولا يذكرون ابن سبا في الفتنة تبعا للمحققين من العلماءالمتقدمين والمتاخرين. اذن فما ذكره من انني لم اذكر مؤرخا آخر تكلم عن دور ابن عديس في الفتنة من اخف دعاواه التي شـحـن بـه مـقاله التاسع ليري الحقيقة التي كتبتها بعيدا عن تخرصات الفريح في هذه القضية التي ملا بها ثلاثة اعمدة التي كانت (نصف المقال) الملاحظة الثالثة عشرة: ذكر ان المؤرخين تابعوا سيفا (وعدوا ابن عديس من السبئية) وليته يذكر لنا مؤرخا واحدا من هؤلاء الذين ذكروا ان ابن عديس من السبئية وفي ظني لو قال احد ان (معاوية من السبئية) لغضبنا فما بالنا لا نغضب لاحداصحاب بيعة الرضوان علما بان السبئية لا تعني مجرد الخروج علي عثمان كما ان الخارجية لا تعني كل خروج علي علي ابن سبا (اسطورة الاخـوان الكريمان الهلابي والعودة ويتحاوران للتوصل الي حقيقة (عبد اللّه بن سبا) لكان افضل مع انني - حتي الان - اميل الي نتيجة الدكتور الهلابي لكن لم اجزم الا ببطلان دور ابن سبا في الفتنة لانني بحثت الموضوع اما وجوده مطلقا فانا الي الان لااجزم بذلك. الملاحظة الرابعة عشرة: اسـتـطـرد الـفـريـح فـي الكلام عن عبد اللّه بن سبا والسبئية معظم العمود الخامس يريد تشتيت الـموضوع وانا اريد الابقاء عليه. وما ذ كره ايضا لا دخل له بموضوع القعقاع بن عمرو وقد سبق الـكـلام فـي هذا الموضوع في كتاب الرياض،لكنني انصح القارئ باقتناء كتابي العودة والهلابي ثم ليقارن القارئ ولينظر هل ابن سبا حقيقة ام اسطورة الملاحظة الخامسة عشرة: ما زعمه الفريح بانني اعتمدت علي كتب مطبوعة وانني لم آت بجديد زعم باطل عريض صـحيح ان الباحث يطلع علي ما كتب في الموضوع ولاانكر انني قبل الكتابة عن سيف او القعقاع قد اطلعت علي ما كتبه الهلابي والعودة والمعلمي والتباني والعسكري وطه حسين وغيرهم من العلماء والـبـاحـثين لكنني لم اقلد احدا منهم واستخرجت روايات سيف بنفسي وبحثتها رواية رواية سندا ومتنا واستدركت عليهم اشياء كثيرة فاتتهم مع تقديري لمن سبق وعدم هضم حقه لكن اول من دفعني لـلجراة في هذا الموضوع هو المعلمي وليس الهلابي كما ظن الهويمل الـهـلابي ثم ان كل ما كتبته عن سيف او القعقاع كان بحمداللّه نتيجة بحث ذاتي ولا يعني هذا عدم الالـتـفـات الي الدراسات السابقة كمالايعني ان اوجب علي نفسي ان اخالفهم في كل النتائج فالبحث العلمي لا يعادي احدا ولا يقلد احدا والحكمة ضالة المؤمن ياخذها حيث وجدها. الملاحظة السادسة عشرة: مـا ذكره الفريح بتزوير في توثيق سيف بن عمر واعتماده علي نقل الطبري وابن الاثير وغيرهم عـنـه اضافة الي تفسيره لبعض الاقوال - كاقوال ابن حجروالذهبي ثم اعتماده علي توثيق صاحب دار الـنفائس لسيف بن عمر فما بعدها). الملاحظة السابعة عشرة: ذكر انني رميت اصحاب المصادر التاريخية الاصلية بالغباء والغفلة اقول: اي مصادر يقصد هل يقصد مصادر المتقدمين كاصحاب الكتب الستة ومن في طبقتهم ومن قبلهم ام يـقـصـد الذين نقلوا عن سيف بن عمر فـالاخـذ بـاقوال المتاخرين اولي ان يتهم باستخفافه بالمتقدمين الذين لم يهملوا تراجم اقل شانا مما يقوله سيف عن القعقاع ثم انا ليس لي اية مصلحة في نفي وجود القعقاع الا محبة معرفة الحقائق بعينهابعيدا عن الاختلافات والتهويلات. رد الدكتور الهويمل: اسعدني رد الدكتور حسن الهويمل الذي حث فيه المتخصصين علي المشاركة في (تقليم اظافر هذا الـشـاب لمعرفة الحق، لكن المشكلة الكبري في مقالة الدكتور الهويمل - واخشي الا تكون كل مقالاته هكذا - انـه مـقـال بـلا مـوقـف،قراته ثلاث مرات ولم اخرج بنتيجة وتذكرت المثل الكرد ي القائل: (الـفـاسـقـون الـخـمـسة اربعة الفار والثعبان والوزغ) سطرواحد لذا ارجو ان تكون كتاباته المستقبلية اكثر وضوحا، واسمي هدفا وابعد عن الضبابية..

دروس من معركة القعقاع

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 17 ربيع الاول - 1418 ه كـل الـحياة مليئة بالدروس والعبر، ومن محاسن هذه العبر وخصائصها الحسنة انها لا تقتصر علي الـخـيـر او الـشر، بل لا يكاد العاقل يري حدثا او يسمع خبرااو يقرا فكرة الا وجد في ذلك من الدروس ما يضيفه الي ما يماثله مما سجله خاطر او سطره قلم او سنح به فكر. وعـلـي هـذا يجب ان نعلم ان الشر لا يخلو من فائدة ولو للعبرة. كما لايجوز ان نظن ان الخير لن يـصـاحـبـه شر ولا ان الحق لن ينازعه باطل، فهذه من سنن اللّه في الحياة مزجها لتتكامل منظومة الحياة (وبضدها تتميز الاشياء). لـهـذا كـله فانا ارغب الا تنجلي (معركة الحوار حول القعقاع بن عمرو) التي دارت عبر الاسابيع الماضية الا ونسجل منها بعض الفوائد والدروس والعبر، هذه العبر التي نريد من القارئ ان يتذكرها عندما تتشابه (المعارك) وانـا لا ازعـم انني ستي علي جل الفوائد فضلا عن كلها اضافة الي ان غيري قديدرك اشياء اعمق وفـوائد اقـوي مـمـا اذكـره هنا، لكن هذا تذكير مني لنفسي ولاخواني القراء بان نستفيد من هذه (الـمعارك الـنـاس مـن الـنـاحـيـة الـعـلـمـيـة ونـعرف طريقتهم في عرض الافكار، وطريقتهم في اخفاء الـحقائق،ومحاربتها ايضا الا من نسياننا لهذه الدروس والعبر التي تساعدنا في تفسير بعض الماضي وفهم اكثر المستقبل امـا الان فـساحاول ان اسجل ما اراه من ابرز الفوائد والوقفات والنصائح ايضا يعشق الحقيقة فقط ولعل من ابرز الوقفات التي يجب ان يعلمها محبو الحقيقة ما يلي: اولا: الحقيقة والوضع السائد يـجب ان نعلم ان هناك فرقا كبيرا بين من يكتب للحقيقة وحدها ومن يكتب لارضاء الناس من الزملاء والاصـدقـاء والاسـاتـذة والـتلاميذ للنصوص والعقول في كثير من الامور العلمية وانمايراعي البراهين والادلة العلمية. او التي يراها علمية وقد يخطئ ايضا لكنه واضح الموقف لا يـغش ولا يدلس ولا يتلون، ولا يستغفل القارئ، ولا يطلي الباطل بطلاء الحق، ولا ينتظر الثناء من احد او عتابه، كما لا ينتظر موافقة احداو معارضته وينشرها بين الناس ويتعب في محاولة ايصالها مفهومة واضحة الي اكبر عدد ممكن من المهتمين. هـذا الناشد للحقيقة كان بامكانه ان يكتب ما لا يثير راكدا، ولا يخالف سائدا،ولا يجلب ضررا، لكنه يـري ان نـشـر الـحـقيقة مع ما يصاحبها من اذي، خير من كتمان العلم ذلك الكتمان الذي يساهم في (تشكيل) عقل القارئ ليكون (امعة) ان احسن الناس القول احسنه، وان اساؤوا القول اساءه، وبالتالي يـسـاهم ايضا في (تاسيس الجهل العلمي الـعـلـم والتحقيق تجعل القارئ يظن ان الجهل علم عظيم التي تمشي علي اربع فتسبق الحي الذي يمشي علي رجلين ثانيا: الاكثرية ليست مقياسا يـردد بـعض الناس (اكثر الناس علي هذا...) او (اكثر الناس يعارضون هذا الامر...) ومع ان هذا الـحـكـم يحتاج لدراسة الا انه ليس من معايير الحق ان تتبناه الاكثرية الصحة، وليس هناك دليل شرعي ولاعقلي علي هذا. بل ان اللّه عزوجل اخبرنا في كتابه بان (اكثر الناس لا يعلمون) و(اكثرهم لايعقلون) و (اكثرهم يجهلون) و (اكثرهم للحق كارهون) التوالي كالتالي الروم (30)، المائدة (5)،الانعا م (6)، المؤمنون (23)، يونس (10). اذن فالاكثرية ليست مقياسا صحيحا للحق، ولذلك نجد اكثر الناس كفارا،واكثر المسلمين مقلدين او جـهلة، واكثر المقلدين متعصبين، وهكذا تنتقل الاكثرية المخطئة بارتياح - من وسط الي وسط ومـن زمـن الـي زمـن اخري،فلا تخلو الاكثرية من رفض لحق، ولا تمسك بباطل، وواجبنا ان نقلص هذاالباطل، ونوسع هذا الحق. اما الذي لا يعترف الا بشرعية آراء الاكثرية فهومخالف لنصوص القرآن الكريم كما ان الـذي لا يشعر بتعصب الاكثرية او ظلمهافقد يكون من الاكثرية نفسها يشعر بالسحر فلذلك لن يشعر الفرد من الاكثرية باخطائها ولا امراضها العلمية ولو نظرتم للتاريخ لوجدتم ان (الاكثرية) هي التي حاربت الرسل والمصلحين. والـخلاصة هنا: ان العبرة في النواحي العلمية ليست بالاغلبية ولابالاقلية، وانمابالدليل والبرهان. واذا نـظرنا لموضوع القعقاع مثلا فلا يجوز لمن يحتج بالاكثرية علي (وجود القعقاع) ويزعم ان (اكـثـر) اصـحـاب التراجم ذكروه في كتبهم تكونت عندكم هذه الاكثرية بن عمربقرون اذا كـان ولا بد من الاحتجاج بالاكثرية، فهل الافضل ان نحتج باكثرية (القرون الفاضلة)، ام نحتج باكثرية (القرون المتاخرة والمعاصرة) انـه لـم يذكره احد منهم بحرف، سوي سيف بن عمر بذاته لانه سبق البحث فيه. ثالثا - الدليل وحده لا يكفي مـن الخطا ما كنا نظنه ايام الدراسة قبول الناس للحق بـلا معونة احد لايتقبلها اكثرالناس اذا تصادمت مع ظنونهم واحكامهم المسبقة بـالانصياع والخضوع للادلة الـتـاويل او دعوي المعارضة لادلة اخري الهجوم علي صاحب الدليل، والطعن في علمه او تخصصه او عقيدته او نيته... الخ وهـذه (المعاول) في هدم الاراء الصحيحة ليست حديثة العهد بل هي اساليب متبعة في محاربة الحق عـلـي مـر الـتاريخ الحقيقة مفروش بالورود مادام انه يمتلك الدليل فهذا كلام نظري يحسن بنا ان نحفظه كثقافة فقط لـكـن عند التطبيق انت بحاجة الي اشياء كثيرة غير الادلة والبراهين ولعل من ذلك حاجتك لمعرفة الـنـاس بـك بـسـيـل مـن الاتـهامات والطعون لسبب واحد فقط وهو انه (لا يعرفك كلامك او ينظر في الادلة او يحاول فهمك اذن عـلـي الـباحث عن الحقيقة ان يعلم ان التعصب بامكانه ان يقود العلم للخضوع امام الجهل الـيـقين سيخضع للظن ايضا، الا اذا وفق اللّه وفتح من عنده. لكن مع هذا كله يجب الا نياس فكم من مـسـتـقـبـل وجـد فـي بعض الماضي ضالته، وكم من لاحق استفاد من سابق عن الحقيقة ويجدها عندك او عند غيرك. الخلاصة هنا: انه يجب الا يظن صاحب الحق او الباحث عنه ان الطريق ميسرلادلته، كلا فهذا كان حلما جميلا شوهته حقائق اليقظة واوجعته دروس التاريخ رابعا: اصلاح الجليس مـن واجـب الـمسلم ان يصلح جليسه، وان يرد عليه الباطل برفق وياخذ منه الحق متي وجده. ولو اصـلـحـنـا جـلساءنا واصلحونا لحصلنا علي الاجر والعلم،مع ما في هذا (الاصلاح) من بحث عن الـمـعـرفة، وتطبيق للحوار، وتلمس للضوابط والمعايير الصحيحة في اصدار الاحكام علي افكار الاخرين. فـاذا سمعت احد جلسائك يزعم ان فلانا من الناس (سيي ء النية، جاهل.. الخ)فالواجب عليك من باب العلم بالشي ء ومن باب التحري والتثبت ان تساله عن ادلته علي ما ذ كر فـان قال لك: دليلي الكتاب الفلاني او المقالات التي ينشرها فلاتستعجل واساله: هل قرا تلك الكتب اوتلك المقالات فـسيجيبك بجواب من ثلاثة: اما ان يقول: لم اقراها ولكن سمعت الناس يقول: قرئت علي نماذج منها و اذا كـان بـعـض الصحابة و هو الوليد بن عقبة قد نقل للرسول صلي اللّه عليه وسلم خبرا باطلا مـشـوها حتي نزل في ذلك القران الكريم فمن باب اولي ان بعضنا - علي ضعفنا واهوائنا - قد ينقل اخباراباطلة وتشويهات متعمدة او غير متعمدة. فان اقتنع بهذه (النظريات) فيمكنك بعد هذا ان تطلب منه ان يطلب من اولئك الناقلين - (تجار الغيبة والـنـمـيمة) - ان يزودوه بالاصول التي زعموا ان فيها (سوءنية وجهلا وخبثا وابتداعا.. اطـلب منه ان يقراها بتجرد، ثم ليحكم بعدذلك يسال ويبحث عنهافان استفرغ الجهد والعلم وتجردت نيته للحق فسيؤجر علي حكمه - ان شاءاللّه - ولو كان مخطئا. اما ان اجابك بقوله: نعم انا قرات ذلك المقال وذلك الكتاب فوجدت ما يدل علي اتهامي له عـندئذ اطلب منه وبكثير من الرجاء والـخبث و... الخ ثم تناقش معه في شروط الفهم ومعايير العدل في الحكم ان كان يعرفها مـنه ان يقرا مرة اخري وثالثة ليتاكد من ادلته. ثم اساله (هل يدين اللّه بحكمه ذلك ام لا نـعم -وقد يقولها عزة بالاثم بـسـبـب اجـتهاده وقد يكون آثما لانه لم يستفرغ جهده في معرفة (الادوات) المعينة علي اصدار الحكم الصحيح المتطابق مع الواقع. اما الحالة الثالثة - وهو ان يقول ان بعض الناس قرا عليه (نماذج لان الذي يختار له (نماذج مفصولة) عما قبلها وما بعدها اذن اطـلب منه القراءة للكلام كله ثم اتبع معه الطريقة التي اتبعها مع الحالة الثانية، وبهذاتستطيع ان تصلح جليسك ولو كان افضل منك واعلم وبهذا تكسب الاجروتتعلم كيف تصل الي الحقيقة بعينها كما تستطيع ان تعلم جليسك الشي ءنفسه. خامسا: الناس والقعقاع بعد المعركة ظهر لنا ان الناس في القعقاع علي ثلاثة اصناف: - منهم من ينفي وجود القعقاع مطلقا - ومنهم من يثبت وجوده ودوره كاملا بكل التضخيمات والتهويلات - ومنهم من يتوسط فيري ان سيف بن عمر بالغ في دور القعقاع بن عمرو ذلك الدور الذي لم يذكره غيره وفـي ظـنـي ان الـصـنـف الاول والثالث متقاربان جدا ويمكن ان يتفقا اذا عرفا منهج سيف بن عمر بالتفصيل امـا الـصـنف الثاني........... روايات سيف سيرونها في اعداد قادمة، ليعرفوا حقيقة روايات سيف بن عمر يـري نـمـاذج مـن روايات سيف بعينه فسيختار لنفسه صحيحة ام انهاكانت منصبة علي (احاديثه) فقط دون رواياته ولا ريـب ان الاخ عـبـد الباسط المدخلي كان محظوظا من كثرة التعقيبات التي كفته المؤونة تاكيدي المتكرر بان الاخ عبد الباسط او الاخ الفقيهي او كل من اختلفت معهم هم اخوة فضلاء لا اكن لـهـم الا كـل خـيـر لكنه يؤرقني ان اري الحقائق محرفة باجتهاد وحسن نية ام بجهل الحقائق.

مراجعات

اشاره

د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - ربيع الاول - 1418 ه يـحـسـن بالباحث او من يتشبه بالباحثين ان يراجع نفسه من وقت لاخر، ينظرماذا قال اقـوالـه، ويـتـهـم بـحـوثـه وجهوده السابقة، ويعيد التاكد من المعلومات والـدراسـات والادلـة الـجـديدة التي لم تكن متوفرة يومئذ، يفعل كل هذا من اجل الحقيقة ليحميها ويطورها ويهذبها ويزيل عنها عوالق الهوي، وشطحات الخصومة (ولوازم التعصب) وفقر الادلة، كل هذا- واكثر - يجب ان يتوفر في طالب العلم وفي الباحث بوجه ادق. نظرة علي مراجعات السلف وقـد كـان عـلماء السلف الصالح رحمهم اللّه يرجعون الي الحق وقد يتعصب بعضهم ايضا، لكن يهمنا رؤوس الـسـلـف امـثال الشافعي والامام احمد، فالامام احمد مثلا تجد له في المسالة الواحدة ثلاثة اقـوال او اربـعة او نحو ذلك فما سبب تعدد اقواله اظن القارئ يعرف ان الامام رحمه اللّه يقول في الـمسالة بقول بناءعلي دليل وصله او فهم لدليل ثم تبين له دليل اقوي او عرف ان فهمه السابق غير صـحيح او علم ناسخا لدليله الصحيح او مخصصا لدليله العام او نحوه هذا،فلذلك يرجع بسهولة الي الـحـق ولا يـبالي بكثرة الاتباع الذين قد يوجد فيهم من يمتعض ويستنكر هذا الفعل الامـام احـمد انما يتهمه خصومه بالتناقض او الجهل بـخـصـومه الذين يتخذون تعدد الاقوال دليلا علي تناقض الرجل تـعـدد الاقـوال كان نتيجة لتبين الادلة القوية واتباعها وهذا ليس دليلا علي العلم فقط بل هو العلم نـفسه فـي بـعـض اتـبـاعـه ويمتعضوا من ذلك ويفرح به بعض خصومه ليس فرحا بالحق بالشافعي واصحابه او رفض دليل ظهر. نظرة الي الواقع اليوم وكـنـت اتامل هذين المثالين واشباههما واقارن هذا مع احوال طلبة العلم اليوم فرايت عجبا احـمد لا تكاد تجد له مسالة ليس له فيها اكثر من قول نتيجة لما ذكرناه سابقا لكن اصغر طالب علم فـي يـومـنا هذا لا يمكن ان يرجع الي الحق ولو وجد الادلة القوية علي بطلان ما ذهب اليه اولا وكان العودة الي الحق عار و جريمة تستحق الهجران والاطراح فـتـشوا بانفسكم وحاولوا ان تعدوا طلبة العلم الذين رجعوا الي الحق في مسالة او اكثر علي كثرتهم عشرة خـذوا عـلي سبيل المثال: (اصحاب الرسائل الجامعيه) اعـلـن رجـوعـه عـن خطا وقع فيه صححها او قبول آراء مرجوحة... الخ. كما ارجو الا يفهم القارئ من كلامي هذا ان جميع الرسائل الجامعية ضعيفة فهذالم اقله ولن استطيع ان اقـولـه لـكـن لـو اخـذنا نموذجا علي تلك الرسائل ولتكن (الرسائل الجامعية) المتخصصة في (الـتـاريـخ الاسـلامي) نجد انها علي اقسام ايضامنها القوي والضعيف فهذا الضعيف من الرسائل لن تـسـتـطـيـع اقناع اصحابهابالتخلي عن اخطائها خفية فكيف تقنعهم بنشر هذه الاخطاء والرجوع الي ضدها عبر وسائل الاعلام من المسؤول وهـذا الاصرار علي التشبث بالاخطاء له اسباب عديدة ومتنوعة ومتداخلة وعميقة، تتعلق بطريقة تـكويننا الثقافي، والنمط الفكري المتبع، وفي ظني ان هؤلاء الاخوة الذين لا يرجعون عن اخطائهم لـيـسوا وحدهم المذنبين، بل لعل الذنب الاكبر يقع علي طريقة التعليم التي اتبعناها الـتي لم تعلمناولم تحبب الينا الرجوع عن الباطل الـتعصب للاقوال والموا قف، ولا يجد الطالب خلال دراسته الطويلة درسايحبب اليه الرجوع الي الـحـق، ولـعـل الطالب لم يجد كذلك استاذا يزرع فيه هذه الفضيلة ولن يستطيع الاستاذ ان يزرع الفضيلة الا اذا طبقها علي نفسه تجد الطالب مقتنعابالنظرية اذن فالاخوة الذين لم يؤثر عنهم رجوع عن باطل، ليسوا وحدهم المسؤلين عن هذا المرض العلمي، كـمـا انـهم ايضا محاسبون علي تقليدهم الاعمي للنمطالفكري المتبع مع ترك الادلة والبراهين مع علمهم علي ان الصواب هو في اتباع الدليل. ثـم ان الـواحد منهم لو اراد الرجوع الي الحق فسيجد صعوبة كبيرة اذا اكتشف خطاه في مسالة او عرف انه قد بالغ في اخري او وجد زيادة علم وتاتي هذه الصعوبة من جهتين: اسباب التعصب للاخطاء الجهة الاولي: النفس فـالـنـفـس صعبة الانقياد للحق وتتبع الهوي، والباحث سيجد نفسه تحبب له المسير في هذا الخطا وتحذره من عواقب الرجوع الي الحق وتزين له قبح الباطل بثياب حق زاهية الالوان نفسه علي اتباع الدليل فلن يجد عندهاسيرا نحوه. الجهة الثانية: الناس الـناس لا يرحمون الراجع الي الحق سواء كان هؤلاء الناس من المؤيدين اوالمعارضين الـرجل عن خطا وقع فيه ثم بين رجوعه الي الحق تجد(المؤيدين) و(المعارضين) علي حد سواء يعتبرون هذا التراجع بمثابة (احتراق)لهذا الرجل وبعضهم يعده (انتحارا) لا حياة بعده وكـان اللّه عزوجل قد خلقنا معصومين لا نخطي ء بـرجـوعه الي الحق لان هؤلاء (المؤيدين) من جنس المجتمع الذي لا يشجع الراجع الي الحق ولا يشكره بل يعتبر رجوعه الي الحق منقصة وعيبا وجهلا ذريعا فضيلة العودة الي الحق وانما تعلموا الاصرار علي الباطل ومواصلة المسير في اودية الجهالة كما ان (المعارضين) يفرحون باعتراف خصمهم وفرحهم هذا ليس فرحا بالحق نفسه بما يظنونه من سقوط للخصم وانتحارا و... الخ لكن الباحث الذي نذر نفسه لهذه الحقيقة لا يهمه امتعاض المؤيدين ولاتشفي المعارضين الحقيقة فقط ولابد ان يجد في سبيلها الفتك والاذي سواءعند اكتشاف الجديد او الرجوع عن قديم هذه اخطائي قـد يـقـول لي بعض القراء انت تضرب امثله نظرية جميلة من الرجوع الي الحق بينما لم نرك يوما ترجع الي حق ولا تتبرا من باطل فهل انت استثناء من هذه القواعد والنظريات التي توصي بها اقـول: اذا كـانـت هذه هي وجهة نظر بعض القراء فانني اريد تصحيحها اولا ثم الاعتراف، ببعض الاخطاء التي وقعت فيها. اما تصحيحها: فانني سبق وان اعترفت ببعض الاخطاء ورجعت عنها واعلنتهافي المقالات نفسها ولو يرجع الاخ القارئ الي المقالات لوجد بدايات بعضهااعترافات صريحة بالاخطاء التي وقعت فيها في مـقـالات سـابقة بينما الاخوة الذين اختلفت معهم لم يعترف احد منهم بخطا الي الان الاخوة الذين تحاورت معهم (منذ بداية كتاباتي قبل نحو سبع سنوات) اكثر من خمسة وعشرين لم اجـد احـدا مـنـهـم الي الان اعترف بخطا واحد مـلاحـظـة الـقـارئ بانني لا ابري ء نفسي من تاثيرالنمط الفكري السائد علي وعلي المواقف التي اتخذها، فالنمط السائد قد يؤثر في الشخص من حيث لا يدري فيجد نفسه حاملا التعصب والتحامل وهو يظن انه قد نجا منها الاخطاء ولا تعلمنا كيف نتخلص منها ثـانـيـا: ساحاول في هذه الحلقة ان اطبق النظريات السابقة علي نفسي فاعترف ببعض الاخطاء التي وقـعـت فـيـها ولم يعرفها الاخوة الذين ردوا علي ينتظر ردا فلم يجد من الاخطاء التي احب الاعتراف بها هنا مايلي: 1 - المقالات التي كان عنوانها (كيف يضحك علينا هؤلاء الاولـي: خـطا لغوي فلا تستخدم عبارة (يضحك عليه..) بمعني الخداع وصواب العبارة لغويا هو (كيف يخدعنا هؤلاء الثانية: ان هذا العنوان فيه قسوة لا تليق ولو اكتفيت بقولي (نقد الدراسات التاريخية) لكان افضل. الثالثة: ان بعض هذه الرسائل التي انتقدتها في موضوع (بيعة علي) كانت جيدة من حيث الجملة حتي وان اصـابـها بعض القصور في موضوع (البيعة) ولعل من تلك الرسائل القوية رسالة الدكتور يحيي اليحيي عن (ابي مخنف) وكذلك رسالة الدميجي عن (الامامة العظمي). 2 - ومـن الاخطاء ايضا انني قلت بانني ان وجدت احدا ترجم للقعقاع بن عمرو غير سيف بن عمر فانا راجع ليس الي اثبات القعقاع فقط وانما الي توثيق سيف بن عمر وجعله في مرتبة البخاري اقول: وقولي السابق كان في استحثاث الهمم لكنه قول غيرعلمي البتة غـيـري - ان اوثـق سيف بن عمر علي افتراض وجودترجمة للقعقاع او خبر من غير طريقه بل لـيس من حقي اثبات القعقاع بن عمروان اخبر به كذاب غير سيف اللهم الا اذا كان هذا الكذاب قبل سيف بن عمرفلهذا انا راجع عن قولي السابق وسيف يبقي عندي كذابا حتي لو وجدناللقعقاع ترجمة مطولة عن غير طريق سيف 3 - ايضا كنت قد ذ كرت ان شخصيات اخري قد اختلقها سيف بن عمروسميت منها بعض الاسماء لكن عن غير بحث موسع فهذه ارجي ء الحكم عليهاللبحث في المستقبل بعكس القعقاع بن عمرو فانا جازم بما قلت عنه خاصة بعدورود الردود التي لم تزدني، الا يقينا به. اذن فقولي ان زياد بن حنظلة التميمي وعاصم بن عمرو التميمي من مختلقات سيف انا راجع عنه لابحث الرجلين بحثاموسعا مثلما بـحثت القعقاع ثم اعطيكم النتيجة فيما بعد، وكذلك عبد اللّه بن سباهو تحت البحث والدراسة ولا اجـزم بـنـفي وجوده وان كنت اجزم ببطلان دوره في الفتنة لانني وجدت الادلة علي الامر الثاني بعكس الاول فانني لم ابحثه بحثاموسعا مقنعا. 4 - كـنـت قـد ذكرت في الحلقة الماضية ان الناس في القعقاع اليوم ثلاثة اصناف صنف ينفيه مطلقا وصـنـف يـثبته مطلقا بما فيه من تضخيمات سيف وصنف ثالث يراه مضخما فيه من قبل سيف وان لم ينكر وجوده وذكرت ان الصنف الثالث متقارب مع الاول والصواب ان هذا القسم (الثالث) وسط بين الـحـالـتـين يقترب ويبتعد حسب المساحة التي تكون لسيف بن عمر عنده. فهناك من ينكر 90%من التضخيمات وهناك من ينكر 10% فقط فالاول قريب من الاول والثاني قريب من الثاني. 5 - ذكـر لي بعض الاخوة ان قولي بان القعقاع شخصية مختلقة ثم احتمالي الضعيف بانه ربما يكون رجـلا عاديا ضخمه سيف ان هذا تناقض او شبيه بالتناقض رجوعي الي تراجمه وروايات سيف عنه رايت، نفي وجوده بالكلية دون ادني احتمال. لان الـنسبة القليلة من الاحتمال لو (حشرناها) في مثل هذه المسائل العلمية لقيدت كثيرا من الامور واكـثـر هـذه الاحـتـمالات الضعيفة (وساوس) لااساس لها، وهذه الاحتمالات تدخل مع تصحيح الاحاديث وتضعيفها. فكل حديث صحيح قد تدخل في النفس احتمالات ضعفه وكل حديث موضوع قد يدخل في النفس احتمال صحته وبهذا لا نستطيع التمسك بالمنهج ويسبب لنا (ازدواجية) في التطبيق فـلـذلك انا اجزم باختلاق سيف بن عمر للقعقاع دون النظر في (وساس)الاحتمالات واشكر الاخ الاستاذ عبد اللّه القفاري علي هذه الملحوظة. 6 - ذكر لي فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن عمر آل الشيخ انني اخطات في (تحميل اصحاب الرسائل الجامعية) تلك الاخطاء التي نشرتها وقال ان الخطاالاكبر علي المشرفين والمناقشين والاقسام التي اجازت هذه الرسالة واعطت الامتيازات مع ان تلك الرسائل فيها القوي كما اشرنا سابقا. وانا معترف للشيخ عبد اللطيف بان النقد كان اكثره منصبا علي الطلاب مع ان المقالات التي نشرتها لم تـسـكت عن الاقسام والمشرفين والمناقشين لكن - كما ذكر الشيخ - بان الخطا الاكبر ليس علي الـطالب وانما علي المشرف والمناقشين ولعل فضيلة الشيخ عبد اللطيف يشارك في نقد الطريقة او (الالـيـة) الـتـي تـسـيرعليها الاقسام والجهات المتخصصة تلك الالية التي تسبب في وجود مثل هذاالضعف في الرسائل الجامعية. وقـد ذكـر لـي الـدكتور عدنان الشريف - استاذ تاريخ بجامعة ام القري - قريبا من هذا فذكر ان الطالب يجبر- احيانا - علي موضوع معين لا يتفق مع اهتماماته العلمية عن الطالب بقدر ما تعبر عن القسم الذي اجبره علي اختيار موضوعها. وكنت ارجو من الطلاب ان ينشروا تجاربهم مع الاقسام وينتقدوا هذه (الاليات) التي لا نعرف عنها الا القليل وكلامي هنا منصب علي (الرسائل التاريخية) وقد تكون للرسائل الاخري متاعب مشابهة. واخـيـرا: هـذه ابـرز الاخطاء التي وقعت فيها وقد اكتشف اخطاء اخري بنفسي عن طريق بعض الاخوة بل انني اكتب المقال اليوم واظنه خاليا من الاخطاء ثم اقرؤه غدا واكتشف بعضها وهذه سمة غالبة علي كل الاعمال العلمية وطلبة العلم بحمد اللّه لا يدعون العصمة ولا يستطيعون لكن تنقصهم الشجاعة في الاعتراف بالخطا نتيجة لعدم ادراكهم للمعني الحقيقي لكلمة (العلم) واذا كـنـت اعترف باخطائي التي وقعت فيها فمن باب اولي الا اتبع الاخرين في اخطائهم وان لمح بـعـضـهـم الي انني قلدت هؤلاء الابحاث السابقة وانقدها ايضا. ولـي، تـعـقـيـبات قد انشرها قريبا علي الدكتور طه حسين والسيد مرتضي العسكري كما ان لي ملاحظات علي بحث استاذنا الدكتور عبدالعزيز الهلابي (عن عبداللّه بن سبا) لكن تلك الملاحظات لا تقدح في النتيجة التي توصل اليهالكنها تجعلني اتوقف في متابعة تلك النتائج بكل تفاصيلها. ارجـو ان نـكون جميعا علي استعداد للتعرف علي المنهج الصحيح ثم العودة اليه وعدم الالتفات الي الناس ما دام الحق هو الهدف النظري الذي يعلنه الجميع.

الانقاذ من دعاوي الانقاذ من التاريخ الاسلامي ردا علي المالكي (1/4)

د. سليمان بن حمد العودة صحيفة الرياض - 27 ربيع الاول - 1418 ه اهـدي الي الاخ الكريم (حسن بن فرحان المالكي) كتابه (نحو انقاذ للتاريخ الاسلامي) وطلب مني ابداء الملحوظات عليه، مؤرخا ذلك في3 /2/1418ه. واستجابة لمطلب الاخ من جانب، واحقاقا للحق الذي اراه من جانب آخركتبت هذه الملحوظات، التي فـكـرت فـي بـعثها اليه شخصيا- لقناعتي باهمية النصح (سرا) ولكني عدت الي نفسي، فرايت ان (الـكـتـاب) وافـكار (الكاتب)منشورة علي الملا، وان النصح (لعامة) المسلمين لا يقل اهمية عن النصح (لخاصتهم). ولـن اتـوقـف - طويلا - عند عبارات الاخ (حسن) (الجارحة) بمناهج جامعاتنا،وهزال رسائلنا، وضـعـف ثلة من المختصين في التاريخ عندنا.. الثقة بمناهجنا ومختصينا لا تهتز بمثل هذه المقولات الجائرة والاحكام المتعجلة من جانب آخر. و ان كـنت (اعجب) كغيري، من بعض العبارات التي سطرها (المالكي) في كتابه،كيف استساغها، وكيف تم نشرها في كتاب (حليته) العلم وشعاره (الانقاذ) وقبل البدء بتدوين الملحوظات اشير الي عدة امور منها: 1 - سـاقـتصر في ملحوظاتي علي الكتاب علي (فصوله الاولي) رايت انها اقرب الي تخصصي من جـانـب، ولا ادع لاصـحـاب الشان فرصة الحديث عن تخصصهم من جانب آخر وحين (اتحاشي) الحديث عن ملحوظاته علي كتابي (عبداللّه بن سبا..) فلا يعني ذلك موافقتي علي ملحوظاته، قدر ما يعني البعد عن الانتصارللذات. 2 - و اشـفق علي الاخ (حسن) و هو (يتعاظم) في نفسه، و (يزكي) عمله حين يقول: وها آنذا طـالـب لـم يحصل علي شهادة في التاريخ، و لكنني لما تمسكت بمنهج اهل الحديث فندت اقاويل من سبقوني بعقود في كتابة التاريخ الاسلامي وفي مقابل ذلك (يزري) بالاخرين (ويستهجن) عملهم، ولا (يتورع) في الحاق التهم بهم. 3 - ولا اظـنـك يـا اخ حـسـن ممن يهوي (الصعود) علي (اكتاف الاخرين) ولاارغب لك (عالم الشهرة) علي حساب (الحقيقة العلمية)، ومن بوابة (الاثارة الاعلامية). 4 - ولست ادري كيف تحول التاريخ في ذهنك وانحسر (الانقاذ) في منهجك في (بيعة علي) رضي اللّه عـنه وارضاه فحسب، فمعظم دراساتك (النقدية) تتمحورحول هذه القضية، - ومع اهميتها-، فـالانقاذ (الحق) ينبغي ان يكون اشمل، وثمة احداث في (تاريخ الخلفاء الراشدين) رضي اللّه عنهم لاتقل عنها اهمية. 5 - يـا اخـانا الكريم، ولئن كنا - معاشر المؤرخين - (نانف) من اقامة التاريخ علي شفا جرف هار تـخـونـه الروايا ت الضعيفة، ويشتط بتاويل احداثه الرواة المتهمون فاننا (نرفض) الجنوح نحو (انكار) الصحيح، وابطال الحق، وتسفيه الاحلام. 6 - وحـين اقدم لك هذه (النصائح الاولية) فلا يسبق الي (ظنك) انها مجرد(عواطف) بل ساتبعها بـمـا فـتح اللّه من (حقائق) لا ادعي العصمة فيها، لكنها علي الاقل (تخالف) ما قطعت به، وادع لك الـفرصة لتاملها بعين (الانصاف)و(التجرد) للحق فقد (شجعني) في الكتابة اليك، رغبتك في قبول الـحـق،واسـتـعـدادك للتنازل عن اي راي يثبت لك خلافه - كما ذكرت في الكتاب - اكثرمن مرة وارجـو الا يكون الهدف (التجهز) لمعركة طويلة الاجل كما ذكرت في ردك علي الاخ (عبداللّه العسكر) ص 89، اذ ليس مما (يتفاخر به) المرء (تعوده علي الردود علي بعض الفقهاء او مشاغبي التاريخ) كما قلت في الصفحة نفسها. وسيكون الحديث اليك والي غيرك عبر المحاور التالية: 1 - ابن سبا من غيرطريق سيف بن عمر 2 - التحقيق في المرويات. 3 - سيف بن عمر مشجب. 4 - رواة آخرون في الميزان. 5 - ملحوظات اخري في الكتاب. اولا: ابن سبا من غير طريق سيف بن عمر تابع الاخ (المالكي) من سبقوه في اعتبار سيف بن عمر (المصدر الوحيد الذي روي اخبار عبد اللّه بـن سـبـا فـي الـفـتـنة) (ص 58) فهو يثني علي دراسة الدكتور(الهلابي) ويعتبرها من اروع الدراسات عن سيف بن عمر، ثم يتبعها بدراسة اخري للسيد مرتضي العسكري، الذي توصل للنتائج نفسها التي توصل اليهاالدكتور الهلابي - علي حد تعبير المالكي (ص 58) ولي وقفة منهجية حول هذاالتعبير - فيما بعد - ان شاء اللّه. وانـقـل لـلـقاري ء هنا (نص) نتيجة هاتين الدراستين - محل اعجاب المالكي -يقول د.عبدالعزيز الهلابي: يـنـفـرد الاخـبـاري سـيف بن عمر التميمي (ت:180ه) من بين قدامي الاخباريين والمؤرخين المسلمين بذكر عبد اللّه بن سبا في رواياته، ويجعل له دورا رئيسيا في التحريض علي الفتنة... (الـحـولية الثامنة لكلية اداب جامعة الكويت، الرسالة الخامسة والاربعون، عبداللّه بن سبا دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة ص 13). ويـقـول في موضع آخر - من الحولية -: لا اعلم فيما اطلعت عليه من المصادرالمتقدمة اي ذكر لعبد اللّه بن سبا عند غير سيف بن عمر سوي رواية واحدة عند البلاذري، وهذه يكتنفها الغموض ص 46. وفي نهاية بحث الدكتور عبدالعزيز الهلابي يخلص الي النتيجة الاتية حين يقول: والذي نخلص اليه في بحثنا هذا ان - ابن سبا- شخصية وهمية لم يكن لها وجودفان وجد شخص بـهذا الاسم فمن المؤكد انه لم يقم بالدور الذي اسنده اليه سيف واصحاب كتب الفرق لا من الناحية السياسية ولا من ناحية العقيدة (ص 73من الحولية). اما مرتضي العسكري فعنوان كتابه (عبد اللّه بن سبا واساطير اخري) يكفي لمعرفة رايه، و مع ذلك فهو يركز علي (سيف) متهما اياه بالتزوير والكذب (ص 6). ويؤكد (العسكري) انه لم يكن لعبد اللّه بن سبا وجود. في عصري (عثمان) و(علي) البتة.. ولكن سيفا صحف و اخترع هذه الشخصية الجديدة (ص 279،281). تـلـك مـقـتـطفات سريعة لابرز (افكار) و(نتائج) هاتين الدراستين، اللتين يعجب بهما (المالكي) ويعتبرهما - او احداهما - من اروع الدراسات وحـتي (لا نظلم) المالكي، ننقل شيئا من كلامه (هو) عن ابن سبا. فهو يعتبره (اليهودي النكرة (ص 71). وهـو يـفكر افكار ابن سبا ومعتقداته حين يتحدث عن (الوصية) ويقول: ان (سيفا) يروي ان عبد اللّه بن سبا نشر فكرة الوصية لعلي بن ابي طالب.. الي ان يقول وهذا يتناقض مع فكرة (الوصية) لان عـبـد اللّه بـن سـبا لو بث فكرة الوصية لعلي وتاثر الناس بها فلماذ اختار اتباعه بالبصرة والكوفة وغـيـره مع ان ابن سبا لم يدع بالوصية للزبير ولا لطلحة فهذا تناقض (ص 79 نحو انقاذالتاريخ الاسلامي). والخلاصة ان (المالكي) يشارك غيره الافكار والتشكيك لشخصية (ابن سبا)وافكاره، وان (سيفا) وراء ذلـك كله، اذ هو المصدر الوحيد لاخبار عبد اللّه بن سبا فهل - تصح. هذه الفرضية الخاطئة، التي انتهت الي هذه النتائج الخاطئة لـقـد ثـبت لدي بالبحث العلمي وجود (ثماني) روايات، لا ينتهي سندها الي (سيف) بل، ولا وجود لسيف فيها اصلا، وكلها تتضافر علي اثبات عبداللّه بن سبا والروايات (مثبتة) في تاريخ دمشق لابن عـسـاكر، وقد صحح العلامة (ناصرالدين الالباني) اسناد عدد منها، وقمت بتحقيق في اسانيدها - رواية رواية -فثبت لي صحة اسناد معظمها، في بحث لم انشره بعد بعنوان (ابن سبا والسبئية قراءة جديدة وتحقيق في النصوص القديمة). والروايات الثماني مسندة كما يلي: 1 - اخـبـرنـا ابو البركات الانماطي، انا ابو طاهر احمد بن الحسن وابو الفضل احمدبن الحسن، قالا. انا عبد الملك بن محمد بن عبد اللّه انا ابو علي بن الصواف، انامحمد بن عثمان بن ابي شيبة، نا محمد بن العلاء، نا ابوبكر بن عياش، عن مجالد،عن الشعبي قال: اول من كذب عبداللّه بن سبا. 2 - قـرانا علي ابي عبد اللّه يحيي بن الحسن، عن ابي الحسين ابن الابنوسي، انااحمد بن عبيد بن الـفـضـل، وعـن ابي نعيم محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز، اناعلي بن محمد بن خزفة قالا. نا مـحـمـد بن الحسين، نا ابن ابي خيثمة، نا محمد بن عباد، نا سفيان، عن عمار الدهني قال. سمعت ابا الـطـفيل يقول: رايت المسيب بن نجبة اتي به طببه يعني ابن السوداء وعلي علي المنبر فقال علي: ما شانه فقال:يكذب علي اللّه وعلي رسوله. 3 - اخـبـرنا ابو القاسم يحيي بن بطريق بن بشري وابو محمد عبد الكريم بن حمزة قالا: انا ابو الـحـسين بن مكي، انا ابوالقاسم المؤمل بن احمد بن محمد الشيباني، نايحيي بن محمد بن صاعد، نا بـندار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن سلمة، عن زيد بن وهب عن علي قال: مالي وما لهذا الحميت الاسـود قـال: ونـا يـحـيـي بـن محمد، نا بندار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة عن سلمة قال: سمعت اباالزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: ما لي وما لهذا الحميت الاسود. 4 - اخـبرنا ابو محمد بن طاوس وابو يعلي حمزة بن الحسن بن المفرج، قالا: انا ابوالقاسم بن ابي الـعلاء، نا ابو محمد بن ابي نصر، انا خيثمة بن سليمان، نا احمد بن زهير بن رحرب، نا عمرو بن مـرزوق نا شعبة، عن سلمة بن كهيل عن زيد قال قال علي بن ابي طالب:ما لي ولهذا الحميت الاسود يعني عبد اللّه بن سبا وكان يقع في ابي بكر وعمر. 5 - انـبانا ابو عبد اللّه محمد بن احمد بن ابراهيم بن الخطاب، انا ابو القاسم علي بن محمد بن علي الـفارسي، واخبرنا ابو محمد عبد الرحمن بن ابي الحسين بن ابراهيم الدراراني، انا سهل بن بشر، انا ابو الحسن علي بن منير بن احمد بن منيرالخلال قالا: انا القاضي ابو الطاهر محمد بن احمد بن عـبـد اللّه الـذهـلـي، نا ابو احمدابن عبدوس نا محمد بن عباد، نا سفيان، نا عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال: رايـت عـلـيا كرم اللّه وجهه وهو علي المنبر وهو يقول: من يعذرني من هذاالحميت الاسود الذي يـكـذب علي اللّه وعلي رسوله - يعني ابن السوداء - لولاان لا يزال يخرج علي عصابة تنعي علي دمه كما ادعيت علي دماء اهل النهرلجعلت منهم ركاما. 6 - اخبرنا ابو المظفر بن القشيري، انا ابو سعد الجنزروذي، انا ابو عمرو ابن حمدان، واخبرنا ابـو سـهـل مـحـمـد بن ابراهيم بن سعدويه، انا ابراهيم بن منصورسبط بحرويه، انا ابوبكر بن الـمـقـري، قالا: انا ابو يعلي الموصلي، نا ابو كريب محمدابن العلاء الهمداني، نا محمد بن الحسن الاسـدي، نـا هـارون بن صالح الهمداني،عن الحارث بن عبد الرحمن عن ابي الجلاس، قال: سمعت عـليا يقول لعبد اللّه السبئي: ويلك واللّه ما افضي الي بشي ء كتمه احدا من الناس، ولقد سمعته يقول: ان بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وانك لاحدهم. قالا: وانا ابو يعلي، نا ابوبكر بن ابي شيبة، نا محمد بن الحسن زاد ابن المقري الاسدي باسناده مثله. 7 - اخبرنا ابوبكر احمد بن المظفر بن الحسين بن سوسن التمار في كتابه،واخبرني ابو الطاهر محمد بن محمد بن عبد اللّه السبخي بمرو، عنه، انا ابو علي بن شاذان، نا ابوبكر محمد بن جعفر بن محمد الادمي، نا احمد بن موسي الشطوي، نااحمد بن عبداللّه بن يونس ابو الاحوص عن مغيرة عن سماك قال: بـلـغ عـليا ان ابن السوداء ينتقص ابا بكر وعمر، فدعا ربه ودعا بالسيف او قال فهم بقتله فكلم فيه فقال لا يساكني ببلد انا فيه، قال فسير الي المدائن. 8 - انـبـانـا ابـوبكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن يحكم، انا ابو الفضائل محمد بن احمد بن عبد الباقي بن طوق، قال: قري ء علي ابي القاسم عبيد اللّه بن علي بن عبيد اللّه الرقي. نا ابو احمد عبيد اللّه بـن مـحـمد بن ابي مسلم، انا ابو عمر محمد بن عبد الواحد، اخبرني الغطافي، عن رجاله، عن الصادق عن ابائه الطاهرين عن جابر قال: لما بويع علي خطب الناس فقام اليه عبداللّه بن سبا فقال له: انت دابة الارض قال فقال له: اتق اللّه، فقال له: انت الملك، فقال له: اتق اللّه، فقال له:انت خلقت الخلق، وبـسطت الرزق، فامر بقتله، فاجتمعت الرافضة فقالت. دعه وانفه الي ساباط المدائن فانك ان قتلته بـالـمدينة خرجت اصحابه علينا وشيعته،فنفاه الي ساباط المدائن فثم القرامطة والرافضة، قال: ثم قـامـت الـيـه طائفة وهم السبئية وكانوا احد عشر رجلا فقال ارجعوا فاني علي بن ابي طالب ابي مشهوروامي مشهورة، وانا ابن عم محمد صلي اللّه عليه وسلم فقالوا لانرجع، دع داعيك فاحرقهم بـالـنار، وقبورهم في صحراء احد عشر مشهورة فقال من بقي ممن لم يكشف راسهم منهم علينا. انه اله، واحتجوا بقول ابن عباس لا يعذب بالنار الا خالقها. قال ثعلب: وقد عذب بالنار قبل علي ابو بكر الصديق شيخ الاسلام -رض -وذاك انه رفع اليه رجل يـقـال لـه الـفجاة وقالوا انه شتم النبي -صلي اللّه عليه وسلم - بعد وفاته، فاخرجه الي الصحراء فاحرقه بالنار. قال فقال ابن عباس، قد عذب ابوبكر بالنار فاعبدوه ايضا [22] .

الانقاذ من دعاوي الانقاذ من التاريخ الاسلامي (2/4)

د. سليمان بن حمد العودة صحيفة الرياض - 28 ربيع الاول - 1418 ه ثانيا: التحقيق في المرويات تبين في الحلقة الماضية ان (القطع) بكون (سيف) هو الراوي الوحيد لاخبار عبداللّه بن سبا، وان مـن جـاء بـعـده اخذ عنه (دعوي) عارية عن الصحة، والروايات (الثماني) التي سبق عرضها في الحلقة الماضية تنتصب دليلا علي ذكر (عدد) من الرواة لعبداللّه بن سبا. وفـي هـذه الـحـلـقة - والتي تليها - اعرض للمرويات (الثماني) محققة الاسنادلاكتمال الصورة وايضاح الحقيقة. وارجو ان يكون في ذلك (رد) عملي، علي (تهمة) الاخ حسن - سامحه اللّه حين قال: بـل اكـاد اجـزم ان (اكثر) المؤرخين الاسلاميين - دعك من غيرهم - (اجهل)من ان يتجرؤوا علي تحقيق اسناد واحد من اسانيد الطبري او خليفة بن خياطمثلا (ص 34 من انقاذه). والي تحقيق اسناد المرويات الثمان... التحقيق في المرويات: قبل ان اعلق علي اسناد هذه الرواية صحة او ضعفا، اؤكد ان هذه الروايات الثماني ليس في احد من اسنادها ذكر لسيف بن عمر، وهي تنتصب دليلا علي ان اخبار ابن سبا من الذيوع والانتشار بحيث لـم تكن قصرا علي سيف وحده،وبالتالي يسقط ادعاء التشكيك او الانكار اعتمادا علي هذا الاساس الواهي،الذي تخالفه الحقائق العلمية. اما اسانيد هذه المرويات فهي تتفاوت في الضعف او القوة حسب روايتها،واليك البيان: ا- يـبدو ضعف الرواية الاولي لوجود محمد بن عثمان ابن ابي شيبة، فقد ذكره الذهبي في الميزان ونـقـل اقـوال من ضعفه من العلماء، واشار الي طائفة وثقته واكتفي هو بالقول، كان بصيرا بالحديث والرجال له تواليف مفيدة [23] . وقـبـله افاض الخطيب في ترجمته وجمع اقوال من اتهموه بالكذب، وان كان الخطيب قد قال عنه: كان كثير الحديث واسع الرواية ذا معرفة وفهم، وله تاريخ كبير [24] . ولوجود مجالد - وهو ابن سعيد - جاء ذكره في الميزان، ونقل الذهبي قول ابن معين فيه: لا يحتج به وقول احمد: يرفع كثيرا مما لا يرفعه الناس، ليس بشي ءكما نقل تضعيف الدارقطني، ويحيي ابن سعيد له، وقال هو عنه مشهور صاحب حديث علي لين فيه [25] . ب - اما الرواية الثانية فتظهر علائم الصحة علي اسنادها، فابوعبد اللّه يحيي بن الحسن هو البناء الحنبلي البغدادي شيخ ابن عساكر وصفه الذهبي بالشيخ الامام، الصادق، العابد، الخير المتبع الفقيه، بـقـيـة الـمـشايخ، ثم نقل عن السمعاني قوله سمعت الحافظ عبد اللّه الاندلسي يثني عليه ويمدحه ويطريه ويصفه بالعلم والتمييز والفضل وحسن الاخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد وملازمته مـارايـت مـثـلـه فـي حنابلة بغداد، ثم اعقب ذلك السمعاني بقوله وكذا كل من سمعه كان يثني عليه ويمدحه، توفي سنة احدي وثلاثين وخمسمائة [26] . - وابـو الـحـسين الابنوسي هو محمد بن احمد البغدادي، قال الخطيب البغدادي:كتبت عنه وكان سماعه صحيحا، ووثقه الذهبي، وفاته سنة سبع وخمسين واربعمائة [27] . - واحـمـد بن عبيد بن الفضل هو ابن بيري الواسطي، قال عنه خميس الحوزي:كان ثقة، صدوقا، وقـال الـذهـبـي: المحدث المعمر الصدوق شيخ واسط، وفي انساب السمعاني: ثقة صدوق من اهل واسط. وكانت وفاته قبل الاربعمائة في حدودسنة تسعين وثلاثمائة [28] . - وابو نعيم هو بن خصية محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز كان عدلا مستقيما،كما في سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي عن جماعة من اهل واسط [29] . - وابن خزفة هو ابو الحسن علي بن محمد بن حسن بن خزفة الصيدلاني، كان مكثرا صدوقا، كما في سؤالات السلفي، وهو مسند واسط كما قال الذهبي،وراوي التاريخ الكبير لاحمد بن ابي خيثمة عن محمد بن الحسين الزعفراني عنه [30] . - ومحمد بن الحسين هو ابوعبد اللّه الزعفراني الواسطي، وقد وثقه الخطيب البغدادي، وقال. كان عنده عن ابي خيثمة كتاب التاريخ [31] . - وابـن ابي خيثمة هو ابو بكر احمد بن ابي خيثمة زهير بن حرب بن شدادنسائي الاصل كان ثقة عالما متقنا حافظا بصيرا بايام الناس، كذا قال عنه الخطيب، وذكره الدارقطني فقال ثقة مامون، واثني الخطيب علي كتابه في التاريخ فقال: وله كتاب التاريخ الذي احسن تصنيفه واكثر فائدته، وقال ايضا: ولااعرف اغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن ابي خيثمة [32] قلت ومن المحتمل ان يكون هذا الخبر المروي من هذا الكتاب النفيس. - ومـحـمـد بـن عباد هو ابن الزبرقان ابوعبد اللّه المكي، سكن بغداد وحدث بها،وقد روي عنه البخاري ومسلم في الصحيحين [33] وبهذا يكون قد جاوزالقنطرة كما يقال. - وسـفـيـان هـو ابن عيينة الراوية المشهور، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتا كثيرالحديث حجة، وقال الـشـافـعـي: لـولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، وقال ابن المديني: سفيان امام في الحديث، وقال العجلي: كوفي ثقة ثبت يعد من حكماءاصحاب الحديث [34] . - وعـمـار الـدهني هو ابن معاوية ويقال ابن ابي معاوية ويقال ابن صالح ويقال ابن حبان، ابو معاوية البجلي الكوفي، وثقه احمد وابن معين وابوحاتم والنسائي [35] . - اما ابو الطفيل فهو عامر بن واثلة الليثي، ولد عام واحد، وروي عن النبي (ص) وابي بكر وعمر وعلي ومعاذ بن جبل وحذيفة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم، قال ابن عدي: له صحبة وقال مسلم: مـات ابـو الـطـفـيـل سـنة مائة وهوآخر من مات من الصحابة، قال ابن سعد: كان ثقة في الحديث وكان متشيعا [36] . - والـمـسـبـب بن نجبة الكوفي ترجم له ابن حجر في الاصابة ضمن من كان في عهدالنبي (ص) ويـمكنه ان يسمع منه ولم ينقل انه سمع منه سواء كان رجلا او مراهقااو مميزا، ثم قال ابن حجر: لـه ادراك ولـه روايـة عن حذيفة وعلي، ونقل عن العسكري قوله: روي عن النبي (ص) مرسلا ولـيـست له صحبة [37] وقال ابن سعد: كان مع علي في مشاهدة، وقتل مع التوابين في عين الوردة عام خمسة وستين [38] . ج - وكـذا الـروايـة الـثـالثة تبدو صحيحة الاسناد، فابو القاسم يحيي بن بطريق الطرسوسي ثم الـدمـشقي شيخ ابن عساكر قال عنه: مستور حافظ للقرآن سمع اباالحسين محمد بن مكي وابا بكر الـخـطـيـب، تـوفـي فـي رمـضـان سـنـة اربـع وثلاثين وخمسمائة، وقال عنه الذهبي: المسند المقري ء [39] . - وابو محمد عبدالكريم بن حمزة السلمي الدمشقي - الحداد من مشيخة ابن عساكر قال عنه: كان شـيـخا ثقة مستورا سهلا، قرات عليه الكثير وتوفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وخمسمائة وقال عنه الذهبي: الشيخ الثقة المسندواشار الي توثيقه ابن العماد الحنبلي [40] . - وابـو الـحـسـيـن ابن مكي هو محمد بن مكي بن عثمان الازدي المصري، مسندمصر كما يقول الـذهبي، روي عنه ابو بكر الخطيب، وابن ماكولا، والفقيه نصرالمقدسي، وهبة اللّه بن الاكفاني، وعـبد الكريم بن حمزة وابوالقاسم بن بطريق وغيرهم، وقد وثقه الكتاني وغيره وتوفي في سنة 461 ه [41] . - والـمـؤمـل بـن احـمـد الـشيباني، بغدادي، سكن مصر وحدث بها وبها مات سنة احدي وتسعين وثلاثمائة، وقد وثقه الخطيب البغدادي [42] . - ويحيي بن محمد بن صاعد البغدادي، احد الثقات المشهورين قال الدارقطني:ثقة ثبت حافظ، وقال الـخطيب: كان ابن صاعد ذا محل من العلم وله تصانيف في السنن والاحكام، وعده الذهبي مع الحفاظ الـثـقـات، وقال عنه له كلام متين في الرجال والعلل يدل علي تبحره، مات في ذي القعدة سنة ثماني عشرة وثلاثمائة [43] . - وبـنـدار- بـضـم الـبـاء وفتحها وسكون النون - هو محمد بن بشار بن عثمان العبدي البصري، ابـوبـكر، ثقة حافظ، روي عنه الجماعة، وقال البخاري في صحيحه: كتب الي بندار فذكر حديثا مسند. قـال ابـن حجر ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع انه في الطبقة الرابعة من شيوخه، وقد روي عـنـه الـبـخـاري مـائتي حديث وخمسة احاديث، ومسلم اربعمائة وستين، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين [44] . - ومـحمد بن جعفر هو الهذلي ابوعبد اللّه البصري المعروف ب غندر ثقة صحيح الكتاب، قال ابن الـمبارك: اذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم، وقال العجلي: بصري ثقه وكان مـن اثـبـت الناس في حديث شعبة، مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل اربع وتسعين [45] . - شـعـبـة هو ابن الحجاج بن الورد العتكي الازدي مولاهم ابوبسطام الواسطي ثم البصري، الثقة الـحـافظ المتقن، قال الثوري شعبة امير المؤمنين في الحديث، وقال احمد: كان شعبة امة وحده في الـرجـال والحديث، وقال ابن ادريس: ما جعلت بينك وبين الرجال مثل شعبة وسفيان، وقال ابن سعد: كان ثقة مامونا ثبتا حجة صاحب حديث توفي سنة 160ه [46] . - وسلمة هو ابن كهيل بن حصين الحضرمي ابويحيي الكوفي، قال احمد: سلمة متقن للحديث وقيس بن مسلم كذلك ما نبالي اذا اخذت عنهما حديثهما، وقال ابن المبارك: كان ركنا من اركان وشد قبضته، وقـال ابـو زرعـة: ثقة مامون زكي،وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة ثبت في الحديث، وكان فيه تشيع قليل وهو من ثقات الكوفيين، مات سنه 121 ه [47] . - زيد بن وهب هو ابو سليمان الجهني الكوفي، رحل الي النبي (ص) فقبض وهوفي الطريق، وقال ابـن عبد البر في الاستيعاب وابن منده اسلم في حياة النبي (ص) وهاجر اليه فلم يدركه، ثقة جليل، مات بعد الثمانين، وقيل سنة ست وتسعين، وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وابي ذر وابن مسعود وحـذيفة وابي الدرداء وابي موسي وغيرهم وثقه ابن معين، وابن سعد وابن خراش، والعجلي،وعن الاعمش: اذا حدثك زيد بن وهب عن احد فكانك سمعته من الذي حدثك عنه [48] . - امـا الـرواية الواردة من طريق ابي الزعراء فهي بنفس سند ومتن الرواية قبلها،عدا ابا الزعراء وهو خالد سلمة بن كهيل، واسمه عبد اللّه بن هاني الكندي وقيل الازدي، قال ابن الاثير: له صحبة عداده في اهل مصر [49] وله ذكر في الاستيعاب [50] ، وذكره ابن سعد في طبقة من روي عن عـلـي - رضـي اللّه عـنـه - من اهل الكوفة - فقال: روي عن علي وعبد اللّه بن مسعود وكان ثقة وله احاديث [51] ، وقال العجلي: ثقة من كبار التابعين، كما ذكره ابن حبان في الثقات [52] . د - امـا سـنـد الرواية الرابعة فرواتها ثقات بدءا من خيثمة بن سليمان ومن فوقه فخيثمة وهو ابو الـحـسـن خـيثمة بن سليمان بن حيدرة، الامام الثقة المعمر، محدث الشام، وصاحب مصنف فضائل الصحابة، قال ابو بكر الخطيب: خيثمة ثقة،مات خيثمة سنة ثلاث واربعين وثلاثمائة [53] . - واحـمـد بن زهير بن حرب هو ابن ابي خيثمة الثقة الحافظ العالم المتقن، وقدسبق الحديث عنه في سند الرواية الثانية فليراجع هناك. - عـمـرو بن مرزوق ابوعثمان الباهلي مولاهم البصري، حدث عنه البخاري في صحيحه مقرونا بـخر، قال عنه يحيي بن معين: ثقة مامون، وقال ابو حاتم: كان ثقة من العباد لم نجد احدا من اصحاب شعبة كان احسن حديثا منه، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عن شعبة، مات سنة اربع وعشرين ومائتين [54] . امـا الـرواة الـثـلاثـة - شعبة، سلمة بن كهيل، زيد بن وهب، فقد سبق الحديث عنهم وتوثيقهم في الرواية الثالثة بما يغني عن اعادته هنا. - وكـذا مـن دونـهم لم يجرحوا، بل وثق اكثرهم، واقلهم من هو مستور الحال، فابومحمد بن ابي نـصـر اسمه عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب التميمي الدمشقي الملقب بالشيخ العفيف قال ابوالوليد الدربندي: اخبرنا عبدالرحمن بن عثمان بدمشق وكان خيرا من الف مثله اسنادا واتقانا وزهدا مع تقدمه، وقال رشا بن نظيف: قد شاهدت سادات فما رايت مثل ابي محمد بن ابي نصر كان قرة عين. وقـال الكتاني: توفي شيخنا ابن ابي نصر في جمادي الاخرة سنة عشرين واربعمائه فلم ار جنازة كانت اعظم من جنازته كان بين يديه جماعة من اصحاب الحديث يهللون ويكبرون ويظهرون السنة.. قال: وكان ثقة ماموناعدلا رضي [55] . - وابـو الـقـاسـم بن ابي العلاء علي بن محمد المصيصي، الامام الفقيه المفتي مسنددمشق. قال عنه الحافظ ابن عساكر: كان فقيها فرضيا من اصحاب القاضي ابي الطيب، مات بدمشق سنة سبع وثمانين واربعمائة، وقال الذهبي: كان فقيها ثقة [56] . - وابـو يـعلي حمزة بن الحسن بن المفرج، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق وقال: كان شيخا مستورا، مات سنة اربع وثلا ثين وخمسمائة [57] . - وابـو مـحـمـد بن طاوس هو هبة اللّه بن احمد البغدادي ثم الدمشقي، شيخ السمعاني، روي عنه ومدحه فقال: كان مقرئا فاضلا ثقة صدوقا مكثرا من الحديث، ومن مشيخة ابن عساكر، وروي عنه السلفي ووثقه، وقال الذهبي: كان ثقة متصوفا مات سنة ست وثلاثين وخمسمائة [58] . هـ - امـا سـند الرواية الخامسة فيظهر انه لا يصل الي درجة الصحة لكنه لايقل عن رتبة الحسن، والحسن - كما هو معلوم - احد مراتب الصحيح. فـابـو محمد الدارني شيخ لابن عساكر، وقد قال عنه: لم يكن الحديث صنعته، وقدروي كثيرا من سنن النسائي الكبير عن الاسفراييني، كانت وفاته سنة ثمان وخمسين وخمسمائة [59] . - وسـهل بن بشر هو الاسفراييني الشيخ الامام المحدث المتقن الرحال - كماوصفه الذهبي، وكان قد تتبع السنن الكبير للنسائي وحصله وسمعه بمصر، قال عنه ابو بكر الحافظ: كيس صدوق، توفي سنة احدي وتسعين واربعمائة [60] . - وابـو الحسن علي بن منير الخلال، شيخ صدوق، لم ياخذ من الغرباء، وكان ثقة فقيرا، توفي سنة تسع وثلاثين واربعمائة [61] . - والـقاضي ابو الطاهر الذهلي ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد وقال كان ثقة فاضلا ذكيا متقنا لما حدث به، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة [62] . - وابـو احـمـد بن عبدوس اسمه محمد بن عبدوس بن كامل السلمي، وصفه الذهبي بالحافظ الثبت الـمامون، ونقل عن ابي الحسين ابن المنادي قوله: كان ابن عبدوس من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث، اكثر الناس عنه لثقته وضبطه، وكان كالاخ لعبد اللّه بن احمد ابن حنبل، مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين [63] . - ومـحـمـد بن عباد، وسفيان - وهو ابن عيينة - سبق الحديث عنهم وتوثيقهم في الرواية الثانية، وكـذا سـلـمـة بـن كـهيل سبق الحديث عن توثيقه في الرواية الثالثة -وكلهم من رجال التهذيب - وعبدالجبار الهمداني هو الشبامي، صدوق يتشيع [64] . وحجية بن عدي الكندي صدوق يخطي ء كما في (التقريب 1/155) [65] و - اما الرواية السادسة ففي بعض رجال اسنادها مقال: محمد بن الحسن بن الزبير الاسدي هو الكوفي الملقب ب التل صدوق فيه لين كمافي التقريب، وفي الميزان نقل الذهبي تضعيف يحيي بن معين والفسوي له،وتعديل طائفة اخري كابي داود وابن عدي الذي قال: حدث عن محمد الملقب بالتل، الثقات ولم ار بحديثه باسا [66] . - وهارون بن صالح الهمداني عن ابي هند الحارث بن عبدالرحمن الهمداني،وعنه محمد بن الحسن بـن الـزبير الاسدي ذكره ابن حبان من الثقات، وفي الميزان تفرد عنه محمد بن الحسن بن الزبير الاسدي [67] . - وابو الجلاس الكوفي غير منسوب، عن علي بن ابي طالب عن النبي (ص) قال ان بين يدي الساعة ثـلاثـا الـحـديـث، وعنه ابو هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني - كما جاء في التهذيب - وفي التقريب قال ابن حجر ابو الجلاس الكوفي مجهول من الثالثة [68] . - ومع ذلك فالرواية بسندها ساقها ابو يعلي الموصلي في مسنده، عن ابي كريب محمد بن العلاء عن محمد بن الحسن الاسدي، عن هارون بن صالح، عن الحارث، عن ابي الجلاس [69] . ثم ساق اسنادا اخر عن ابي بكر بن ابي شيبة، عن محمد بن الحسن باسناد مثله [70] . ولعل هذا هو السند الاخر الذي اوما اليه ابن عساكر في الرواية نفسها. وهـذا الـسـند الاخر - عن ابن ابي شيبة - ذكره - قبل ابي يعلي - ابن ابي عاصم في كتابه السنة فـقـال: حـدثـنـا ابـو بكر بن ابي شيبة، حدثنا محمد بن الحسن الاسدي حدثنا هارون بن صالح عن الـحـارث بـن عبد الرحمن، عن ابي الجلاس قال سمعت عليا يقول لعبد اللّه السبائي: ويلك ما افضي الـي رسـول اللّه (ص)بـشـي ء كتمته احدا من الناس، ولقد سمعته يقول ان بين يدي الساعة ثلاثين كذاباوانك احدهم [71] . مـع ان الالـبـانـي -محقق كتاب السنة هذا- ضعف هذه الرواية لجهالة في ابي الجلاس وهارون بن صالح، فقد ذكر ان ابا يعلي اخرجه من طريقين آخرين عن الاسدي به. وفوق ذلك كله فقد نقل الهيثمي الرواية في مجمعه عن ابي الجلاس ثم قال رواه ابو يعلي ورجاله ثقات [72] .

الانقاذ من دعاوي الانقاذ من التاريخ الاسلامي (3/4)

د. سليمان بن حمد العودة صحيفة الرياض - 29 ربيع الاول - 1418 ه ز - وحين ناتي الي الرواية السابعة نجد رجال اسنادها كالتالي: ابو بكر احمد بن المظفر بن سوسن شيخ مقارب [73] [74] ابو طاهر محمد بن محمد بن عبد اللّه السبخي الشيخ الامام الحافظ محدث مرووخطيبها وعالمها، شيخ السمعاني وابن عساكر، قال عنه السمعاني: فقيه صالح،عمر حتي سمعنا منه الكثير [75] . - ابـوعلي بن شاذان الحسن بن ابي بكر البغدادي، قال عنه الخطيب: كتبنا عنه وكان صدوقا صحيح الـكـتـاب، ثـم قال سمعت الازهري يقول: ابوعلي بن شاذ ان من اوثق من برا اللّه في الحديث، وهو مسند العراق الامام الفاضل الصدوق كمايقول الذهبي [76] . - ابـوبكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة الادمي - نسبة الي بيع الادم -القارئ الشاهد صاحب الالحان، كان من احسن الناس صوتا بالقرآن واجهرهم، ترجم له الخطيب ونقل روايته عن ابي علي بـن شـاذان وخـلـق، وذكرالشطوي فيمن روي عنه، وروي له حكايات ثم قال: قال محمد بن ابي الـفـوارس سنة ثمان واربعين وثلاثمائة فيها مات محمد ابن جعفر الادمي، وكان قد خلط فيماحدث [77] . - احمد بن موسي الشطوي ابوجعفر البزار، قال ابن ابي حاتم: كتبت عنه مع ابي وهو صدوق، ونقل الـخـطـيب توثيق الدارقطني له، وقال ابن المنادي: كان صالحامقبولا عند الحكام ومن اهل القرآن والحديث ومات سنة سبع وسبعين ومائتين [78] . - احـمد بن عبد اللّه بن يونس اليربوعي الكوفي، ثقة حافظ روي عنه البخاري ومسلم وغيرهما، ومات سنة - سبع وعشرين ومائتين [79] . - ابو الاحوص سلام بن سليم الحنفي الكوفي ثقة متقن، مات سنة تسع وسبعين ومائة [80] . - المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم ابوهشام الكوفي ثقة متقن، مات سنة ست وثلاثين ومائة [81] . - سـمـاك ابـن حـرب بـن اوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي ابوالمغيرة، صدوق،وروايته عن عـكـرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بخره فكان ربما يلقن، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة، وقال عـنـه ابن عدي: ولسماك حديث كثير مستقيم ان شاء اللّه وهو من كبار تابعي اهل الكوفة واحاديثه حسان وهو صدوق لاباس به [82] . قـلت: ومع ما قيل في سماك ومعرفته بايام الناس، الا انه لم يذكر له سماع من علي،بل لعله لا يمكنه ذلك وبين وفاتيهما ما يزيد علي ثمانين سنة. ولهذا يبقي في الرواية انقطاع بين سماك وعلي رضي اللّه عنه. ح - اما اسناد الرواية الاخيرة: - ابو بكر محمد بن طرخان بن بلتكين بن بجكم، امام فاضل ومحدث متقن، كماقال الذهبي، وثقه ابن نـاصـر وقـال الـصـفـدي وكـان صـالـحـا زاهـدا عـابـدا اميناصدوقا، توفي سنة ثلاث عشرة وخمسمائة [83] . - وابـوالقاسم عبيد اللّه بن علي بن عبيد اللّه الرقي، سكن بغداد، وكان احدالعلماء بالنحو والادب والـلغة عارفا بالفرائض وقسمة المواريث كتب عنه الخطيب البغدادي وقال عنه: كان صدوقا، مات سنة خمسين واربعمائة [84] . - ابـو احمد عبيد اللّه بن محمد بن ابي مسلم الفرضي المقري ء، ترجمه الخطيب في تاريخه وقال: كـان ثـقـة صادقا دينا ورعا، ويقول: سمعت الازهري ذكره فقال:كان اماما من الائمة مات سنة ست واربعمائة، ونقل صاحب الشذرات عن الذهبي انه عاش (82) سنة [85] . - ابـو عـمـر محمد بن عبد الواحد لعله البغوي الزاهد، المعروف ب غلام ثعلب قال الخطيب: كان جـمـاعة من اهل الادب يطعنون عليه ولا يوثقونه في علم اللغة،فاما الحديث فراينا جميع شيوخنا يـوثـقونه فيه ويصدقونه، وقال الذهبي وهو في عداد الشيوخ في الحديث لا الحفاظ، وانما ذكرته لسعة حفظه للسان العرب وصدقه وعلو اسناده، مات سنة خمس واربعين وثلاثمائة [86] . والـغـطافي لم اعثر له علي ترجمة، ولعل الاسم تصحف في الاصول المخطوطة فحال دون ضبطه ومعرفته بدقة. ثالثا - سيف بن عمر مشجب لقد كان سيف بن عمر التميمي - يرحمه اللّه - مشجبا، علق عليه السابقون واللاحقون مسالة انكار ابن سبا، بل زاد بعضهم، وحمله اختلاق عدد من الصحابة، ليس (القعقاع بن عمرو رضي اللّه عنه) الا واحـدا مـن هؤلاء، فقد الف (السيد مرتضي العسكري) - وهو رافضي المذهب والهوي - كتابا بعنوان (خمسون ومائه صحابي مختلق) والكتاب مؤلف قبل ما يزيد علي (عقدين) من الزمن مـؤلـفه اتهام (سيف) باختلاق هذه الشخصيات احداثها، ليس في هذا الكتاب فحسب، بل وفي كتابين قـبله احدهما بعنوان (عبداللّه بن سبا بحث حول ما كتبه المؤرخون والمستشرقون ابتداء من القرن الثاني الهجري، طالنجف 1375 ه /1956 م). والاخـر بـعـنـوان: (عـبـداللّه بـن سـبـا واسـاطـيـر اخري، ط دار الغدير، بيروت،طهران 1392هـ/1972م) ثـم جـاء الاخ (حسن المالكي) يجدد ما اندثر من هذه الافكار، ولا يخرج عن اطارها ويحمل حملة شعواء ظالمة علي سيف بن عمر،وهذه شواهدها وما يناقضها. ا- يقول المالكي: ورغم ان الطبري لم يورد في تاريخه اقوالا في الجرح والتعديل (الا في النادر، ولـم يـجـرح الـضـعـفاء الذين يروي عنهم الا انه صرح بضعف سيف بن عمر، فذكر مخالفة سيف لـلاجـمـاع فـي اكثر من موضع، مع ان الطبري لم يذكرهذا عن رواة اخر من ضعفاء كابي مخنف، والواقدي، فيعد الطبري من مضعفي سيف بن عمر (ص 53 نحو انقاذ التاريخ الاسلامي). فهل يصح هذا القول؟ اولا: لم يبين لنا (المالكي) مواطن تضعيف الطبري سيف حتي نشاركه الحكم اوعدمه. ثانيا: ليس صحيحا ان الطبري لم يصرح بضعف (ابي مخنف) بل تجاوز بعض مروياته ولم يستسغها وقال فذكر - ابو مخنف - مكاتبات جرت بينهما كرهت ذكرها لما فيه مما لا يحتمل سماعه العامة (تاريخ الطبري 4/557). ثالثا: وليس صحيحا كذلك ان الطبري لم يصرح بضعف (الواقدي) بل قال عنه ما نصه: واما الواقدي فـانه ذكر في سبب مسير المصريين الي عثمان ونزولهم ذاخشب امورا كثيرة، منها ما تقدم ذكره، ومنها ما اعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته (تاريخ الطبري 4/356). فـهـل فـاتت هذه النصوص علي (المالكي) وهو الذي ذكر انه قرا المجلدين الثالث والرابع لتاريخ الطبري (ص 45) ام تناساها، ام يفهمها بغير فهمنا اياها؟ ب - وحـيـن يـقرن (المالكي) بين (سيف) و(ابي مخنف) يقول عن الاول الوضاع المتهم بالزندقة ج - يـطـلـق (الـمـالكي) عبارات مرجفة يستبعد فيها توثيق (سيف) ولو بحث الباحثون عشرات الـسـنـيـن، فـاذا احس ان عبارة، (ابن حجر) رحمه اللّه في سيف (عمدة في التاريخ) ستحرجه خرجها تخريجا يتفق وهواه وفهمه (وسياتي البيان). امـا عـبارة (الذهبي) في سيف (كان اخباريا عارفا) فهي تزيد من حمالته، ولذاتراه احيانا يتغافلها، واحـيانا اخري يفسرها كما فسر عبارة ابن حجر، وبكل حال فهو يعتبر هاتين التزكيتين من هذين العلمين في الجرح والتعديل (متوهمة وليست صريحة) (انظر ص 55، 60، 84). د - يـجـزم (المالكي) بالقول: و يعد الحافظ (ابن حجر) المتساهل الوحيد في الاكثار من روايات سيف مع حكمه عليه بالضعف (ص 55) (وساءبين مايناقض). هـ - ويـتـهـم (المالكي) (سيفا باختلاق الرواة، بل واختلاق الشخصيات الكبيرة المشهورة، علي الرغم من اعترافه بصحة سند بعض المرويات التي رواها سيف (ص 62، 63). و - وتـظل تهم (المالكي) تلاحق (سيفا) دون ان يجد له فيها عذرا، اما الرواة الاخرون فان وجد فـي روايـاتـهـم (مـجهولون) فهي قلة نادرة بينما الجهالة في اسانيدسيف سمة ظاهرة (ص 68) وسيتضح لك بعد الفرق بين (سيف) و(ابي مخنف)علي سبيل المثال في الرواية عن المجهولين. ز - واعـظـم مـن ذلـك ان يـوهم (المالكي) قاري ء كتابه ان مرويات (ابي مخنف)تسير في اطار الروايات - الصحيحة التي تخالفها روايات سيف (ص 69). ح - ويتناقض (المالكي) حين يعقد ل (سيف) عنوانا: (طعنة في كبار الصحابة والتابعين) (ص 70) ثـم تـراه يـعـترف بدفاعه عن الصحابة، وان كان يسوقهامساقا خاصا، فاهل الحديث لم يغتروا به، لعلمهم انها كذب (ص 73) اهكذاتكون المنهجية ام بهذا التلاعب ينقذ التاريخ الاسلامي ط - واخيرا ف (المالكي) في حلقته الثالثة عن (القعقاع بن عمرو حقيقة ام اسطورة) المنشورة في جـريدة الرياض، يفصح عما في نفسه صراحة حين يفضل (ابا مخنف) علي (سيف) ويقول صراحة وهو يتحدث عن (ابي مخنف والمسعودي): لكن هؤلاء كلهم فوق سيف بن عمر فهل الامر كما صوره المالكي. تـعـالـوا بنا لنوازن بين الرجلين (سيف) و(ابي مخنف) ونقرا بتمعن كلام علماءالجرح والتعديل، وننظر ما قاله المؤرخون المعتمدون في (الاخباريين) وبين هذاوذاك نقف علي تعليلات (المالكي) وتوهيمه (للعلماء) حين يخالفون مساره في (سيف). 1 - سيف بن عمر لا يستطيع منصف ان ينكر الضعف المنسوب الي سيف عند علماء الجرح والتعديل، ولكن من الانصاف لسيف - كراوية في التاريخ - ان يقال: ا- تـهمة الزندقة التي اتهم بها دافع عنه ابن حجر حين قال: افحش ابن حبان القول فيه (تقريب التهذيب 1/344) ومن الامانة العلمية ان تذكر هذه المدافعة بازاء التهمة عندها ب - فـرق الـعـلماء قديما وحديثا بين الشروط المطلوبة لراو يروي في الحلال والحرام، وآخر يـروي فـي الاخـبـار والـسير وفضائل الاعمال، وقال الخطيب البغدادي باب التشدد في احاديث الاحكام والتجوز في فضائل الاعمال ثم روي بسنده الي الامام احمد بن حنبل - يرحمه اللّه - ان قـال: اذا رويـنـا عـن رسـول اللّه واذارويـنـا عـن الـنبي (ص) في فضال الاعمال وما لا يضع حكما ولايرفعه تساهلنا في الاسانيد (الكفاية في علم الرواية ص 212 - 223). وتـحدث المعاصرون عن ضرورة المرونة في تطبيق قواعد المحدثين في نطاق التاريخ الاسلامي (د.اكرم العمري السيرة النبوية الصحيحة1 /45). ومعرفة شروط المؤرخ المقبول (د.محمد بن صامل السلمي: منهج كتابة التاريخ الاسلامي ص 245 - 247). ج - ومع الاجماع علي ضعف (سيف) في (الحديث)، فهو محل تزكية في (التاريخ)فالذهبي رحمه اللّه قال عنه: كان اخباريا عارفا (ميزان الاعتدال 2/255). وقال فيه ابن حجر رحمه اللّه عمدة في التاريخ (تقريب التهذ يب 1/344). وهـذه الـفـاظ صـريـحـة، وان ظن المالكي انها موهمة، كما صنع في محاولته المستميتة دفع هذه العبارات المهمة من هذين العلمين العالمين، كما استمات في تفسير كثرة الرواية عنه عند ابن حجر خاصة، وجازف بالقول: ويعد الحافظ (ابن حجر)المتساهل الوحيد في الاكثار من روايات سيف مع حكمه عليه بالضعف (نحوانقاذ التاريخ الاسلامي ص 55، 60). وفـات عـلـي الاخ حـسن المالكي ان الامام الذهبي اعتمده احد المصادر المهمة في كتابة تاريخ الاسـلام حـين قال وقد طالعت علي هذا التاليف من الكتب مصنفاتي كثيرة، ومادته من دلائل النبوة للبيهقي، وسيرة النبي لابن اسحق،والفتوح لسيف بن عمر (تاريخ الاسلام 1/14،15). وعـنـي بـكتابه (الفتوح) واعتمد عليه، وغيره في مادة الفتوح كما ذكر ذلك الدكتور بشار عواد (الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الاسلام ص 418). كـمـا فـات علي المالكي ان ابن كثير يرحمه اللّه اكثر من الرواية عنه، واعتمد عليه وزكاه في مـرويـات الفتنة بالذات، ووصفه بانه من ائمة هذا الشان، ودونكم هذه الكلمات المنصفة ل سيف وامثاله، والكاشفة لرواة آخرين، انقلها بحروفها كماسطرها ابن كثير بقوله: هـذا مـلـخص ما ذكره ابو جعفر بن جرير رحمه اللّه عن ائمة هذا الشان، وليس فيماذكره اهل الاهواء من الشيعة وغيرهم من الاحاديث المختلفة علي الصحابة،والاخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها، واذا دعوا الي الحق الواضح اعرضواعنه وقالوا: لنا اخبارنا ولكم اخباركم، فنحن حينئذ نقول لهم سلام عليكم لانبتغي الجاهلين (البداية والنهاية 7/269). ولـئن كان ابن كثير لم ينص علي سيف او غيره، فظاهر لمن تامل كثرة نقله عنه وعن شيوخه انـه يـقـصـدهـم، فان قيل انه اكثر النقل عن ابي مخنف فقد اخرجه من الدائرة حين قال عن اهل الاهـواء من الشيعة ما قال وعلي كل حال فقدجزم الدكتور آمحزون في كتابه القيم: (تحقيق مواقف الـصـحـابـة في الفتنة) بسيف وشيوخه تفسيرا لنص ابن كثير الانف (د. محمد آل محزون تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة 1/132). وبـاخـتصار، فالامام الطبري، والحافظ ابن كثير، والحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر - رحمهم اللّه وغـيـرهـم كـثير، اكثروا الرواية عن سيف بن عمر التميمي يرحمه اللّه، وهم، وكتبهم من اعـدل، واهـم مـدوناتنا التاريخية، ومن رام التشكيك فيها بعبارة (صريحة) او (ملفوفة) فلا بد ان يتبين امره، وسيتحمل وزره، وفرق كبير بين (تحقيق) المرويات، و(نسف) المسلمات د - واذا دافع العلماء المتقدمون عن تهمة (الزندقة) الموجهة لسيف بن عمر - كماسلف - والمتامل فـي مـرويـاتـه ودفـاعه عن الصحابة يدرك قيمة هذه المدافعة -فقد دافع المعاصرون عن تهمة (الـتـعصب) القبلي من (سيف) لقبيلته بني تميم امثال جواد علي - وهو يرد علي (بروكلمان) هذه التهمة وقال د.آل محزون:والواقع ان تعصب (سيف) المزعوم لقبيلته ترده احوال بني تميم ومواقفهم مـن الـفـتـنة، فمن المعروف انهم ممن اعتزل الفتنة مع سيدهم الاحنف بن قيس يوم الجمل.. (انظر: جواد علي موارد تاريخ الطبري، مجلة المجمع العلمي العراقي المجلدالثالث 1374 ه/1954 م ص 49، وانظر د. محمد آل محزون تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة 1/236). ثقات يحدثون عن سيف قبل الطبري: وقـبل (الطبري) روي عن سيف وحدث: عنه (المحاربي)، كما نقل ذلك يحيي بن معين في التاريخ 3/460 حـيـن قال: سيف بن عمر يحدث عنه المحاربي، وهوضعيف ونقل ذلك العقيلي في الضعفاء الكبير 2/175 ويبدو ان (المحاربي)تصحفت الي (البخاري). فمن يكون المحاربي هذا الذي حدث عن سيف. هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد المحاربي ابو محمد الكوفي (ت 195ه) روي عنه الامام احمد بن حنبل وغيره واخرج له الستة في كتبهم (تهذيب التهذيب 6/265) ووثقه يحيي بن معين كما في الـتـاريـخ 2/357) كما وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر: كان ثقة كثير الغلط (تهذيب التهذيب 6/265،266). وقال عنه الذهبي: ثقة صاحب حديث (الميزان 2/585). واذا ثـبـت حديث هذا الثقة (المحاربي) والمتقدم علي (الطبري) بما يزيد علي (قرن)من الزمن، فهل تصبح (دعوي) المالكي حين يقول: ان الـطبري اول من اشهر روايات سيف بن عمر وكانت روايات سيف قبل ذلك خاملة جدا فاحتاجها الناس بعد الطبري للرد علي الشيعة (ص 77 نحو انقاذالتاريخ الاسلامي). او ليست تلك (مجازفة يا اخ حسن، واثبت الواقع لك خلافها ولو رجعت الي كتب الطبقات والتراجم لوجدت غيرها، افتراك تعدل عن رايك ذلك الظن بك، ام تراك (تترفق) في احكامك ذلك ما نرغبه لك. رابعا: رواة آخرون في الميزان وهـنـا يرد سؤال مهم: هل الذين حاولوا اسقاط سيف واتهموه اعتمدوا من هواصح منه سندا واسلم معتقدا؟ ام ان الميزان النقدي عندهم يختل اذا تجاوزواحدود (سيف بن عمر)؟ سنري ذلك في راو فضله (المالكي) علي (سيف) واوهم بمسير مروياته مع الروايات الصحيحة 2 - ابو مخنف (لوط بن يحيي) ت 157 ه لـقـد اجـمـع نقاد الحديث علي تضعيف (ابي مخنف) وتركه، ليس في الحديث فقط بل و في التاريخ واخبار السلف. قـال ابـو حاتم: ابو مخنف متروك الحديث (الجرح والتعديل 7/182) وقال ابوعبد اللّه الاجري: سالت ابا حاتم عنه فنفض يده وقال: احد يسال عن هذا(لسان الميزان 4/492) وقال ابن معين: ليس بـشي ء (تاريخ يحيي بن معين2 /500) وعلق ابن عدي علي عبارة يحيي هذه بقوله: وهذا الذي قاله ابن معين يوافقه عليه الائمة.. (الكامل في ضعفاء الرجال 6/2110). بـل وزاد ابن عدي حين قال عن ابي مخنف: (حدث باخبار من تقدم من السلف الصالحين ولا يبعد منه ان يـتناولهم، وهو شيعي محترق صاحب اخبارهم، وانماوصفته للاستغناء عن ذ كر حديثه الي ان قال: وله من الاخبار المكررة الذي لااستحب ذ كره (الكامل 6/2110) وقال عنه الذهبي: اخباري تـالـف لا يـوثـق بـه (مـيـزان الاعـتـدال، 3/2992) والـمـظنون بالذهبي انه يفرق بين كلمة (اخباري عارف) لسيف بن عمر، واخباري تالف لابي مخنف، بل يفرق بينهما كل من انصف من نفسه وانـصـف الاخـرين (لسان الميزان 4/292). ولا اشـك ولا اخـال منصفا لابن حجر يشك انه يفرق بين هذه العبارات لابي مخنف وقوله في سيف (عـمدة في التاريخ) وان العبارتين كلتيهما صريحتان في الرجلين كل بحسبه، واذا قلتم فاعدلوا (الانعام /152). امـا روايـة ابـي مخنف عن المجهولين فقد ذكر ذلك الذهبي (سير اعلام النبلاء7/301) والكتبي (فـوات الوفيات 3/225) ونسبه ابن تيمة للكذب (منهاج السنة 1/16)، وعلي الرغم من الضعف المنسوب للواقدي فقد قال ابن تيمية وهو يتحدث عن الرواة امثال ابي مخنف وهشام الكلبي، واسحق بـن بشروامثالهم من الكذابين. بل الواقدي،خير من مل ء الارض مثل هؤلاء. وقد علم ما قيل فيه... (الرد علي البكري من 17 - 18). امـا الـطـامـة الـكـبري فوق ما تقدم، فهو سب (ابي مخنف) للصحابة رضوان اللّه عليهم، وروايته الموضوعات عن الثقات، وفي هذا يقول ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات وقال السليماني: كان يضع للروافض (لسان الميزان 4/366). تـري هـل فاتت هذه المعلومات علي المالكي وهو يفضله علي سيف، فتلك مصيبة ان يذهب من عمره (اربع سنوات) في دراسة هذه الموضوعات ثم تندعنه هذه المعلومات ام ان لديه علما بها واطلاعا عـلـيـهـا، ولكنه - لحاجة في نفسه -اخفاها فالمصيبة اعظم وهل هذا (منهج يعلمنا كيف نصل الي الحقيقة) كماينشده المالكي (ص 11). لا اظن قارئا يوافق علي ان هذا (النهج) هو ذلك (المنهج) المنشود وبـكـل حـال فـارجـو ان يملك (المالكي) من الشجاعة ما يعلن به (قبوله) للحق ويعيد نظرته الي (سـيـف) و (ابـي مخنف) وفق هذه النصوص الصريحة، والاراءالواضحة التي لا تحتمل التاويل، وليس فيها (ايهام) ولا غموض ولـلـمزيد اقول ان المؤرخين المعتبرين امثال (ابن كثير) يرحمه اللّه، لم يفت عليه ما في مرويات (ابـي مـخنف) من تزيد، وسب للصحابة حين قال وهو يعلق علي رواية فيها (ابو مخنف) والمظنون بـالـصـحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة واغبياء القصاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الاخبار وضعيفها،ومستقيمها وسقيمها، وميادها وقويمها، واللّه الموفق للصواب. (البداية والنهاية 7/161)

الانقاذ من دعاوي الانقاذ من التاريخ الاسلامي (4/4)

د. سليمان بن حمد العودة صحيفة الرياض - 30 ربيع الاول - 1418 ه خامسا - ملحوظات اخري في الكتاب وفوق ما سبق عرضه من آراء وملحوظات، وتحقيق، فثمة ملحوظات اخري اسجل ما (تيسر) منها، وفي جزء يسير من الكتاب: ا- يـحـذر الـمـالـكـي من كتابات من يحملون هم (التاريخ الاسلامي) ويعتبرها اخطرمن كتابات (المستغربين) و(اهل الاهواء) لان هذه الاخيرة - كما يقول لاتخفي علي القارئ اللبيب المالكي (في الهامش) قوله: الغريب انني وجدت في كتب (طه حسين) من (الانصاف) اكثر مما وجدته في كتب بعض من يدعون انهم يحملون هم (التاريخ الاسلامي). (ص 36 من الانقاذ). وانـا هنا اتساءل لماذا طه حسين بالذات غـيره، وكتاباته في (السيرة) و(تاريخ الخلفاء) وغيرهالا تخفي وهل يعلم (المالكي) تشكيك طه حسين (المنصف في نظره) في تاريخ الشيخين (ابي بكر وعمر) رضي اللّه عنهما حين يقول: وانا بعد ذلك اشك اعظم الشك فيما روي عن هذه الاحداث، واكاد اقطع بان ماكتب القدماء من تاريخ هذين الامامين العظيمين، ومن تاريخ العصر القصيرالذي وليا فيه امور المسلمين اشبه ب (القصص) منه بتسجيل (حقائق)الاحداث التي كانت في ايامهما.. هذا ما سطره (طه حسين) في مقدمة كتاب (الشيخان) فهل يروق ذلك للمالكي؟ ام تراه يروق له قوله عن معاوية رضي اللّه عنه: وقد ضاق معاوية برجل عظيم الخطر من اصحاب النبي (ص) هو ابوذر ولم يستطع ان (يبطش به لـمكانه من رضي رسول اللّه (ص)، وايثاره اياه لسابقته في الاسلام، ولم يستطع ان يفتنه عن دينه بالمال (الفتنه الكبري2 /57). واين الانصاف عند (طه حسين) وهو يقول عن (عمرو بن العاص) رضي اللّه عنه: كان يكره بيعة علي لانه لا ينتظر من هذه البيعة منفعة او ولاية او مشاركة في الحكم، ولهذا انضم الي معاوية، وكان ابنه عبد اللّه يري ان اباه قد باع دينه بثمن قليل.. ام يـري المالكي (انصاف) طه حسين في شدته علي بني امية سواء من الصحابة اومن التابعين وماذا هو قائل عن منهجه في احداث الفتنة حين يقول: وانا اريد ان انظر الي هذه القضية نظرة خاصة مجردة، لا تصدر عن عاطفة ولاهوي، و لا تتاثر بالايمان ولا بالدين، وانما هي نظرة المؤرخ الذي يجرد نفسه تجريدا كاملا من النزعات والعواطف والاهواء مهما تختلف مظاهرهاومصادرها وغاياتها (الفتنة الكبري 1/5). ام يراه منصفا حين يقول عن عبد اللّه بن سبا: ان امـر الـسـبئية وصاحبهم ابن السوداء.. انما كان متكلفا منحولا، قد اخترع بخرة.. اراد خصوم الـشـيـعة ان يدخلوا في اصول هذا المذهب عنصرايهوديا امعانا في الكيد لهم والنيل منهم.. (الفتنة الكبري 2/90 - 91). اللهم انا نبرا اليك من هذا الهراء، وان اعتبر المالكي (صاحبه) منصفا واذا تـسـلـلـت مثل هذه الافكار (لطه حسين) واعتبر بهااو بمثلها (اكثر انصافا) من المؤرخين الاسلاميين عند طبقة (المنقذين 2 - يقلل (المالكي) من كتاب (العواصم من القواصم) لابن العربي من وراءوراء، فهو يبدا بالتشهير بـتعليقات (محب الدين الخطيب) علي الكتاب،ويقول: ان الجهلة من المؤرخين قلدوها واصبحوا بها يعارضون الاحاديث الصحيحة والروايات الثابتة ثـم لا يتمالك نفسه حتي يصل الي (ابن العربي) نفسه، وكتابه، الذي يعده من الكتب المفتقدة للتحقيق الـعـلمي المتشدقة بمنهج اهل الحديث، وانها تجمع بين نقيضين وفيها تحريف للحقائق او الاستدلال بالصحيح او الكذب الصراح المجرد احيانا (ص 35،36). 3 - ولم يسلم ابن تيمية من (لمز) المالكي، وان جاءت بعبارات ومقدمات (ذكية) حين يقول: فكيف تـقـنـع الـمـتـعصب ضده بما في مؤلفاته من خير كثير،وكيف تقنع المتعصب له بالاخطاء الظاهرة الموجودة في كتبه.. (ص 36،الهامش). اما كتبه فيختار منها (منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية) ليضعه (قبل)ضمن قائمة الكتب الـمـفـتـقـدة لـلـتحقيق العلمي المتشدقة بمنهج اهل الحديث،والتي يقلدها المؤرخون بلا محاكمة لـلـنـصوص ثم يحذف ذكره في الكتاب مؤجلا الحكم النهائي بعد دراسة الكتاب دراسة مستفيضة.. (ص 35،الهامش). ومـع اعـتقادنا بعدم العصمة لاحد (سوي الانبياء عليهم السلام) فمن حقنا ان نسال (المالكي) وهو الـذي اصدر هذه الاراء بعد دراسة استمرت اربع سنوات - كما ذكر حين اصدر حكمه - من قبل عـلـي مـنـهـاج السنة - مثلا -الم يكن بعد الدراسة فلماذا حذفه في الكتاب؟ وان كان لم يستوف البحث فكيف اعلن رايه قبل استكمال بحثه؟ لا يـخـفـي؟ المالكي بتصنيف من يدافع عن ابن تيمية بالتعصب له امـا كـتاب ابن العربي (العواصم من القواصم) فعلي الرغم مما فيه من ملحوظات،لا يسلم منها عمل الـبـشـر، فـيكفيه فخرا مدافعته عن صحابة رسول اللّه (ص) وهذه لا ترضي (العوام) كما يفهم الاخـرون، بـل هـي ضمن معتقد اهل السنة والجماعة وقد اعتبر العلماء قديما وحديثا سب صحابة رسول اللّه زندقة، كما قال ابو زرعة الرازي يرحمه اللّه: اذا رايت الرجل ينتقص احدامن اصحاب رسـول اللّه (ص) فـاعلم انه زنديق، وذلك ان الرسول (ص)عندنا حق، والقرآن حق، وانما ادي الينا هذا القرآن والسنن اصحاب رسول اللّه (ص)، وانما ارادوا ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم اولي وهم زنادقة. (الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص 97). ويـقـول امام السنة الامام احمد بن حنبل يرحمه اللّه: ومن الحجة الواضحة البينة المعروفة ذكر مـحـاسن اصحاب رسول اللّه (ص) كلهم اجمعين، والكف عن ذكر مساويهم، والخلاف الذي شجر بـينهم، فمن سب اصحاب رسول اللّه (ص) او احدا منهم او تنقصه او طعن عليهم او عرض بعيبهم او عـاب احدامنهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف، لا يقبل اللّه منه صرفا ولاعدلا، بل حبهم سنة، والـدعـاء لـهم قربة والاقتداء بهم وسيلة، والاخذ بثارهم فضيلة.. (رسالة السنة للامام احمد ص 78). وانـا هـنـا لا اتـهم (المالكي،) بسب احد من اصحاب رسول اللّه (ص)، ولكني اذكره ان التعريض بالكتب المدافعة عنهم (العواصم)، والكاشفة لقدح القادحين فيهم (منهاج السنة) هو طريق الي النيل مـنـهـم، ولـو جـاء بـحـسـن نية،وباسم البحث العلمي و التحقيق ولو قدم له بالاستفادة من اخطاء سلفناالسابقين (ص 78). 4 - و ابـن سـبا شخصية تاريخية وحقيقة ثابتة، يتضافر علي ذكرها الرواة والمرويات، ويتفق عـلـي وجـودهـا (الـسـنة) و(الشيعة) و لكنها محل (شك) او(انكار) عند المالكي، فهو معجب بالدراسات التي انتهت الي اعتبار (ابن سبا) اسطورة (ص 58). ويصف (ابن سبا) باليهودي النكرة بـل يـذهب (المالكي) ابعد من هذا وهو يحاول - دون دليل - انكار صلة عقائدالشيعة، بابن سبا، من خلال انكاره واستبعاده نشر (ابن سبا) فكرة الوصية (ص 79). وهـذه مـغـالـطة علمية، وانكار لما لم ينكره (الشيعة) انفسهم. فضلا عن كلام اهل السنة، وهاك الـبرهان: فالشيعي سعد بن عبد اللّه القمي (ت 229 او 301)يعتبر (ابن سبا) اول من قال بفرض امـامـة عـلي ورجعته.. (المقالات والفرق ص 10 - 21) ويوافقه علي ذلك (النوبختي) (ت 310) (فرق الشيعة ص 19، 20) واقدم كتاب عند الشيعة معتمد في علم الرجال هو: رجال الكشي، للكشي (من اهل القرن الرابع الهجري). وقـد جـاء فـي الكتاب ما نصه: ان عبد اللّه بن سبا كان يهوديا فاسلم ووالي علياعليه السلام وكان يـقـول وهو علي يهوديته في يوشع بن نون وصي موسي (بالغلو) فقال في اسلامه بعد وفاة الرسول (ص) فـي عـلـي مـثل ذلك، وكان اول من اشهر القول بفرض امامة علي واظهر البراءة من اعدائه وكـاشف مخالفيه وكفرهم، من هنا قال من خالف الشيعة ان اصل التشيع والرفض ماخوذ من اليهودية (الكشي ص 108، 109) وللمزيد حول هذه النقطة يمكن الرجوع لماكتب الدكتور ناصر القفاري في كتابيه (القيمين): 1 - اصول مذهب الشيعة الامامية الاثني عشرية 2/654 وما بعدها). 2 - مسالة التقريب بين اهل السنة والشيعة (1/136 - 138). افـيـكون (المالكي) اكثر (دفاعا) عن اصول ومعتقدات الشيعة من الشيعة انفسهم ذلك امر خطير، وكذلك ينقذ التاريخ عند غير اهل الاختصاص 5 - ورد فـي كتاب (المالكي) (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي) اكثر من مرة، الحديث عن (الشيعة) بـمـثل هذه العبارات فنحن في هذا العصر خاصة مغرمون بالردعلي المذهب الشيعي وبالتالي قبول كل ما يخالفه وان كان باطلا، ورد كل مايوافقه وان كان حقا (ص 72). ويـقول في ص 77: اما بين الخاصة فلم تنتشر روايات سيف علي مدي قرن ونصف القرن من موته (180) فكان اول من اشهرها - كما اشهر غيرها -هو الطبري (310 ه) وكانت روايات سيف قبل ذلك خاملة جدافاحتاجها الناس بعد الطبري للرد علي الشيعة ولـبـروز هذه الظاهرة في الكتاب - لمن تامل - فتراه يعرضها علي استحياءوتخوف ولربما خشي (الـتـهمة) بسببها (انظر ص 42، 267). فلماذا هذه المدافعة - واكثر من مرة في الكتاب؟ ادع الاجابة للمالكي 6 - وحين يشن (المالكي) حملته، علي (بعض المؤرخين الاسلاميين) ويعيب مناهجهم، ويستنكر نـتـائج ابـحـاثهم، تراه (يقبل) و(يثني) علي كتب ودراسات معينة، ويعتبرها من اروع الدراسات وهما: 1 - دراسة الدكتور عبد العزيز الهلابي عن: عبد اللّه بن سبا. 2 - دراسة للسيد مرتضي العسكري (عن ابن سبا كذلك). (انظر ص 57،58). وهاتان الدراستان ابرز نتائجهما: انكار عبد اللّه بن سبا واعتباره شخصية (وهمية) (اسطورية) - وقد سبق مناقشة هذه الاراء وتفنيدها بما يغني عن اعادته هنا. ولـكـن الـمـلاحـظة اللافتة للنظر في كتاب المالكي (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي) هو(توهيم) الـقـارئ. (اسـبقية) كتابة (الهلابي) علي كتابة (العسكري)، فهو بعدان يقدم الحديث عن دراسة الـهـلابي يقول، ما نصه: هناك دراسة اخري للسيد مرتضي العسكري ورغم ميوله العقدية فانه قد توصل للنتائج نفسها التي توصل اليها الدكتور الهلابي.. (ص 58). امـا الهلابي فحين ابتدا الحديث عنه قال: وقد توصل الي نتائح تتفق مع احكام اهل الحديث المضعفة لسيف بن عمر.. (ص 57). تـري (ايجهل) المالكي، ان دراسة (العسكري) سابقة لدراسة الهلابي بما لا يقل عن خمسة عشر عـامـا، اذ طـبـع كـتـاب العسكري (عبد اللّه بن سبا واساطيراخري) طبعته الاولي عام 1392 ه/1972 م، بينما نشر الهلابي دراسته في حولية آداب الكويت عام 1407 - 1408ه - 1986 - 1987م فـتـلـك مـعـلـومة ينبغي ان يصحح (انقاذه) منها ولا ينبغي له ان يجهل الاخرين ويزدري نتائجهم. ام انه (عالم) بذلك، ولحاجة في نفسه (اوهم) بتقديم رسالة الدكتور الهلابي (السني) علي دراسة العسكري (الشيعي) وعلي ايه حال فمن (حق) المالكي علينا ان (نحتاط) له بعض الشي ء، في نتائج هـاتـين الدراستين، فمع اعترافه انه تاكد من نتائج هاتين الدراستين برجوعه للمصادر- في سبيل دفاعه عن مجرد نقل بعض نتائجهما. الا انه يقول: وخالفتهما في بعض النتائج التي لم اعلن عنها (ص 81، 82) فهل (يتحفنا) عاجلا بهذه الـمخالفات، وهل يكون من بينها - وهي اهمها - عدم موافقتهما لانكار ابن سبا والقول باسطوريته؟ نرجو ذلك. 6 - وبـشـكل عام يلفت النظر في كتاب المالكي اختياره ل (نوعية) من الكتب لتكون محلا للدراسة، وتركيزه بالنقد علي رسائل تجمع مواصفات لاتكادتخرج عن منهج اهل السنة والجماعة، واظن ان مطالعة (عنوانها في فهرس الكتاب) كافية للكشف عن هويتها ومنها علي سبيل المثال: 1 - خلافة علي بن ابي طالب / عبدالحميد فقيهي. 2 - الامامة العظمي / عبد اللّه الدميجي. 3 - صحابة رسول اللّه (ص) / عيادة الكبيسي. 4 - عقيدة اهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام / حسن الشيخ. 5 - اثر التشيع علي الرواية التاريخية / عبدالعزيز نور ولي. 6 - تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة / محمد آل محزون. ولا يـعـنـي ذلك - بكل حال - تزكيتها من كل خطا، ولا عصمة مؤلفيها ولكن (النقد البناء) و(ادب الحوار والخلاف) شي ء، ونسف البنيان من اساسه،وتجهيل من بناه واتهام من شارك فيه بالضحك علي الاخربن تارة،والكذب اخري، وتلفيق الروايات ثالثة، واعتبار هذه الكتب مجمعات هزيلة للروايات الـضعيفة المتناقضة والتخيلات العقلية المتضاربة (ص 38)كل ذلك وامثاله من التهم والجراة في اصـدار الاحـكام شي ء آخر يخالف الامانة العلمية والمنهج الحق الذي طالما دعا، اليه المالكي، غفر اللّه لـنـا ولـه.ويـحـق للقاري ء (المتمعن) ان يسال عن (سر) التركيز (بالنقد) علي هذه الرسائل بالذات، (وقواسمها المشتركة: ا- الدفاع عن الصحابة بشكل عام والتحقيق في مواقفهم في الفتنة، ب - الكشف عن مرويات الشيعة واثرهافي التاريخ) واملي ان يطلع القارئ الكريم علي هذه (الكتب المطبوعة) محل نقد (المالكي) ليعلم ما فيها من خير. وليطلع علي الحقيقة بنفسه، وليهدي لاصحابها ما يراه من ملحوظات عليها. 7 - كـمـا يـلـفـت الـنظر- في كتابة المالكي - ان عين القارئ لا تكاد تخطي ء في كتابته (الشحن النفسي) و (التوتر العصبي) و (الحدة في النقد) و (التهجم)حينا، و (السخرية) حينا آخر، ولم تـسلم مناهج الجامعات، ولا تقديرولااحترام (للمتخصصين، والتخصصات) وكل ذلك مقابل تزكية الـذات اتـقـي) (النجم /32)، ويقول: (يا ايها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسي ان يكونوا خيرا منهم ولا نـسـاء مـن نـسـاء عـسـي ان يـكـن خـيرا منهن ولاتلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فاولئك هم الظالمون) (الحجرات /11)وهذه نماذج من (تهم) و(حدة) و(تجهيل) الاخرين عند (المالكي). يـقـول فـي (ص 19 مـن كـتـابـه).. بـيـنما الحق والواقع يقرران ان هذه المؤلفات (للمؤرخين الاسـلامـيـين) يتمشي الذود في مناكبها، والباطل في جوانبها، لاترفع حجابا من باطل، ولا تملك اقناعا لسائل.... ويقول في (ص 34): بل اكاد اجزم ان اكثر المؤرخين الاسلاميين - دعك من غيرهم - اجهل من ان يـتجراوا علي تحقيق اسناد واحد من اسانيدالطبري، او خليفة بن خياط مثلا... الي ان يقول: الا يـدل هـذا عـلي غبش في الرؤية، وتلوث في الفكر، واختلال في الموازين، وجهل مركب مزدوج؟ ويقول في ص 38: ان اعادة كتابة التاريخ الاسلامي ليس معناها ان نضع كذبامحبوبا مكان الحقائق الـمـكروهة.. وانما الواجب هو تسجيل ما صح من التاريخ ونبذ الضعيف والموضوع، وما ابعد اكثر الـمـؤرخـيـن عـن هـذا الواجب في التطبيق، فهم لا يقتربون من التحقيق العلمي ولا يكادون، وما مؤلفاتهم الا مجمعات هزيلة للروايات الضعيفة المتناقضة والتخيلات العقلية المتضاربة... ويـقول في الصفحة نفسها: اوجه ندائي الي المحدثين ان ينقذوا منهجهم من تحقيقات، بل (تلفيقات) المؤرخين الاسلاميين خاصة لانهم اكثر الناس تشدقا بمنهج المحدثين ادع هـذه (الـتهم) و (المجازفات) دون تعليق، فهي معبرة عن المستوي المتقدم في الكتابة العلمية الـمنقذة وهي نموذج لادب الحوار، واسس النقد، ارتضاه (المالكي) لنفسه، وعبر به عن الاخرين، وشمل به اكثرية المؤرخين لـكـنني اتساءل لماذا كل هذا وانا اعلم انه ليس بيني وبين الاخ (حسن) شي ءشخصي و اتوقع بقية اصحاب الكتب كذلك. واذا لم يكن شي ء من هذا، فما الدافع لهذا الاسلوب. ايريد مزيدا من الاقناع،فالحجة وحدها كافية، واذا خدمت بالاسلوب المناسب والكلمة الطيبة كانت، الاستجابة اليها اسرع ام هي نوع من (الاسقاط) و (توجيه) آراء الاخرين، فليس ذلك سبيل العلماء،في بيان الحق وكشف الباطل. ام تراه (يغيظه) شي ء معين (تجمع عليه هذه الرسائل، وتكشفه) فينبغي ان يكون صريحا في آرائه، شجاعا في وجهة نظره 8 - واراك - يـا اخ حـسـن - (تـدنـدن) كـثـيرا حول (علي) رضي اللّه عنه و(بيعته)افتراك (المحب) الاوحد، ام يخيل اليك انك (المدافع) الامثل لعلي رضي اللّه عنه وارضاه. ان (ابـا الـحـسن) رضي اللّه عنه وعن ابنيه (سبطي) رسول اللّه (ص)، في قلوبناجميعا معاشر الـمـسـلـمـين - الا من في قلبه مرض - ولا نرتاب في (فضله)ولافي (بيعته) ولكن هل تعلم ان (محنة) علي رضي اللّه عنه ببعض من يزعمون حبه (ويغالون) فيه (عظيمة) واول من يتبرا منهم (علي) نفسه وهو القائل: لا اوتي باحد يفضلني علي ابي بكر وعمر الا جلدته حد المفتري قال ابن تيمية يرحمه اللّه وقد روي ذ لك عن علي باسانيد جيدة (الفتاوي 28/475). وهل يصح القول منك ولكن عليا لا بواكي له وهذا الحافظ ابن حجر رحمه اللّه يقول: قد روينا عن الامام احمد قال: ما بلغناعن احد من الصحابة ما بلغنا عن علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه (الفتح7 /74). وعـن احـمد واسماعيل القاضي والنسائي والنيسابوري: لم يرد في حق احد من الصحابة بالاسانيد الجياد اكثر مما جاء في علي (الفتح 7/71). ومع ذلك فلا ينبغي ان يغيب عن بالك كثرة الكذب علي (علي) رضي اللّه عنه من قبل طائفة (غلت) فـيـه، وهم الذين عناهم ابن سيرين بقوله: ان عامة مايروي عن علي الكذب (صحيح البخاري مع الفتح 7/71، وانظر الفتح7 /73). 9 - واراك - يا اخ حسن - تعرض بسياسة عثمان رضي اللّه عنه ومعارضة الصحابة له، مشيرا الي ان الصحابة الذين كانوا يعارضون سياسة عثمان قدندموا ولم يكونوا يرون قتله.. ص 198. وفـي سبيل (دفاعك) عن (الاشتر النخعي) احد مناصري علي بن ابي طالب رضي اللّه عنه - كما تـقـول - (ص 197) قـطـعـت بان عددا من الصحابة (خرجوا) مع الثائرين فقلت: وقد خرج مع الـثـائريـن من هو افضل من الاشتر، كعبد الرحمن بن عديس البلوي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وهـمـامـن الـصـحـابة (المهاجرين)، بل كان معهم بعض (البدريين) كجبلة بن عمروالساعدي (ص 198). وليتك انصفت، واخرجت (القارئ) المبتدي ء، من هذه الفتنة فقلت: كـما قال ابن عساكر- يرحمه اللّه - ونقله عنه ابن كثير يرحمه اللّه ان عثمان لماعزم علي اهل الـدار فـي الانصراف ولم يبق عنده سوي اهله، تسوروا عليه الدار واحرقوا الباب ودخلوا عليه، وليس فيهم احد من الصحابة ولاابنائهم الا محمد بن ابي بكر... (تاريخ دمشق: ترجمة عثمان رضي اللّه عنه، ص 503 - 505، البداية والنهاية7 /202، 203). وكـمـا قال ابن تيمية يرحمه اللّه - وهو يدفع مزاعم الرافضي - ومعلوم بالتواتران الامصار لم يـشـهـدوا قـتله... ولا احد من السابقين الاولين دخل في قتله (منهاج السنة 8/213) وقبلهما قال الحسن البصري - يرحمه اللّه - وقدسئل: اكان فيمن قتل عثمان احد من المهاجرين والانصار. قال كانوا اعلاجا من اهل مصر (تاريخ خليفة بن خياط ص 176). وفـي طـبـقـات (ابـن سـعد) كان - قتلة عثمان - رضي اللّه عنه حثالة الناس،ومتفقين علي الشر (3/71). افلا تري ان هذه النصوص تدفع (ظنا) قد يتسرب الي ذهن قاري ء باشتراك الصحابة في دم عثمان، افلا يستحق الخليفة الثالث منك مدافعة كتلك التي استحقها الخليفة الرابع رضي اللّه عنهما. 10 - ويـؤخـذ عـلـي الـمـالـكي تعامله مع المصادر التي رجع اليها بنوع من (الاختيار) لما يريد، والاسـقاط او (التغافل) لما لا يريد، وان سبق نموذج (الطبري) ورصده لتضعيف (سيف) واهماله لتضعيف (ابي مخنف،والواقدي). فـثمة نموذج آخر في كتاب (السنة) لابن ابي عاصم ت 287 ه فقد اطلع عليه المالكي، ونقل منه نصوصا في اثبات تهمة بني امية في سب علي رضي اللّه عنه ص 25. ولـكـن هـل فـات عـليه ان يذكر نصا فيه اثبات ل (عبد اللّه بن سبا) من غير طريق سيف بن عمر (982) وهو في نفس الجزء الذي نقل عنه المعلومة السابقة ام ان النص لا يخدم غرضه، بل يسق ط جزءا من كتابه ولـئن ضـعـف (الالـباني) سند الرواية، فقد اشار الي اخراج (ابي يعلي ت 307 ه) له من طريقين آخرين عن الاسدي به، فهل فاتت هذه المعلومة ايضا علي المالكي ام انها ضمن الحقائق المكروهة فاين دعوي المالكي ان اعادة كتابة التاريخ الاسلامي ليس معناها ان نضع كذبا محبوبا مكان الحقائق المكروهة من القسط في النقول كلمة اخيرة وبـعـد - يا اخ حسن - فاني اعيذك ونفسي من الهوي، وارجو الا تاخذك العزة بالاثم، فتظل تتشبث بالردود اكثر من تاملك في الحق المقصود ولـيـس سـرا ان يـقـال لـك ان كـتابك (الانقاذ) فرح به (الموتورون) لانك به تجرات علي ما لم يستطيعوا الجراة عليه، وحققت لهم (حلما) طالما فكروا في الوصول اليه، وكلنا ينبغي ان نحذر ان نـكون (مطية) للاخرين ونحن لا نشعر او نكون هدفا لسهام الاخرين وثمة (اشباح) خلف الستار تقبع ان فـي (تـاريـخـنا) من ظلم الظالمين، وتزوير الافاكين، والتشويه، وقلب الحقائق،وطمس معالم الحق، ما يتفق العقلاء فضلا عن (العالمين) واهل الاختصاص، علي تجليته وصرف الجهود له، وبذل الاوقات في سبيله وفرق كبير بين (هدم) ما بني، والمساهمة في (اقامة) ما تهدم من البناء الـلهم رب جبريل و ميكائيل و اسرافيل فاطر السماوات والارض، عالم الغيب والشهادة انت تحكم بـين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اللهم اهدنا لمااختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء الي صراط مستقيم.

عبداللّه بن سبا و كاسحات الحقائق

اشاره

ب: د. حسن بن فرحان المالكي صحيفة الرياض - 9 ربيع الاخر - 1418 هـ اطـلعت علي رد اخي الدكتور سليمان بن حمد العودة المنشور في صحيفة الرياض ايام (الخميس والجمعة والسبت والاحد) في الاسبوع الماضي والذي قبله وكان بعنوان (الانقاذ من دعاوي الانقاذ للتاريخ الاسلامي)وحقيقة لو لم اكن مؤلف كتاب الرياض ولو لم اكن كاتب المقالات المنتقدة لشككت فـي هـذا الـمـنتقد لان الدكتور سامحه اللّه اجاد في استخدام (كاسحات الحقائق) كبتر النصوص وتـحـريـف الاقـوال او تـضخيمها او تحميل الكلام مالا يحتمل والزام ما لايلزم مع ما لمح اليه من اتهامات في النيات وغير ذلك من (الكاسحات) المستخدمة قديما وحديثا. وعـلي اية حال انا لا استغرب صدور مثل هذه الاساليب، فنحن لم نتعلم -الي الان - كيف نفهم كلام الاخرين وكيف نحكم علي اقوالهم ونياتهم بـمـعـني اننا لم ندرس في حياتنا الدراسية منهجا يعلمنا ضوابط المعرفة لكلام الاخرين. فعلي هذا يـجب علي القارئ الا يستغرب ابدا ان يجد في كتابات بعض الناس اتهامات بالتلميح او التصريح لان هـذا هـو الاصـل في طريقة تفكير كثير منا وطريقة تناوله لموضوعات المختلفين معه في الراي فالتهمة هي الاصل حتي تثبت البراءة بينما العكس هو الصحيح او هو المفترض. والـدكـتـور سـلـيمان العودة بني كل مقالاته الاربع علي فهم خاطي ء لاقوالي وبناءعلي هذا الفهم الخاطي ء رد رده ثم اتهمني باشياء واللّه ما خطرت لي علي بال وفي ظني ان الدكتور سليمان راي ان اسـهـل طـريق في الدفاع عن رسالته من نقدي لها هو هذا الاسلوب لان الناس عندهم قابلية لاتهام الاخـرين فاشبع هذه الرغبة عندهم بما حشره في مقاله من هذا بل كان نقدا تاريخيا بحتا. علي اية حال لن ارد علي التهم الخارجة عن موضوع التاريخ واتركها للّه عزوجل ليحكم بيني وبين الـدكتور فيها فان كان اللّه يعلم انها باطلة فسياخذلي من الدكتور و ان كان يعلم انها حق فسيعاقبني علي هذا وهذه المسالة لاتهم الباحثين. اما المعلومة فيجب عليكم ان تردوها بالحجة والبرهان لان العالم سينفتح ولابدان نتعود علي التعامل مع المعلومة وننقدها وليس مع مصدر المعلومة. علي اية حال نعود للمسائل التاريخية البحتة ونتحاور مع الدكتور سليمان العودة محاولين الاقتصار علي نماذج فقط مما اورده، فاقول ردا علي الد كتورالعودة: الملاحظة الاولي: سوء الفهم اول الكاسحات كـل مقالات الدكتور سليمان العودة كانت نتيجة لسوء فهم او اساءته او تعمدالتحريف وليختر منها الـدكـتـور اصـحها فهو قد ظن انني انفي وجود عبد اللّه بن سبا مطلقا وهذا ما لم اقله البتة بل قد صرحت في كتاب الرياض وفي مقالات سابقة بانني متوقف في عبد اللّه بن سبا من حيث مطلق وجوده وان كنت انفي وبشدة دوره في الفتنة ايام عثمان وعلي رضي اللّه عنهما. وهـنـاك فرق كبير بين رايي الذي اعلنت عنه وبين ما حملني اياه الدكتور سليمان العودة ولولا ان الـدكـتـور اخـبرنا انه قرا الكتاب لعذرته اذ كيف فاته ماقلته ص 260 من الكتاب نفسه عندما قلت (والفقيهي نفسه يعترف بان سيف بن عمر ضخم دور عبد اللّه بن سبا ولم يجرؤ الفقيهي ان يقول ان سيفااختلق دور عبداللّه ابن سبا في الفتنة). اقـول: هـذا كلامي مقيد ب (الفتنة) وقلت تعليقا علي قول الفقيهي.. وتسقط بعض الروايات (روايات سيف) مثل تضخيمه لدور ابن سبا. هـذا قـول الـفقيهي فقلت معلقا (ولكن اكثر زملائك في الجامعات لايزالون يثبتون روايات سيف في تـضخيمه ابن سبا ولا يسقطونها مثلما تسقطها انت هنافانتم متناقضون في حدث كبير مثل عبد اللّه بن سبا بل ان رسالة الدكتورسليمان العودة هي في اثبات دور ابن سبا..). اقول: فانتم تلاحظون تقييدي للنفي ب (الفتنة) وليس مطلقا.. وقلت ص 261 نحوهذا، ولعل من آخر ما ذ كرته كان يوم الاثنين 17/3/1418ه قبل الماضي عندما قلت - بكل وضوح - (وكذلك عبد اللّه بـن سـبـا هـو تـحـت الـبحث والدراسة ولا اجزم بنفي وجوده و ان كنت اجزم ببطلان دوره في الفتنة)وكذلك ذكرت نحو هذا في المقال الذي سبقه يوم الاثنين 10 / 3 / 1418ه. اقـول: فهذه الاقوال المتكررة الصريحة والتقييدات الواضحة لا ادري لماذا اهملهاالدكتور العودة وقـبـلـه الهويمل آراء لم يقل بها. وللاسف ان الدكتور سليمان بني كل مقالات علي هذا (التحريف المتعمد) و(بترالنصوص) وما الي ذلـك ربـمـا لانه وجد هذا اسهل من الكلام في مسالة القعقاع (الذي انفي وجوده مطلقا) واسهل من الدفاع عن رسالته اذن فـالـخلاصة في ابن سبا هنا انني اجزم ببطلان دوره في الفتنة ذلك الدور الذي رسمه ووصفه سـيف بن عمر ومعظم رسالة الدكتور سليمان كانت قائمة علي سيف بن عمر فلو سقط سيف سقطت الرسالة فلذلك لا نستغرب دفاعه المستميت عن سيف بن عمر الملاحظة الثانية الـدكـتور سليمان العودة للاسف لم يفهم عنوان الكتاب (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي) فقد ظن انني اري نفسي (منقذا) واري الكتاب (الانقاذ) نفسه كان عنوان الكتاب (نحو انقاذالتاريخ الاسلامي) اسـمـي الـكتاب (انقاذ التاريخ الاسلامي) بحذف كلمة (نحو) مـاافـعـله لم يحن بعد ان اسميه (انقاذا) ولكن انا اسعي (نحو)الانقاذ فـعـنوان الكتاب يدل علي (الهدف)وكلام الدكتور سليمان يدل علي انه فهم من العنوان انه يدل علي (الـنتيجة) العالم الثالث فاذا كان عنوان الكتاب لم يفهمه الدكتور فكيف ببقية اقوالي في الكتاب الملاحظة الثالثة ذكـر انـنـي (اتـعـاظم) تـمسكت بمنهج اهل الحديث فندت اقاويل من سبقوني..) اقول:ايضا الدكتور سليمان لو تامل الكلام لـوجده ثناء علي (منهج اهل الحديث)وليس علي الذات بـعـض الصحابة اعمالهم عند حاجتهم الي ذلك بل الدكتور سليمان زكي نفسه كثيرا في كتابه (عبد اللّه بن سبا) ورده الاخير فيه مواضع كثيرة زكي فيها نفسه وليس هذا محل بيانها ولا اهميتها. الملاحظة الرابعة ذكـر الدكتور سليمان ان (التاريخ) تحول في ذهني وانحسر (الانقاذ) فيه في (بيعة علي) فقط وان معظم دراساتي النقدية تتمحور حول هذا اقـول اولا: لـم يـنـحـسـر عندي (السعي نحو الانقاذ) في بيعة علي فقط ولو كان كذلك لما كتب الدكتور ردا علي في (عبد اللّه بن سبا) ثـانـيا: لابد للمشاريع العلمية من بدايات فلا استطيع ان اطبع كل ما اسعي اليه من (انقاذ) بين عشية وضحاها فالبداية بموضوع معين لا تعني عدم الشمولية في الاهداف. ثـالثا: ليس هناك مانع شرعي ولا عقلي من الاهتمام بموضوع معين في التاريخ والدكتور نفسه مهتم بـعـبـد اللّه بن سبا ومعظم دراساته وكتاباته تدور حول ابن سبا فما المانع ان يكون اهتمامي بفترة خلافة علي بن ابي طالب (البيعة وتبعه في ذلك كثير من اصحاب الرسائل الجامعية ومنهم العودة كما سيري القارئ في نقدنا لما كتبه حول البيعة (كتاب الرياض ص 175 او بيعة علي ص 315). ومـلاحظة الدكتور السابقة ليست مطروحة علميا فلا يقال لباحث لماذا تهتم بهذا الموضوع فقط لان من حق ذلك الباحث ان يبحث فيما يراه مهماويذكر الاسباب وقد ذكرنا الاسباب في حينها. الملاحظة الخامسة ظـن الـدكتور العودة ان ثنائي علي دراسة الدكتور الهلابي ودراسة العسكري حول (عبد اللّه بن سبا) يحمل موافقة لهما في كل ما ذهبا اليه اخالفهما في بعض النتائج وان سياق الثناء علي الدراستين لم يكن في عبد اللّه بن سبا. وانما كان في سيف بن عمر في الوصول لاتهام النيات اولا: لـم اثن علي دراسة الهلابي والعسكري بسبب نفيهما لعبد اللّه بن سبا وانمالتوصلهما لتضعيف سيف بن عمر (تاريخيا) بعيدا عن (منهج المحدثين)فاتفاقهما مع (منهج المحدثين) بالمنهج التاريخي فـيـه دلالـة عـلـي قـوة مـنـهج المحدثين وهذا ما ابنته بكل وضوح (في كتاب الرياض ص 75) فليرجع اليها من شاء. وان كان نفيهما لابن سبا فيه مباحث علمية قوية. ثانيا: انا بينت انني اخالفهما في بعض النتانج وان لي ملاحظات علي الدراستين (انظر كتاب الرياض ص 81) لكن الدكتور العودة تعمد اخفاء هذاالاستثناء لاسباب معروفة للمتامل. الملاحظة السادسة قـوله: (والخلاصة ان المالكي يشارك غيره الافكار والتشكيك لشخصية ابن سباوافكاره وان سيفا وراء ذلك كله) اقـول: والـخـلاصـة ان الـدكتور سليمان يريد تحميلي ما لم اقل وانه يعمم في موضوع ينبغي فيه الـتفصيل وان لم تصدقوا فارجعوا للنصوص (كلام الخصمين)وتاملوها ان اردتم الانصاف وتجنب الظلم. الملاحظة السابعة ثـم قـام الدكتور سليمان العودة باستعراض سبع روايات (جعلها ثمانيا) عثر عليهامثلما عثر عليها غيره (في تاريخ دمشق) وسمي هذا (بحثا علميا) مع انه (عثور فقط الاشـيـاء بـاسـمـائهـا الـحقيقية والصحيحة فقال: (لقد ثبت لدي بالبحث العلمي (وجود) روايات لاينتهي بن سبا اقـول اولا: اذا كـان الدكتور سليمان لا يعرف الا ثماني روايات فيها ذكر لابن سبامن غير طريق سيف فغيره قد يعرفها وزيادة ثـانيا: عندي روايات زائدة غير ما ذكره الدكتور سليمان (وقد عثرت عليها في مصادر متقدمة عن ابـن عساكر من الناس الذين يضعونها في غير موضعها. ثالثا: قول الدكتور السابق يدل علي الضعف في (حصر المادة العلمية) فاذا كانت رسالته في عبد اللّه بـن سـبـا واهـتـمامه باثبات هذه الشخصية من غير طريق سيف فانه من القصور الا يجد الا ثماني روايات فقط اقول ان ابن سبا عندي تحت الدراسة الي الان رابعا: تلك الروايات التي نقلها د.سليمان العودة من تاريخ دمشق وجدت الدكتور يخلط بينها ويجعلها كـلها في (عبد اللّه بن سبا الي عدة اقسام: - روايات ذكرت (عبد اللّه بن سبا) صريحا. - روايات ذكرت (الحميت الاسود). - روايات ذكرت (عبد اللّه بن وهب السبئي). - روايات تذ كر (ابن السوداء). - روا يا ت ذكرت (عبد اللّه السبئي). - روايات ذكرت (ابن حرب). - روايات لم يوردها فيها ذكر (السبئية). اقول: فهذا هو التصنيف الصحيح من حيث المتن ويجب التفريق بينها في البداية ثم النظر والبحث بعد ذلـك هل (الحميت الاسود) المراد به (عبد اللّه بن سبا)او لا؟ هل السبئية المقصود بها التابعون لـعبد اللّه بن سبا في العقائد؟ ام انهالفظة تحقيرية للمعارضة كما يقول د.الهلابي؟ وهكذا.. بمعني انه يجب علي الباحث الذي يزعم انه بحث المسالة (بحثا علميا) ان يثبت للقراء ان المتون تتحدث عن شـخـصـيـة واحدة وليس عن شخصيات مختلفة او الفاظ غيردالة، وانا هنا لا اقول ان تلك المتون تـتـحـدث عـن شـخـصـية واحدة ولا اقول انها تتحدث عن شخصيات مختلفة وارجئ هذا للبحث والـدراسة لكن الدكتور كان من واجبه اثبات ان تلك الروايات يقصد بها (عبداللّه بن سبا)ومتي جاء هذا التفسير خامسا: قوله بان تلك الروايات لا ينتهي سندها الي سيف قول غريب سـنـدهـا الي سيف وانما الي شيوخه او شيوخ شيوخه (الانتهاء) في السند سادسا: زعمه بان الالباني قد صحح اسانيد عدد من تلك الروايات!! وليت الدكتور العودة بين لنا تلك الاسـانيد التي صححها الالباني نـفـسـه يـقول ان سيف بن عمر (كذاب) الـدكـتـور العودة قائمة علي (كذاب) عمر مثلما اضطر للتخلي عن احكام اهل الحديث عليه في الرسالة ثم ان الالباني حكم علي سيف ب (الكذب) في مسالة تاريخية بحتة يعتبر الالباني حجة ويقلده ويدعونا لتقليده واما ان يقول الالباني مثله مثل غيره من العلماء لا نلزمكم بتقليده، وكلا الامرين ليس في صالح الدكتور ورسالته. نظرة علي متون الروايات الدكتور سليمان (مثل اكثر المؤرخين الاسلاميين) يفتقد الالية التي تعينه علي الحكم الصحيح علي الروايات اسانيدا ومتونا وبما انه اعترف بضعف بعض الاسانيد التي اوردها ورغم ان اعترافه كان خفيفا الا انه بنظرة علي متون الروايات التي فيها ذكر ل (عبد اللّه بن سبا) صريحا نجد تلك المتون في غاية النكارة. خذوا علي سبيل المثال: الرواية الاولي التي فيها قول الشعبي (اول من كذب عبداللّه بن سبا مـتن باطل يعرف بطلانه من عنده ادني من علم ولو سالنااحد العوام الذين لا يقراون ولا يكتبون من هـو اول مـن كذب بـنـي آدم كـل هـؤلاء كذبوا قبل عبد اللّه بن سبا الامر لا يحتاج منهج محدثين وانما يحتاج رجلا عاقلا فقط سبا اين قول ابليس (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين اين قول فرعون (انا ربكم الاعلي) هل الدكتور سليمان يري ان عبد اللّه بن سبا قبل هؤلاء وقبل الخليقة علي اية حال: الاسناد اضعف من ان يبين لكن ضعف ونكارة المتن يغنينا عن البحث في الاسانيد نقد الرواية الثانية اما الرواية الثانية التي اوردها الدكتور سليمان (رواية ابي الطفيل) فليس فيهاذكر لعبد اللّه بن سبا وانـمـا فـيها ذكر (ابن السوداء) فالهلابي وغيره من الباحثين لايسلمون ان المراد به عبد اللّه بن سبا هنا عن (الانتصار للذات نقد الرواية الثالثة اما الرواية الثالثة التي اوردها العودة فليس فيها ذكر لعبد اللّه بن سبا البتة، انمافيها ذكر (الحميت الاسود) وهـذه الـرواية من طريق غندر عن شعبة عن سلمة بن كميل عن زيد بن وهب عن علي وهذا سند صحيح لكن يبقي الكلام في معني (المتن نقد الروايه الرابعة هـذه الـروايـة هي نفسها الرواية الثالثة لكن العودة جعلها روايتين بسبب تفسيرعمرو بن مرزوق (الراوي عن شعبة) لكلمة الحميت الاسود فقال (يعني عبد اللّه بن سبا وكان يقع في ابي بكر وعمر اقـول: وعـمـرو بن مرزوق معروف بانه كثير الاوهام وان كان ثقة في نفسه فالرواية هي رواية شعبة رواها عنه اثنان (غندر وعمرو بن مرزوق) فغندررواها بلفظ (مالي وهذا الحميت الاسود اوثـق بـكثيرولم يتهم بالوهم والخطا مثل عمرو بن مرزوق وعلي هذا فتفسير عمرو بن مرزوق ليس حجة لانه جاء بعد سيف بن عمر علي اية حال تفسير عمرو بن مرزوق ليس حجة لان بينه وبين الحادثة نحومئتي سنة لا يعتبر رواية مسندة (كما اوهمنا العودة بـل هـذا (مـدرج) ولو كان د. العودة متمكنا في علم الحديث لعرف هذا جيداولعرف ان (الزيادات الـشـاذة الـمـدرجـة) لا تـعـتبر (روايات مسندة) الاسـلاميين بل لا يدركه كثير من طلبة علم الحديث ومن طالع كتاب العلل للدارقطني عرف شرف هذا العلم. الرواية الخامسة اورد الـد كتور العودة رواية حجية الكندي وفيها ان عليا قال وهو علي المنبر(من يعذرني من هذا الحميت الاسود الذي يكذب علي اللّه وعلي رسوله -يعني ابن السوداء - لولا ان لايزال يخرج علي لصابة تنعي علي دمه كماادعيت علي دماء اهل النهر لجعلت منهم ركاما اقول: الاسناد حسنه العودة امـا تفسير بعض الرواة لقوله (يعني ابن السوداء) فهذا التفسير لا يعرف مصدره مـصـدره مـتـقدم فهذا يحتاج لبحث - كما قلنا - لاثبات ان ابن السوداء هو عبد اللّه بن سبا نفسه فـالـذيـن يـنـفون ابن سبا مطلقالايسلمون بان ابن السوداء هو عبد اللّه بن سبا هذه الروايات الموجودة في مصدر من اشهر دواوين الاسلام كتاريخ دمشق نـكـارة لانـه يـفيد ان عليا متخوف من قتل ابن سبا تخالف ما صح عن علي في الصحيحين من فرحه بقتال الخوارج وذكره فضل من قاتلهم لاحظوا انني (ادردش) مع الدكتور سليمان رغم انني الي الان لم استوف البحث لكن حجج الدكتور وروايـاتـه ضعيفة بحيث لا يحتاج ردها الا ان تعلم ان ابليس خلق قبل عبد اللّه بن سبا وان المدرج لـيـس حجة وان عليا فرح بقتال الخوارج وان الرافضة لم تكن موجودة في عهد علي وهكذا فلو لم يـكـن عـندي روايات اخري غير ما اورده الدكتور لجزمت بنفي ابن سبا مطلقالكن عندي روايات اخري ساذكرها وهي التي تجعلني اتوقف في مسالة نفيه مطلقا.. الروايه السادسة هـذه الرواية اعترف الدكتور بضعف اسنادها ففيها ثلاثة مجاهيل في نسق وهي رواية ابي الجلاس عن علي في قوله لعبد اللّه السبائي (ويلك واللّه ما افضي الي بشي ء كتمه احدا من الناس ولقد سمعته يقول: ان بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وانك لاحدهم اقـول: وعبد اللّه السبائي هذا هل هو عبد اللّه بن الكواء او عبد اللّه بن وهب الراسبي او عبد اللّه بـن سبا وكل هؤلاء سبئيون من قبيلة سبا وكلهم يصح ان يطلق عليه عبد اللّه السبائي ولابن الكواء قـصـة مماثلة مع علي يساله (هل عنده شي ء غير القرآن) مما اسره النبي (ص) فكان علي ينفي هذا وهـذه الـقـصـة في البخاري وعلي هذا يمكن ان يكون عبد اللّه السبائي هو عبد اللّه بن الكواء لكن الدكتور العودة يريد اثبات عبد اللّه بن سبا ولو كانت الروايات في غيره ثـم لـمـاذا يـعرف علي ان عبد اللّه السباي هو من الكذابين الثلاثين ثم لايعاقبه ولايحبسه حتي لا يضلل الناس بكذبه سـيـف بـن عـمر تحت البحث.. الرواية السابعة ثـم اورد الـدكـتور سليمان رواية سماك بن حرب عن علي لانه بلغه ان ابن السوداءيتنقص ابابكر وعمر اقـول: اولا: سماك بن حرب لم يسمع من علي ولا ادركه ولم يولد الا بعده علي مايظهر لان وفاته كانت (123 ه) بينما وفاة علي كانت (40 ه) ثـانيا: لا نسلم بان ابن السوداء المراد به عبد اللّه بن سبا الا ببرهان ودليل وقداتوصل انا الي انهما واحد لكن كما قلت هذا قيد الدراسة. ثالثا: هل عقوبة متنقصي ابي بكر او عمر او عثمان او علي هي القتل فـالـمـشـهـور ان هذا خاص بالنبي (ص) فقط بمعني ان عقوبة القتل خاصة بمن يشتم النبي (ص) ويـسبه اما غيره من الصحابة فالواجب هو التعزير فقط ساب ابي بكر منعه ابو بكر رضي اللّه عنه وقال (ليست هذه الا لرسول اللّه (ص) هـذا مـما يخفي علي علي يـقاتلهم حتي سفكوا الدم الحرام بين النصوص وعدم محاكمتها ولذلك لاتستغربوا ان يظن ان ابن سبا اول من كذب رابـعـا: مـن هـم الذين كلموا عليا في ابن سبا الـمـخالف لما يراه من الحكم الشرعي علي لابن سبا هو غلوابن سبا في علي واعتباره الها خالقا رازقا.. علي اية حال هذا النقد لن يفيد من عنده الاحكام المسبقة لكنه سيفيد من يريدالبحث عن الحقيقة. الرواية الثامنة ثم اورد الدكتور رواية جابر بن عبد اللّه وفيها انه (لما بويع علي خطب الناس فقام اليه عبد اللّه بن سـبا فقال له انت دابة الارض.. انت الملك.. انت خلقت الخلق وبسطت الرزق مـرة: اتق اللّه مـن كـذب عـلـي جابر بن عبد اللّه ويزعم ان جابرا قال (فاجتمعت الرافضة فقالت:دعه وانفه الي سـاباط المدائن والرافضة.. الرواية). اقول: اولا: هذه لا ادري كيف عقلها الدكتور العودة وكيف نشرها ولم ينقدمتنها ثانيا: متي مات جابر بن عبد اللّه ومتي كانت بيعة علي ومتي خرجت الرافضة والقرامطة فالرافضة لـم تـعـرف بـهـذا الاسـم الا عام 122 ه. اما موت جابر بن عبد اللّه راوي الحادثة فكان قبل ذلك بـخـمسين عاما (وفاة جابر كانت نحو70 ه)، وكذلك بيعة علي كانت قبل نشوء مصطلح الرافضة بخمسة وثمانين عاما اما القرامطة فلم يظهروا بهذا المصطلح الا بعد موت جابر بن عبد اللّه بنحومائتي عام راس الـقـرامطة الذي سمي به القرامطة توفي عام293 ه عـامـا لـكـن الدكتور العودة لا يمتلك المنهج النقدي للمتون ولو كان يمتلك هذا المنهج النقدي لما راينا مثل هـذه الـروايات التي يستشهد بها في اثبات عبد اللّه بن سبا هـذا يتضح ان القصة هذه مختلقة واذا لم تكن مكذوبة بهذا السياق فليس في الدنيا حديث موضوع ولا روايـة مـكـذوبـة وجـوده) بـعـشـرات السنين وكيف تحذر الرافضة عليا من اصحاب ابن سبا هل لهم هذه القوة التي تفوق قوة الخليفة هـذه اسئلة لن يجد العودة اجابات عليها الا وتصب تلك الاجابات في ضعف الرواية عند كل ذي عقل وانصاف. ومن هذه الرواية وطريقة استشهادالعودة بما تبدو لنا ملامح (الالية النقدية) المتبعة عند بعض الاكاديميين والخلاصة: ان الروايات التي اوردها الدكتور العودة وذكر بانها تقطع بوجودعبد اللّه بن سبا علي اصـناف، فاما الروايات التي فيها اسمه صريحا فهي باطلة اوضعيفة ضعفا ظاهرا واما الروايات التي لـيـس فـيها ذكر لاسمه فهي بحاجة الي دراسة هل المراد بها ابن سبا ام لا.. وعلي هذا فليس فيما اورده الـدكـتور سليمان ما يدل علي وجود ابن سبا فضلا عن دوره الكبير في الفتنة سيف بن عمر الروايات التي لم يوردها العودة ومـن تلك الروايات التي فاتت علي الدكتور (رغم انه يبحث القضية من ثمانية عشر عاما وفيها اخذ الماجستير عام 1402 ه وفيها بحث الترقية ايضا)مايلي: روي ابـو نـعيم في الحلية عن شيخه ابراهيم بن محمد عن عبد اللّه بن خبيق عن يوسف بن اسباط عن محمد بن عبد العزيز التيمي عن مغيرة بن مقسم عن ام موسي (سرية علي بن ابي طالب): قالت: بلغ عليا ان ابن سبا يفضله علي ابي بكر وعمر فهم بقتله... الرواية. اقـول: فـهذه الرواية لم (يعثر) عليها العودة وهي ضعيفة ايضا سندا ومتنا اماالسند ففيها يوسف بن اسـبـاط وغـيره فيهم كلام. كما ان المتن يخالف المتون السابقة ويضطرب معها اضافة الي ان بعض الـصـحـابـة كـابـي الـطـفـيـل كـان يفضل عليا علي الشيخين ولم يقتله علي (راجع ترجمته في الاصـابـة وغيرها) وليست عقوبة مثل هذا القتل، انما التعزير والجلد علي ابعد تقديركما جاء عن علي من وجوه اخري في تهديده لمن يفضله علي الشيخين بان عقوبته (جلد المفتري) وليس القتل فتامل. رواية ثانية الـروايـة الاخـري التي لم يذكرها العودة هي علي شرطه هي رواية الخطيب البغدادي في تاريخ بـغداد (8/488) عن عبد الوهاب الصغير عن احمد بن ابراهيم عن احمد بن المغلس عن سعيد بن يـحـيـي الامـوي عن عبد اللّه بن سعيد الاموي عن زيد البكاني عن مجالد عن الشعبي عن زمر بن قـيـس،ورواهـا الجاحظ عن حباب بن موسي عن مجالد عن زمر وفيها انه التقي بعبداللّه بن وهب السبائي بعد مقتل علي. الـرواية فيها ضعف كبير سندا و متنا ومن اراد معرفة ذلك فليرجع الي بحث الدكتور الهلابي (ص 53) ثـم ان عـبد اللّه بن سبا لم يرد اسمه صريحا انما ورداسم عبد اللّه بن وهب وهذا قتل قبل موت علي بينما هذه الرواية تذكر هذه القصة بعد مقتل علي رواية ثالثة هـذه الـرواية لم يعثر عليها العودة ايضا وقد رواها ابن شاهين حسب مااورده ابن تيمية في المنهاج (1/23) ورواهـا ابـن شاهين عن محمد بن ابي القاسم عن احمد بن الوليد عن جعفر بن نصير عن عـبـد الـرحـمـن بـن مـالك بن مغول عن ابيه عن الشعبي وفيها (احذركم من هذه الاهواء المضلة، وشـرهاالرافضة...) ثم سرد رواية طويلة فيها قوله (منهم عبد اللّه بن سبا يهودي من يهود صنعاء نفاه الي ساباط وعبد اللّه بن يسار نفاه الي خا زر) اقـول: هـذه الرواية باطلة سندا ومتنا لان مصطلح الرافضة لم يوجد الا بعد وفاة الشعبي بعشرين عاما كـمـا ان فـي الاسناد عبد الرحمن بن مالك بن مغول من اكذب الرواة وهو متهم بوضع الحديث وهو معاصر لسيف بن عمر ايضا الـمؤامرة لكن اري ان (سيف بن عمر و عبد الرحمن هذا و مجالد) كلهم كوفيون و متعاصرون و كذابون ومتهمون ومنحرفون عن علي الـكـذابين وهذه الاتفاقات بين الكذابين معروفة عند اهل الحديث تماما فهناك قصص مشابهة كثيرة وهذا كما قلنا سنؤجله للبحث والدراسة لنري روايات اخري والغريب ان الدكتور العودة ينقل كثيرا من الشيعة والمستشرقين ثم يتهمنا بانناناخذ ببعض روايات الـشـيـعـة واننا ندافع عنهم اكثر من دفاعهم عن انفسهم وهذا من ابطل الباطل ومن الظلم والبهتان وسياتي البيان. الملاحظة الثامنة حاول الدكتور العودة ان يربط بيني وبين السيد مرتضي العسكري في تضعيف سيف بن عمر الـعـسـكري اول من قال بتكذيب سيف بن عمر لاصحاب الحديث في تضعيف سيف ولولا ان اهل الحديث اجمعوا علي ضعفه لما ضعفته. والـمؤرخون الاسلاميون او اكثرهم ينظرون الي المعلومة من خلال المصدر الـمـعـلـومـة مـن خلال العلم نفسه والمصدر ايضا لكنني احاكم هذه المعلومة فان ثبت لدي صدقها وصحتها لا انظر لمصدرها وان ثبت لدي كذبها رددتها. وهـذا مفترق طرق بيني وبين كثير من المؤرخين الاسلاميين وغيرهم، بل انهم يتناقضون في هذه القضية تناقضا صارخا فنجد بعضهم كالدكتور سليمان لايتورع ان ينقل من الشيعة والمستشرقين اذا كانت الرواية او القول في صالحه بينما يحرم علي الناس ما يبيحه لنفسه اكثرالمؤرخين الاسلاميين الذين ازعجتهم المنهجية الموجودة في (كتاب الرياض) ومن حق الدكتور ان يعتبر هذا تزكية للعمل ومن حقي ان اذكر سبب نقدهم للكتاب الملاحظة التاسعة طـلب مني الدكتور العودة ان ابين الاماكن التي ضعف فيها الطبري سيف ابن عمر هذا القول ولم يبين لنا المالكي مواطن تضعيف الطبري لسيف حتي نشاركه او عدمه) اقـول: اولا: انـا لا انـتـظـر ان يـشاركني الدكتور في تضعيف سيف ويكفيني اجماع اهل الحديث والدكتور العودة لم يقتنع باجماعهم حتي نرجو منه التمسك بتضعيف الطبري لسيف ثـانـيـا: لانه طلب مني ذلك وحتي لا يظن القارئ ان هذا التحدي من الدكتور له وزن فسانقل بعض تـضـعـيـفـات الـطـبري لسيف بن عمر ومن ذلك علي سبيل المثال لا الحصر ما ذكره في تاريخه (4/497) عندما قال (واما الذي يرويه المحدثون من امر الاحنف فغير ما رواه سيف عمن ذكر من شيوخه.. وقـال (3/350) بـعد ان ذكر رواية سيف في فتح الابلة قال: (وهذه القصة في امرالابلة وفتحها خلاف ما يعرفه اهل السير وخلاف ما جاءت به الاثارالصحاح.. اقـول: هذه نماذج فقط لكن العودة لن يقتنع بها فهو لم يقتنع باجماع المحدثين في سيف فكيف يرضي بالطبري وحده وهـذه الـتـضعيفات من الطبري لسيف اولي مما ذكره العودة من قوله (هذالايحتمل سماعه العامة) قـالـها في رواية لابي مخنف فهذا لا يعد تضعيفا لان العامة ليس ذوقهم مقياسا للصحة والضعف فهذا يـخـتـلـف عـن جـمـلـته السابقة في تضعيف سيف مع انني اطرح الاثنين (سيف وابي مخنف) ولم استدل برواية واحدة لواحد منهما والحمد للّه. الملاحظة العاشرة ذكـر الـعودة انني لا اصف ابا مخنف الا بالشيعي فقط ولم اضعفه وقال انني اقول في سيف (الوضاع المتهم بالزندقة). وهـذا ما لم اقله فانا اعرف ان ابا مخنف والواقدي ضعيفان وان الاول اشد ضعفالكن ليس بالضرورة ان ابين ذلك عند كل ذكر لهما وقد يفوتني ذكر هذافكان ماذا؟ ولكن الدليل الاقوي علي كلامي اني لم استدل برواية واحدة لاللواقدي ولا لابي مخنف مع انهما فوق سيف بمراتب. الملاحظة الحادية عشرة زعـم الـدكـتور سليمان انني اعترفت بصحة سند بعض مرويات سيف وهذا ما لم يحدث البتة لكن الدكتور اغتر بقولي (الروايات التي صح الاسناد فيها الي سيف) وفـهـم مـن هـذا انـنـي اصحح روايات سيف والدكتور بحاجة لمراجعة جادة لمصطلحات والفاظ اهل الحديث وليفهم دلالات الالفاظ قبل ان ينقد ويظلم اخاه بغير حق. والـغـريـب ان الدكتور يحرف كلامي ثم يحيل علي كتاب الرياض وعلي كتاب بيعة علي حتي انني اظن انني اخطات فاذا رجعت اجد كلامي خلاف مايقرره فاين الامانة العلمية الملاحظة الثانية عشرة مـن امـثلة التحريف المتعمد لكلامي ما ذكره الدكتور سليمان من زعمه بانني تناقضت في زعمي ان سيف بن عمر يطعن في الصحابة اقـول: وهذا مثال من عشرات الامثلة التي حرف الدكتور فيها كلامي فانارجعت للصفحة التي احال عـلـيـهـا ص 70، 73 من كتاب الرياض فاذا بي اقول مايلي (سيف مغرم بالطعن في بعض الصحابة والـتـابـعين الذين كانت لهم مواقف من بني امية كعمار بن ياسر وابي ذر...) الي ان قلت (فهو يطعن في هؤلاء الاخيار بينما يدافع عن معاوية وزياد بن ابيه وسعيد بن العاص والوليد بن عقبة الفاسق...) ثم استدركت وقلت (وهؤلاء و ان كان في بعضهم فضل وخير لكنهم لا يوازون عمارا وابي ذر ولا يكادون) اقـول: فـانـظـروا هل في كلامي تناقض ام ان الدكتور اراد ان يفهم القارئ ان هناك تناقضا الامانة العلمية يادكتور الملاحظة الثالثة عشرة قـارن الدكتور العودة بين سيف بن عمر و ابي مخنف مقارنة عجيبة لم اجد اعجب منها في حياتي مع ان الاثنين عندي لا آخذ برواياتهما. لكن الدكتور العودة وقع في تحريف عجيب متعمد وانا لم اجزم انه متعمد الا واناعلي يقين وسياتي بـيـان ذلـك لـكـن الـمقارنة كانت ظالمة بسكوت الدكتور عن كلام اهل الجرح والتعديل في سيف واظهارها في ابي مخنف وهذا لم استغربه فهو سهل قياسا بما ذكره الدكتور عندما قال: (اما الطامة الكبري فوق ماتقدم فهو سب ابي مخنف للصحابة وروايته الموضوعات عن الثقات. وفـي هـذا يقول ابن حبان: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات. وقال السليمان: كان يضع للروافض - لسان الميزان (4/366). اقول الدكتور سليمان يعرف ان القارئ اضعف من ان يحاكم هذه الاقوال فهذه الاقوال واللّه ليست في ابي مخنف وانما في عمرو بن شمر الكوفي فارجعوا الي اللسان (4/366) تجدوا هذه الاقوال في ذم عمر بن شمر وليس في تلك الصفحة ذكر لابي مخنف البتة لكن اتدرون لماذا فعل هذا الدكتور فـعل هذا لان سيفا متهم بالانحراف عن علي فيريد الدكتور ان يثبت ان ابامخنف (يشتم الصحابة) ثـم سـيـف مـتهم بالزندقة والوضع في الحديث فارادالدكتور سليمان ان يتهم ابا مخنف بالوضع في الـحـديث ايضا شمر فـي حياتي الدكتور وحذف كلمة (عمرو) مخنف انـا لا اقـول هـذا دفـاعا عن ابي مخنف لكن لا يجوز ان نذمه بالجرح الموجود في غيره يجوز ان نتهمه بالوضع في الحديث لان سيفا يفعل ذلك عـلـي ايـة حـال ارجـو الا يستغرب القراء فهذا امر يستحله كثير من المؤرخين الاسلاميين ولو تـرجـعون لكتاب الرياض لرايتم العجائب لكنها -علي اية حال - اخف من عجائب الدكتور هنا يـذكـر الدكتور ان سيفا محل تزكية (ص)فلاتنتظر منه ان يصدق في التاريخ. كـما ذكر ان الذهبي (اعتمده) احد المصادر المهمة في تاريخ الاسلام يقل فالذهبي لم يقل هذا البتة انما ذكر انه (اطلع) علي كتب وذكر منها كتاب سيف وهناك فرق بين (اعتمد) و(اطلع) ثم ان الذهبي قدروي لابي مخنف و الواقدي اضعاف ما رواه لسيف بن عمر بل لم يرد لسيف بن عمر في تاريخ الاسلام كله الا سبع روايات ولـم يـذكـر حـرفـا عـن ابن سبا فاذا كان د. العودة مقلدا الذهبي فليقلده مطلقا او فلايلزم الناس باجتهادات الذهبي. وقـد تـحـدث د. الهلالي عن ازدواجية الدكتور سليمان وكنت اظن ان الدكتورالهلالي مبالغ حتي رايـت مـقال الدكتور سليمان فعرفت ان الازدواجية والانتقائية من اخف عيوب كتابات الدكتور عفا اللّه عنا وعنه. عـلـي اية حال: انا مستعد للتحاكم انا والدكتور لاية جهة علمية يري اهليتهاللنظر في الامور التي اختلفنا فيها وليس في العلم منتصر ومهزوم اذا صحت النية وكان الهدف هو الحقيقة. الملاحظة الرابعة عشرة ذكـر الـدكتور ان المحاربي قد روي عن سيف وهو قبل الطبري قولي بان (الطبري اول من اشهر روايات سيف بن عمروكانت قبل ذلك خاملة جدا) اقـول سـبحان اللّه عن سيف فانا اعرف خمسة عشر راويا عن سيف لكن كلامي السابق عن (اول) من (اشهر) روايات سيف وليس اول من (روي)عن سيف لكن الدكتور كالعادة لا يعرف دلالات الالفاظ وهو بهذا يتعبنا جدا في الحوارونتعب القراء بمثل هذا التوضيح للواضع الذي يدل علي ان الدكتور وجدشحا من الملاحظات حتي لجا لمثل هذه الاشياء. الملاحظة الخامسة عشرة دافـع الدكتور عن تعصب سيف لقبيلته بني تميم وذكر دفاع جواد علي عنه الـعودة ياخذ علي انني وافقت العسكري في بعض النتائج بينما هو ينقل عن جواد علي سـيف بالتعصب قاله الدكتور اكرم العمري والدكتور محمد بن صامل السلمي قبلي والدكتورالعودة يحيل عليهما عند الحاجة كنت اتمني ان يفعلها الدكتور سامحه اللّه. الملاحظة السادسة عشرة قول الدكتور العودة (والمظنون بالذهبي انه يفرق بين كلمة (اخباري عارف)لسيف بن عمر وكلمة (اخباري تالف) لابي مخنف اقول: و اهمل الدكتور العودة قول الذهبي في سيف: (تركوه واتهم بالزندقة كما اهمل قول الذهبي عن سيف: (هو من بابة ابي مخنف فـهذا نص من الذهبي في المساواة بين سيف بن عمر وابي مخنف واظن ان الذهبي لم يوفق للصواب فابو مخنف فوق سيف يعرف هذا من قارن روايات الرجلين وان كنت اضعف الاثنين واطرحهما. الملاحظة السابعة عشرة ثـم زعـم العودة ان ابن حجر قال مثل قول الذهبي (اخباري تالف لا يوثق به..) ثم احال علي اللسان (4/492) اقول: وكان الدكتور العودة لا يعرف منهج الحافظ في اللسان فانه نقل القول السابق عن الذهبي نفسه الحافظ في اللسان او ليقراالمقدمة وكفي ففيها الجواب هذه البدهيات لكنه يريد ان يتساوي ابو مخنف في الجرح مع سيف بن عمر ووجـد الـجـرح فـي سـيف اقوي واكثر لذلك لجا الي زيادة المجرحين ونسبة هذه الاقوال لغير اصحابها واللّه المستعان. ايضا: اين الامانة العلمية يا دكتور الملاحظة الثامنة عشرة ثم نجد العودة بعد كل التحريفات السابقة وبعد خلطه لترجمة عمرو بن شمر مع ترجمة ابي مخنف وبعد تقوله علي الذهبي وابن حجر ياتي ويقول (تري هل فاتت هذه المعلومات علي المالكي اقول: نعم هذه كانت فائتة عني واعترف بجهلي الكبير فيها ثم يواصل ويقول (فتلك مصيبة تند عنه هذه المعلومات اقول: اللهم لا تعليق ثم لا يكتفي بهذا ويواصل في البناء علي ما سبق ويقول (ام ان لديه علما بها واطلاعا عليها ولكنه - لحاجة في نفسه اقول: لا تعليق ثـم يـاتـي ويدعوني لقبول هذا (الحق) الذي جاء به ولـيت شعري من منا المطالب الان بالتحلي بالشجاعة والاعتراف بالخطا (اعـيـد النظر) لسيف التاويل اقول: ايضا لا تعليق. ومن اراد ان يعرف الحقيقة من القراء فانه يستطيع وبسهولة جدا واخيرا: انا اجد نفسي عاجزا عن تتبع تحريفات الدكتور او سوء فهمه لكلامي فكيف بالاوهام التي وقـع فـيها عن اجتهاد وحسن نية وانا ان ذكرت هذه كنماذج وتركت تلميحات الدكتور بالاتهامات الـمـبطنة لقناعتي ان الدكتور لم يفعلها عن قناعة وانما اتباعا للاسلوب السائد في رد الحقائق وهي باتهام صاحب الحقيقة في نيته ومنهجيته. وانا علي ثقة ان القارئ الكريم سيرجع - ان كان يريد الحق - لـمـا كـتبته وما كتبه الدكتور وسيعرف بنفسه كثيرا من الحقائق اذا امتلك المنهجية اما (قاري ء آخـر صـحية) فلسنا بحاجة اليه ولاالعلم بحاجة اليه ففي الناس ابدال. واللّه الموعد وهو الحاكم بين جميع العباد. ايماءة: اخي الدكتور محمد العزام.. اطـلـعـت علي ردك المنشور في صحيفة الرياض الاسبوع الماضي، واشكر لك مشاركتك.. لكني اعـتـب عـلـيـك في ترك لب الموضوع جانبا والتركيز علي كثير من الامور الشكلية مع اساءة فهم احـيـانـا، وقـد تصيب في ذكراشياءفنية.. مع اهمية التركيز علي الاولويات في هذه المقالات. مع شكري لك مجددا.

عن القعقاع و سيف بن عمر (1/3)

د. محمد بن عبد اللّه العزام صحيفة الرياض - 1 ربيع الاخر - 1418 ه مدخل: (1) لايزال الاخ الاستاذ حسن بن فرحان المالكي يواصل مفاجته، وآخرهاسلسلة مقالات (القعقاع بن عمرو التميمي حقيقة ام اسطورة). وقد نشراولها في جريدة الرياض يوم الاثنين 27/1/ 1418 هـ. وهـي اهـم المقالات لانه لخص فيها جملة افكاره، اما البقية فمدارها علي نقد ابحاث الاخرين ولاسيما الرسائل الجامعية، والرد علي الردود ومجادلة الخصوم وما الي ذلك. ولـقـد رد كـثـيـر من الاخوان المتخصصين في الحديث والتاريخ علي بعض ما ورد في مقالاته من الامـور الـتـفـصيلية. ولكني اعتقد ان بيان ما يتصل بالامورالكلية والمنهجية اكثر فائدة للقراء من مـناقشة التفاصيل، لان الخلاف معه اقرب الي ان يكون في الاصول. فلذلك سوف اقتصر علي ايضاح هـذه الـجوانب، وهي مهمة جدا فيما اري، في موضوعية وانصاف من واقع كلامه ان شاء اللّه. واود الايـضـاح بانني لا اعرف الاخ المالكي ولم نلتق قط،ولست متضررا بشي ء من كلامه عن القعقاع او سـيف او المؤرخين اواساتذة الجامعات. ولقد كان بودي - يعلم اللّه تعالي - ان اثني عليه واشدعلي يديه، ولكني نظرت في مقالاته مع قلة علمي فرايت ما يدعو الي التعقيب. وآثـرت الانـتـظـار الي انتهاء هذه المقالات، وقد انتهت الان فيما يظهر، لان المقالة المنشورة في 17/3/1418 هـ جـاءت بـعنوان (دروس من معركة القعقاع)،وفيها تلخيصه - من وجهة نظره - للدروس المستفادة من الردود عليه. ملاحظات علي الاسلوب: (2) واول مـا يـلاحـظ علي مقالاته هذه - وسائر كتاباته اجمالا - كثرة اشارات التعجب الي حد الافـراط، وقـد احـصـيـتها في المقالة الاولي وحدها فبلغت سبعين علامة، وقلما يكتفي بالعلامة الـواحـدة وانما ياتي بها مثني وثلاث.ولعلها تصل الي الف او الفين في كتاب الرياض. وهذا الاكثار غـيرمستحسن في الكتابة العلمية، وهو من سمات الكتابات الصحفية الرديئة.ومن الافضل ان يتقدم الـباحث ببراهينه وادلته ويجتهد غاية الاجتهاد في تحريرها، ويكتبها بالاسلوب العلمي الصحيح ثم يتركها تتحدث عن نفسها وتسعي لتحقيق الاثر المطلوب في عقول النا س. وهـذا الغرض واضح جدا في مضمون المقالات ايضا، فما اكثر الغمز للجامعات والاقسام والباحثين والـمشرفين والمناقشين، والاتهام بالجهل والتدليس والتقليد والضحك علي الناس، والتقليل من قدر الرسائل الجامعية والشهادات العليا والتقديرات والمقررات المدرسية والتخطيط التربوي واساليب الـتـفكير السائدة. بل يساوي الاستاذ بين التصديق بالقعقاع والتصديق بوجود الحشرة والدعافيص والـمعثرة ولبط بين كبار المدن السعودية، كان سائر الناس لاعقول لهم (وهذا ينطبق علي الطبري وابـن عـبـد الـبـر وابن عساكر وابن الاثير وابن كثير وابن حجر وغيرهم من القدماء فضلا عن الـمعاصرين). وربما ذكر ان العلم ليس بالالقاب والشهادات الاكاديمية واشياء من هذا القبيل، وكان الاليق به لو ترك هذاالباب كله لانه يعوق الحوار العلمي المطلوب. (3) وهـذا الاسـلـوب في الكتابة لا بد ان يخون صاحبه بين الحين والحين. واليك مثالا علي ذلك، وهـو قـولـه في المقالة الاولي بحروفه واقواسه ورموزه (بل ربمالو كان الحافظ ابن حجر في عصرنا لاتهمناه بانه يريد الطعن في السابقين وانه مع المستشرقين والمبتدعة لانه نفي صحبة اكثر مـن الـف صحابي من (الصحابة الكرام النغمة المعروفة فـلا اعتقد انه من اللائق - ولاسيما من طالب العلم الغيور علي التاريخ والعلوم الشرعية - ان يقول (الصحابة الكرام يـكـونـوا مـن الصحابة فمن التابعين، وكون العلماء يختلفون في صحبة بعضهم لا يسوغ الاستهزاء بـهم.ثم يسمي الغيرة علي السنة (هذه النغمة المعروفة ولكنها تعبر مع الاسف عن طريقته في التفكير والكتابة كما سيتضح ان شاء اللّه. وهـذا مثال آخر فقد ضرب - من اجل تبسيط الموضوع - مثلا بالمدن الوهمية المشار اليها، ثم قال بـالحرف الواحد (فالقعقاع مثل مدينة الحشرة تماما)،ومن المفهوم ان بقية الصحابة الاسطوريين - في نظره - يشبهون اسماء المدن الاخري. فليس هذا من كمال الادب وحسن اختيار الالفاظ واللائق به غير هذا الاسلوب. (4) ولقد شحن المقالة الاخيرة (دروس من معركة القعقاع يـفـهـم منها الثناء علي النفس، واتهام الاخرين بكل النقائص التي يسمح بها المقام. ولا يخفي انه يرد ويـرد عليه، فليس من المستحسن ان يبدا الانسان احدا بالشتم، و اذا راي في كلامهم شيئا من ذلك فاما ان ينتصر لنفسه واما ان يعفو والعفو خير. ولكن هذه العبارات جاءت عامة لجميع المخالفين له في الراي، غير موجهة الي خصم بعينه. وهـذه نـمـاذة حـرفـية منها: الغفوات العلمية الطويلة - اخفاء الحقائق ومحاربتهاايضا الـدروس والـعبر وتـعـطـيل النصوص والعقول وطـلاءالباطل بطلاء الحق - تاسيس الجهل العلمي لـغـة اهـل العلم والتحقيق الحق الـمـتـعـصبة المريضة علميا التي طالما حاربت الرسل والمصلحين - ترك اكثرية القرون الفاضلة والاحتجاج باكثرية القرون المتاخرة والمعاصرة تـخـصـصـه او عـقيدته او نيته - المعاول التي طالما حاربت الحق علي مر التاريخ - عدم القراءة والـحـكـم عـلـي الـبحوث بناء علي المعرفة الشخصية - مجالسة قرناء السوء الذين يزعمون ان فـلانـاسيي ء النية، جا هل،.. الخ - الاستعجال وعدم التثبت واتباع الهوي - تجارالغيبة والنميمة - تـاخـذهم العزة بالاثم - نقص الادوات المعينة علي اصدارالحكم الصحيح - تحريف الحقائق نشر الاباطيل هذا غيض من فيض، فما حاجة الاستاذ الي هذه الشتائم والاستفزازات التي يسميها دروس تربوية وطالما قرانا الابحاث الجادة العميقة في التاريخ وغيره من العلوم، فلم نجد هذا الارتباط النفسي بين الـبـاحـث والـبـحـث، وانـمـايكتب الانسان رايه ويضعه امام الناس لينظروا فيه في هدوء. وهي بـعدتتعارض مع الرغبة في اصلاح الاحوال، ومن السهل علي اي قاري ء ان يتصور مخطئا او مصيبا ان وراءهـا دوافـع شـخـصـيـة. وليس من الانصاف ان يعطي لنفسه الحق بالدخول الي قلوب الناس ومـعـرفـة الاهـواء وخـطـرات الـنـفوس - كما تري في هذه العبارات - ويجردهم من الدوافع العلمية والاغراض الشريفة، ثم يستنكر عليهم اذا فعلوا مثل ذلك. التعتيم علي المصادر: (5) ثـم انتقل الي مسالة جوهرية كنت اود انه اوضحها بنفسه وكفانا امرها، وهوالتصريح باسماء الـذيـن سـبقوه الي آرائه، وهو شي ء يعرف وجوبه واهميته وفوائده حتي المبتدئون من الطلاب. ولكنه - مع الاسف - آثر عدم التصريح بذلك، وعدم التصريح بالسبب المانع من التصريح. ولـم يـكـن ذلك بسبب الغفلة او السهو بالتاكيد، لانه قال في ختام المقالة الاولي (قد يقول قائل: لكن قولك هذا قد قال به بعض المستشرقين وهم كفار اوقال به بعض المبتدعة ولعلك توافقهم من حيث لا تـدري). وهـذا اسـلوب غير مقبول في الكتابة العلمية، فالمفروض عليه ذكر المصادر بصريح العبارة.وقد فعل ذلك مع خصومه، فذكر اسماءهم وكتبهم ورسائلهم وجامعاتهم،فلماذا يلجا الي هذا الاسـلوب الغامض، ولماذا يسلك هذا الكلام مع الشبهات في آخر المقالة علي لسان شخص خيالي يريد الاعتراض وانظرالي هشاشة الاعتراض في كلمة او وفي كلمة لعلك توافقهم وفي كلمة من حيث لاتدري. وطـالـمـا انتقد اصحاب الرسائل العلمية والمشرفين والمناقشين، فهلا ابصرالاستاذ هذا القصور المنهجي الخطير في كلامه. (6) وكان المنتظر منه ان يعقب علي عبارة من حيث لا تدري فيصرح بانه يدري، وانه اطلع فعلا علي اقوالهم، ثم يذكر اسماءهم وفحوي كلامهم مع التوثيق اللازم، ويقبل منه ويترك، ليكون القارئ علي بينة من هذا الامرالمهم، وياخذ كل ذي حق حقه. ولكنه عقب علي هذه الشبهة الافتراضية بكلام طويل يقوم علي التعميم واللهجة الانشائية الخطابية فـي الـثناء علي بحوث المستشرقين والمبتدعة التي هي في غاية الدقة والموضوعية مما لا يتوفر مـثله عندنا، وخجل البعض من الاعلان عن الاستفادة من هذه الابحاث الجيدة لئلا يتهم، الي آخر ما قال.ولم يخرج في ذلك من دائرة العموميات، ولم يعترف بان الافكار لغيره. ومن يقرا كلامه كله يجد انه ينسب الاراء الي نفسه ويتحدي عليها، فيقول مثلافي اول المقالة (وكنت قد قلت في حواري مع فلان ان سيف بن عمر التميمي هو الذي اختلق شخصية القعقاع)، وهكذا في سائر كلامه، ولا اثر لهؤلاءالمستشرقين والمبتدعة. ما هكذا تورد الابل ايها الاستاذ الفاضل، وماهكذا يساء الظن باطلاع القراء. الكشف عن مصدر المالكي: (7) ولـقـد قـرات هذه الافكار قبل - بضع عشرة سنة، واضحة صريحة في كتابين لرجل اسمه الـسـيـد مـرتضي العسكري، الاستاذ في احدي الجامعات المذهبية في العراق. واسم الكتاب الاول (عـبداللّه بن سبا. المدخل)، الصادر في العراق سنه 1375 ه، ثم صدرت طبعته الثانية في مطبعة الـنـجاح بالقاهرة سنة 1318 ه، واسم الكتاب الثاني (خمسون ومائة صحابي مختلق)، وقدصدرت الـطبعة الثانية منه في بغداد سنة 1389 ه، فهذه - مع الاسف -البحوث التي يصفها بانها (في غاية الـدقـة، والموضوعية مما لا يتوفر مثله عندنا) - ولكنه لم يمكن القارئ من الحكم علي صحة هذه الدعوي. وما شككت لحظة منذ قرات اولي المقالات، ان هذه افكار العسكري، لان الدعوي هي نفس الدعوي، وهي ان سيفا كان يختلق اسماء الصحابة والبلدان والحوادث. فالتطابق في الافكار الاساسية، وادارة الـكـلا م عـلـي لفظ الاختلاق، والعدد الكبير من الشخصيات والاشياء المختلقة، والابتداءبالقعقاع، وهذا الكلام الغامض في الثناء علي بحوث القوم، لا يترك مجالالغير هذه النتيجة. فـمن هو الذي يجد (بعض الابحاث الجيدة عند بعض الكفار والمبتدعة ثم يستحي ان يعلنها حتي لا يتهم) الا ينطبق كلامه علي نفسه قبل غيره، وقلما انتقدالاستاذ شيئا علي غيره الا ووجدت عليه مثله، وستاتي امثلة اخري علي ذلك. (8) ثـم نـشر المقالة السادسة في 10/3/1418 ه وهي مخصصة للاجابة علي الاعتراضا ت بعد الانتهاء من اصل الموضوع. فمما لفت النظر قوله (ما زعمه الفريح بانني اعتمدت علي كتب مطبوعة وانني لم آت بجديد: (زعم باطل عريض انـكر انني قبل الكتابة عن سيف اوالقعقاع قد اطلعت علي ما كتبه الهلابي والعودة والمعلمي والتباني والـعـسـكـري وطـه حسين وغيرهم من العلماء والباحثين،لكنني لم اقلد احدا منهم واستخرجت روايـات سـيف بنفسي وبحثتها رواية رواية سندا ومتنا، واستدركت عليهم اشياء كثيرة فاتتهم، مع تـقـديري لمن سبق وعدم هضم حقه، الي آخر ما قال. فمن الواضح ان الاستاذ اضطر تحت الضغوط الي ذكر هذه الاسماء (وعدم انكار) معرفة ما كتبوه. فـلـمـاذا يقول هذا الكلام الروتيني بعد الفراغ من الموضوع لماذا لم يذكر هذه الاسماء في المقالة الاولي مع الاشارة الموجزة الي اسماء الكتب والطبعات وخلاصة الاراء والفروق بينها ولماذا يكتفي بـعـبارة (لا انكر) المتوسطة بين الاقرار والانكار كانه مجبر عليها وكانه خشي من تهمة السطو علي الافكارفسارع الي طرد هذا الحاضر بقوله (زعم باطل عريض وانـه بحث واستخرج واستدرك وفعل كذا وكذا. هذا مع ان الدكتور عبد الرحمن الفريح لم يتهمه بالسطو وانما فقط بانه (اعتمد علي كتاب مطبوع يعرفه اهل الاختصاص وربما غيرهم). والـحـقـيـقة ان هذه الافكار منشورة منذ سنة 1375 ه، وكان ينبغي ان تنسب الي صاحبها بالعبارة الصريحة والتوثيق اللازم. هذا مع ان كلامه في الثناء علي ابحاث المستشرقين والمبتدعة يدل علي انـه وجـد الافـكار لديهم ناضجة متكاملة. وهذا هو الواقع، فكثير مما لديه يوجد في كتب مرتضي الـعـسكري الذي قتل هذه القضايا بحثا وافرد لها عدة كتب، ولم اجده يخالفه في شي ء اويرد عليه فهذا تناقض واضح بين الثناء علي البحوث وانكار الاعتمادعليها. ولقد بذل الاستاذ غاية جهده في هذا الكلام للتعمية علي العسكري مرة اخري،فانكر الاعتماد علي الكتب المطبوعة، وادرج اسمه بين باحثين اكثرهم من هذه البلاد، ولم يذكر اسمه كاملا ولا اسماء كـتـبـه الـتي اطلع عليها، وجعل الامرمن باب الاطلاع المعتاد. وهو لا يخفي عليه بالطبع تواريخ صدور الكتب ولاالمقارنة بين الافكار ومعرفة صاحب النظرية من بينهم، فاذا كان مرتضي العسكري هو السابق الي اتهام سيف بن عمر باختلاق عشرات الصحابة والبلدان - وعلي راس الجميع القعقاع الـذي قتله بحثا فلماذا اخفاءالاسماء والمصادر ثم يقول العبارة الروتينية المملولة (مع تقديري لمن سبق وعدم هضم حقه)، فكيف يكون هضم الحقوق اذن. وكـان الاسـتاذ قد قال في العام الماضي: وقد ياخذ علي الدكتور انني نقلت بعض النتائج التي توصل الـيها بعض الباحثين كالهلابي والعسكري. وهذا غيرصحيح، لانني رجعت للمصادر نفسها وتاكدت مـن تلك النتائج بنفسي (كتاب الرياض، ص 81). فهذا خلط في مناهج البحث العلمي لا يوافقه عليه احـد، فاما النصوص الموجودة في كتاب العسكري فلا باس بالاحالة علي المصادر راسا بعد التاكد، واما راي العسكري في ان سيف بن عمريخترع اسماء عشرات الصحابة وعلي راسهم القعقاع فهذا لا وجـود لـه فـي الـمـصادر القديمة وانما هو راي جديد سبق اليه، فيجب علي من يعيد بحث هذه الـمـسـالة - سواء بالموافقة او المخالفة - ان يعزو الراي الي صاحبه ولواطلع علي الدليل بنفسه. وهـذه الـتفرقة من اوضح الامور لمن مارس البحث العلمي، ولا اظنها تخفي علي الاخ المالكي، ومن الـمـعـلوم انه لا يجد محذورا في الاحالة علي كتاب الدكتور الهلابي لانه تلميذه وقد اهدي كتابه اليه، ولكنه يتهرب من الاحالة علي العسكري. وقـد وجـدت فـي كتابات الاستاذ كثيرا من اساليب التعتيم علي العسكري، فتراه يذكر اسمه دون كـتابه، او كتابه دون اسمه، ويقول توصل الي النتائج نفسهاالتي توصل اليها الدكتور الهلابي كان الابـحـاث متزامنة، مع انه قد توصل اليها منذ خمسين عاما ونشرها منذ ثلاثة واربعين عاما (كتاب الـرياض، ص 58). وكان الاستاذ عبد الحميد فقيهي قد اوضح ان مسالة القعقاع ووجوده في كتاب الـعـسـكـري، فـرد المالكي قائلا (اما ربط الفقيهي بين انكارشخصية القعقاع وبين كتاب مرتضي الـعسكري فان هذا الربط لو صح لماضر البحث شيئا فالحكمة ضالة المؤمن)، الخ (كتاب الرياض، 270). فقوله لو صح فيه تهرب واضح لانه لا يدل علي اقرار ولا انكار. خلاصة افكار العسكري: (9) امـا كـتاب العسكري الاول (عبداللّه بن سبا: المدخل) فلم اجد ايما اشارة اليه، لا في مقالات الاستاذ ولا في الاعتراضات عليها. وقد رجعت اليه وانااكتب هذا الكلام، فوجدت ان العسكري لم يتطرق فيه الي عبداللّه بن سباكما يوهم العنوان، بل يبحث في سيف بن عمر فقط، لان الغرض منه اثبات وقوع التزوير الشامل للتاريخ علي يدي سيف، تمهيدا للجزء الثاني المخصص لعبد اللّه بن سبا وهو بعنوان (عبد اللّه بن سبا واساطير اخري). واليك بعض كلامه في مقدمة الكتاب لاهميته: قـال الـعـسكري (في سنة 1369 ه - وبينما كنت اراجع قسما من المصادر الاسلامية - رابني ما وجدت في بعض الروايات في اشهر الكتب التاريخيه من ظواهرتدل علي انها مدسوسة وموضوعه، فاخذت اجمع تلك الروايات المريبة واقارن بينها وبين غيرها، واذا بي اهتدي الي حقيقه كان التاريخ قـد نـسـيهافانطوت في اثنائه وضاعت في تياراته.. ورايت من الواجب الادبي ان اشهرتلك الحقيقة الـمـجـهولة، فبوبت مذكراتي الي فصول، وسميتها: احاديث سيف)،الي آخر ما قال ثم ذكر ان احد عـلـمـاء الـمذاهب اشار عليه بتغيير العنوان الي عبداللّه بن سبا فاستجاب له. وذكر انه احجم عن نشره سبع سنين خشية اثارة العواطف في الشرق المسلم المؤمن كايمان العجائز وهـذا الـكتاب ملي ء بالطعن في عقيدة جمهور المسلمين والدخول الي ذلك من باب الطعن في التاريخ والـرواة، وهو اقرب الي التهريج منه الي البحث العلمي الصحيح. والصبغة المذهبية واضحة عليه، مـع انـه يـتـسـتـر ويـحـاول اظهارالتجرد لان الغرض اقناع جمهور المسلمين بفساد تاريخهم ومصادرهم وعقيدتهم، ولم ينتقد شيئا من مصادر مذهبه ولا رجاله ولا رواية التاريخ لديهم، وتجاهل ان علماء مذهبه عبر العصور لم يتهموا سيفا باختلاق الاشخاص والحوادث والبلدان، وهذه انما هي تهمة عصرية لم يكن لهاوجود قبل دعوي تزوير الشعر الجاهلي. وكثير من الافكار التاريخية التي ينشرها الاخ المالكي موجود في هذا الكتاب المذهبي، مع الاقرار بـاخـتـلاف طريقة العرض والاستدلال وبعض الاضافات التفصيلية التي لا اناقشه فيها، واختلاف الغرض ايضا ان شاءاللّه. واجد من المفيد سرد موضوعات الكتاب لانه ليس من الكتب المشهورة. فقال فـي الـصفحة 26 (استخرج مترجمو الصحابة اسماء كثيرة من اساطير سيف وترجموا لهم ضمن تراجم الصحابة، واستخرج (ياقوت)الحموي ايضا من اساطيره اسماء اماكن ترجمها في معجمه)، فـهذه الجملة هي خلاصة مقالات الاستاذ المالكي الـتـي تـتردد في كتابات المالكي تقريبا ومن الغريب انه ليس فيهااتهامه باختراع الاسماء مرويات سيف عن الموضوعات التالية: قصة بعث جيش اسامة (الصفحة 29). حديث السقيفة (الصفحة 32). قصة الردة (الصفحة 96). قصة خالد بن الوليد ومالك بن نويرة (الصفحة 114). قصة العلاء بن الحضرمي (الصفحة 122). قصة نباح كلاب الحواب (الصفحة 127). قصة الفاحشة المنسوبة للمغيرة بن شعبة (الصفحة 134). قصة حبس ابي محجن الثقفي (الصفحة 139). قصة استلحاق زياد (الصفحة 142). قصة الشوري وبيعة عثمان (الصفحة 152). تحريفات سيف بن عمر في سني الحوادث التاريخية (الصفحة 158). ثـم عـقـدابـتـداء مـن الصفحة 161 فصلا بعنوان (مختلقات سيف من الصحابة)،وذكر اثنين منهم بالتفصيل: القعقاع بن عمرو التميمي واخاه عاصم بن عمرو التميمي. اربع وعشرون صفحة لاثبات ان القعقاع واخاه من مخترعات سيف. ثم ذكرفي الصفحة 185 وما بعدها انه جمع اسماء اكثر من مائة من الصحابة الاسطوريين المترجم لهم في كتب تراجم الصحابة، وسرد اربعين اسما من غير تفاصيل. ثـم عـقد في الصفحة 190 فصلا بعنوان (الحموي واحاديث سيف)، ذكر فيه الاماكن الاسطورية الـمـوجودة في معجم البلدان لياقوت بناء علي روايات سيف، ومنها: جبار، الجعرانة، شرجة صيهد، دلـوث، طـاووس، نـعـمـان،القردودة، ثنية الركاب، القديس، المقر، الولجة، وغيرها. وقد اشار المالكي الي اختراع اسماء البلدان، واتهم سيفا بهذه التهمة الغريبة، وضرب مثلاببعض هذه الاسماء وغيرها. ولكنه راي فيما يظهر ان يؤجل الكلام فيهاللتركيز علي موضوع القعقاع وهذا دليل قوي عـلـي الـتـنـاقل، والا كيف عرف ان هذه الاماكن العراقية المجهولة لا وجود لها هذا مع العلم بان العسكري لم يتحقق من انها اسماء وهمية ولا يظهر عليه انه من علماء الجغرافيا. امـا الـكـتـاب الـثاني (خمسون ومائة صحابي مختلق) فقد قراته منذ بضع عشرة سنة ولم يتيسر الرجوع اليه الان. وفحوي الكتابين واحدة، وهو امتدادللكتاب السابق، وقد اعاد فيه ذكر القعقاع، واظنه الاول في التسلسل. ومن الواضح ان عدد المائة تضخم الي مائة وخمسين مع مواصلة البحث. ومـن الجائز ان يكون العسكري او تلاميذه قد اصدروا كتبا اخري او مقالات،فاطلع عليها المالكي بـمـقتضي اهتمامه وحرصه علي هذه الامور. وليس من المهم استقصاء الامر الي غايته، لان الكتاب الاول كاف جدا لاثبات المطلوب وهو انها افكار العسكري، وبخاصة دعوي ان القعقاع من مخترعات سـيـف. فلو رآها لقال: اهلا وسهلا، بضاعتنا ردت الينا 1369 ه، ونشرها قبل ان يولدالمالكي بكثير ومفهوم كلامه انه لم يسبق اليها لانه يقول (و اذا بي اهتدي الي حقيقة كان التاريخ قد نسيها)، مع ان هذه المسالة بحاجة الي تحقيق،ولعله التقط الخيط من كتابات الدكتور طه حسين او غيره. واقول للقارئ الكريم: لقد نظرت في كلام العسكري قبل بضع عشرة سنة،ونظرت فيه الان، لاني لا ارضي لنفسي ان اعيش في عالم الاوهام والاساطير، والحمد للّه الذي عافانا مما ابتلي به غيرنا. فـوجدت ثرثرة كثيرة وطبلا اجوف، تسمع بالمعيدي خير من ان تراه لا احتقارا له ولاانتقاصا من عـلـمه، ولكن لانه راغ عن الطريق فلم يتناول دعوي الاختلاق ولم يبحثها اصلا، وانما قال (واذ ابـي اهتدي الي حقيقة كان التاريخ قد نسيها) لا غير، كانه الهام نزل عليه انـه يـري الحاجة الي اثبات هذا الوسواس، فما قيمة الكتب - والمقالات ايضا - اذا لم تتضمن بحث هـذا الامر والعبور به من الافتراض الي الحقيقة التا ريخية المؤكدة وفي كتب العسكري كلها مغالطة عظمي، فهو يستخدم اقوال المحدثين لرد روايات سيف، فليس لهذا من معني الا اذا كان يسلم بصحة مافي الصحيحين ولكن اخانا المالكي مر علي هذا مرور الكرام. والـحـقيقة ان موقف العسكري مفهوم بعض الشي ء، لان هذه النظرة للصحابة من ضروريات مذهبه، فـمـن الطبيعي ان يضيق ذرعا بالفضائل والبطولات المنسوبة اليهم في كتب التواريخ، ويجزم بانها مخترعة من غير حاجة للاثبات، ويبحث عن شخص لاتهامه باختراعها. ولكن، ما عذر اخيناالمالكي في متابعته علي ذلك ولا سيما انه لم يتناول هذا الجانب بالصراحة اللازمة بحيث يتضح الفارق بينهما. (10) ولـعـل الـقارئ الكريم يسمح لي باستطراد خارج موضوع القعقاع، لانه مفيد جدا لبيان امانة الـعسكري وهو يتهم سيفا بهذه الفرية العظمي. قدتجاهل ان عبد اللّه بن سبا مذكور مذموم في كتب مـذهـبـه لان عـلـماء المذهب كانوا قديما يستنكرون آراءه المتطرفة، فكان الواجب عليه ان يبدا بـنقدالذات الـعـلامـة العسكري ذلك في كتابه عبد اللّه بن سبا الجزءالثاني وقد اشار اليه الدكتور العودة في كتابه عبد ابن سبا واثره في احداث الفتنة في صدر الاسلام)، ومنها مثلا قول اعشي همدان شاعر قحطان والعراق يهجو المختار الثقفي واصحابه من غلاة الشيعة، بعد ثلاثين عاما من الفتنة الاولي: شهدت عليكم انكم سبئية ----- واني بكم يا شرطة الشرك عارف فـمن هؤلاء السبئية الغلاة الا ان يكونوا اصحاب ابن سبا، وهل كان الاعشي ليقول هذا لولا ان هذه الطائفة كان لها شان كبير في الفتنة الاولي وهل كان يقوله لولا انه مفيد في تثبيط معتدلي الشيعة عن نصرة المختار وهذا نفرواحد من نصوص كثيرة تدل علي وجوده ودوره في الاحداث وبقاءافكاره وانـصـاره الـي ان صـار الـغلو هو القاعدة. فياتي هذا الغيور علي التاريخ ويدعي زورا وبهتانا انه اسـطـورة افـتـراها سيف، ثم يجعل الكلام علي سيف واختلاق الصحابة الخمسين ومائة فرعا عن الـكـلام عـلـي هـذه الاسطورة العظمي ومدخلا للقول فيها. فاذا ثبت وجوده وصدق سيف فيه فما قيمة الكلام علي بقية الاساطير. وانـا اسـتغرب - وقد تبين الان انه ليس من اساطير سيف - ان اخانا المالكي لايجهر بهذه الحقيقة ولا بنقض مزاعم العسكري، بل يلتمس المخارج وحيل الكلام، فيقول في المقالة السادسة (السبئية لا تـعـنـي مجرد الخروج علي عثمان،وقد انتهي الدكتور عبد العزيز الهلابي الي انه اسطورة والـدكتور سليمان العودة الي عكس ذلك، ولعلهما يلتقيان ويتحاوران، وانا اميل الي انه اسطورة ولا اجـزم بـذلـك)، انتهي مختصرا. كلام مطاط لا زمام له ولا خطام ممن تعمق في دراسة تلك الفترة: السبئية موجودة ولكن ابن سبا الاقرب انه اسطورة فـي الـروايـات الاخري واشعار الشعراء وفي كتب الشيعة يعتبر نقطة لصالح سيف وتاييدالروايته ودافـعا الي التاني في اتهامه باختراع اسماء الصحابة. ولا علاقة لاصل وجوده بموضوع دوره في الـفـتنة ومدي تاثيره والكلام علي المؤامرة اليهودية، اذ هما شيئان مختلفان. ولقد فتحت الفتنة باب الـصـراع الـمـخـيـف،ومـعلوم ان الدعاية والافتراء والمبالغة من ادواته المعروفة، فلا يستبعد مـن الـحـزب الامـوي ان يبالغ في امره ويتهم جمهور الثائرين بالانصياع له. ولكن من المستبعد ان يـخـتلقوا شخصا من العدم وينسبوا اليه هذا الدور، فهذا من الكذب الساقط المكشوف الذي لا فائدة لاصحابه منه. فمجرد وجود التهمة دليل علي وجود الرجل، ولا نار بلا دخان. ولعل القارئ الكريم يـلاحظ ان الاستاذ المالكي ههنا ايضا يصرح مرة اخري باسم الهلابي والعودة،ويتجاهل العسكري الـذي صـنف كتابين او اكثر عن عبداللّه بن سبا.(11)وههنا مسالة تتردد بين السطور في كتابات الاسـتـاذ الـمـالـكـي وكـتابات خصومه، ولا بد لي من الحرص التام في التعبير عنها لان الغرض ليس الاتهام بقدر ما هو الحث علي تناولها بالوضوح اللازم. وربما تصورت لهاتخريجا ما، ولكن ليس من المصلحة ان يتولي ايضاح هذا الامر ومعالجته احد غيره. وما احسن الوضوح والصراحة في مثل هـذه الامـور. فـلـقـد اوضـح ان اهـل الـسـنـة يجب ان يكونوا منصفين للجميع، وانهم وسط بين الـروافض والنواصب (كتاب الرياض، ص 41). ولكن هذا الكلام النظري ليس له صدي علي ارض الـواقـع مـثل اشياء كثيرة، فالكتب والمقالات تتري، وفي كل واحد منها عشرات الاراء التفصيلية، وكـلـهـا تـقـريبا تصب في خانة واحد من الفريقين بعينه ولا نري لدي الاستاذ شجاعة مماثلة في نقدروايات الطرف الاخر، ولا حرصا علي التعرض لها، وقد اشرت الي بعض ذلك فيما مضي، ولعله ان شاء اللّه امر غير مقصود. وهو لا يتردد في اتهام ابن حزم والخضري والخطيب وغيرهم بانهم نـواصـب، ويـقـول ان الـنـصـب سبع مراتب، اما مرتضي العسكري فيقول عنه هذه العبارة اللطيفة (رغـم مـيوله العقدية)، فاين العدل والتوازن والوسطية (كتاب الرياض، ص 58)فمن الطبيعي ان يـقابل هذا الميل باتهامات مضادة من بعض المخالفين. ولايخفي ان هذا النوع من الحوار مضر جدا، لانـه يـسـمـم الاجواء ويفسد الهواءويحول دون الاستفادة العلمية المطلوبة ويدفع كل طرف الي الاستفزازوزيادة التطرف. ولا اقـول انه هو المسؤول عن ذلك وحده، ولكنه المسؤول الاول فيما اري. وقداشرت الي اشياء مـن اسـلوبه في التعبير، وادعائه ان التزوير تجاوز جميع الحدود بحيث تنفر منه العقول السليمة ومـع ذلك جازعلي كثيرمن علماءالاسلام، وطريقته في التعتيم علي المصادر التي حالت بينه وبين ايـضاح الفروق في الاغراض والمناهج، وعدم التوازن في الموضوعات التي يختارهاوالامثلة التي يضربها، فهذه الامور لها دور كبير في سوء التفاهم. واذا كانت نظرته متوازنة كما يقول، فينبغي ان يـظـهـر اثـر التوازن عمليا في الموضوعات والكتابات والاراء والعبارات، وهذا غير موجود مع الاسف. كتاب التباني: (12) ومما يتصل بموضوع المصادر ان الاستاذ المالكي اثني، بحرارة علي كتاب تحذير العبقري من محاضرات الخضري للشيخ محمد العربي التباني رحمه اللّه، واثني علي المؤلف في غير مكان، وقال: اكاد اقطع قطعا انه لم يؤلف مثله في موضوعه (كتاب الرياض، 37). فاذا كان الامر كذلك فـلـماذا لا نري ذكر التباني وكتابه في مقالات القعقاع وغيرها اولا باول لماذا لا يجعل كلامه تبعا لـكـلام الـتـبـانـي وامثاله في الاراء التي سبقوه اليها كما تقتضيه الامانة العلمية والاعتراف بفضل السابقين ويـظـهر لي ان الاخ المالكي يكتفي في الدراسات المقبولة لديه. بالاشارات العامة الواضحة و غير، الـواضحة، بمعزل عن مواضع الاستفادة التفصيلية. وهذاالامر غير مقبول لانه يؤدي الي استيلائه علي جهود العسكري والتباني وغيرهم ممن سبقوه بجيل او جيلين، فينسخهم ويحل محلهم بدلا من ان يـكـتـب مؤيدا لهم. وقد وقع ههنا في اعظم مما عاب علي غيره، واكتفي بتذكيره بما قاله لاخي الـدكـتور عبد اللّه العسكر، الذي اخذ عدد الروايات من احد المصادر، فقال الاستاذ (وهذا خلاف الامـانـة الـعـلـمـية) وقال لباحث آخر (وهذا خلاف الامانة العلمية في نسبة كل قول الي قائله) (كتاب الرياض، 81 و 181). وهوعلي حق في ذ لك كله، اما هو فياخذ الاراءالاجتهادية وينشرها تحت اسمه ويقول (لو صح لما ضر البحث شيئافالحكمة ضالة المؤمن).

عن القعقاع و سيف بن عمر (2/3)

د. محمد بن عبد اللّه العزام صحيفة الرياض - 2 ربيع الاخر - 1418 هـ بين العسكري والمالكي: (13) لا يـخـفي علي القارئ الكريم ان المسالة عند مرتضي العسكري لاتقف عندالقعقاع ولا حتي عند سيف، وانما هو فتق واسع او ثقب اسود نعرف اوله ولانعرف آخره، لان هذه الدعوي تقوم علي نظرة مبدئية خاصة الي التاريخ والمؤرخين، واتها م واحد منهم بالتزوير الشامل للتاريخ الاسلامي، واتهام سائر علماء الامة الي يومنا هذا بالجهل او الغفلة او التستر واشاعة الاباطيل والانتصار لها او مـا وراء ذلك من اتهامهم بضعف وسائل التمحيص والنقد،حتي انهم لم يفطنوا طيلة ثلاثه عشر قرنا الي اختراع اسماء الصحابه بالجملة. والاخ الـمـالـكي من جهته يتحدث عن انقاذ التاريخ الاسلامي لا عن تصحيح غلطة معينة، ويضرب الـمـثـل باربع مدن اسطورية لا بمدينة واحدة، ويقول:(هذه باختصار قصة سيف بن عمر مع عدد كـبـيـر من الشخصيات الذي اختلقها)، ويقول: (عشرات المدن التي لم يسمع بها احد ولم ينطق بها لسان ولاسمعت بها اذن ولا خطرت علي قلب بشر) وهكذا في سائر مقالاته،وهو كلام يشبه كلام العسكري من جهات كثيرة، ولا سيما عدد الاشخاص والاشياء التي يقولان انها مخترعات سيفية. ولقد كان العسكري صريحا بعض الشي ء، فلم يحذف شيئا من المسائل التاريخية التي يري ان سيف بن عـمر قد افسدها، ومنها حديث السقيفة وما وقع لفاطمة رضي اللّه عنها وحروب الردة والشوري. ومـعـلوم ان هذه المسائل من ضروريات مذهبه، فلا يستغرب منه بحثها اما الاستاذ المالكي فاخذمن هـذه الـمـسائل وترك، ومن المكن ان ياخذ غدا ما تركه اليوم فليس في ابحاثه ما يسوغ الجزم بانه يختلف عن العسكري، ولم يخالفه في شي ء،واضح. نظرتهم الي التاريخ (14) وانـا اتـحـف الـقـارئ الكريم ببحث آخر من هذا النوع، فقد زعم احد الكتاب - من جماعة الـعـسكري، وبحثه منشور في مجلة المورد العراقية سنة 1977 -ان ابا الفتح عثمان بن جني قد كـذب عـلـي ابـي الطيب المتنبي حين زعم للناس انه لازمه وقرا عليه ديوانه واستفسر عن معاني شـعـره، فـقال ان ذلك نوع من احلام اليقظة، وملا المقالة بتحقير الرواية والطعن في الرواة وهذا الـكلام ايضا فحواه ودوافعه مذهبية واضحة مع الاسف، ولا يتسع المقام للخوض فيها ولا للاتحاف بامثلة اخري. فاذا كان ابن جني شيخ العربية يكذب علي المستوي، ثم يروي الجم الغفير من العلماء والادباء ديوان الـمـتـنـبـي مـتـنا وشرحا عنه ولا يفطنون الي هذه الاكذوبة الهائلة، بل يساعدونه علي تحقيقها وتـخـليدها، و يقع مثل ذلك، مع اكاذيب سيف كما زعم العسكري والمالكي. ومع الشعر الجاهلي كما زعم الدكتور طه حسين، واحاديث ابي هريرة رضي اللّه عنه كما زعم ابو رية،وغيرها وغيرها وغـيـرهـا - فكل شي ء يجوز ان يكون مختلقا، وقل علي العلم السلام. وما الذي يمنع ان ياتي الدور عـلـي كـبـار المفسرين والمحدثين والفقهاء، فيقال - وقد قيل فعلا - انهم كانوا يخترعون المتون والاسـانـيـدفـيـصـححها اللاحقون غفلة وبلاهة ويضعونها في كتب التفسير والقراءات والعقيدة والحديث والفقه والسيرة النبوية وغيرها. والـحـق مـن اطـلع علي كتابات العسكري وجماعته لن تفاجئه طريقتهم في تكذيب الرواة والعلماء واتـهـامهم بشتي التهم لاغراض يعرفها الجميع، وانماالمفاجاة ان يتبني الاخ الاستاذ حسن المالكي هذه الافكار وينشرها علينابهذه الطريقة الملتوية. (15) قـد يقول المالكي ولكني لم اتحدث الا عن سيف بن عمر غـيـرك فـي الـمستقبل - وقد تمدد الطريق واستقرت القاعدة - عن غيره، وهل تستطيع ان تمنع الـنـاس مـن التصرف في الفكرة اوتطبيق نفس القاعدة علي مئات المسائل الاخري؟ ولا يخفي ان الـصعوبة تكمن في تاسيس القاعدة، ثم ينفتح الباب علي مصراعيه، ويصبح من ايسر الامور ادعاء ان العلماء انخدعوا بعشرات الاساطير الاخري او مئاتهااو آلافها، وبخاصة الامام الطبري كما سياتي فـمن حقنا اذن ان نلفت الانظارالي حقيقة الموضوع من جميع ابعاده. والمالكي قد كفانا المشقة لانه يتحدث عن امور لها اول وليس لها آخر مثل انقاذ التاريخ الاسلامي والمناهج والجامعات، الخ. ان الـنتيجة الخطيرة المترتبة علي هذه الاراء ما يلي: ان الامة تعيش منذ اربعة عشر قرنا في عالم الاوهـام والاكـاذيـب، ولـيس لديها حصانة مناعية ضدالاساطير الكبري، فكان من الممكن ان ياتي قـصـاص مـتـعـصـب لا قـيمة له في نفسه،فيختلق من نسج الخيال اسماء عشرات الاسماء والمدن والـمـعـارك والاحداث الخاصة بعصر الصحابة وغيره. مما لم يسمع به انسان ولم يخطرعلي قلب بـشـر قبله، والبلاد من حوله تمور بالعلماء الغافلين، ثم تقع هذه الاساطير موقع القبول بعد جيل او جـيلين وتصبح حقائق مقررة يتناقلهاكبار العلماء والحفاظ، و لا تدرك الامة انها اكاذيب مختلقة الا بعد بضعة عشر قرنا، ربما علي ايد المستشرقين والمبتدعة. واذا تـحقق ان الخط الدفاعي لم يكن موجودا في تلك القرون الاولي فما ايسرتوجيه المطاعن الي كل شي ء حتي الي القرآن الكريم والسنة النبوية اذا كان العلماء يسكتون علي اختراع اسماء الصحابة فلماذا لا يسكتون ايضا علي اختراع احاديث الصحابة، ونحن نعلم مثلا ان الدكتور طه حسين ادعي في نفس الكتاب ان ذكر اسماء الانبياء في القرآن الكريم لا يكفي للجزم بوجودهم التاريخي، فالفاصل رقـيـق جـدا بـيـن الـطـعن في الشعر الجاهلي وبين الطعن في اركان العقيدة. وما لنا نذهب بعيدا، فـالـعـسـكـري طبق نظريته اولاعلي قضايا خلافية ذات صبغة عقائدية اخطر بكثير من مسالة القعقاع،واهمها بيعة ابي بكر الصديق رضي اللّه عنه في سقيفة بني ساعدة. ولا ادري ماذا يبقي من تاريخ الطبري - والتاريخ الاسلامي كله - اذا القيناسبعمائة وثلاثين خبرا مـن اخـبـاره في مهملات التاريخ ومنكراته كما طلب الاستاذ (كتاب الرياض، 62) من غير حاجة لـلـنـظـرفـي مـتونها ومن غيراشتراط وجود روايات احسن منها ولا اعني النسبة العددية لانها قليلة بالقياس الي حجم الكتاب، بل منزلة الكتاب والثقة به وبصاحبه، فسيكون كالرجل الشريف، الذي لحقه العار او الصدوق الذي جرب عليه الكذب. ولا يـلـزم من قولي هذا ان المالكي يري ذلك كله، ولا ندري ماذا سيكون موضوع الكتابات القادمة، ولكنه نتيجة حتمية لكلامه.انه كما قلت فتق واسع نعرف اوله ونجهل آخره. بين الحديث والتاريخ لـقـد لاحـظ العلماء الفوارق بين الحديث والتاريخ منذ العصور الاولي، فتشددوا في رواية الحديث وتـساهلوا بعض الشي ء في رواية الاخبار والوقائع، فقبلواروايات امثال سيف بن عمر في التاريخ، وهـشـام بـن محمد الكلبي في الانساب، وابي عبيدة في ايام العرب، وكثير من الادباء واللغويين في مـجال اختصاصهم ولا يعقل ان يشترط في رواية فتح الاندلس مثلا ما يشترطفي رواية غزوة بدر ولـيـس مـن الصعب التفريق بين سيف المحدث وبين سيف المؤرخ او بين هشام المحدث وبين هشام الاخـبـاري النسابة، فاذا روواالحوادث والاخبار والانساب واللغة والشعر فلا باس، واذا رووا شيئا من الحديث والاحكام الشرعية فلا. واليك مثالا علي هذه التفرقة، فقد ترجم الحافظ ابن عبد البر للقعقاع بن عمروفي الاستيعاب فقال (القعقاع بن عمرو التميمي قال شهدت وفاة النبي (ص)،فيما رواه سيف بن عمر عن عمرو بن تميم عـن ابـيـه عنه قال ابن ابي حاتم:سيف متروك الحديث، فبطل ما جاء من ذلك. قال ابوعمر هو اخو عاصم بن عمرو التميمي، وكان لهما البلاء الجميل والمقامات المحمودة في القادسية،لهما ولهاشم بن عـتبة وعمرو بن معديكرب). فمن الواضح ان كلمة ذلك في قول ابن ابي حاتم تعني ما مر في اول الـكـلام مـن قول القعقاع انه شهد الوفاة،واذن فقوله (سيف متروك الحديث، فبطل ما جاء في ذلك) مـعناه انه لايؤخذ بقوله في مسالة الصحبة لان هذا الامر يتعلق بالدين والسيرة النبوية. ولم يتعرض ابـن ابي حاتم لمسالة وجود القعقاع ولا حضوره لمشاهد الفتوح، ولاراي ضعف سيف سببا للتشكيك فـي هذه الامور. وقداوضح ابن عبدالبر هذا غاية الوضوح في تعقيبه علي كلام ابن ابي حاتم،وهو لم يخالفه في شي ء، ولكنه حاصل كلامه ان الشك في الصحبة لاعلاقة له باخباره الاخري. ولو كان يـريـد الـتـسوية بين التاريخ والحديث، او ان يردرواية سيف ردا شاملا، او ان يشكك في وجود الـقـعقاع واخيه من الاساس، او ان سيفا يخترع الاسانيد، او ما الي ذلك من الدعاوي، فهذا هوالمقام المناسب لذلك. ولقد استغربت قول المالكي لم يتعقبه بشي ء، فالتعقيب واضح (كتاب الرياض.ص 54). نعم، انه لم يـخالفه في نفي الصحبة بناء علي ضعف سيف في الحديث،ولكنه عقب بما يفيد جزمه بوجود القعقاع واخـيـه. وهـذا الـتـعـقيب واضح الفائدة في توثيق سيف فيما يتعلق بوجود القعقاع ورواية التاريخ اجمالا،وهو موطن النزاع بيت القصيد في مقالات الاستاذ. واغـرب من ذلك قوله عن شهود القعقاع وفاة الرسول (ص) مسالة تاريخية بحتة (كتاب الرياض، ص 95). والـغـرض مـنـه التسوية بين التاريخ والحديث،وادعاء ان قول ابن ابي حاتم رحمه اللّه سـيـف مـتـروك الحديث معناه سيف متروك الحديث والتاريخ. فمن الواضح ان الاستاذ لم يتدبر الـفـرق بين الحديث والتاريخ. ومن التحامل والاندفاع وضعف الموضوعية ونقص المنهجية ان ياخذ جزءا من قول ابن ابي حاتم لانه يصلح للغرض المطلوب،ولايشير الي اقراره الضمني بانه شخص حقيقي، ولا الي سكوته عن اتهام سيف بتزييف التاريخ بالجملة ومـا لنا نذهب بعيدا في الاستدلال، فمن اوضح الادلة علي تفريق علمائنا بين الامرين كثرة روايات سيف وابي مخنف والهيثم وابن الكلبي في كتبهم التاريخية، وانعدامها في الصحاح والسنن وقد اوضح الاخ المالكي اكثار ابن حجر من الرواية عن سيف في الاصابة ولكنه لم ينقل عنه شيئا في فتح الباري (كتاب الرياض، 105 - 106) فالتفسير الواضح لذلك ان الاول كتاب تاريخ والثاني كتاب حديث. ولا يـخـفـي ان هـذا الـمسلك في التفريق غير ممكن اذا كان الذي بين ايدينا انما هورواية هؤلاء الـضـعفاء في الحديث، وهذا هو الواقع ههنا لاننا لانجد في الصحيحين مثلا شيئا عن القعقاع اما اذا وجـدنـا فـي الصحيحين او غيرهمارواية اقوي من مثيلاتها عند سيف او غيره فلا شك انه يجب تقديمها عليها،ولا اعرف من يخالف في ذلك او يجادل في اعتبار الروايات الصحيحة في كتب الحديث اقـوي مـن غـيـرها عند الاختلاف، وان تخلف التطبيق في كثيرمن الاحيان. وهذه النقطة - اعني تـخلف التطبيق فقط - مهمة جدا يشكرالاخ المالكي عليها، لانه قد اوضحها وضرب لها امثلة جيدة عـلـيهاويلاحظ ان كثيرا من المتخصصين في العلوم التاريخية والادبية لا يكادون يفقهون شيئا في مـصـطلح الحديث، ولايعرفون دراسة الاسانيد والترجيح بين الروايات علي منهج السلف، وهذا من آثار مناهج التعليم الغربية من غير شك. فمن المغالطة اذن ان يلبس العسكري لباس التشدد، فيقول سيف ضعيف متهم بالكذب وقد قيل فيه كذا وكذا، ويسرد اقوال المحدثين ويوهم ان المقصودبها رواياته التاريخية التي لا مقابل لها اقوي منها هذا مع انه في واقع الامر لايعبا بالصحيحين وقـد ذهـب الاخ المالكي الي ان الحديث والتاريخ شي ء واحد لا فرق بينهما(كتاب الرياض، 97 - 101)، وجـعل الخلاف بينهما من باب الاولي بمعني ان الذي يكذب في الحديث احري به ان يكذب فـي التاريخ (كتاب الرياض،92) ولم يات بدليل الا الاستنباط العقلي، وقد سبق ان انتقد هذا الامر بـعـيـنـه عـلي الاخرين (نفسه، 22) وهذا الاحتجاج العقلي غير مستقيم، وليس هذاهو التصور الـصـحـيـح لـلمسالة، فان رواية حديث الرسول - (ص) لا بد فيهامن الاحتياط وزيادة الشروط والـمـواصـفـات لان الـخلل فيها عظيم الاثر في حياة الامة دينا ودنيا، ومن المعلوم بالضرورة ان الانـسـان قـد يـوثـق بـه في الامور الصغري والمبالغ المالية القليلة ولا يوثق به فيما وراء ذ لك، فـالقول بان الكذب علي الرسول في (ص) يعني بالضرورة الكذب علي سائر الناس ليس بصحيح، وما كـنـت اظـن هـذا يخفي علي الاستاذ فالحاصل انه يريدايضا اعتبار متون سيف كالاحاديث النبوية، ويستشهد باقوال المحدثين لردرواياته في التاريخ من غير اشتراط وجود روايات اقوي منها. بين النقل والتوثيق مـن الـمـلاحظ ان الاستاذ المالكي لا يتصور ان احدا يمكن ان يوثق سيف بن عمرسواء في رواية الـحـديث او في رواية التاريخ، وقد بذل غاية جهده في نقل الاقوال في تضعيفه حتي عن بعض اهل عصرنا، مع الايهام بانها تنطبق علي التاريخ كما تنطبق علي الحديث لانهما كالشي ء الواحد. فاذا وجد شيئالا يتفق مع المطلوب بذل غاية جهده لازاحته عن الطريق. واكتفي من ذلك باربعة امثلة: قوله: ان الطبري يعتبر ممن ضعف سيف بن عمر (كتاب الرياض، 52). قـوله: عن شهود القعقاع وفاة الرسول في (ص) مسالة تاريخية بحتة، لتوجيه كلام ابن ابي حاتم بحيث يشمل التاريخ، ومضي بيانه. قوله عن الحافظ ابن عبد البر: (لم يعقب بشي ء)، ومضي بيانه. محاولة اسقاط كلمة الحافظ الذهبي كان اخباريا عارفا باوهي الحجج (كتاب الرياض، 84).. محاولة اسقاط كلمة الحافظ ابن حجر الصريحة ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ بشتي الحجج (كتاب الرياض، 55 و 105 - 108). فلما راي كثرة دوران رواياته التاريخية في كتاب الحفاظ والعلماء الاثبات، لم يجد من حيلة الا بتر الـصـلـة بـيـن النقل والتوثيق فهذه النقول الكثيرة لا تعني شيئا، لا تحسب له بل عليه، لانها كاقوال الـشـياطين والكفار والمنافقين في القرآن الكريم (كتاب الرياض، 83). وما كان له ان ينحدر في الـتحامل الي هذا الحد، ولا اعتقد ان انسانا لديه ذرة من عقل يوافقه علي ان كلام سيف الموجود في تاريخ الطبري ككلام الشياطين الموجود في القرآن الكريم وفي تاريخ الطبري ايضا. فـلا بـاس - ما دام الامر يخفي عليه - بايضاح هذه المسالة، راجيا ممن يجد في قولي هذا غلطا ان يتفضل مشكورا ببيان الصواب فان نقل العلماء الاثبات،او حتي اهل الصدق من عامة الناس، للروايات والاخـبـار وسـكـوتـهـم عن تمريضها، يدل علي اقتناعهم بصحتها، بصرف النظر عن صحتها في ذاتـهاوسواء اكان ذلك باسانيد او بغير اسانيد فالطبري مثلا حين يسوق اخبارالفتوح او الفتنة نقلا عـن سـيف، فانه انما يكتب ما اطمانت اليه نفسه علي وجه الاجمال، ولقد كانت المصادر وفيرة بين يديه فاختاره لهذا السبب فهذا النقل يحمل معني التوثيق، اي الشهادة الضمنية لهذه الاخباربالصحة. واذا كـان الطبري يطمئن الي رواياته بحيث ينقل عنه ثمانمائة رواية كما احصي الاستاذ مشكورا، فهذا دليل لا يدحض علي انه يراه عمدة في التاريخ، وهذابيت القصيد. ولا يـعـقـل ان يعتقد انه كذاب وضاع وان هذه الاخبار والاسماء مختلقة، وان كلامه من نوع كلام الـشـياطين والكفار والمنافقين، فينقله ويسكت عليه،ولو فعل ذلك لكان مفرطا غاشا للامة، وهو ما صنف كتابه الا لتدوين التاريخ الصحيح علي ما وصل اليه علمه واجتهاده وشعوره بالمسؤولية.وهو يعد من اعظم علماء الاسلام وفقهاء الامة ومؤرخيها. ولا يـنـبغي الخلط بين هذا المعني وبين صحة الاخبار في ذاتها وقاعدة ان العهدة علي الراوي، فان الـطبري لا يجعل نفسه مسؤولا عن صحتها، وانما اوردهالانه يغلب علي ظنه انها صحيحة ومثله انك اذا استشهدت ببيت من شعراحمد شوقي مثلا و اوضحت مكانه في الديوان، فلانك تعتقد بانه من شـعـره،ولـكنك لا تضمن ذلك ولا تسال عنه، فان تبين انه مدسوس علي الديوان فالعهدة علي ناشر الـديـوان، ويـترتب علي ذلك ان كثيرا من فحول العلماء في جميع العصور - ولا سيما القريبين من عـصـر سيف - كانوا يعتقدون بصحة رواياته التاريخية علي وجه الاجمال، كما كانوا يعتقدون ان كـلام ابـن الـكـلـبي في الانساب صحيح علي وجه الاجمال، لا من باب التسليم الاعمي، بل لانه لم يظهرلهم ما يدعو الي الارتياب. الاعراض عن الطبري (16) ولا اري الـبـحث يتكامل الا ببحث حال الامام محمد بن جرير الطبري -رحمه اللّه - بحثا صـريـحا، لان روايات سيف ما كانت لتبلغ هذا المبلغ لولاتفضيله اياها علي غيرها من تاريخه الذي اصبح اهم كتب التاريخ. فلا بدمن ايضاح السبب الحادي به الي الاعتماد علي مصنع الاكاذيب هذا. ولم ار لدي الاستاذ المالكي عناية ببحث حاله وسبب غشه للامة بهذه الاباطيل الهاذلة، ولا سيما انه يراها اكاذيب مكشوفة ليس من الصعب اكتشافها حتي علي المستشرقين والمبتدعة، بل وجدت لديه مـراوغة عن بحث هذا الامر(كتاب الرياض، ص 53)، بل انه ليعتبر الطبري ممن ضعف سيف بن عمرفي التاريخ (كتاب الرياض، ص 53)، وهذا من العجائب ولكن الاشكال باق علي حاله، فاذا كان سـيـف مـن اعـظم الوضاعين فلا بد ان يكون الطبري من اعظم المغفلين او من اعظم الغشاشين، لا مـحـالـة، فـلماذا اعرض عن تجريحه كما فعل مع اساتذة الجامعات السعودية اليس هو المسؤول، عن اغراق التاريخ وافساده، الا ينطبق عليه ما قاله عنهم تعطيل النصوص والعقول الـسائد، الغش والتدليس واستغفال القارئ وطلاء الباطل بطلاء الحق، تاسيس الجهل العلمي لـغـة اهـل الـعلم والتحقيق الفرق بين الطبري وبينهم؟ اختلاق الاشخاص (17) لـقـد كـان يـجـب عـليه - وقد صح عزمه علي سلوك هذا الطريق ان يبدابتاصيل القواعد بـالاسلوب العلمي الصحيح، وطرحها علي اصحاب الاختصاص ليقولوا رايهم فيها، ثم يبدا بالتطبيق بـعـد ذلـك، امـا قـبـل ذلـك فلوكتب مائة مقالة تطبيقية فلا قيمة لها،الا اذا تمكن من اقناع، القراء بـصـحـة الـمـبادي ء العامة فلا بد من اثبات ان سيف بن عمر كان يختلق اسماءالصحابة والتابعين والمعارك والاشعار والبلدان، وايضاح اسباب هذا الامرودوافعه والشواهد عليه من حياته وسيرته واهـوائه واقـوال اهـل عـصـره فـيـه، وهل ثبت ثبوتا اكيدا وقوع ذلك منه ام انه ظنون مجردة واحتمالات نظرية وشيق صدر برواياته. وهذا هو زمام المسالة كلها. واخـتـلاق الشخصيات امر غريب في ذاته، ويحتاج الي شرح وبيان واثبات، وهواصعب بكثير مما يـوهم كلامه. فهل من اليسير مثلا علي احد رواة الشعرالنبطي ان يخترع اسماء عشرات الشعراء ويـزعم انهم عاشوا قبل قرن اوقرنين الجواب بطبيعة الحال انه امر غير ميسور لاسباب كثيرة، ومن ارادفليجرب اختراع شاعرا واحدا وليس من السهل علي احد ان يخدع جميع الناس، فكيف اذا كـان الـكـذب والـتلفيق بهذا المقدار، فلابد رابعا من اثبات ان باب اختلاق الاشخاص بهذا المقدار المزعوم امر ممكن، وانهم تمكنوا من خديعة العلماء بذلك. لـقـد كان من الواجب اعتبار التهمة من جميع جوانبها، والنظر في جميع روايات الرجل عن القعقاع وغـيـره، وهل تابعه احد علي ذكر بعض الاشخاص الذين له مصلحة في اختلاقهم، واعتبار جميع آراء الـعـلـمـاء القولية والعملية فيه، الي آخر الامور التي لا بد من اعتبارها. فتكون النقاط سلبية وايـجابية،ثم يحكم له او عليه. وقد فعل القدماء ذلك بهدوء، وانتهي كثير منهم الي قبول رواياته في التاريخ دون الحديث كما هو معلوم. ثـم لا بد من اثبات ان المسالة التي يدور البحث حولها- القعقاع الان وغيره في المستقبل - من ضمن تـلـك الـمـخترعات، وايضاح ان اخباره تتضمن من المبالغات غير المعقولة ما يستوجب الجزم بانه اسـطـورة، مـع الاخـذ فـي الاعتبار ان المبالغة قد تقع في اخبار الاشخاص الحقيقيين. اما جمهور الـنـاس عـبـر القرون فلم يقراوا في اخباره شيئا يتجاوز الحدود ولقد كان من الافضل ان يفترض الاستاذ ان الاصل فيه انه شخص حقيقي، لانه مذكورفي كثير من الكتب، والاثبات مقدم علي النفي، ويعترف بانه يسبح ضدالتيار، ثم يوضح بالدليل القوي والحجة القاهرة لماذا يجب ان يكون الامرعلي العكس. فهذا هو مقتضي الانصاف، وهكذا يصنع الباحثون وتبرزالجهود. (18) هـب ان احـد الـرواة اورد كـلـمة او خبرا فيه اسم ما، وليكن القول المنسوب الي ابي بكر الصديق رضي اللّه عنه (سيف القعقاع خير من الف رجل)، ثم اتضح ان الاسناد لا يوثق به لاي سبب، فـهـل يـعني ذلك ان ذلك الاسم مخترع لا وجود له اصلا ام انهما مسالتان مختلفتان ولا بد من اثبات مـسـالة الاختراع علي حده الواقع انهما مسالتان مختلفتان جدا، وكون الاخبارلايوثق بها لا يعني ان الانسان اسطورة. وقد قرر الاستاذ ذلك وهو يتكلم عن الزير سالم وعنترة وحمزة البهلوان وسيف بـن ذي يـزن، فقال (هؤلاء لهم حقيقة، لكن بولغ فيها جدا)، فهل القعقاع في اسوا الاحوال الا كذلك هل فرق بين المسالتين واثبت الثانية بمعزل عن الاولي كلا، بكل تاكيد. واقع الامر انه لا يخلو مجتمع من شخصيات شعبية يقال انهم عاشوا منذ قرون،وينسب اليهم الناس كثيرا من الاخبار والاشعار والبطولات والطرائف التي لا يمكن اثبات شي ء منها، ومع ذلك لا يوجد مـسـوغ فـي الـغـالـب لـلـشك،في اصل وجودهم فمن المغالطة ان يخلط بين انفراد سيف برواية اخبارالقعقاع وبين كونه رجلا من نسج الخيال، ويوهم القراء بان ضعف الاسانيديعني بالضرورة انه - ومن سياتي عليه الدور من الصحابة وغيرهم -اسطورة مختلقة تماما كمدينة الحشرة. فلو قال العسكري والمالكي عن القعقاع وامثاله انهم مجاهيل انفرد بهم سيف بن عمر لكان لهما بعض الحجة والعذر، اصابا او اخطئا ولكن كلمة مجهول المنهجية الموضوعية الهادئة لا تخدم الغرض، لان المطلوب اثبات ان الاكاذيب الكبري موجودة في تاريخنا الفاسد الهالك الغريق. اسانيد سيف: (19) مـن المعلوم بديها - حتي لغير المتخصصين - انه ليس هناك صلة حتمية بين الاخبار الباطلة وبـيـن الـراوي الذي ذكرها في كتابه، فلو كان القعقاع اسطورة حقا فليس من الضروري ان يكون سـيـف - مـن بـين الرجال المذكورين في الاسناد - هو الذي اختلقه الا ببرهان واضح. هذا محمد بن اسحاق مثلا، شحن السيرة بكثير من الاشعار المنحولة كما قال محمد بن سلام الجمحي وغيره، فـهـل نـقول: يجب بالضرورة ان يكون هو الذي نظم تلك الاشعار وهل الغزالي هو مؤلف الاحاديث الـبـاطـلـة الموجودة في احياءعلوم الدين وهذه الاكاذيب التي تقال في المجالس هل من الضروري ان يكون المتكلم هو الذي اخترعها الواقع ان اكثر رواة الاخبار الباطلة لم يختلقوها بانفسهم. وهذا لا يعفي احدا من المسئولية، ولكنه شي ء آخر غيرما نحن فيه. وقد اسند سيف اخباره الي رواة سماهم باسمائهم، فيقول الطبري مثلا (كتب الي السري عن شعيب عـن سـيـف عـن مجالد عن الشعبي)، او (السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وزياد عن قـدامـة الـكاهلي) او (السري عن شعيب عن سيف عن النضر عن ابن الرفيل عن ابيه عن حميد بن ابي شجار)، الي آخر هذه الاسانيد المتفرعة بعد سيف وهي كثيرة جدا. فمن الجائز في منطق العقل والانـصـاف - اذا افـترضنا بطلان هذه الاخبار اووجود مبالغات فيها -ان يكون البلاء من الرواة الـسـابـقـيـن عـلـيه. وقد اوضح الاستاذ كثرة الضعف والجهالة فيهم وفي بعض الرواة عنه ايضا (كتاب الرياض، 67 - 69). فاذا كان يري ان هذه الاسانيد اسطورية وان بعض الاسماء المذكورة فـيها اسطورية، فهذان فرضان جديدان لا بد من بحثهماواثباتهما قبل البحث في مسالة القعقاع، ومن الممكن نظريا ان تكون الاسانيد حقيقية والمتون باطلة او العكس. ولـقد قال (استخرجت روايات سيف بنفسي وبحثها رواية رواية سندا ومتنا)،ولا اجادله في هذا، ولـكـني لم ار ما يدل علي انه درسها بالتفصيل اللازم واثبت بالدليل القوي ان هذا الجمع والبحث قد اثـبت ان الاسانيد مخترعة كالمتون او مركبة، ولا ان الرجال المذكورين فيها من الثقات الاثبات او انـهـم لاوجـود لـهـم اصـلا، بحيث يجب ان تتجه التهمة اليه. وتحتاج هذه الدراسة الي جهد كبير لاسـتـقـصـاء الـروايات المنسوبة اليهم في جميع الكتب عن سيف وغيره، والمقارنة بين الاسانيد والمتون لاثبات ان اسانيده اسطورية اومركبة. ولم ار اثرا لذلك في مقالاته ولا منهجا واضحا في دراسـة هـذا الـجـانـب الـمـهـم. ولا اري فـائدة مـن جـهـده هذا، لانه يريد الحكم علي التاريخ بمقاييس الحديث، ومعلوم سلفا انه ضعيف في الحديث، ويغني عنه قول ابن ابي حاتم متروك الحديث وقـد نـادي بالقاء هذه الروايات في مهملات التاريخ بعد ان استخرجها واحصاها، وبالقاء كتاب سيف الـمطبوع في مهملات التاريخ قبل الاستخراج والاحصاء وانما يكون ذلك مفيدا لو انه بحث المتون وقـارنـهابالروايات الاخري و اوضح كم المعلول منها والمعارض بما هو اقوي منه وكم منها يمكن قبوله. ولا ادري مـاذا يـقـول الاسـتـاذ فـي روايـات سيف المقبولة متونها. هل يقول: ان المتون صحيحة والاسانيد اسطورية؟ ام يقول: عقلي هو الفيصل والحكم؟فان ورد في شي ء منها اسم القعقاع - او اسـم اي انـسـان مـختلق في رايي -فالسند مختلق ايضا، واذا لم يذكر فيه فالسند صحيح فهذا كله تـعـسف وتحامل، لانه ليس بيده دليل خارجي مستقل علي ان الاسماء المذكورة في المتون اسطورية والـذي اظنه انه جمع هذه الروايات وقرر ان متونها غيرمقبولة لديه. وراي ان اسم سيف موجود فـي جـمـيـعـهـا، فـانـتـهي الي اتهامه باختلاق المتون والاسانيد، ولم يعتبر شيئا من الاحتمالات الكثيرة الاخري. وهـذا الـجـانـب يمكن ان يعصف بدعوي الاختلاق عصفا، لان القعقاع مذكور في اسانيد متعددة من روايات سيف عن الشعبي وغيره بحيث يشهد بعضهالبعض، ولا سبيل الي ابطالها جميعا الا باثبات ان الاسـانـيـد اسطورية ايضا،بمعني انه - بعد ان اختلق اسم القعقاع وصنع الاخبار اللازمة - صنع لهااسانيد لااصل لها باستخدام اسماء حقيقية او خيالية فدعوي الاختلاق يجب ان تكون مزدوجة ذات شقين وتبحث علي هذا الاساس: ان المتون وما فيها من الاسماء مخترعة، و ان الاسانيد المصاحبة لها مـخـتـرعـة. والذي اراه ان اختراع الاسانيد ما كان ليخفي علي جهابذة الحديث من معاصريه او من تلاميذهم كالطبري وابن ابي حاتم. وفـي كلام الاستاذ في هذا الباب تناقض من اغرب ما يكون فقد قال: من علامات ضعف الراوي انه يـروي عـن كـثير من المجهولين، مما قد يسبق الي الظن انه يختلق الرواة وينسب اليهم اقوالا مما عنده، فاوضح مشكورا انه خاطر وقع له وسبق الي ظنه ولكن هذا الظن سرعان ما انقلب الي يقين، اذقـال بـعـد قـلـيل: وقد اتهم سيف باختلاق اسماء للرواة الذين ليس لهم وجوداصلا بينما تكون الروايات من انشائه فـي لائحـة الاتـهـامـات عن هذاالفاعل المجهول فلم اجد احدا من القدماء ذكر انه يختلق الاسماء المذكورة في الاسانيد، فلم يبق الا ان الاستاذ يعني بذلك نفسه، وتذكرت قاضي واسطالذي تعرض للمامون في الطريق للثناء علي قاضي واسط فـقول الاستاذ: مما قد يسبق الي الظن انه يختلق الرواة يشبه قول العسكري واذا بي اهتدي الي حقيقة كان التاريخ قد نسيها، كلاهما ظنون لم يهتم اصحابها باخراجها الي عالم الحقائق فنقول لكل منهما: شكرا لهما علي هذاالاقرار غير المقصود اشكالات اخري لم يتعرض لها: (20) ولـقـد قـصـر المالكي - والعسكري من قبله - غاية التقصير ايضا في استيعاب الاشكالات الاخـري الـتـي تنشا من تهمة الاختلاق، وفي الصبرعلي مايتطلبه توجيه هذه التهمة الخطيرة من اعتبار كافة جوانب القضية واشباعها بحثا. ومن ذلك ما يلي: - مـا حاجة سيف الي اختراع عدد كبير من الشخصيات، ومنهم عشرات الصحابة هل بلغ به التهاون في امر دينه الي حيث يخترع ويكذب متعمداعلي الرسول (ص) بدعوي انهم كانوا من اصحابه، الا يخشي الرجل العاقل من تعريض نفسه لضربة قاضية من علماء عصره هل بلغ به جنون التعصب القبلي الي هذه الدرجة التي لا يرضاها عاقل لنفسه؟ - واذا افـترضنا انه يخترع اسماء الناس، فما حاجته الي اختراع اسماء المعارك والبلدان هل وصل بـه الجنون الي هذا الحد، هب ان انسانا مشهور بالكذب،فهل يقول للناس قضيت الاجازة الصيفية في جزر الواق واق. - لماذا سكت علماء الحديث عن اتهامه بهذه التهمة الخطيرة اعن جهل، ام غفلة، ام نسيان، ام مجاملة، ام تـستر ام لانهم يرون ان اختراع الاسماء خيروبركة فلا ضرر منه وهل سكتوا ايضا عن امثاله لـقـد اوضـح الـمـالـكـي حرصهم علي مناقشة صحبة الصحابة واحدا فواحدا، وعدم ترددهم في نفي الصحبة عند اللزوم فمن الغريب ان يختلق مئات الصحابة، ويدعي انهم من كبارهم واخيارهم، فلا يلتفتون بكلمة واضحة صريحة الي هذاالقصاص المجنون. - ولماذا - بعد السكوت - قبلوا رواياته في التاريخ الا يجب ان يوضع هذا في الاعتبار الا يدل علي انه لم يبلغ تلك الدرجة المزعومة من الانحطاط لقداستعمل المالكي هذه الحجة في الثناء علي وهب بـن مـنـبه - لانه يرضي عنه - فقال (احتج به البخاري ومسلم في صحيحيهما امااحتجاج امثال الطبري وابن عبد البر وابن عساكر وابن كثير والذهبي وابن حجر، وهم من جبال العلم الشامخة، بروايات سيف فلا يساوي قلامة ظفر،فسبحان اللّه - لـقـد سـرد المالكي اسماء ستين مؤرخا لم يذكروا القعقاع ولكنه لم يتدبرالاشكال الاعظم، فهل يعقل ان يختلق سيف عشرات الصحابة والتابعين والفرسان والولاة والبلدان والمعارك والاشعار، فلا يـوجـد لهذا الكذب الهائل صدي عند هؤلاء المؤرخين الستين وعند اضعاف عددهم ممن لم يذكرهم انـنـا كـثيرا ما نقرا ان فلانا وضع حديثا او قصيدة او بيتا من الشعر اووثيقة رسمية او كلمة او حـرفـا واحدا، وقصة الذي زاد عبارة او جناح علي احد الاحاديث مشهورة. فهل يعقل ان يسكت الجميع عن هذا الطوفان من الاكاذيب ولو من باب العصبية المضادة؟ - هـل انفرد سيف بذكر عشرات الاسماء حقا ام ان التهمة لا تخلو من المبالغة والتهويل؟ لقد صنف الـعسكري كتابين ليقول انه انفرد بذكر عبد اللّه بن سبا، وجعل ذلك حجر الزاوية في الكلام علي سـيـف فـاذا ثـبـت ان الاسطورة الكبري ليست اسطورة علي الاطلاق، الا يكون من الظلم العظيم والتحكم والهوي ان يقول قائل: هذا الاسم صحيح وهذا الاسم مختلق؟ - امـا كـان يستطيع الصاق نفس الاكاذيب بخرين ممن لا خلاف في وجودهم التاريخي وحضورهم تـلـك الـمشاهد وهذا هو المعتاد في تمرير الاكاذيب،بدلا من اختراع (اسماء لم تخطر علي قلب بشر). - هـل يـدل الـتـحـلـيل الادبي علي ان الاشعار الواردة في رواياته من النوع الركيك المعهود في الـمنحولات، وهل تشبه ان تكون من نظم رجل واحد وهل كان شاعرا مجيدا بحيث يضع علي لسان كل انسان ما يلائمه فهذا جانب مهم لابدمن اعتباره لدراسة تهمة التزييف. هـذه - وكثير غيرها - اشكالات حقيقية، لا يشتغلون بالنظر فيه (لقد اجاب العلامة العسكري في كـتـابـه (خمسون ومائة صحابي مختلق) علي هذا النوع من التساؤلات غير ان الدكتور العزام قد تـجاهل ذلك.)، وانما يقفزون الي النتائج النهائية المقررة سلفا، ويقولون: (انقاذ التاريخ، ابحاث في غاية الدقة والموضوعية). (21) لا اريـد الـتـعـنت وتكليف المالكي ما لا يطاق، ولكن المطالبة باستيعاب جميع الجوانب ليست كـثـيـرة عـلـي مـن ينصب نفسه لانقاذ التاريخ وايقاظالعلماء من غفلة الا موات، وتصحيح المسار والـتـجـديـد فـي الاصـول والـمناهج واساليب التفكير لان اثبات فساد القواعد الحالية واختراع قـواعـدجديدة، وتطبيقها تطبيقا صحيحا علي احدي القضايا، عمل عظيم يستحق ان ينفق عليه بضع سـنـوات فـي الـبحث والتحقيق. اذ هو اصعب بكثير من كتابة تاريخ دولة او سيرة رجل بالطريقة الـمعتادة والمسئولية الاخلاقية تقتضي ممن يتهم احدا باختلاق اسماء الصحابة ان يبذل جهداعظيما زائدا علي المعتاد لاثبات التهمة وابراء ذمته. ولكنه تجنب - كالعسكري من قبل - تاصيل هذه الاصول لان هذه الاراء في واقع الامر مجرد اوهام وظـنـون غـيـر قابلة للتاصيل. فعمد الي ارسال الدعاوي والقفز الي النتائج، وشيد البناء قبل حفر الـقـواعـد، وصـور تـهـمـة الاخـتلاق تصويرا سريعا في اول المقالة الاولي كانها قضية مسلمة كمدينة الحشرة. وانطلق في الكلام المعاد المكرر علي كذب سيف بدليل انه اختلق شخصية القعقاع، وعـلـي اختلاق شخصية القعقاع بدليل انها من اكاذيب سيف القعقاع من مخترعات سيف الذي اخترع كثيرا من الشخصيات كالقعقاع كاننا والماء من حولنا قوم جلوس حولهم ماء ومـمـا يـدلك علي ارسال الدعاوي والقفز الي النتائج جزمه تقليدا للعسكري -بان الاماكن العراقية الـمـذكـورة فـي روايـات سـيف اساطير، فليتفضل مشكورا بشرح براهينه الجغرافيه علي هذه الـدعـوي. وطـالـمـا رايـنا في كتابات اثبات العلماء - كالاستاذ حمد الجاسر حفظه اللّه - قولهم هـذاالـموضوع المذكور في التاريخ غير معروف في عصرنا، وقد كثرت الابحاث عن مكان سوق عـكاظ مع انه اشهر من نار علي علم. فاين بحثه لهذه الاماكن واحدا فواحدا، وما معرفته بجغرافية العراق وكيف وصل الي اليقين بانها اساطير؟

عن القعقاع و سيف بن عمر (3/3)

د. محمد بن عبد اللّه العزام صحيفة الرياض - 3 ربيع الاخر - 1418 هـ تصنيف القراء (22) ولـقـد استغربت كثيرا تصنيفه للناس في المقالة الاخيرة (دروس من معركة القعقاع ثلاثة اصناف: فـالـصـنـف الاول: (يـنفي وجود القعقاع مطلقا والاحداث و الصنف الثاني: (يثبت وجوده و دوره كاملا بكل التضخيمات والتهويلات و الـصـنـف الثالث: (يتوسط فيري ان سيف بن عمر قد بالغ في دور القعقاع ابن عمرو، ذلك الدور الذي لم يذكره غيره ثـم قـال: (وفـي ظني ان الصنف الاول والثالث متقاربان جدا، ويمكن ان يتفقا اذاعرفا منهج سيف بن عمر بالتفصيل - عـلي فرض وجوداحدهما- ممن عاش قبل عصر سيف، والفارق الكبير بين الاختلاق الذي يعني ان الشخص اسطورة والمبالغة التي تعني انه حقيقة تاريخية. فهذا الكلام يلخص نظرته الي الاشياء، ويدل بوضوح علي انه لا يدرك النواقص المشار اليها. فلعله يـري فـي ذلك مضيعة للوقت والجهد، ويكفي سرد اقوال المحدثين في تضعيفه للوصول الي النتيجة الـكـبـري وهـي انـه (معروف باختلاق الشخصيات والمعارك والاحداث برهان، فهي راسخة في ذهنه ويجب ان تكون راسخة في اذهان الناس واذا وجد احدا من القدماء او الـمـعـاصرين ينتقد سيف بن عمر في اي شي ءفهو في نظره شبه مؤيد للتهمة، (والصنفان متقاربان جدا، والخلاف بينهمايسير). ولم يبق الا صنف المغفلين كالطبري واساتذة الجامعات السعودية.فكان القدماء والمعاصرين يوافقونه من حيث لا يدرون علي خراب التاريخ الاسلا مي نماذج من المغالطات (23) فـمن مغالطاته: الخلط بين اتهام الاسانيد واتهام المتون، وهما امران مختلفان جدا. فلو قال لك انسان: قال لي فلان انه رءاك تصلي الجمعة في مسجد كذا،فسوف تدرك حالا ان الخبر غير صحيح لانـك كـنـت فـي مـسجد آخر، وتظن ان احدهما وقع في خطا غير مقصود. فاذا تكررت الاوهام والاكاذيب فسوف تتراجع الثقة في الاشخاص، ولعلك ستجد ان الكاذب هو الشخص الذي لم يحدثك. ومـن الواضح ان الثقة توجد او تنعدم في الاخبار اولا ثم في الرواة ثانيا. وهذا في القضايا الحاضرة الـتي لا مجال للراي فيها مثل صلاتك في ذلك المسجد، فاذا كانت تتعلق بقضايا تاريخية تضاربت فيها الاراءوالـمـصـالـح والاهـواء فالامر اعسر من ذلك وغاية المؤرخ ان يبحث عن احسن الروايات واجـدرها بالقبول بصرف النظر عن اشخاص الرواة، واذاامكن معرفة مصدر ضعف الخبر فحسن ولكنه ليس ضروريا لا بد منه. امـا المالكي - تبعا للعسكري من قبله - فالامر لديه علي العكس فقد نظر في اخبار القعقاع فلم يجد اكـاذيـب تجزم العقول والفطر السليمة بانها باطلة،وانما هي اخبار في حدود المعتاد والمعقول، ثم نظر في الاسانيد فراي انهاوردت عن طريق سيف بن عمر، فقرر اربعة امور: - ان انفراده بها يكفي للجزم بان اخبار القعقاع اكاذيب. - ان انفراده بها يكفي للجزم بان القعقاع نفسه اسطورة.. - ان انفراده باي شي ء آخر يكفي للجزم بانه اسطورة. - انه لا غيره مؤلف هذه الاكاذيب والاساطير. وجـمـيع كلامه لاحق لهذه الامور الاربعة ومرتب عليها، وقد مضت الاشارة الي انه لم يبحث شيئا منها ويثبته بالدليل الكافي. فقد رد الاخبار لمجرد انها من رواية فلان، ثم حكم علي فلان نفسه بانه كـذاب لانـه روي تـلـك الاخـبـار..بـينما كان الواجب عليه ان يثبت اولا ان الاخبار اكاذيب وان الاسماءاساطير، ثم اذا شاء يتخذ ذلك دليلا علي انعدام الثقة بالرواية. هل القعقاع كمدينة الحشرة تماما (24) وتتضح المغالطة والقفز الي الاحكام المقررة من المدن الاربع التي ابتداالكلام بها. فالمقالات منشورة تحت عنوان (القعقاع حقيقة ام اسطورة بـمـديـنـة الـحـشـرة التي هي مثل القعقاع تماما، وهذه مغالطة واضحة وقياس شي ء علي شي ء مع الفارق العظيم، لانه صرح مقدما بان المدينة اسطورة، والقراء يعلمون من الواقع انها اسطورة، بمعني ان عـنـصـر الاسطورة فيها مقرر مفروغ منه، فكيف تكون مثالا للقعقاع الذي يدور التساؤل اهو حـقـيقة ام اسطورة لقد كان الواجب عليه ان يستشهد بمثال واقعي من التاريخ او الجغرافيا، فيذكر مـثـلااربـع مـدن كبري زعم احد الجغرافيين - عن سوء نية ورغبة في التزييف من باب التعصب الاقـلـيمي مثلا - انها موجودة، فتواتر العلماء المحققون جيلابعد جيل علي التصديق بها، وذكروا حـدودها ومواقعها واسماء امرائهاوعدد سكانها واشهر معالمها ورجالها، ثم ثبت بالدليل القاطع انها من نسج الخيال، فهذا هو المثال الذي يشبه حالة القعقاع. التقول علي القدماء (25) تـقـتـضـي الامانة والموضوعية من الباحث الا يدعي ان الاخرين، وبخاصة العلماء القدامي، يـوافـقـونـه علي آرائه او انهم سبقوا اليها، الا ببرهان صحيح.واذا كان الراي اجتهادا منه فيجب التعبير عن ذلك بوضوح، لتتضح الحدودوالفواصل ولا يختلط الحابل بالنابل، وليكون له الغنم وعليه الغرم. فـمما يدل علي ضعف حجة المالكي واندفاعه للبحث عن الشبهات والادلة انه يدعي، بالتلميح القريب مـن الـتـصـريـح، ان الـقدماء سبقوه الي اتهام سيف باختلاق الاشخاص والوقائع، فيقول مثلا (تلك الـشـخـصـيـات والـمـعـارك والاشـعار والبلدان التي انفرد بها سيف لم يعرفها احد غيره، لا في عصره ولاعرفها من سبقه. ولذلك لم يعول احد علي كتابه الا بعد موته بنحو مائة سنة) ومعني كلمة ولذلك ترتيب آخر الكلام علي اوله، فاهل تلك المائة سنة - في زعمه - اعرضوا عن كتاب سيف لهذا السبب، اي انهم ادركوا انهامخترعات فتركوها لذلك. وهذه الدعوي لا دليل عليها، وليس بين يـديـه نـص يـدل عـلي ان القدماء اعرضوا عنه بسبب تهمة الاختراع، ولا انهم كانوايتهمونه بهذه الـتهمة، فكيف يقول لذلك والقارئ غير المتخصص يدرك كثرة الاسباب الممكنة، فلا بد من دليل مقنع علي تخصيص ذلك السبب بعينه. فهذا من ارسال الكلام علي عواهنه. ثـم قـال مؤكدا ومكررا نفس الدعوي بعبارة اقوي (انا هنا اقرر ما اجمع المؤرخون قبل سيف علي اهـمـالـه وعدم ذكره، مما يعد اجماعا علي ان الامر مختلق من سيف) فلم يقف عند دعوي الاجماع علي اهمال القعقاع، بل زعم انهم اجمعوا علي انه اسطورة، وانه فقط يقرر ما قالوه واجمعوا عليه وهـذا فـهـم غريب لمعني الاجماع، وتقول علي العلماء بغير برهان. ومن الغريب في باب الاستدلال المنطقي ان يكون المؤرخون الذين عاشوا قبل عصر سيف قداجمعوا علي ان الاسماء والوقائع التي سـيـرويـهـا عـنـدما يولد في المستقبل هي امور مختلقة منه. ويكرر نفس المعني مرة ثالثة فيقول (ومـتـرجـمـو الـصـحابة المتقدمين لم يذكروا القعقاع، لا في الصحابة ولا في التابعين، مما يعني انه عندهم مختلق). واعاد نفس الدعوي تلميحا في قوله عن ابن ابي حاتم (فقد نفي ابن ابي حاتم صحبته ورد علي سيف زعـمه بان القعقاع شهد وفاة النبي صلي اللّه عليه وسلم القعقاع واعادها مرة خامسة في قوله الذي مضت الاشارة اليه عن الحافظ بن حجر، وحاصله انه سبق الـي مبدا التشكيك في صحبة كثير من الصحابة، وانه لو عاش في عصرنا لوقف ضده نفس الخصوم يـتـهمونه بالطعن في السابقين والوقوف مع المستشرقين والمبتدعة فهذه خمسة مواضع في المقالة الاولي وحدها تتضمن الادعاء شبه الصريح بان القدماء كانوا يتفقون معه علي هذه الامور، وسمي هذه الـدعـوي اكـثرية القرون الفاضلة. والرغبة ههنا واضحة في توفيرالغطاء المناسب لهذه الاراء ونحن لانتهم المالكي - ولا العسكري من قبله -بضعف الاطلاع، ولا شك انهما قد بذلا غاية الجهد لاثـبـات الـتـهمة. فلما راي المالكي انه قد رجع بخفي حنين لم يجد امامه الا هذه العبارات الغامضة التي قد لا يدرك حقيقتها كثير من القراء ولو عثر علي دليل لوجدناه يكرره بضع مرات في كل مقالة، ولو عثر عليه لشددنا علي يديه وشكرناه علي ايقاظنا من الغفلة التي كنا فيها. ولـقـد قـال مرارا عن اساتذة التاريخ في جامعاتنا انهم يضحكون علي انفسهم وعلي زملائهم وعلي الـنـاس، فـمـاذا يـكـون قـوله عن القدماء (مما يعني انه عندهم مختلق) اذا لم يكن تلاعبا بالالفاظ واسـتـغـفـالا للقراء والغريب ان العسكري كان اصدق منه اذ قال: (و اذا بي اهتدي الي حقيقة كان الـتاريخ قد نسيها فانطوت في اثنائه وضاعت في تياراته)، فلم يزعم انها كانت موضع اجماع القدماء، ربما لانه ليس بحاجة الي هذا الاجماع. امـا الـتـاريـخ الصحيح فيدل علي انه لا احد من القدماء فيما اعلم - لامن السنة ولامن الشيعة - قد اتـهـمـه بـهذه التهمة المحددة، وان قبولهم رواياته في التاريخ تدل علي ان ضعفه لم يبلغ الغاية التي يجعلها الباحثان حقيقة مقررة، وان ذكر اللاحقين منهم للقعقاع وغيره تدل علي اطمئنانهم اجمالا الي روايـاتـه.ان كلام المالكي يدل بوضوح - كما قلت اعلاه - علي انهم قد وقفوا عنداسماء الصحابة واحـدا فواحدا، ومنهم القعقاع. فهل يعقل عاقل ان ابن ابي حاتم مثلا ينفي صحبته فقط اذا كان يعتقد انـه اسـطـورة مختلقة افلا قال عنه شخص خيالي لا وجود له وفي الكلام علي سيف يختلق اسماء العشرات من الصحابة والتابعين والمعارك وا لبلدان؟ فـلـو قـال قـائل: ان جـميع العلماء، علي اختلاف مذاهبهم، منذ عصر الصحابة الي سنة 1369 قد اجـمعوا علي عدم ادعاء ان القعقاع اسطورة، فكيف يجيب المالكي علي هذا الاعتراض هل يقول كما قال: سكوت بعضهم يدل علي انه اسطورة. امـا تـفريقه بين المتقدمين والمتاخرين فغير واضح المعالم، والذي فهمته انه يقسم اهل القرن الثالث الي قسمين: فالذين عاشوا في اوله متقدمون لم ينخدعوا باكاذيب سيف، والذين عاشوا في آخره من امثال الطبري وابـن ابي حاتم - الي عصرنا - متاخرون مخدوعون. فان كان هذا هو المقصود فيجب التصريح به واقامة الدليل علي وجود هذا التغير السريع وبيان اسبابه. علي ان الامور ليست بهذه البساطة، فالذي يفصل بينه وبين الطبري ورجال طبقته جيلان فقط، فهما قـريـبان من عصر سيف، ولا يخفي عليهما راي جيل المشايخ والجيل الذي قبله فيه، والجميع انما يـعـتـمدون في الجرح والتعديل علي راي المعاصرين للشخص المقصود. ولا يعقل ان يتحول سيف فـي نحوخمسين عاما من قصاص وضاع الي مصدر تاريخي مهم، ولا ان يتحول الصحابة من اساطير الي حقائق بهذه السهولة. ولو افترضنا ان المتقدمين قداجمعوا علي اتهام سيف بتزييف التاريخ - كما يدعي المالكي من غير دليل -فلايعقل ان ياتي تلاميذهم بعكس ذلك من غير ايضاح ولا بيان. (26) وهـهـنـا مـغـالطة اشار اليها الدكتور عبد الرحمن الفريح وتدعو الحاجة للتاكيدعليها فان الـطـبري رحمه اللّه لم يذهب الي سوق الوراقين بحثا عن كتاب مهملا لقصاص تافه متروك يدعي سيف بن عمر، وانما حصل كتابه او كتبه من المشايخ بالطرق المعروفة في تحصيل العلم، ونقل منه في تاريخه بالاسنادهكذا (كتب الي السري عن شعيب عن سيف). وقـد اوضح الاستاذ المالكي مشكورا اسماء ثلاثة من الرواة عن سيف، وان احدهم ثقة والاخرين - شـعـيـب بن ابراهيم ونصر بن مزاحم - ضعيفان (كتاب الرياض،62)، وبالطبع لا يمكن ان يكون الـرواة عنه ثلاثة فقطسواء اعرفناهم ام جهلناهم. فاذا كان العلماء في القرن الثاني والثالث يتناقلون رواياته بالاسناد المتصل - وما في ذلك من معني التلمذة عليه -فكيف يندفع الاستاذ المالكي قائلا: (لم تكن لروايات سيف عند معاصريه اية منزلة، لدرجة انهم لايلتفتون اليهامضعفين ولا مصححين، ولم يكونوا يعدونه في المؤرخين ولاالادباء وانماكان اشبه ما يكون بالقصاص) فهل كاتب المقالة هو كاتب الكتاب؟ ومعلوم ان نصر بن مزاحم من مؤرخي الشيعة البارزين، وكتابه في وقعة صفين متداول بايدي الناس، ومع ذلك ياخذ عن سيف وياخذ عن الناس روايات سيف، فهل لم يدرك انه ناصبي كذاب علي آل البيت، وانـه يـخـتـرع الاسـاطـير والاسانيد والاسماء والوقائع والبلدان لنصرة بني امية كما قال اخونا الـمالكي: ايهما نصدق اولئك المعاصرين ومن بعدهم، الذين اخذوابرواياته في التاريخ، ام الوسواس الذي خطر. شهرة القعقاع (27) لا يـنـبغي ان ننسي ان جميع كتب التاريخ الاولي قد ضاعت الا اقل القليل،ومن يقرا اسماءها فـي فـهرست ابن النديم يدرك ذلك فليس من الممكن ان نجزم بان اسم القعقاع لم يوجد الا في كتاب سيف. ومـع ذلـك ليس من الصعب تفسير هذا الامر فلقد كانت تلك الكتب ذات نطاق محدود باخبار رجل او قـبـيـلة او ناحية، وكان الرواة في عصر بني امية يروون عن قومهم ورجال قبائلهم ما شهدوه من احـداث ومـا يـدور فـي مـجـتـمعهم من حكايات، الي جانب الرغبة المعتادة عند البعض في ابراز امـجـادالـقـبيلة او الاقليم. فدخلت هذه الروايات في الكتب الاولي من غيراستيعاب بقية الاقوال، وصار يوجد في الكتاب الواحد الاسماء والاخباروالاشعار التي تقل او تنعدم في الكتب الاخري. ثم ظـهـرت الـتـواريـخ الـشـاملة في القرن الثالث، وهي تقوم في الغالب علي اختيار رواية واحدة او بضع روايات جديرة بالقبول وترك ماعداها. ولـقـد غـفـل الاسـتاذ عن مسالة كان ينبغي ان لا تخفي عليه، وليس من الصعب ان يتصورها القارئ الـكـريـم. فـلقد تطاحنت الاحزاب منذ الفتنة الاولي الي سقوط الدولة الاموية، لا يكاد المسلمون يخرجون من فتنة الا ويدخلون في فتنة اعظم منها، ومن لم يصدق فليقرا تاريخ الطبري وليتحسر عـلـي تـعـطـل الـفـتـوح وضياع الفرصة التاريخية بسبب الانكفاء علي الذات والصراعات القبلية والاقليمية. فالذي تقتضيه الاحوال والطبيعة البشرية ان يمتد الصراع الي ساحة الفكر ولا يقف عند سـاحـة الـقـتـال، وان تـتـضـارب الـروايـات وتـكثر الحكايات والشائعات عن الواقعة الواحدة، ويختلطالحابل بالنابل والصدق بالكذب، في اثناء تلك الفتن وبعد خمودها. فماحاجة سيف مثلا، كائنة مـا كـانـت دوافـعه واهواؤه، الي اختلاق الحكايات والحوادث، مع انه يكفيه ان يدلي بدلوه في احد الابار الكثيرة ليجد ما يريدوما حاجته الي اختراع الرواة اذا كان يكفيه ان يصغي باذنيه الي جيرانه؟ والـتـاريـخ الحاضر خير شاهد علي صحة هذا التفسير الذي تقبله النفوس والعقول، فلا يكاد يخلو كـتـاب مـن الـتـحـيز الشخصي والاسري والحزبي والقبلي والفكري والبلداني، المقصود وغير المقصود. وهذا الامر اكثر وضوحا في المصادر الاولية - مثل مذكرات السياسيين واقاربهم وما يكتبه بعض الـمـبـتدئين عن تاريخ الاسرة او الاقليم او القبيلة -منه في كتب التاريخ المحررة. ومع ذلك فهو موجود في هذه ايضا، واذا شئت فاقرا كتابا لمؤرخ بريطاني عن الحرب العالمية الثانية، ثم انظر ما يقوله نظيره الامريكي والفرنسي والروسي، او اقرا ما كتب عن هزيمة حزيران او حرب رمضان او حرب الخليج، فسوف تجد التحيز القومي والبلداني والعقائدي واضحا جدا. ولو محصنا كتب التاريخ لما خلا كتاب منها من شي ء ينفرد به، واذا كان فيهامبالغات او اخبار ضعيفة او بـاطلة او رجال لا يوثق بروايتهم فلا باس بالرد عليه وبيان حاله بالاسلوب العلمي الملائم، من غير حاجة للتهويل والمبالغة وتصوير التاريخ الاسلامي بهذه الصورة البائسة. ليس هناك ما يمنع من النظر في الحوادث المنسوبة الي القعقاع وغيره، فقد تكون المبالغة قد تسربت اليها، واذا كان بعضها او اكثرها باطلا فليكن. ولـكـن ذلـك لا يعني الشك في اصل وجود الرجال، كما ان المبالغات والاكاذيب في سيرة عنترة لا تعني الشك في اصل وجوده. ولا يصح ابدا الخلط بين الامرين. فـان اراد الـمـالـكـي او غـيره بحث آحاد الاخبار بالاسلوب العلمي، واثبات ان القعقاع لم يكن من الـصـحـابـة ولـم يحضر موقعة كذا ولم يكن اميرا علي قرية كذا ولم يتزوج فلانة - فالميدان يا حميدان (28) سـيقول ما قاله فعلا وهو ان القعقاع لم يكن شخصا عاديا بحيث يجوز ان ينفرد بذكره مؤرخ واحد، و انما هو رجل جعله سيف مشهورا جدا بحيث يستحيل اغفال الاخرين له. لقد ضرب للقعقاع مـثـالا فـقـال (لـو وجـد احـدناكتابا عن المملكة ذكر فيه مؤلفه ان اكبر ثلاث مدن بالمملكة هي الـريـاض وجدة والحشرة... فالقعقاع مثل مدينة الحشرة تماما). فيجب علي ذلك ان يكون سيف جعله ثالث الصحابة في الشهرة، واذا تجاوزنا عن المبالغة قلناانه كان من مشاهير الصحابة. ودرجة شهرة الـقـعـقـاع مـهـمـة جـدا لديه، لانه بدونها لا ينفع ولا يفي بالغرض. وقد اوضح هذا المعني بقوله (بـعـض المؤرخين والجغرافيين قد ينفرد بذكر قرية او هجرة من الهجر، لكن لا يمكن ان توجد مـدينة اسمها الحشرة مثل مدينة الرياض لا يشيرون اليها عندمايؤلفون عن مدن المملكة. فاحفظوا هذا المثال جيدا فبه يزول الاشكال). ومقالاته حافلة بالمبالغة في تصوير القعقاع بهذه الصورة، وقد- حكم علي نفسه بانه لا يوجد اشكال ولا اخـتـلاق الا اذا كـان الامـر كذلك، مع انه قدهتك هذه القاعدة حين زعم انه اخترع عشرات الاشـخـاص والـبـلـدان والـمـعـارك، ومعلوم بالضرورة انها ليست مشهورة كلها فلننظر في انها لـيـسـت مشهورة كلها. فلننظر في شهرة القعقاع وحقيقة علاقتها بدعوي الاختلاق، وسوف ينتهي القارئ الكريم ان شاء اللّه الي مزيد من القناعة ببطلان كلامه من اساسه. فـلـقـد قـصر عن تحرير المقصود، وترك القارئ يتصور ان سيفا مسؤول عن شهرة القعقاع عبر الـعـصـور. اما من حيث الواقع فليس للمسالة اية علاقة بشهرته بعد وفاة سيف، لان شهرة الانسان الواحد ترتفع وتنخفض عبر الزمان والمكان لاسباب كثيرة لا سيطرة للاموات عليها. واعـتـقد انها في عصرنا اعظم مما كانت عليه في جميع العصور بسبب الكتب المدرسية والطباعة ووسـائل الاعلام وتسمية المدارس والشوارع والمحلات التجارية ودور النشر وغيرها باسماء الصحابة. وفرق عظيم جدا بين وجوداسمه في بطون الكتب وبين رسوخه في اذهان جمهور الناس من العامة والخاصة ابتداء من سن الطفولة. وكـذلك لا علاقة للمسالة من قريب ولا بعيد بصورة القعقاع في كتاب سيف فـيها مبالغة شديدة، فلا يلزم من ذلك انه لاوجود له.وما ذنب القعقاع - وعنترة وجحا والزير سالم وغـيـرهـم - اذا كان الرواة قدزادوا في اخبارهم وبالغوا فيهم والواقع ان سيف لم يقل ان القعقاع كـان مشهورا جدا ولا انه كان من ابرز رجال عصره، ولا (اوصله الي مستوي من الشهرة والبطولة والـحـكـمة والفقه)، ولا قال (البطل المشهور الفصيح الذي تولي امارتين في الصدر الاول آخـر الـتـهاويل، و انما ساق اخبارافقط من نوع فعل كذا وقال كذا، وليس من الانصاف ان يحاسبه المالكي -وهو خصم متحامل - علي صورة يرسمها هو. وهـذه الـصـورة لا تـخلو من التهويل، فما وجه الغرابة مثلا في شجاعته وفصاحته وتاميره علي قريتين في العراق وجهل المؤرخين بذلك وباسماء زوجاته وكثير من اخباره؟ فلم يبق اذن الا شهرة القعقاع في القرن الاول وبعض الثاني، واظن ان هذا هومقصود المالكي. ولست اري ههنا الا ثلاثة احتمالات: (1) فاما ان يكون في واقع الامر من اشهر المشاهير انذاك. (2) واما ان يكون رجلا محدود الشهرة. (3) واما ان يكون انسانا لا وجود له فان كان الاحتمال الاول فلا اشكال وينبغي محاسبة غير سيف من المؤرخين. وان كان الاحتمال الثاني فلا اشكال لانه حقيقة لا اسطورة. وان كـان الاحتمال الثالث - وهو الاحتمال الصحيح في ذهنه - فليست المبالغات في كتاب سيف هي الدليل علي انه اسطورة، لانه كما قلنا انما يتهمه باختلاق القعقاع لا بالمبالغة فيه. فلننصرف الي تامل مغزي شهرته في كتب جمهور المؤرخين: لـقد سرد المالكي اسماء ستين مؤرخا - من ابان بن عثمان الي الخطيب البغدادي463 - واشار الي (بـقـية علماء الحديث وعلماء الجرح والتعديل والادباءواللغويين والنسابين وغيرهم) وسال (اين هؤلاء عن هذا البطل المشهورالفصيح الذي تولي امارتين في الصدر الاول فـاقـول مـا خـطـر لي في ذلك ولا الزم به احدا فاذا كانت الحال كذلك فهي اقرب الي الدلالة علي الاحـتـمـال الـثـاني المشار اليه، وهو ان شهرته في الصدر الاول لم تكن كبيرة، فلذلك لم يتواتر المؤرخون علي ذكره، ولا يمتنع ان تكون روايات سيف قد اعترتها المبالغة للاسباب المشار اليها او غيرها. والظاهران ولايته علي قرية بعد قرية في العراق اقرب الي الدلالة علي انه لم يكن من اهل الشهرة الشامخة و انما رجلا من اشراف الناس. ولا اشكال في انفرادسيف بذكر رجل هذه حاله. خاتمة: (29) وانني في الختام لادعو اخانا حسن بن فرحان المالكي للتخفيف من هذه الاثار العلمية الفكرية، وتشكيك الناس في تراثهم وتاريخهم، وترك اجتلاب افكار الاخرين وتلميعها، وتصوير تاريخ الامة - وبـخاصة عصرصدر الاسلام - بهذه الصورة القاتمة. وفقه اللّه وايانا الي كل خير، والحمدللّه رب العالمين.

ينبغي ان لا نتسرع في اطلاق الاحكام علي تراثنا قبل استيعابه (1/2)

د. سليمان العودة يرد علي المشككين في شخصية ابن سبا صحيفة المسلمون - 5 ربيع الاخر - 1418 هـ اثـيـرت مؤخرا قضية تاريخية هامة تدور حول شخصية عبد اللّه ابن سبا التي تنسب السبئية اليه، ظهر خلالها طروحات وكتابات خلصت الي نتيجة مفادها ان عبد اللّه بن سبا شخصية وهمية لم يكن لـهـا وجـود، وحـتـي نـقـف عـلي حقيقة الامر واستطلاع دقائقه اجرت المسلمون حوارا مع الـدكـتـورسليمان بن حمد العودة استاذ التاريخ في جامعة الامام محمد بن سعودالاسلامية بالقصيم وتنشر هنا الجزء الاول من الحوار: اجري الحوار: خالد الحسين - القصيم حقيقة ابن السوداء لـقـد سـبـق لـكـم ان قـمـتم بدراسة لعبد اللّه بن سبا والسبئية، وكان ذلك موضوع رسالتكم ت للماجستير، وكانت تحت عنوان عبد اللّه بن سبا واثره في احداث الفتنة في صدرالاسلام في عام 1402 هـ، وقـد قـمـتـم بـرصـد العديد من النصوص التي تكلمت عن هذا الموضوع بشكل جيد. فهلاحدثتمونا عن سبب العودة الي الموضوع مرة اخري من خلال ورقة البحث التي تقدمتم بها لنيل الترقية العلمية،والذي كان بعنوان ابن سبا والسبئية من غير طريق سيف بن عمر؟ الذي حدا بي الي العودة الي الموضوع ثلاثة امور الاول: ما توفر لي من نصوص لم تتوفر لي في ت الـمـاضـي، واعـتبرها اضافة جديدة في الموضوع، فقدتمكنت خلال هذه الفترة من الاطلاع علي بحوث لم تتيسر لي من قبل، والثاني:انه بدات تطل علينا كتابات معاصرة تنكر وجود ابن سبا اصلا فضلا عن انكارها لدوره في الفتنة، وكتابة د.عبد العزيز الهلابي نموذج لها، وجاء حسن المالكي بعد مـوافـقـا لـه ومـثنيا علي دراسته في كتابه نحو انقاذ التاريخ الاسلامي وهذه الكتابات وان كانت امـتـدادا لـكـتابات قبلها وتكرارا لاراء السابقين قبلهم الا ان الابانة عنها وبيان اصولها في الانكار وتـدعيم البحث بنصوص جيدة مماتدعو اليه الحاجة ويحتاج الي معرفته الباحثون، والامر الثالث: انني في بحثي السابق نقلت طرفا من روايات ساقها ابن عساكر تثبت وجود ابن سبا وسندهالا ينتهي الـي سـيـف بـن عـمـر ولم ترد في تاريخ الطبري، ورايت من المناسب ان اسوق البقية الباقية منها وابـرازهـا مـسـندة محققة وافصل القول فيما سبق ان نقلته منها، وذلك لانها اساسية في الرد علي المنكرين لابن سبا، حيث ان عمادانكارهم ان جميع الروايات المثبتة لابن سبا تنتهي الي سيف وهو الـمـتـهـم فـي كـتـب الـجرح والتعديل ونشر هذه المرويات و دراسة اسانيدها يجلي الحقيقة و يكشف الغموض واللبس. تضافر الروايات جـل مـن انـكـر او شكك في وجود ابن سبا اعتمد في انكاره او تشكيكه علي ان اخبار ابن سبا ت وردت عـن طـريق سيف بن عمر التميمي وهو راوية مجروح كما قلتم اذن فما هي الروايات التي تضافرت علي ذكر ابن سبا ولم ينتهي سندهاالي سيف؟ لـقد اورد ابن عساكر عددا من الروايات لا ينتهي سندها الي سيف، وكلهاتتضافر علي ذكر ابن ت سبا، و الروايات كما ساقها ابن عساكر مسندة كالتالي: 1 - اخـبـرنـا ابو البركات الانماطي، انا ابو طاهر احمد بن الحسن وابوالفضل احمد بن الحسن، قالا: انا عبد الملك بن محمد بن عبد اللّه انا ابو علي بن الصواف، انا محمد بن عثمان بن ابي شيبة، انا محمد ابن العلاء، انا ابو بكر بن عياش، عن مجالد، عن الشعبي قال: اول من كذب عبد اللّه بن سبا.. 2 - قـرانـا علي ابي عبد اللّه يحيي بن الحسن، عن ابي الحسين بن الابنوسي، انا احمد بن عبيد بن الـفـضـل، وعن ابي نعيم محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز، انا علي بن محمد بن خزفة قالا: انا مـحـمـد بن الحسين، نا ابن ابي خيثمة، نا محمد بن عباد، نا سفيان، عن عمار الدهني قال: سمعت ابا الطفيل يقول: رايـت الـمسيب بن نجبة اتي به طببه يعني ابن السوداء وعلي علي المنبرفقال علي: ما شانه؟ فقال: يكذب علي اللّه وعلي رسوله. 3 - اخـبـرنا ابو القاسم يحيي بن بطريق بن بشري وابو محمد عبد الكريم بن حمزة قالا: انا ابو الـحـسـين بن مكي، انا ابو القاسم المؤمل بن احمد بن محمدالشيباني نا يحيي بن محمد بن صاعد، نا بندار، نا محمد بن جعفر،نا شعبة، عن سلمة، عن زيد بن وهب - عن علي قال: مالي وما لهذا الحميت الاسود؟ قـال: ونـا يـحـيي بن محمد، نا بندار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة عن سلمة قال: سمعت ابا الزعراء يحدث عن علي عليه السلام قال: ما لي وما لهذا الحميت الاسود؟ 4 - انـبانا ابو عبد اللّه محمد بن احمد بن ابراهيم بن الخطاب، انا ابو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي، واخبرنا ابو محمد عبد الرحمن ابن ابي الحسين بن ابراهيم الداراني، انا سهل بن بشر، انا ابو الحسن علي بن منير بن احمد بن منيرالخلال قالا: انا القاضي ابو الطاهر محمد بن احمد بن عبد اللّه الـذهلي، نا ابو احمدابن عبدوس نا محمد بن عباد، نا سفيان، نا عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن سلمة عن كهيل عن حجية بن عدي الكندي قال: رايـت عـلـيا كرم اللّه وجهه وهو علي المنبر وهو يقول: من يعذرني من هذا الحميت الاسود الذي يـكـذب علي اللّه وعلي رسوله - يعني ابن السوداء -لولا ان لا يزال يخرج علي عصابة تنعي علي دمه كما ادعيت علي دماء اهل النهرلجعلت منهم ركاما. 5 - اخبرنا ابو المظفر بن القشيري، انا ابو سعد الجنزروذي، انا ابو عمروابن حمدان، واخبرنا ابـو سـهـل مـحـمـد بن ابراهيم بن سعدويه، انا ابراهيم بن منصور سبط بحرويه، انا ابو بكر بن الـمـقـري، قـالا: انا ابو يعلي الموصلي، نا ابوكريب محمد بن العلاء الهمداني، نا محمد بن الحسن الاسـدي، نـا هـارون بن صالح الهمداني، عن الحارث بن عبد الرحمن عن ابي الجلاس، قال: سمعت عليا يقول لعبد اللّه السبئي: ويلك واللّه ما افضي الي بشي ء كتمه احدا من الناس، ولقدسمعته يقول: ان بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وانك لاحدهم. قـالا: وانـا ابو يعلي، نا ابو بكر بن ابي شيبة، نا محمد بن الحسن، زاد ابن المقري الاسدي باسناده مثله. حقيقة ابن سبا هـل نـفـهم من هذا ان جميع هذه الروايات ليس في احد من اسنادها ذكر لسيف بن عمر وبالتالي ت يسقط ادعاء التشكيك او الانكار في شخصية عبد اللّه بن سبا وما صحة اسانيدهذه المرويات؟ نـعـم... فـجـمـيع هذه الروايات تنتصب دليلا علي ان اخبار ابن سبا ظفرت بنصيب من الذيوع ت والانـتـشار بحيث لم تكن قصرا علي سيف وحده ويتاكد لنامن خلالها ان ابن سبا يعد حقيقة وليس اسطورة او من رسم الخيال كما يظن بعض الذين خاضوا في هذا المجال. امـا اسـانـيد هذه المرويات فهي تتفاوت في الضعف او القوة حسب رواتهاولعلي هنا اسرد لكم بيانا بهذا: يبدو ضعف الرواية الاولي لوجود محمد بن عثمان بن ابي شيبة، فقد ذكره الذهبي في الميزان ونقل اقوال من ضعفه من العلماء، واشار الي طائفة وثقته واكتفي هو بالقول: كان بصيرا بالحديث والرجال، له تواليف مفيدة. وقبله افاض الخطيب في ترجمته جمع اقوال من اتهموه بالكذب، وان كان الخطيب قد قال عنه: كان كثير الحديث واسع الرواية ذا معرفة وفهم، وله تاريخ كبير. ولوجود مجالد - وهو ابن سعيد - جاء ذكره في الميزان، ونقل الذهبي قول ابن معين فيه: لا يحتج بـه وقـول احـمـد: يرفع كثيرا مما لا يرفعه الناس، ليس بشي ء، كما نقل تضعيف الدارقطني، و يحيي ابن سعيد له، وقال هو عنه: مشهورصاحب حديث علي لين فيه. امـا الـروايـة الـثانية فتظهر علائم الصحة علي اسنادها، فابو عبد اللّه يحيي بن الحسن هو البناء الحنبلي البغدادي شيخ ابن عساكر، وصفه الذهبي بالشيخ الامام، الصادق، العابد، الخير المتبع الفقيه، بـقـيـة الـمشايخ، ثم نقل عن السمعاني قوله: سمعت الحافظ عبد اللّه الاندلسي يثني عليه ويمدحه ويطريه ويصفه بالعلم والتميز والفضل وحسن الاخلاق وترك الفضول وعمارة المسجد وملازمته مـارايـت مـثـلـه في حنابلة بغداد، ثم اعقب ذلك السمعاني بقوله: وكذا كل من سمعه كان يثني عليه ويمدحه، توفي سنة احدي وثلاثين وخمس مائة. - ابو الحسين الابنوسي هو محمد بن احمد البغدادي، قال الخطيب البغدادي: كتب عنه وكان سماعه صحيحا، ووثقه الذهبي، وفاته سنة سبع وخمسين واربع مائة. - واحـمـد بن عبيد بن الفضل هو ابن بيري الواسطي، قال عنه خميس الحوزي: كان ثقة، صدوقا، وقـال الـذهـبـي: المحدث المعمر الصدوق شيخ واسط،وفي انساب السمعاني: ثقة صدوق من اهل واسط. وكانت وفاته قبل الاربعمائة في حدود سنة تسعين وثلاثمائة. - وابو نعيم هو ابن خصية محمد بن عبدالواحد بن عبد العزيز كان عدلامستقيما، كما في سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي عن جماعة من اهل واسط. - وابن خزفة هو ابو الحسن علي بن محمد بن حسن بن خزفة الصيدلاني، كان مكثرا صدوقا، كما في سؤالات السلفي، وهو مسند واسط كماقال الذهبي، وراوي التاريخ الكبير لاحمد بن ابي خيثمة عن محمد بن الحسين الزعفراني عنه. - ومـحـمد بن الحسين هو ابو عبد اللّه الزعفراني الواسطي، وقد وثقه الخطيب البغدادي، وقال: كان عنده عن ابي خيثمة كتاب التاريخ. - وابن ابي خيثمة هو ابو بكر احمد بن ابي خيثمة زهير بن حرب بن شداد نسائي الاصل، كان ثقة عـالـمـا مـتقنا حافظا بصيرا بايام الناس، كذا قال عنه الخطيب، وذكره الدارقطني فقال: ثقة مامون، واثـنـي الـخطيب علي كتابه في التاريخ فقال: وله كتاب التاريخ الذي احسن تصنيفه واكثر فائدته، وقال ايضا: ولااعرف اغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن ابي خيثمة. قلت: ومن المحتمل ان يكون هذا الخبر المروي من هذا الكتاب النفيس. - ومـحـمـد بـن عباد هو ابن الزبرقان ابو عبداللّه المكي، سكن بغدادوحدث بها، وقد روي عنه البخاري ومسلم في الصحيحين. وبهذا يكون قدجاوز القنطرة كما يقال. - وسـفـيـان هـو ابن عيينة الراوية المشهور، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتاكثير الحديث حجة، وقال الـشـافـعـي: لـولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز،وقال ابن المديني: سفيان امام في الحديث، وقال العجلي: كوفي ثقة ثبت يعد من حكماء اصحاب الحديث. - وعـمـار الـدهني هو ابن معاوية ويقال ابن ابي معاوية ويقال ابن صالح ويقال ابن حبان، ابو معاوية البجلي الكوفي، وثقه احمد وابن معين وابو حاتم والنسائي. - امـا ابـو الطفيل فهو عامر بن واثلة الليثي، ولد عام واحد، وروي عن النبي صلي اللّه عليه وسلم وابي بكر وعمر وعلي ومعاذ بن جبل وحذيفة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم، قال ابن عدي: له صـحبة وقال مسلم: مات ابوالطفيل سنة مائة وهو آخر من مات من الصحابة، قال ابن سعد: كان ثقة في الحديث وكان متشيعا. - والـمسيب بن نجبة الكوفي ترجم له ابن حجر في الاصابة ضمن من كان في عهد النبي صلي اللّه عـليه وسلم ويمكنه ان يسمع منه ولم ينقل انه سمع منه سواء كان رجلا اومراهقا او مميزا ثم قال ابـن حجر: له ادراك، وله رواية عن حذيفة وعلي، ونقل عن العسكري قوله: روي عن النبي صلي اللّه عـليه وسلم مرسلا وليست له صحبة. وقال ابن سعد كان مع علي في مشاهده، وقتل مع التوابين في عين الوردة عام خمسة وستين. صحة الاسناد - وكذا الرواية الثالثة تبدو صحيحة الاسناد، فابو القاسم يحيي بن بطريق الطرسوسي ثم الدمشقي شيخ ابن عساكر قال عنه: مستور حافظ للقرآن سمع ابا الحسين محمد بن مكي و ابا بكر الخطيب، توفي في رمضان سنة اربع وثلاثين وخمس مائة، وقال عنه الذهبي: المسند المقرئ. - وابـو مـحمد عبد الكريم بن حمزة السلمي الدمشقي الحداد من مشيخة ابن عساكر قال عنه: كان شيخا ثقة مستورا سهلا، قرات عليه الكثير وتوفي في ذي القعدة سنة ست وعشرين وخمس مائة. وقال عنه الذهبي: الشيخ الثقة المسند، و اشار الي توثيقه ابن العماد الحنبلي. - وابـو الـحـسـيـن بن مكي هو محمد بن مكي، بن عثمان الازدي المصري،مسند مصر كما يقول الـذهبي، روي عنه ابو بكر الخطيب، وابن ماكولا، والفقيه نصر المقدسي، وهبة اللّه بن الاكفاني، وعـبـد الـكريم بن حمزة وابو القاسم بن بطريق وغيرهم، وقد وثقه الكتاني وغيره، وتوفي سنة 461 ه. - والـمـؤمـل بـن احـمـد الـشيباني، بغدادي، سكن مصر وحدث بها وبهامات سنة احدي وتسعين وثلاثمائة، وقد وثقه الخطيب البغدادي. - ويحيي بن محمد بن صاعد البغدادي، احد الثقات المشهورين قال الدارقطني: ثقة ثبت حافظ، وقال الـخطيب: كان ابن صاعد ذا محل من العلم وله تصانيف في السنن والاحكام، وعده الذهبي مع الحفاظ الـثـقـات، وقـال عـنـه: لـه كلام متين في الرجال والعلل يدل علي تبحره، مات في ذي القعدة سنة ثمان عشرة وثلاثمائة. - وبـنـدار- بـضم الباء وفتحها و سكون النون - هو محمد بن بشاربن عثمان العبدي البصري، ابو بكر، ثقة حافظ روي عنه الجماعة، وقال البخاري في صحيحه: كتب الي بندار فذكر حديثا مسندا. قـال ابن حجر: ولولا شدة وثوقه ما حدث عنه بالمكاتبة مع انه في الطبقة الرابعة من شيوخه، وقد روي عنه البخاري مائتي حديث وخمسة، ومسلم اربعمائة وستين حديثا، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. - ومـحـمد بن جعفر هو الهذلي ابو عبد اللّه البصري المعروف بغندر، ثقة صحيح الكتاب، قال ابن الـمبارك: اذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم، وقال العجلي: بصري ثقة وكان من اثبت الناس في حديث شعبة، مات في ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل اربع وتسعين. - شـعـبـة هو ابن الحجاج بن الورد العتكي الازدي مولاهم ابو بسطام الواسطي ثم البصري، الثقة الـحافظ المتقن، قال الثوري: شعبة امير المؤمنين في الحديث، وقال احمد: كان شعبة امة وحده في الـرجـال والحديث، وقال ابن ادريس: ما جعلت بينك وبين الرجال مثل شعبة وسفيان، وقال ابن سعد: كان ثقة مامونا ثبتا حجة صاحب حديث. توفي سنة 160 ه. - وسلمة هو ابن كهيل بن حصين الحضرمي ابو يحيي الكوفي، قال احمد:سلمة متقن للحديث وقيس بـن مـسـلـم كذلك ما نبالي اذا اخذت عنهما حديثهما،وقال ابن المبارك: كان ركنا من الاركان وشد قـبضته، وقال ابو زرعة: ثقة مامون زكي، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة ثبت في الحديث، وكان فيه تشيع قليل وهومن ثقات الكوفيين، مات سنة 121ه. - زيد بن وهب هو ابو سليمان الجهني الكوفي، رحل الي النبي صلي اللّه عليه وسلم فقبض وهو في الـطـريـق، وقـال ابـن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة اسلم في حياة النبي صلي اللّه عليه وسلم وهـاجر اليه فلم يدركه، ثقة جليل،مات بعد الثمانين، وقيل سنة ست وتسعين، وقد روي عن عمر وعـثـمـان وعلي وابي ذر وابن مسعود وحذيفة وابي الدرداء وابي موسي وغيرهم. وثقه ابن معين، وابن سعد وابن خراش، والعجلي، وعن الاعمش: اذا حدثك زيد بن وهب عن احد فكانك سمعته من الذي حدثك عنه. - امـا الـروايـة الـواردة مـن طريق ابي الزعراء فهي بنفس سند ومتن الروايه التي قبلها، عدا ابا الـزعراء وهو خال سلمة بن كهيل، واسمه عبد اللّه بن هاني الكندي وقيل الازدي، قال ابن الاثير: له صحبة عداده في اهل مصر. وله ذكر في الاستيعاب، وذكره ابن سعد في طبقة من روي عن علي رضي اللّه عنه من اهل الكوفة فقال: روي عن علي وعبد اللّه بن مسعود وكان ثقة وله احاديث، وقال العجلي: ثقة من كبار التابعين، كما ذكره ابن حبان في الثقات. الحسن احد مراتب الصحيح اما سند الرواية الخامسة فيظهر انه لا يصل الي درجة الصحة لكنه لايقل عن رتبة الحسن، والحسن - كما هو معلوم - احد مراتب الصحيح. فـابـو محمد الدارني شيخ لابن عساكر، وقد قال عنه: لم يكن الحديث صنعته، وقد روي كثيرا من سنن النسائي الكبير عن الاسفراييني، كانت وفاته سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. - و سـهل بن بشر هو الاسفراييني الشيخ الامام المحدث المتقن الرحال -كما وصفه الذهبي، وكان قـد تـتـبـع السنن الكبير للنسائي و حصله و سمعه بمصر،قال عنه ابو بكر الحافظ كيس صدوق، توفي سنة احدي وتسعين واربع مائة. - وابـو الحسن علي بن منير الخلال، شيخ صدوق، لم ياخذ من الغرباء،وكان ثقة فقيرا، توفي سنة تسع وثلاثين واربع مائة. - والقاضي ابو الطاهر الذهلي ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد وقال:كان ثقة فاضلا ذكيا متقنا لما حدث به، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة. - وابـو احـمـد بن عبدوس اسمه محمد بن عبدوس بن كامل السلمي،وصفه الذهبي بالحافظ الثبت الـمامون، ونقل عن ابي الحسين بن المنادي قوله:كان ابن عبدوس من المعدودين في الحفظ وحسن المعرفة بالحديث اكثر الناس عنه لثقته وضبطه، وكان كالاخ لعبد اللّه بن احمد بن حنبل، مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين. - و مـحمد بن عباد، وسفيان - وهو ابن عيينة - سبق الحديث عنهماوتوثيقهما في الرواية الثانية، وكـذا سلمة بن كهيل سبق الحديث عن توثيقه في الرواية الثالثة - وكلهم من رجال التهذيب - وعبد الجبار الهمداني هو الشامي،صدوق يتشيع. وحجية بن عدي الكندي صدوق يخطئ كما في (التقريب 1/155). و اما الرواية السادسة ففي بعض رجال اسنادها مقال: مـحمد بن الحسن بن الزبير الاسدي هو الكوفي الملقب ب التل صدوق فيه لين كما في التقريب، وفي الميزان نقل الذهبي تضعيف يحيي بن معين والفسوي له،وتعديل طائفة اخري. كابي داود وابن عدي الذي قال: حدث عن محمد الملقب بالتل الثقات ولم ار بحديثه باسا. - وهارون بن صالح الهمداني عن ابي هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني، وعنه محمد بن الحسن بـن الزبير الاسدي ذكره ابن حبان في الثقات،وفي الميزان: تفرد عنه محمد بن الحسن بن الزبير الاسدي. - وابو الجلاس الكوفي غير منسوب، عن علي بن ابي طالب عن النبي صلي اللّه عليه وسلم قال: ان بـيـن يـدي الـساعة ثلاثا الحديث، وعنه ابو هندالحارث بن عبد الرحمن الهمداني - كما جاء في التهذيب - وفي التقريب قال ابن حجر: ابو الجلاس الكوفي مجهول من الثالثة. - ومع ذلك فالرواية بسندها ساقها ابو يعلي الموصلي في مسنده، عن ابي كريب محمد بن العلاء عن محمد بن الحسن الاسدي، عن هارون بن صالح، عن الحارث، عن ابي الجلاس. ثم ساق اسنادا اءخر عن اءبي بكر بن اءبي شيبة، عن محمد بن الحسن باسناد مثله. ولعل هذا هو السند الاخر الذي اوما اليه ابن عساكر في الرواية نفسها. وهـذا الـسـند الاخر - عن ابن ابي شيبة - ذكره - قبل ابي يعلي - ابن ابي عاصم في كتابه السنة فـقـال: حـدثـنـا ابـو بكر بن ابي شيبة، حدثنا محمد بن الحسن الاسدي حدثنا هارون بن صالح عن الـحـارث بن عبد الرحمن، عن ابي الجلاس قال: سمعت عليا يقول لعبد اللّه السبائي: ويلك ما افضي الـي رسـول اللّه صـلـي اللّه عـلـيه وسلم بشي ء كتمته احدا من الناس، ولقد سمعته يقول: ان بين يدي الساعة ثلاثين كذابا وانك احدهم. ومـع ان الالـباني - محقق كتاب السنة هذا - ضعف هذه الرواية لجهالة في ابي الجلاس وهارون بن صالح، فقد ذكر ان ابا يعلي اخرجه من طريقين آخرين عن الاسدي به. وفوق ذلك كله فقد نقل الهيثمي الرواية في مجمعه عن ابي الجلاس ثم قال: رواه ابو يعلي ورجاله ثقات. ادعوهم لتحري الامانة العلمية بعد ان تحدثتم لنا عن الروايات التي جاءت متضافرة علي ذكر ابن سبا واكدت لنا وبجلاء حقيقة ت هـذا الرجل وانه اسهم في احداث العديد من الفتن المثيرة في صدر الاسلام هلا اشرتم الي ما ابتدره د.عـبـدالـعـزيـز الـهـلابـي مـن اطـروحـات حـول هذه القضية، والتي كان لها اكبر السبب في ذيوعهاوانتشارها بالشكل الذي جعل البعض يتصدي لها عبرالاطروحات المتعددة والتي جاء بعضها -وللاسف - دون مستوي التطلع حيث ركاكة الاسلوب وفجاجة المعاني ونايها عن مبادئ الحوارات الرفيعة؟ اول مـا ابـتدر الدكتور عبد العزيز الهلابي طرحه لهذه القضية عندما كتب في الحولية الثامنة، ت الرسالة الخامسة من حوليات كلية الاداب بجامعة الكويت بحثه الذي سماه: عبد اللّه بن سبا دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة وكان ذلك عام 1986/1987 م. وقـد بـذل الـدكـتـور في بحثه جهدا كبيرا فجمع كل ما استطاع جمعه من روايات - وان كان لم يـسـتـوفها - وعلق واستنتج، ودرس وقارن، واهم من ذلك كله انه اقترب او مارس في جوانب من بـحـثه منهج النقد العلمي الاصيل الذي يستخدم الاسناد ودرس احوال الرواة ومن خلال هذا وذاك يستطيع الحكم علي الرواية - وهو منهج يغيب مع اهميته عن كثير من الباحثين في التاريخ الاسلامي - وخاصة في الفترات الاولي من تاريخنا، ولذا جاء اعتمادكثير من الدارسين علي مرويات ساقطة لـو كـلـفوا انفسهم الرجوع الي اسنادهاومعرفة احوال رواتها لاعفاهم ذلك من جهود كبيرة، ولم يـضطروا ازاء كثير منهاالي الانكار او الاعتذار عنها عـن الـدراسـات التاريخية فقدت نوعا من المصادر المهمة لكتابة احداث التاريخ الاسلامي الاوهي (كـتـب الرجال) وهذا النوع من المصادر وان كان وضع اصلالخدمة السنة النبوية الا ان بالامكان الاسـتـفـادة مـنه في جانب التاريخ، وخاصة اذا علم ان هناك طائفة من المحدثين كان لهم اسهام في الـروايـات الـتاريخية بل الف بعضهم في التاريخ كتبا خاصة، وهناك طائفة من الرواة المكثرين في الـتـاريـخ كـان لـهم اسهام في المرويات الحديثية - وهي مع قلتها - مكنتهم من دخول كتب الرجال، واهتمام اصحاب الجرح والتعديل باحوالهم. ومـن المعلوم ان كتب الرجال تلك لا تمثل كتب تراجم عن هؤلاءالمترجم لهم، بقدر ما تعني باحوال الرواة جرحا او تعديلا، وربما ساقت بعض الروايات التاريخية اثناء حديثها عن الراوي مشيرة الي صـحـتـهـا او ضـعـفـهاكنماذج لتعديل هذا الراوي او جرحه، ومن هنا تاتي اهمية هذا النوع من المصادرفي الكتابة التاريخية. واشار الي ان من ميزات كتابة د. الهلابي انه اقترب من هذا المنهج وان لم يوفه حقه ولذا جاء بحثه عـلي الرغم من الجهد المبذول فيه تتخلله ثغرات كبيرة،وتنقصه مرويات مهمة، - في نظري - لو تـوصل اليها، واستعمل فيها منهجه الذي استعمله مع مرويات سيف بن عمر التميمي، لاختلفت نتائج بحثه التي انتهي اليها. والـحـق ان الدكتور انتهي الي نتيجة مؤسفة، وقطع - دون ان يستكمل البحث - بكون عبد اللّه بن سـبـا لا يـعـدو ان يكون شخصية وهمية لم يكن لهاوجود كما قال ذلك في الاسطر الاخيرة في بحثه. وليت الدكتور حين اعلن هذه النتيجة احترز قائلا - هذا فيما وصلت اليه من نصوص، او طالعته من مـدونـات توفرت لي حين البحث - لكان الامراخف وان كان فيه ما فيه من الاستعجال والتسرع في الاحكام. وليت الدكتور - ايضا - عرض آراءه وتحليلاته، وترك للقارئ فرصة الحكم من خلال الدراسة - فـي مـسـالة تعتبر محل اجماع من لدن سلف الامة،والحكم بخلافها نوع من تسفيه احلام السابقين، وهـي علي الاقل تحتاج الي مزيدمن التروي قبل الحكم، بل ربما ادي الي التشكيك في هذا التراث الـضـخم الذي خلفوه، واظن الدكتور يعلم ان هناك طائفة من ابناء جلدتنا يتكلمون بالسنتناولهم ولع بـالـجـديد المحدث - ايا كان ويرمون هجر القديم مهما كان، وهي محاولة لبتر الامة، وقطع صلة الاجيال بتراثها.. فهل تنبه الدكتور الي هذه النتيجة التي انتهي اليها، وعلم مكمن الخطر فيها بالنسبة لتراثنا؟ واكـد ان ذلـك لا يـعـنـي الاستماتة في الدفاع عن هذا التراث بحقه وباطله،فالباحثون المنصفون يـعـلمون ان هذا التراث يحوي الصحيح والسقيم، واذا كانت مهمة المتقدمين في جمع المرويات من افواه الرواة لم تمكنهم احيانا من غربلتهاوتمحيصها - كما اشار الطبري، فان مهمة اللاحقين بعدهم دراسـة هـذه المرويات واستخراج الصحيح.منها و طرح الضعيف، وقال: لكن ذلك ينبغي الا يدفعنا الـي الـتسرع في الاحكام ونحن بعد لم نستوعب هذا التراث الضخم وبالتالي نتسبب في اتهام هؤلاء السابقين بالبلادة والتقليد حين يؤكد اللاحق منهم ما رواه السابق، ونهز ثقة الناشئة بهذا التراث الذي تتظافر مروياته وتتفق مدوناته علي ذكر الحادثة وبـيـن ان الـبـحث والوصول الي نتائج جديدة هو لب الدراسات الحديثة،وهو المنتظر من الباحثين الـمـحدثين، لكن - ذلك ينبغي الا يجرنا الي تجريد هذاالهدف من اهداف اخري تستلزمها الدراسة وتتطلبها النتائج التي ننتهي اليها،والا اصبحت نتائجنا عاطفية وغير مقنعة واذا كـان يـجـب علينا ان نقدر- فيما نصل اليه من نتائج - حديث الاجيال اللاحقة لنا، ربما قدر لها الاطـلاع عـلي ما لم نتمكن من الاطلاع عليه من مصادرالبحث، فمن باب اولي ان نقدر ما قد يصل اليه غيرنا من معاصرينا من نصوص لم نتمكن نحن من الوقوف عليها.. وهذا وذاك لا شك سيدفعنا الي التروي اكثر،وعلي عدم اصدار الاحكام جزافا وقد جاء من بعد الهلابي تلميذه المخلص الاخ حسن فرحان المالكي الذي الف كتابا تحت عنوان نحو انقاذ التاريخ الاسلامي توسع من خلاله في بسط فكر استاذه متناولا للقضية من زوايا متعددة. وقد اهـدي لـي نـسـخـة مـنـه وطـلـب مني ابداء ملحوظاتي عليه فاستجبت لمطلب الاخ وكتبت مقالة مطولة بعنوان الانقاذ من دعاوي الانقاذ للتاريخ الاسلامي وبعثت الي جريدة الرياض. د. سليمان العودة في سطور ت سليمان بن حمد بن عبد اللّه العودة. ت من مواليد مدينة بريدة بالقصيم بالسعوية عام 1375 ه. ت ليسانس تاريخ من جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بتقدير ممتاز. ت مـاجستير بتقدير ممتاز، من نفس الجامعة، وعنوان البحث: عبد اللّه ابن سباو اثره في احداث ت الفتنة في صدر الاسلام. دكتوراه بتقدير ممتاز، من نفس الجامعة، وعنوان البحث: السيرة النبوية في الصحيحين عن ابن ت اسحاق ودراسة مقارنة في العهد المكي. استاذا مشاركا مع مرتبة الشرف الاولي، وعنوان البحث: ابن سبا والسبئية من غير طريق سيف ت بن عمر. يعمل حاليا استاذا مشاركا بقسم التاريخ بكلية العلوم العربية والاجتماعية بالقصيم.

اخبار ابن سبا والسبئية ليست قصرا علي سيف بن عمر (2/2)

د. سليمان العودة يرد علي المشككين في شخصية ابن سبا صحيفة المسلمون - 12 ربيع الاخر - 1418 هـ في العدد الماضي كان الموضوع الاساسي للحوار شخصية عبد اللّه بن سبا الذي توصل بعض الكتاب والـمؤرخين المتاخرين الي انه اسطورة من صنع الخيال،مدركين صعوبة الحديث عن شخصية تعد مـن نـسـج الـخـيـال لدي بعض الباحثين واسطورة في عداد الاساطير عند آخرين، وان كان ذلك صـعـب فـاصـعـب منه البحث والتنقيب عن آثار تلك الشخصية التي لابد ان يكون الغموض فيها احد العوامل التي ساقت الي انكارها او التشكيك فيها علي الاقل. وقـد كـانت احدي المرجعيات التي استند اليها الذين انكروا شخصية ابن سبا ان خبره انما اتي عن طـريـق سيف بن عمر التميمي وهو راوية مجروح. لذا فان هذاالخبر لا يعمل به و يعد مكذوبا و منكرا في رايهم. ومـن خـلال الـحـوار الذي اجريناه في العدد الماضي مع د. سليمان بن حمد العودة -استاذ التاريخ الاسـلامي بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بالقصيم -اتضح لنا ان هناك العديد من الروايات الـتـي تـوكد علي وجود شخصية عبداللّه ابن سبا وان هذه الروايات لا ينتهي سندها الي سيف بن عمر. وقد قام د. العودة بذكر هذه الروايات موضحا لنا تدرجها ومعلقا علي اسانيدها. وفـي هـذا الـعدد نكمل بقية الحوار معه لنقف علي بعض القضايا التي تدور حول هذا الموضوع من خلال بعض التساؤلات المطروحة. جراة عجيبة بعد ان افصحتم عن الروايات التي اوردت لنا خبر ابن سبا وبينتم لنا النقد السندي للروايات التي ت تـكـفـي واحـدة منها لتاكيد حقيقة وجود ابن سبا من طرق لا وجود لسيف بن عمر فيها فكيف وهي تـتـضـافـر ومـن طـرق مـخـتـلـفـة علي تاكيد هذه الحقيقة، الا ترون ان اصرار د. عبدالعزيز الهلابي وتلميذه حسن المالكي علي اثبات ان اخبار ابن سبا انماوردت عن طريق سيف بن عمر فق ط ولـم ترد من طرق اخري فيه اعراض عن الحق وتجاهل للحقيقة التي هي انصع من الشمس، ثم هل يصح القول بان سيف بن عمر هوالراوية المنفرد بذكر اخبار عبد اللّه بن سبا؟ هـذا الـسؤال سبق لي ان تعرضت له في كتابي عن ابن سبا ودوره في احداث الفتنة واجبت عليه ت قـائلا: والـذي يـتبين لنا من خلال البحث ان سيفا ليس هوالمصدر الوحيد لاخبار ابن سبا ثم سقت ثلاث روايات مختصرة من تاريخ ابن عساكر لا ينتهي سندها عند سيف ولم اقف عند اسنادها طويلا اكـثـر من احالتي الي راي المحقق الالباني فيها ظنا مني ان الموضوع لا يعدو ان يكون مجرد آراء عفاعليها الزمن، لكنني حين طالعت الرسالة الاخيرة للدكتور عبدالعزيز الهلابي بعنوان: عبد اللّه بـن سبا دراسة للمرويات التاريخية عن دوره في الفتنة والتي اشرت اليها في حديثي آنفا، وجدت فـيها تاكيدا علي هذه الاراء بل وجراة عجيبة علي احياء آراء مرتضي العسكري والذي قال وقتها: انني توقفت عن نشرها زهاء سبع سنين تهيبا لاثارة العواطف في الشرق المسلم و د. الـهـلابـي لم يتردد او يتهيب بل قال في مقاله المنشور عام 1986 م في حولية كلية الاداب ما نصه: ينفرد الاخباري سيف بن عمر التميمي من بين قدامي الاخباريين والمؤرخين المسلمين بذكر عبد اللّه بن سبا في روايته. ويقول في موضع آخر: لا اعلم فيما اطلعت عليه من المصادر المتقدمة اي ذكر لعبداللّه بن سبا عند غير سيف بن عمر سوي رواية واحدة عند البلاذري وهذه الرواية يكتنفها الكثير من الغموض. والـغـريـب فـي الامـر ان الـهـلابي حينما اشار الي الرواية الوحيدة - حسب ماانتهي اليه - عند البلاذري، والتي تذكر ابن سبا من غير طريق سيف، شكك فيها قائلا: ومما يلاحظ علي هذا النص ان احـدا مـن الـذين ذكروا ابن سبا لم يذكران اسمه عبد اللّه بن وهب الهمداني، وهذا القطع منه مـجازفة تفتقر الي الدليل، بل النصوص تؤكد خلافه، فابو خلف الاشعري القمي المتوفي سنة 301 سمي ابن سبا ب عبد اللّه بن وهب الراسبي الهمداني. و اغرب من ذلك ان يقبل الدكتور بنص كتاب الامامة و السياسة وفيه - بدل ابن سبا - عبد اللّه بن وهـب الراسبي - زعيم الخوارج - واحد اصحاب علي الذين تم اللقاء معهم بعد صفين وقبل خروج الـخـوارج فـي الـنهروان علي اثرفشل التحكيم - كما يقول الدكتور - وهو الذي انكر في مقالة اخري الدورالمنسوب للقراء في الحرب والتحكيم. مغالطة: اذن ماذا بقي لاصحاب الراي القائل بان سيفا وحده قدتفرد بمرويات عبداللّه بن سبا؟ ت لـلاجـابة علي هذا السؤال احب ان اورد في هذا الصدد رايا لاحد الباحثين في شخصية ابن سبا ت خلص منه الي القول: ان المتعلق برواية سيف بن عمر ليس الا مغالطة يتحمل وزرها كل من يقول بها ذكـرتـم لـنـا الروايات التي ساقت اخبار ابن سبا ونجد ان جميعها انما جاء عن طريق اصحاب ت التاريخ، فهل نعتبرمسالة ذكر ابن سبا قصرا علي اصحاب التاريخ وحدهم؟ هذه المسالة ليست قصرا علي اصحاب التاريخ فحسب، انما ذكرها غيرهم وهم كالتالي: ت ابن ابي عاصم المتوفي سنة 287 ه في كتاب السنة. ابو يعلي الموصلي المتوفي سنة 307 هـ. والـعـقيلي المتوفي سنة 322 ه فقد نقل في ترجمة محمد بن السائب الكلبي انه كان يضرب صدره ويقول: سبئي انا سبئي، ثم يعلق العقيلي علي ذلك بقوله: قال ابو جعفر: هم صنف من الرافضة اصحاب عبد اللّه بن سبا. واذا كـان هـؤلاء العلماء قد ذكروا عبد اللّه بن سبا صراحة فهناك غيرهم ممن اوما اليه تلميحا لا تصريحا. علي ان هناك من الباحثين من يري تواتر قصه ابن سبا لانها وردت في المصادر المشهورة كالحافظ وابـن قتيبة، والناشي ء الاكبر، والقمي، والنوبختي والبغدادي، والشهرستاني - وغيرهم بنصوص يختلف بعضها عن بعض، ممايؤكد عدم تفرد سيف او الطبري بذكرها. نلاحظ ان الهلابي يحاول ان يفصل بين شخصية ابن سباوالسبئية، فما موقفكم من هذا التوجه؟ ت الـهـلابـي يـحـاول ان يفصل بينهما و يقطع الصلة بين السبئية وابن سبا، فيقول: اماالسبئية فقد ت وردت مـرارا فـي الـمـصـادر الـمـتقدمة عند غير سيف بن عمر، ويبدو انه كان يقصد بها السب والتعيير. ثم يعرض عددا من النصوص لتدعيم وجهة نظره و ينتهي الي السؤال التالي: اذن من اين جاءت كلمة السبئية وماذا تعني ثم يجيب: ان ايسرالاجوبة علي هذا السؤال هو ان نفهمها علي انها منسوبة الي عـبد اللّه بن سباالذي ذكره سيف بن عمر ومؤلفو كتب الفرق وبعض كتب الادب، وهذا فيه تدعيم لـلـدارسين الذين بنوا دراساتهم عن ابن سبا والسبئية علي رواية سيف بن عمر ومؤلفي كتب الفرق وبـعض كتب الادب، ولكن في الحقيقة - كما يقول الدكتور - لايمكن الاخذ بهذا التفسير بحيث انه لا يمكن وصف اي جماعة ممن اطلقت عليهم السبئية في المصادر التي استخدمناها آنفا بان لها صلة بابن سباالمزعوم او معتقداته.. ونتوقف عند هذه النقطة معلقين بما يلي: وقـفت علي عدة نصوص عن السبئية اقدم واوثق مما ذكره الهلابي فوق ما سبق تدوينه في كتاب عـبد اللّه بن سبا ص 205، 206، ومن هذه النصوص:نص عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال ابن عدي في ترجمة محمد بن السائب الكلبي: حدثنا الساجي، ثنا ابن المثني، ثنا عثمان بن الهيثم، ثنا عـبـدالوهاب بن مجاهد عن ابيه عن ابن عباس قال: اذا كثرت القدرية بالبصرة استكفت اهلها، واذا كثرت السبئية بالكوفة استكفت اهلها. نـص عـن الـشـعـبـي: وقال ابن عدي: اخبرنا الساجي، قال ثنا ابن المثني، ثناابو معاوية، ثنا سعيد الهمداني، قال سمعت الشعبي يقول: دست هذه الاهواء كلهابقدمي فلم ار قوما احمق من هذه السبئية. نـص عـن الاعـمـش: ونقل ابن عدي بسنده قال: اخبرنا الساجي، ثنا ابي المثني، ثنا ابو معاوية قال الاعمش: اتق هذه السبئية فاني ادركت الناس وانمايسمونهم الكذابين. وبـالاسناد الي محمد بن هارون بن حميد، عن ابراهيم بن سعيد الجوهري،عن ابي معاوية الضرير عن الاعمش قال: ادركت الناس يسمونهم الكذابين. وفي ميزان الذهبي: وقال يزيد بن زريع حدثنا الكلبي - وكان سبئيا -قال ابو معاوية: قال الاعمش: اتق هذه السبئية... الخ. نـص الـعقيلي: وفي الضعفاء للعقيلي حدثنا محمد بن عيسي، حدثنا عمر بن شيبة، حدثنا عبد الواحد ابن غياث، حدثنا ابن مهدي قال: جلس الينا ابوجري علي باب ابي عمر بن العلاء فقال اشهد ان الكلبي كـافـر الـي قـولـه: ولـكـن رايـته - يعني الكلبي - يضرب علي صدره ويقول لنا: سبئي انا سبئي قال ابوجعفر (العقيلي) هم صنف من الرافضة اصحاب عبد اللّه بن سبا. هـذه النصوص - كما اسلفت - اقدم واوثق مما ساقه د.الهلابي - اماقدمها فمشهود لانها مروية عن صـحـابـي او تابعي، اما توثيقها فكونها مسندة ينتهي اسنادها الي ثقات، وايا ما كان درجة اسنادها من الـصحة فالفرق كبيربينها وبين نصوص ابي مخنف علي سبيل المثال - وهو من استشهد له الهلابي بنصين في هذا الموطن، فهو راو متهم، بل ساقط محترق كما يقول علماءالجرح والتعديل. ودلالـتها علي ابن سبا لم تكن محل خلاف عندهم، وقد صرح بعضهم بنسبة السبئية الي ابن سبا كما صنع العقيلي. والـتـمـحـل واضـح فـي مـحاولة الفصل بين المصطلح وابن سبا، والا فالكتب المختصة بالانساب والمختصة بالفرق - وهي الفيصل عند الاختلاف لا تتردد في نسبة السبئية لابن سبا، ولئن كان قد اتـسع مصطلح السبئية فيما بعد ودخل فيه طوائف واجناس فلا مرية ان اصل التسمية يعود الي ابن سبا. 2 - وكـتـب الـفـرق هـي الاخري مرجع عند الاختلاف في نسبة السبئية،والغريب في الامر ان الـهـلابي سفه احلام بعض اصحابها واتهمهم بالبلادة،وتجاوز في نقده لهم الموضوع الاساسي الي موضوعات اخري، امام هذا الرصيدمن النصوص الموثقة والمراجع والمصادر الثمينة التي بلا شك ان الهلابي قد اطلع علي كثير منها ولم يفته الوقوف عليها والالمام بما في اطوائها. بماذا تعلقون علي موقف الهلابي منها؟ ت الغريب في الامر ان الهلابي لا يري الاعتماد عليها ابدا اذ يقول: ونحن نري بالمقابل انه لا يصح ت ابـدا الاعـتـمـاد علي كتب الفرق والمقالات في دراسة القضاياالتاريخية ثم يعلل ذلك قائلا: اذ ان مـعـظمها ان لم تكن كلها كتبت بروح التحامل والتعصب، وتعوزها الامانة والتدقيق في صحة ما تنقل بالاضافة الي الكثير ممافيها من المبالغات والتناقضات. وهكذا يتجشم د.الهلابي الصعاب مرة اخري، بل ثالثة ورابعة، وهويجازف بعبارات كان خليقا به ان يرفع قلمه عنها، ونحن لاندعي العصمة لهولاءولا لغيرهم ولا نبرئ ساحة كتبهم من الاخطاء، لكن الـرفـق بـالـعـلـمـاء مـن سمات العلماء، وكيف اباح الدكتور لنفسه ان يتهم معظم كتب المقالات او كـلـهـابالتحامل والتعصب، ثم هو يحكم عليها كذلك بضعف الامانة والتدقيق، وانهاتحوي الكثير من المبالغات والتناقضات اذن اي شـي ء بـقـي لـلدكتور يثق به من تراثنا؟ وهو الذي لم يثق بما كتبه المؤرخون حين اعتبر المتاخرين منهم نقلة مقلدين عن اسلافهم، وشنع علي الاخباريين الذين رووا قصة ابن سبا واتهمهم بـقـلـة الامـانة وتلفيق القول واختلاف الروايات وحكم بتفردهم بذكر الخبرولم يرض بالروايات الـواردة فـي الـكتب الاخري فلم يستبعد ان يكون اصل كتاب البلاذري قد تعرض للتحريف من قبل النساخ، لانه ذكر ابن سبا، اما نص الجاحظ فهو يسقطه معللاضعف مصدر الشعبي - راوي الخبر - وهـو زحر بن قيس، بل هو يميل فوق تلك الي ان القصة وضعت في مرحلة متاخرة نسبيا و اسندت الـي الـشـعـبـي (ت 104)والـشـعبي من الثقات الاثبات، (هكذا يجازف دون دليل)، وهو لايري اعـتـماداحكام اصحاب الجرح والتعديل علي الاخباريين، ويري ان القضايا التاريخية لا تعالج حسب حـكـم اصـحـاب الحديث علي روايتها ايجابا او سلبا، بل ان الروايات نفسها تعرض علي محك النقد والـتـمحيص والمقارنة فان ثبتت فذلك مايبحث عنه المؤرخ، و ان هي انهارت فلا قيمة لها بصرف النظر عن مكانة راويهاالعلمية وسمعته فقد يكون نقلها بحسن نية.. الخ، ونحن بدورنا نقول: اي منهج هذاوماذا بقي للدكتور يرتضيه من تراثنا ومناهج اسلافنا منهج الهلابي هـل ترون ان د.الهلابي يعتمد منهجا محددا لما يقبله اويرفضه من الروايات، بحيث استند عليه ت في بحثه لهذه القضية؟ الـذي بدا لي حقيقة ان د. الهلابي يعتمد علي منهج محدد متمثل في ان لديه مقررات سابقة يحتفظ ت بـهـا ويـحاكم النصوص اليها فيقبل منها ما ينسجم معهاويطرح جانبا ما يعارضها وقد يقبل من مؤلف واحد نصا في موطن استشهاده ويرفض منه او يتجاهل نصا آخر في موطن استنكاره الـصورة اسوق النموذج التالي: فيما نحن بصدده قبل الدكتور بنص عند ابي الحسن الاشعري ينسب الـسـبـئيـة فيه الي عبد الرحمن بن سبابة، واعتبر ذلك جاليالغموض هذه التسمية التي تسميها بها بعض كتب الفرق، وان ذلك لا علاقة له بمصطلح السبئية والتي تسمي احيانا ب السبا، لكنه تجاهل تـمـامـا نـصـا آخـر عـنـدالاشعري نفسه ينسب فيه السبئية الي عبد اللّه بن سبا فيقول: السبئية اصـحـاب عـبـد اللّه بن سبا يزعمون... الخ (1/86)، فهل يقال ان الدكتور لم يطلع عليه، ام لانه لا يخدمه لا جديد ذكـرتـم لنا ان د.عبد العزيز الهلابي كتب في الحولية الثامنة الرسالة الخامسة من حوليات كلية ت الاداب بجامعة الكويت بحثه الذي هو بعنوان: عبد اللّه بن سبا دراسة للمرويات التاريخية عن دوره فـي الـفتنة هل لكم ان توضحوا لنا ماذايريد الهلابي في هذة الرسالة وما الجديد فيما طرحه وما هي اصول آرائه التي اعلنها؟ الحق اننا حين نعود الي الكتابات السابقة لا نجد في الموضوع جديدا في طرح د.الهلابي ولا من ت تابعه امثال تلميذه حسن المالكي في كتاباته المتاخرة. يـقول المستشرق اسرئيل فريد لندر: ان ابن سبا ليس الا شي ء في نفس سيف اراد ان يبعد به شبح الفتنة عن الصحابة وانها انما اتت من يهودي تستربالاسلام. ومن الملاحظ ان هذا المستشرق مع محاولته لتقليل شان ابن سبا في الفتنة واتهامه لسيف وهو نفس ما حـاوله د.الهلابي، الذي لم يجرؤ علي انكارشخصية ابن سبا مطلقا فهو يقول: ليس بامكاننا ان ننكر الاشـيـاء الايـجابية التي جاء بها سيف عن ابن سبا مثل: اصله وحياته وظهوره بين المسلمين ويقول ان هذا جاء من الهوي. اما المستشرق كايتاني فهو اشد مهاجمة لرواية سيف، وقد خلص منهاالي القول بان مؤامرة كهذه انما يصح تفسيرها علي انها حادثة في العصر العباسي فهي تعكس احوال ذلك العصر.. وهـذا الـتـعـلـيل كفانا في الرد علي د.عبد الرحمن بدوي وهو يناقش آراءالمستشرقين في هذه المسائلة. امـا مـرتـضـي الـعسكري فيقول: ان جميع من نقل قصه ابن سبا انما اخذ من معين الطبري واستقي اخباره من كتابه. وفـي كتاب آخر له اعتبر (ابن سبا) شخصيه اسطورية نقل الطبري اخباره عن راو كذاب يدعي سيف بن عمر التميمي ويتهكم العسكري علي كتاب المقالات والفرق ويصفهم باوصاف مشينة حين يقول: كانت تلك اقوال اهل الملل والنحل ونسج علي منوالهم في الهذر آخرون ويـقـول عـنهم: انهم تنافسوا في تكثير عدد الفرق في الاسلام.. ويبدو انهم كتبوا من عند انفسهم شروحا عن اولئك الفرق توضح عقائدهم ويـقـترب من هؤلاء د. طه حسين فيما طرحه - فهو اقرب الي الشك منه الي اليقين فهو يستغرب مثلا اغفال بعض المصادر لذكره كابن سعد والبلاذري،ثم يعود اخري ويجعل من اغفال المؤرخين له وباتباعه السبئية في احداث صفين دليلا علي ان امر ابن سبا والسبئية انما كان متكلفا منحولا. ويـقـول في موطن ثالث: فلندع اذن ابن السوداء هذا واصحابه سواء كان امرهم وهما خالصا ام امرا غير ذي خطر بولغ فيه. اذا كـانـت آراء د. الهلابي لا تخرج عن هذه الاطر في رؤيته لشخصية عبداللّه بن سبا والسبئية تـاكـد لنا ان ليس ثمة جديد يسبق اليه الهلابي، وبالتالي وقفنا علي الاصول التي انطلق منها في هذه الرؤية الجديدة تشنيع في حق المؤرخين الاسلاميين يـثير الهلابي مقولة يرددها في بعض اطروحاته استند اليهافي كثير من وقفاته وكذلك بالنسبة ت لـمن يري برايه امثال المالكي وغيره.. وهذه المقولة مفادها ان الطبري هوالاساس في نقل روايات سيف لابن سبا ومعظمها عنده واقلها عند ابن عساكر وكل من جاء بعد الطبري نقل منه.بل يزيد علي ذلـك ويـقـطع بانه لم يرد عند مؤرخي القرن الثالث والرابع الهجريين اي ذكر عن ابن سبا ودوره في الاحداث لا في مروياتهم ولا في كتب المؤرخين منهم، فماتعليقكم علي هذه المقولة؟ هذه المقولة للهلابي اعدها نموذجا للجراة غير المتزنة والتي يمارس فيها بشكل واضح الانقاص ت من جهود المؤرخين الاسلاميين الذين سبقوه في هذا المجال والذين وصلوا الي ما لم يصل اليه هو. وهي بلا شك يعتريها الخلل الكبير وتحتاج الي المزيد من الايضاح من خلال الوقفات التالية: 1 - هـناك تمويه وتعمية من الهلابي علي تاريخ ابن عساكر حيث اشار الي قلة مروياته لعبد اللّه بن سـبـا مـن طـريق سيف وهذا حق بالمقارنة بالطبري لكن لا ادري لماذا تجاهل اي ذكر للمرويات الاخـري التي ساقها ابن عساكر من طريق لا تنتهي الي سيف. الان الدكتور لم يطلع عليها؟ ام لانها تـهـدم اسـاسـيـات بـحـثـه، الـذي اعـتمد عليه؟ علي اية حال سواء كان هذا او ذاك فهو خلاف المنهج العلمي. ثم يكرر التمويه والتعمية مرة اخري، بل يناقض نفسه حين يقول ان ذكرابن عساكر كمصدر مهم لـمـرويات ابن سبا من باب الايهام و الا فهو كغيره ينقل عن الطبري رواية سيف بن عمر، او ينقلها مباشرة من سيف كـيـف اباح الدكتور لنفسه ان يقول انه لم يرد اي ذكر لابن سبا عندمؤرخي القرنين الثالث والرابع الهجري لا في مروياتهم ولا في كتبهم - وقد وقفنافي احدي الروايات السابقة علي رواية ابن ابي خيثمة احمد بن زهير، الذي عاش في القرن الثالث، بل وادرك نهاية القرن الثاني (279 - 185 ه) وهوصاحب كتاب التاريخ الكبير الذي امتدحه الخطيب البغدادي فقال: وله كتاب التاريخ الذي احسن تصنيفه واكثر فائدته. ولا اعرف اغزر فوائد من كتاب التاريخ الذي صنفه ابن ابي خيثمة. وامتدحه ابن كثير، واثني علي كتابه فقال: كان ثقة حافظا ضابطامشهورا، وفي تاريخه فوائد كثيرة وفرائد غزيرة. كـمـا جـاء عـلي ذكر ابن سبا من مؤرخي القرن الثالث ابن حبيب، المتوفي سنة 245 ه وابن قتيبة المتوفي سنة 276 ه، والجوزجاني المتوفي سنة 256 -259 وغيرهم. اطروحات خطيرة فـي خـتـام هـذا الـحوار، وبعد ان كشفتم لنا حقيقة ابن سباواثره في الفتنة العظيمة في صدر ت الاسلام.. هلا بينتم لنا ماوراء الانكار او التشكيك في هذه الشخصية؟ ان مـا وراء انـكـار وجـود ابـن سـبا والتشكيك في حقيقته انما يدركه الذين سبقواالهلابي في ت طـرحـهـم لـهذه القضية اذ انهم اصحاب آراء ومذاهب جانحة ويعرفون جيدا ماذا يترتب علي هذا الانكار. امـا د.عـبد العزيز الهلابي فانني اجدها فرصة سانحة عبر جريدة المسلمون التي تعهدت بايصال كـلـمة الحق الي ارجاء الامة.. لكي اذكره اكثرمن غيره، كما اذكر تلميذه الذي يسير علي مذهبه حـسـن المالكي اذكرهم جميعابخطورة هذه الطروحات، لما تفرزه من خلفيات قد تغيب عن اذهان الـبـعض، وفوق ان هذه الاراء فيها تسفيه لاراء السابقين واتهام لهم بالسطحية والغفلة عن تحقيق ما يـنقلون من نصوص وتعميق ما يطرحون من آراء، ففي هذا الراي نسف لكتب باكملها تعد من مفردات كتب التراث، ويعتمد عليها في النقل والتوثيق من قرون متطاولة، فكتاب منهاج السنة - مثلا - لشيخ الاسـلام ابـن تـيـمـيـة ينطلق من اعتبار عبد اللّه بن سبا اصل الرافضة، فهو اول من قال بالوصية والرجعة وغيرها من معتقدات وانكار هذه الشخصية او التشكيك فيها تشكيك في الكتاب كله، ونسف له من اصوله، بل ربما تجاوز الامر ذلك الي التشكيك في اصول الرافضة وتاريخ نشاتهم.

انا علي استعداد للمحاورة حول الامور الجوهرية للرجوع الي الحق

اشاره

حسن المالكي يرد علي العودة وعلي رضا صحيفة المسلمون - 4 جمادي الاولي - 1418 هـ نـشـرت صـحيفة المسلمون في اعداد مضت عدة تعقيبات و ردود علي من عدد من الاخوة حول موضوعات مختلفة منها ما يتعلق بالمقالات المنشورة في صحيفة الرياض ومنها ما يتعلق بكتابي (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي) ومنهاما يتعلق بكتاب بيعة علي بن ابي طالب في ضوء الروايات الصحيحة وبما ان كل الردود التي نشرت كان فيها تشويه لوجهة نظري - و سواء كان التشويه بتعمد او سوء فـهـم - فانه يلزم مني ان ادافع عن نفسي من باب (علي رسلكماانها صفية) فالشرع دلنا علي ابراء الـذمـة وساحاول الاختصار ما امكن مع انه سبق ان رددت علي بعضهم كالدكتور سليمان العودة في صـحـيـفـة الرياض لكن نشره لاراء جديدة في المسلمون ولان لصحيفة المسلمون جمهورها وقـراءهـافانه يهمني ان ارد علي الافكار الجديدة فقط مع تلخيص مختصر جدا لوجهة نظري التي سبق نشرها في الموضوع. وانـا قـبـل ان ادخل في الردود التفصيلية علي هؤلاء الاخوة اتمني من القارئ الكريم ان يمتلك ت الـمـنـهـجية وان يعود لاقوال المردود عليه لان الناس يشوهون افكار الاخرين و يحملونهم ما لم يقولوا فانا اطلب من القارئ ان يكون حكم عدل و ليعلم ان الذي سيحكم بمدي تحقيقه للعدالة هو اللّه المطلع علي نيته وعلي استفراغه لجهد في الوصول الي الحقيقة. و الان الي الردود علي تلك التعقيبات و سالتزم بترتيب الرد عليهاحسب تاريخ نشرها ما امكن. الرد علي الاستاذ علي رضا فالاخ الاستاذ علي رضا نشر مقالا في المسلمون يوم الجمعة 29 صفر1418ه وكنت قد رددت عـلـي بعض ما اورده و نشرت ذلك في صحيفة الرياض واقتصرت علي نقد (تاييده) لي في مسالة القعقاع بن عمرو لان تاييده لي كان غير علمي وذكرت يومها ان بقية الملحوظات علي مقاله تحتاج لمناسبة اخري لانني كنت يومها مشغولا بقضية الـقـعقاع و الردود بيني و بين بعض الاخوة ولم اكن احب ان ادخل اكثر من قضية في الموضوع و هـذه الـمـلـحـوظـات التي اذكرها هناساتجنب فيها ما ذكرته في ردي علي علي رضا في صحيفة الـريـاض كـمـا سـاتـجـنـب القضايا المشتركة التي ردت عليها ام مالك الخالدي في هذه الصحيفة وفـي صحيفة البلاد وساحاول ان اذكر البقية من هذا مما يخصني فقط وكان مما بقي من الملاحظات المهمة سبع وهي كما يلي: الملاحظة الاولي: ذكـر الاخ عـلي رضا انه التقي بي في مجلس من مجالس طلبة العلم وهوصادق في هذا وتحدث اننا تـحاورنا في معاوية بن ابي سفيان وهو صادق ايضااننا تحاورنا فيه ضمن اشياء كثيرة تناولناها في ذلك المجلس وكان من تلك الموضوعات التي تناولناها مسالة ابن عديس و معاوية وانكر علي تفضيلي ابن عديس علي معاوية في كتاب (بيعة علي). وكـنـت قـد قلت ان ابن عديس من اصحاب الشجرة وعلي هذا فهوافضل من معاوية لانه من مسلمة الفتح وهناك احاديث صححها بعض اهل العلم تبشر اصحاب الشجرة بالجنة بينما معاوية لم يكن منهم و لا عمرو بن العاص لان اسلامهما كان متاخرا وعلي هذا فابن عديس الخارج علي عثمان افضل من مـعـاوية الخارج علي علي وهذا كله منهج سلفي بحت في تفضيل اهل الرضوان علي من سواهم ولا زلـت مصرا عليه لانني اري انه الحق و تدل عليه الاية الكريمة (لا يستوي منكم من انفق قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة..) اما ما ذكره علي رضا من انه سالني هل يقال ان معاوية في النار وانني سكت. فهذه اما ان يكون علي رضا صادقا او كاذبا وانا لا اذكر الموقف البتة لكن ان كان صادقا فسكوتي اما ان يـكـون اسـتغرابا من طريقة حواره او انشغالابشي ء آخر لم انتبه لكلمته او تاييدا و اقرار بان معاوية في النار و قـد يـقـول احـدهـم كـلمة لا ينتبه محاوره لها او لا يسمعها جيدا او يستغرب صدورهافيسكت والتجارب كثيرة و مشاهدة وماساوية واما ان اراد الثالثة وهي انني احكم علي معاوية بالنار - وهذا هو الظاهرمن كلام علي رضا - فهذا مما ابرا الي اللّه منه و اذا كان علي رضا يقصد هذا فاناادعوه للمباهلة لنجعل لعنة اللّه علي الكاذبين ليس عندي الا هذا او ياتي بشهودعلي كلامه و الاخ علي رضا مثلما حرف الكلام المكتوب الواضح فـتحريف (سواليف المجالس) من باب اولي و رحم اللّه منهج اهل الحديث تلك الكلمة البتة لكن التفصيل السابق كان احتياطا مني لان الانسان قد ينسي هل تكلم او سكت لكنه لن ينسي عقيدته. وانا بحمد اللّه لا احكم بالنار علي من هو دون معاوية فلا احكم بالنارعلي الحجاج ولا يزيد ولاكل مـن قـال لا الـه الا اللّه مـحـمد رسول اللّه فكيف احكم علي معاوية بالنار؟ ولابـالنار علي من هو افضل من معاوية كخالد بن الوليد مثلا لكنني ارجو لهم الجنة و اخشي عليهم مـن النارويزداد الرجاء كلما كان الرجل صالحا و تزداد الخشية كلما زادت مظالم الرجل لنفسه ايا كان ذلك الرجل اللهم الا ان يكون مبشرا بالجنة وهذه عقيدة اهل السنة الصحيحة ومن شاء ان يتاكد فـلـيـراجع كتب العقيدة وانا علي استعدادللمناظرة والمباهلة في هذه المسالة والقضية بحمد اللّه واضحة و ميسورة لاتحتاج لكثير ايضاح. الملاحظة الثانية: ضعف علي رضا رواية خزيمة بن ثابت في بيعة علي بحجة ان ابا اسحاق السبيعي مدلس وقد عنعن ولم يبين انه (ثقة ثبت) ولو رجع الاخ علي رضالصحيح البخاري و مسلم لوجدهما يحتجان بعنعنات ابـي اسـحـاق السبيعي في الصحيحين 158...)من صحيح البخاري فقط. الملاحظة الثالثة: ذكـر علي رضا ان رواية الحسن البصري عن وثاب (في الحوار الذي جري بين عثمان والاشتر) ضعيفة بسبب جهالة وثاب شيخ الحسن البصري. اقـول: اولا انـا قلت (بسند صحيح الي الحسن البصري) وهذه فيها الماحة الي انني متوقف في امر وثاب وكان الراجح هو توثيقه. ثانيا: الفقيهي هو الذي اورد الرواية محرفة فاعدتها علي الصواب وذكرت انها صحيحة الي الحسن الـبصري ثم استخدمت كلمة (الرواية صحيحة) واقصد الي الحسن البصري وليس الي وثاب علي ذلك سياق الكلام. ثـالـثا: الاخ علي رضا غفل عن مسالة مهمة وهي ان الحسن البصري اذاروي عن رجل و سماه فهو (ثـقة يحتج به) هذا ما ذكره يحيي بن معين (انظرالتهذيب 1 / 347) وعلي هذا فوثاب عند يحيي بـن معين (ثقة يحتج بحديثه)لان الحسن روي عنه و سماه وعلي هذا تكون الرواية صحيحة عند يـحـيـي بـن مـعـين علي الاقل وهو من المتشددين وعلي هذا فقول علي رضا ان مدار الرواية علي (مـجـهـول) كـان نـتـيـجة جهل بمقولة يحيي بن معين الماضية ثم ياتي بعد هذا كله يتعالي بانه من (المتمرسين في علم الحديث الملاحظة الرابعة: ذكر انني دلست (طـلـحـة والـزبير بايعا عليا طائعين غير مكرهين ثم نكثواعليه) وانا اطلب من القارئ الكريم ان يرجع للفتح (13/57) لينظر من منادلس علي الاخر. اما الاختلاف في يسير الالفاظ فمعظم الاحاديث الصحيحة فضلا عن المرويات لابد ان يكون بينها يـسـير اختلاف وكم من حديث في البخاري تختلف الفاظه من موقع لاخر اختلافا يسيرا والاستاذ عـلـي رضـا يـؤمـن بـان يـسـير الالفاظ لا تؤثر في فصل الحديث الي حديثين و ان اراد ان اذكر عشرات النماذج من (تحقيقاته الملاحظة الخامسة: ذكر ان مغيرة بن مقسم كان ثقة متقنا ثم استدرك بانه يدلس روايـته عن ابراهيم النخعي ولو رجع لصحيح البخاري فقط لوجد ان البخاري يحتج بعنعنات مغيرة بـن مـقـسـم عـن ابـراهيم النخعي انظر الاحاديث (3460، 3070، 3459، 3477، 3045) وغيرهاكثير. فـالاخ عـلي يظهر ان عنده من النظريات (المتاخرة) اشياء كثيرة لكنه تفوته النظريات الصحيحة وتـطـبـيـقات الائمة المتقدمين ولاسيما الشيخين ومعرفة التطبيقات والنظريات المتقدمة اولي من معرفة النظريات المتاخرة ومحاسبة الناس عليها لان واضعي هذه النظريات المتاخرة لا يلتزمون بها عند التطبيق ايضا والامثلة اكثر من ان تحصر. الملاحظة السادسة: اما ما ذكره الاخ علي رضا مرارا بانني اقلد ام مالك الخالدي فهذا لااسميه تقليدا و انما اسميه ابحاثا مشتركة ولا غرابة ان نلتقي في كثير من الابحاث و الرؤي فنحن في بيت واحد الملاحظة السابعة: ذكـر انـنـي تـناقضت فذكرت ان رواية ابي سعيد مولي ابي اسيد الانصاري حسنة ثم ذكرت انها صـحيحة الاسناد فالخطب في هذا يسير فالصحيح والحسن كلاهما حجة و اسناد هذه الرواية قال عـنـه الحافظ ابن حجر: رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض انظر المطالب العالية (5/24) طبعة دار الوطن المسندة. وقول الحافظ في الطبعة الاصلية ايضا (4 / 286) وهذا التناقض لو صح تسميته تناقضا فهو اخف مـن تناقض الاستاذ علي رضا عندما حكم علي عشرات الاحاديث احكاما في غاية التناقض ولعل من امثلة ذلك حكمه علي حديث (امرت بقتال الناكثين...) بانه موضوع ثـم حـكـم عـلـيه بانه حسن (3 / 865) ثم حكم عليه بانه صحيح (3 / 1060) فهذاالتناقض من (الموضوع الي الصحيح) مرورا بالحسن والضعيف صح تسميته تناقضا الـمـحـدثـة و اول مـن قـال بـالـحـسـن ولا يـريد به الصحيح كان علي بن المديني ثم توسع فيه الـترمذي.ويستخدم الحسن عند المقارنة غالبا اما عند الاطلاق فيجوز استخدام اللفظين وكلاهما (الحسن والصحيح) حجة والحمد للّه اما (الموضوع و الصحيح)فلايلتقيان الا عند محقق التراث الرد علي د. سليمان العودة تهريب عبد اللّه بن سبا امـا د. سـلـيـمـان بن حمد العودة فقد اطلعت علي اللقاء الذي اجرته معه صحيفة المسلمون يومي الـجمعة 5، 12 ربيع الاول من هذا العام 1418 ه وكان اللقاء ردا علي وعلي د. عبدالعزيز الهلابي الذي ينكر شخصية عبداللّه بن سبابينما انا انكر دوره في الفتنة فقط اما وجوده فهو الي الان تحت البحث والدراسة مع ان د. سليمان خلط بين المسالتين. و د. سـلـيمان - هدانا اللّه و اياه الي الحق - يدعونا لتحري الامانة العلمية وانا ادعوه للامر نفسه ولو قامت جهة علمية للنظر بحيادية لما كتبه الثلاثة اناوالهلابي والعودة للنظر في من يتجافي عن (الـتـحـري العلمي) لكان مما يسرني لانني ازعم ان د. سليمان لم يتحر الامانة العلمية انه يحرف الحقائق بتعمد وليس باساءة فهم وعندي الادلة الكثيرة علي ذلك وهو يدعوني لتحري الامانة العلمية بـراءتـهما جميعا اما ان نتراشق التهم فهذا لا يخدم الحقيقة وانا ارضي باية جهة علمية يرتضيها د. سليمان و حتي احدد اكثر فانا ارضي قسم التاريخ بالكلية التي يتولي عمادتها د. سليمان تـخرج حكمهاوتنشره بين الناس و اظن فعلي هذا فيه غاية الانصاف فهل يوافق د. سليمان علي هذا او علي المناظرة ام يستمر في رمي اخيه المسلم بالاتهامات في المجالس وعلي المنابر. تبسيط القضية احـب في البداية ان انبه الاخوة القراء الي امر سيسهل علينا اختصاركثير من الامور وهو كما قلت سابقا: ان د. سليمان العودة قد حملني نفي (وجودعبداللّه ابن سبا) مطلقا الـفتنة) فقط بمعني انني امتلك عن احداث الفتنة اسانيد صحيحة تفسر لي كيف حدثت الفتنة و لست بـحـاجة لاسانيد سيف وامثاله من الضعفاء و الكذابين الذين يفسرون لي احداث الفتنة تفسيرا مختلفا فهذا هو لب ما نفيته في مسالة عبداللّه بن سبا. امـا مـسالة وجوده فهي تحت البحث و الدراسة ولا ريب ان نفيي لدورعبداللّه بن سبا في الفتنة هو نفي ل 95 % من اخبار عبداللّه بن سبا لان بقية الاسانيد - من غير سيف - انما تتحدث عن رجل يغلو فـي عـلـي بـن ابـي طـالـب فقط رسـالـة د.سليمان العودة التي كان الهدف منها (اثبات دور عبداللّه بن سبا في احداث الفتنة في صدر الاسلام) لان سقوط سيف يعده العودة سقوطا كاملالرسالته لـه و لـلـتاريخ من التمادي في الباطل ولو رجع الي نفي اساطير ابن سبا في الفتنة فانه يسجل بهذا سـابـقـة انـصـاف لـم نعهد صدورها من كثير من الاكاديميين. ثم ان رجوعه الي نفي اخبار ابن سبا فـي الفتنة لا يعني انتقاصا لرسالته او انه لا يستحقها وله في الشافعي اسوة حسنة فقد كان له مذهب قـديـم و مـذهب جديد و انا علي سبيل المثال كنت اثبت دورابن سبا كاملا حتي بحثته وكنت اثبت القعقاع بن عمرو و صحبته حتي تبين لي ان المصدر الوحيد في هذا هو سيف، فرجعت الي نفي دور ابن سبا في الفتنة و الي نفي وجود القعقاع لان المنهج يوجب علينا الا نبقي مجالا للشكوك والعواطف والاحاسيس فـالـمـنـهـج مثلا يلزمنا بالحكم بالوضع علي حديث معين اذا انفرد به كذاب ويلزمنا ان نحكم علي الحديث بالضعف الشديد اذا تفرد به متروك ويلزمناالمنهج بالحكم علي الحديث بالضعف اذا تفرد به ضعيف وهكذا. وقد نحس في انفسنا ان هذا الحديث الموضوع صحيح لكن هذا الاحساس ليس مقياسا في ثبوت الحديث و كذلك (الحرص علي التراث) ليس مقياسا في الحفاظ علي روايات الكذابين اذن فـانـا اجـد خـلطا كبيرا عند د. سليمان و عند كثير من المؤرخين الاسلاميين هذا الخلط بين تـطـبـيق المنهج و بين (الاحساس) او (حديث القلب)او (المصالح) او (حب مخالفة ما توصل اليه بـعـض الـكـفار والمبتدعة) او (حب اثبات ما ذكره بعض علماء المسلمين) وهكذا نجد كثيرا من الـمـعـايـيـر لـيـسـت علمية البتة ولادخل لها بالنواحي العلمية ولو اننا لا نحكم علي الحديث او الـروايـة بـالـكـذب لـمـجـرد احساسنا بصحتها لاثبتنا كثيرا من الاحاديث الموضوعة والاخبار المكذوبة يـحـابـي احساسا ولا عاطفة ثم ان الاحساس غير منهج المحدثين و انما قيل انه يتبعه بعض غلاة الـصوفية و يطلقون عليه (التذوق) كـان د.سـلـيـمـان يـري ان تـوثيق سيف واثبات اكاذيبه عن ابن سبا وغيره من باب المحافظة علي المصلحة (مصلحة التراث) بـل المصلحة هنا متحققة ولو كان د.سليمان يعلم - و اظنه يعلم - خطورة اثبات روايات سيف عن ابـن سـبا لماتمسك بها البتة لان روايات سيف عن ابن سبا تثبت ان بعض كبار الصحابة من بدريين و غـيـرهم كانوا ينفذون خطط عبداللّه بن سبا سبا بكامل دوره اخطر من نفيه و ان اكثر علماءالمسلمين علي نفي دور عبداللّه بن سبا من القرون الاولي الي اليوم). اعود و اقول: انني عندما ابحث الرواية او الحديث لا احاول ان ارسم النتيجة قبل البحث ولا ادخل باحكام مسبقة او احاول الا افعل هذا علي الاقل ولذلك فانا متفق مع د. سليمان في امور و مختلف معه في اخري و متفق مع الهلابي في امور و مختلف في اخري مع التفاوت الكبير بين الاثنين وهكذا ولو كنت ادخل باحكام مسبقة و تقليد للهلابي - كم زعم د. سليمان - فلن اختلف معه في نتيجة من النتائج التي توصل اليها. الوقفة الثانية ان الحوار مع د. سليمان العودة فيه صعوبة بالغة لان د. سليمان لا يثبت علي منهج محدد فنجده احيانا يـحتج بمنهج اهل الحديث اذا كان يخدم فكرته فقطواحيانا اخري يهاجم منهج اهل الحديث و يزعم انه غير صالح لتطبيقه علي الرواية التاريخية و مـرة ثـالثة نجد الدكتور محتجا بكتب الفرق والمقالات ومرة رابعة مع كتب الشيعة بينما ينقد نقل بـعـضنا لانه اتفق في نتيجة ما مع بعض ما اورده بعض الشيعة و مرة خامسة نجد الدكتور مع منهج المؤرخين و سادسة مع كتب الادب والانساب وهكذا ان وجد شحا في منهج انتقل منه الي منهج آخر وذم الـمـنـهـج السابق يـهربون البضائع و الاسلحة من بلد لاخر فانهم لا يسلكون طريقا واحداو انما ان شعروا بالخوف مـن هـذا الطريق انتقلوا الي غيره لانه ينتقل ويتجول بين مناهج مختلفة ومتباينة يرفضها اذا شاء و ياخذ بها اذا شاء ويهاجم من يتمسك بها في مسالة لايراها و يهاجم من تركها في مسالة يراها وهكذا.. فاذا كانت تناقضاته في المنهج نفسه فكيف يريد منا ان نتفق معه و انا اريد ان اسال د. سليمان سؤالا محددا وهو: هل تري تطبيق منهج المحدثين علي الرواية التاريخية ام لا؟ فاذا كنت تري هذا فهل تري تطبيقه علي كل المؤرخين؟ ام تري تطبيقه علي سائر المؤرخين ما عدا سيف بن عمر؟ ولـمـاذا يكون سيف فوق مستوي منهج المحدثين. وما ذنب الواقدي و ابي مخنف الذين تضربهم بهذا المنهج بينما لاتطبقه علي سيف هـل سـيف بهذه القدسية الـمنهج اشد الاختلاف فانا احترم د. الهلابي واثني عليه لانه واضح لا يتلون وهو يتعامل مع المتون بـعـيـدا عـن مـنـهـج اهـل الـحديث وانا اختلف معه في هذه المسالة اختلافا جذريا لكنه بعيد عن ازدواجية د.سليمان و امثاله الذين يتشدقون بمنهج المحدثين و يتخذونه مطية لرد الروايات التي لا يـحـبـونـها بينما لا يطبقون المنهج علي رواياتهم المحبوبة وفي مقدمتها اكاذيب سيف بن عمر التي ملات بطون الرسائل الجامعية ضحايا سيف الابرياء والذي اعرفه ان منهج المحدثين يمكن تطبيقه علي كل المحدثين فضلا عن المؤرخين. امـا د. سليمان فهو يطبقه علي المحدثين والمؤرخين الا سيف بن عمر فهولايرضي ان يطبق عليه هـذا الـمـنـهج الـصـارم لـن يـخدم سيفا ولا رسالة العودة فهذا و ان كان فيه حماية لرسالة الدكتور لكن ليس فيه حماية للحقيقة التاريخية ولا ريب ان التضحية برسالة اسهل من التضحية بالحقائق التاريخية نماذج من ذلك وحتي لا يكون اتهامي للدكتور انشائيا غير موثق فاليكم نماذج من تناقضاته التي كنت اربا به عنها: النموذج الاول: انـتـقد د. العودة علي د. الهلابي عدم اعتماده علي منهج اهل الحديث فقال في لقائه في المسلمون: (والـهـلابـي لا يـري اعتماد احكام اصحاب الجرح والتعديل علي الاخباريين الـتاريخية لا تعالج حسب حكم اصحاب الحديث تـعـرض عـلـي مـحـك النقد والتمحيص والمقارنة..) ثم يتساءل و يقول: (ونحن بدورنا نقول: اي منهج هذا؟ اقول: انتم هنا تلاحظون ان د. العودة يري تطبيق احكام الجرح والتعديل علي الاخباريين و يري ان الـقـضـايـا الـتاريخية يجب ان تعالج سلباوايجابا وفق منهج المحدثين اليس كذلك؟ بعرض المتن فقط علي المحك والدراسة والمقارنة بعيدا عن الاسناد؟ فـي هذه النقطة مع د. سليمان ضد د. الهلابي لكن تعالوا الي تطبيقات د. سليمان فماذا كان نصيب هذه النظرية الجميلة؟ اولا: د. سـلـيـمان العودة لم يطبق هذا المنهج البتة علي اكثر من 460 رواية احتج بها في رسالته (عبد اللّه بن سبا) لم يدرس اسانيدها البتة وفي تلك الروايات من الاكاذيب و الطعون في الصحابة و مـخـالـفـة الـصحيح ما لا يكاد يقع تحت الحصر الاسـواق ستجدون انه ينسب هذه الاخبار للمصادر التاريخية والادبية ولم اجد انه طبق هذا المنهج الا علي سبع روايات فقط وكان د. العودة لا يعرف ان قوله: (رواه الطبري) مثلا لا يعني توثيقاولاتضعيفا لان الطبري روي اخـبـارا صـحيحة و ضعيفة و موضوعة ومنكرة..الخ فاين منهج المحدثين الذي ينادي به الدكتور العودة ويطالب الهلابي بتطبيقه هلا طبقه علي روايات رسالته؟ (يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون). (اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسكم). اذن فالدكتور سليمان بحاجة الي ان يتذكر نفسه من الناحية التطبيقية. ثـانـيـا: ايـضـا قارن د. سليمان سيف بن عمر بغيره من المؤرخين في كتابه ص 105 الي ص 108 فجلدهم بمنهج المحدثين فلما جاء سيف و وجد ان احكام اهل الحديث عليه بالكذب والترك والزندقة واضـحة اضطر للتخلي عن منهج المحدثين - الذي طبقه علي آخرين - فقال في الهامش ص 304: (لابـد مـن التفريق بين رواية الحديث و رواية الاخبار الاخري... فلابد من مراعاة هذاالمقياس و تطبيقه علي سيف محدثا و اخباريا فـالدكتور سليمان هنا استل سيف بن عمر من احكام اهل الحديث كماتستل الشعرة من العجين وهذا للاسف ديدن معظم المؤرخين الاسلاميين واناهنا انقد المؤرخين الاسلاميين اكثر من غيرهم لانهم شـوهوا منهج المحدثين بالازدواجية التطبيقية والانتقائية المؤسفة اما غيرهم من سائر المؤرخين مـن شتي المذاهب فلم يدعوا تطبيق المنهج ولم يدعوا اليه وعلي هذا فلن يستطيعواتشويهه حتي و ان خـالـفـونـا مخالفة جذرية لكنني اري ان من اسباب عدم اقتناع بعضهم بمنهج المحدثين هو سوء الـتـطـبـيـقات التي يرونها عند بعض المؤرخين الاسلاميين التي تظهر منها الازدواجية والانتقاء وغـيـرها من العيوب التي تبدوظاهرة في كتابات د. سليمان العودة ولذلك اري ان بعض المؤرخين من الاسلاميين اكثر ضررا علي منهج المحدثين من المستشرقين والمبتدعة حتي و ان كانت كتاباتهم بحسن نية وحبا في الرد علي المخالفين. فـسـيف بن عمر مثلا لو تقرا ما كتبه عنه بعض المستشرقين وبعض المبتدعة لوجدت ان احكامهم عـلـي سـيف اقرب لمنهج المحدثين مما كتبه عنه د.سليمان العودة مع ان د. سليمان يظهر انه حسن الـنـيـة لـكن حسن النية لا يكفي ولابد لها من منهج وهذا ما يغفل عنه كثير من الاخوة الافاضل فهم يظنون ان الاعتراف بما عند الكفار او المبتدعة من بحث وجهد يعتبر ميلا لهم و ان هذايخالف عقيدة الولاء والبراء؟ وهذا خلط بين امور متباينة فانا ابغض الكافر لكن ان وجدت له بحثاجيدا في التاريخ او غيره فلماذا لااستفيد منه مع براءتي من عقيدته وفي المقابل لووجدت رسالة هزيلة لاحد الاخوة الدعاة الخطباء اذن ارجو ان يفرق الاخوة بين المسالتين فاذا فرقوا بينهما تبين لنا كثير من الحقائق. ولـلاسـف ان اكـثـر المؤرخين الاسلاميين بل كثير من طلبة العلم يخلط بين هذه الامور المتباينة مـتناسين صواب الاثر القائل: الحكمة ضالة المؤمن فاين وجدها فهو احق بها وهذا معناه صحيح و ان لـم يـصح رفعه الي النبي صلي اللّه عليه وسلم وتدل عليه تطبيقات النبي صلي اللّه عليه وسلم و صحابته والتابعين وسلفنا الصالح. استثارة العواطف د. سليمان ان افتقد الدليل والبرهان لجا للعاطفة واستثارتها عند الجماهير عـنـد كـثـيـر من الناس فتجدهم يتهمون اخوانهم في الدين ان اتفق احدهم في مسالة معينة مع احد الـمـسـتشرقين مثلا فانهم يحاولون ان يربطوا بينهما في الفكر العلمي. وعـلي سبيل المثال نجد د. سليمان في لقاء المسلمون يتهم د. الهلابي بانه يريد احياء آراء مرتضي الـعـسكري سـبا انه لم يطلع علي دراسة العسكري هـذا ان هـنـاك ارتـباطافكريا بين الرجلين؟ هـل نـفـي ابـن سبا حكر علي الشيعة ام انه مشاع للبحث العلمي؟ الانصاف) في كتب طه حسين بتر الدكتور عبارتي و زعم انني قلت انه (منصف) ثم حاول الدكتور ان يـربط فكريا بيني وبين د. طه حسين الذي اعنيه اتـق اللّه يـا د. سـلـيمان و اللّه انك لتعلم ان الزامك هذا باطل وانت مسؤول امام اللّه عن هذا الكلام والغريب ان الدكتور نسي انني حذرت من كتابات د.طه حسين في المتن بـانـنـي احيانا اجد انصافا في كتاباته وهذا حق لا اتبرا منه و د. سليمان نفسه استشهد في رسالته بـكثير من اقوال المستشرقين و المبتدعة فهل يريد منا ان نلزمه بانه يعتقد عقائد هؤلاء؟ اذاكانت الـمـسـالة مسالة تنابز بالاتهامات والالزامات الباطلة فهذا يسير وكل منايستطيع التحريف والبتر والـربـط بـين المؤلف وعقائد آخرين و افكارهم الـعـلـمـي؟ مـحـاربـتـه للاخرين فيجب ان تكون المحاربة شريفة و ان تستخدم فيها اسلحة الادلة والبراهين لـلاخـرين وليس اسلحة العواطف واستثارة الجماهير تلك الاستثارة التي لا تقوم علي العدل و علي الانصاف و انما علي بتر النصوص و الزام الاباطيل. وهذه الاساليب يمكن للطرف الاخر استخدامها بكفاءة ايضا الخلط في الروايات بين مسالتين مختلفتين د. سـلـيـمـان الـعـودة خلط بين مسالتين مختلفتين تماما مسالة وجود عبداللّه بن سبا وهذه وجدها الـدكـتور في روايات غير رواية سيف بن عمر و تبقي بحاجة الي دراسة هل هي كافية مع ضعفها لاثبات وجوده ام لا، لكن هذه المسالة الخلاف فيها يسير. امـا الـمسالة الكبري فهي دور عبد اللّه بن سبا في الفتنة فهذه لم يجد د.سليمان فيها سوي روايات سـيـف بـن عمر عـمر تـوجـد اخبارلخالد بن الوليد لا تصح؟ اذا كان خالد بن الوليد موجودا هل يعتبر هذا مبررالاثبات كل الاخبار التي نسبت اليه سواء كانت صحيحة ام مكذوبة ام انه لايجوز ان تنسب اليه الا الاخبار المقبولة؟ لا ريـب انـكـم تـتفقون معي انه لا يجوز ان تنسب الي خالد بن الوليد اوغيره الا الاخبار المقبولة لاالمكذوبة او المنكرة.. اذن قـضـيـة عبداللّه بن سبا مثل هذه تماما بمعني انه ان كان عبداللّه بن سباموجودا فلا يجوز ان ننسب اليه اخبارا مكذوبة كان نقول ان من تلاميذه عماربن ياسر وابا ذر و انه احد قواد علي بن ابي طالب امـا د. العودة فانه يعتبر انه ما دام ابن سبا موجودا اذن فكل الاخبار التي نسبت اليه صحيحة حتي و ان انـفـرد بها كذاب الـمـنهج اولا ثم الانطلاقة منه لدراسة التاريخ اما ان ندرس التاريخ والمنهج غير متضح عندنا فهذا خـلـل كـبـيـر يـسبب اختلافا اكبر. ولذلك تكلم المحدثون والمؤرخون المتقدمون عن الفتنة ولم يذكرواعبداللّه بن سبا بحرف واحد حتي الذهبي و ابن حجر الذين ينسب اليهما العودة توثيق سيف بن عمر في التاريخ لم يذكرا دور عبداللّه بن سبا في الفتنة بحرف واحد وقبل الذهبي وابن حجر نجد كل علماء المحدثين وكل المؤرخين خاصة المتقدمين منهم لم يذكروا عبداللّه بن سبا في الفتنة. انـظـروا ان شـئتـم تـاريخ خليفة بن خياط و طبقات ابن سعد و كتب الصحاح والسنن و المسانيد والاجـزاء والـفـوائد والـمـستدركات والمستخرجات والطبقات والتراجم و كتب الادب وكتب الانساب لم تذكر هذه المصادر حرفاواحدا عن دور عبداللّه بن سبا في الفتنة اللهم الا من نقل عن سـيـف بـن عـمـر مـثـل الـطبري وغيره وهذا قد ادركه د. العودة جيدا لكنه حرص علي خل ط الـمسالتين وجعلهما مسالة واحدة لان جل رسالته قائمة علي الامر الاخير (دور ابن سبا)لا الاول (وجـود ابن سبا) ذكروا (دوره في الفتنة) كما فعل الدكتور في رسالته ام ذكروا (غلوه في علي) فقط فالامر الاول لم يذكره احد غير سيف وهو معظم ماقيل عن ابن سبا ام الثاني فهو جزء يسير جدا لا يتعدي 5 % من اخبار عبداللّه بن سبا فكيف يكون ال 5 % حجة في اثبات 95 % بلا دليل ولا برهان؟

اردت نشر الحقائق العلمية مع بيان مغالطات من شكك فيها (1/2)

د. العودة يعقب علي طروحات المالكي صحيفة المسلمون - 18 جمادي الاولي - 1418 ه طـالـعـت مـا كـتبه المالكي في جريدة الرياض الثلاثاء 9 / 4 / 1418ه بعنوان عبداللّه بن سبا و كـاسحات الحقائق وكان - في زعمه - ردا علي الحلقات الاربع التي كتبتها للجريدة نفسها بعنوان الانـقـاذ مـن دعـاوي الانقاذللتاريخ الاسلامي ايام الخميس والجمعة والسبت والاحد 27، 28، 29،30/3/1418هـ. وقـبـل ان استكمل قراءة مقال المالكي - علم اللّه - هاتفني عدد من المهتمين والـعـارفـيـن، يشكرون علي المقالات السابقة، ولكنهم متفاوتون في وجهة نظرهم حول الرد علي (مغالطاته، وكاسحاته) اذ يؤكد الكثير منهم علي طبيعة المالكي الشخصية، وتخصصه في (الجدل) و رغـبـتـه فـي (الـمـراء) وانـه لايـرغب الحقيقة قدر ما يهوي النقاش و اثبات الذات، و تسفيه احلام الاخرين، والوصول الي هدف معين الوقت معه، واقصر الطرق لسقوطه اغفاله و تناسيه ويضرب هؤلاء امثلة لمن ردوا علي المالكي و نـصـحـوه ولـكـن دون جـدوي،ويـري هؤلاء ان الناس لم يبلغوا درجة من البساطة بحيث تتاثر قناعاتهم الراسخة بمثل هذه الطروحات الفجة. اما الفئة الاخري فيرون ضرورة التصدي له، وفضح افكاره، و بيان عور منهجه ولو كان ذلك علي حـسـاب الوقت المبذول - فيما هو انفع - وحجة هؤلاء ان ثمة طائفة من القراء قد تنخدع به، وقد يتطاول هو اذا لم يجد من يقلم اظفاره بـيـان تـناقضاته، وخلل منهجه و اعطاء القارئ بعض (الحصانة) لما يمكن ان يكتبه مستقبلا، وبيان سـهولة الكذب عنده، و التزوير و تشويه الحقائق باساليب ملتوية، و عسي ان يكون ذلك اسهاما في حـمـاية الامة من الافكار المتسللة،وكشفا للتدليس المتلبس بعباءة النقد التاريخي، والمتدثر بمنهج المحدثين والتحقيق العلمي؟ غموض في الشخصية واستطيع القول - وبكل ثقة، ودون مجازفة - ان من ابرز سمات منهج المالكي في كتاباته التاريخية ما يلي: - النيل من الصحابة و التعريض بهم. - والتقول علي العلماء بغير حق، و تجريحهم. - والهوي مع المبتدعة والدفاع عنهم. - وتشويه الحقائق التاريخية والتشكيك فيها. - والتشابك مع الطرح المشبوه و تلميع المشبوهين. - والكذب و المراوغة. - والغموض في الشخصية والاهداف. وامتلك الدليل ومن كلام المالكي نفسه، وانصف المالكي من اقام البينة عليه من كتبه و مقالاته، و يعلم اللّه انـنـي اجـد فـي كل مقال يكتبه، او رد يعقب به مستمسكا جديدا، وتتضح لي - وربما لغيري - مـلامـح شـخـصيته اكثر فاكثر،ويبادلني الشعور بها اساتذة فضلاء، و اخوة اعزاء، وللّه الحمد والمنة. ومهما تكن عند امرئ من خليقة++ وان خالها تخفي علي الناس تعلم ويبدو لي ان المالكي يدافع قلقا مزمنا، و يعيش تناقضا مؤلما، فلا هوبالسوي الذي يستطيع السير مع الـصـحـاح و يـسـعـه ما وسع جمهور الامة ولا هوبقادر علي ان يبوح بما لديه جهارا، ولذا تراه (يـتـسـلـل) فـي طرح افكاره تسللا،فاذا كشف في جانب احتمي بجانب آخر، و اوهم بسوء فهم الاخرين له، وكال لهم (التهم) جزافا حتي لا ينكشف امره وحـيـن طـالـعـت ما كتبه (المالكي) ردا علي مقالتي المنشورتين في المسلمون بعنوان ابن سبا والـسبئية من غير طريق سيف بن عمر ايام الجمعة الموافق 5، 12 / 4 / 1418 ه، ولم يكن ردا عليه قدر ما كان نشرا لحقائق علمية، مع بيان مغالطات من شكك فيها. حـيـنـها تذكرت قول المصطفي صلي اللّه عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بسند حسن عن ابي امامة رضي اللّه عنه: ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه، الا اوتوا الجدل. ثم تلا رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم هذه الاية: (ما ضربوه لك الا جدلا بل هم قوم خصمون) (انظر صحيح سنن الترمذي 3/103، والاية 58 من سورة الزخرف). ولـقـد لـفـت نـظري هذه المقدمة التي ابتدا المالكي بها مقاله في جريدتي الرياض، و المسلمون من الـحـصار باساليب لا اظنها تمر علي اللبيب و ان لم يكن من اهل الاختصاص وانضر اليه مثلا وهو يقول في جريدة الرياض: لو لم اكن مؤلف كتاب الرياض ولو لم اكن كاتب المقالات المنتقدة لشككت في هذاالمنتقد... ولا غـرابـة فمن المخارج التي اعتادها المالكي، تسفيه احلام الاخرين،وعدم فهمهم، و رميه لهم بالتهم.. الي غير ذلك - مما يحاول معه استعطاف راي القراء من جانب، والخروج من المازق من جانب آخر. ولـقـد قال عني والدكتور سليمان العودة بني كل مقالاته الاربع علي فهم خاطئ لاقوالي وبناء علي هذا الفهم الخاطئ رد رده، ثم اتهمني... فقد قال مثل ذلك او قريبا منه لغيري. ففي رده علي (الفقيهي) قال المالكي: ومن الاسباب ان الاخ الفقيهي -سامحه اللّه - قد حملني اشياء لم اقلها، وافهم القراء من مقالاتي اشياء لم تخطر لي علي بال، فاجاد - سامحه اللّه - التحوير و اساء الـتـفسير لكثير مما كتبته ولم ينس ان يتهمني بالبدعة والاستشراق كما هو ديدن اكثر المؤرخين الاسلاميين ايضافي هذا العصر (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي ص 224). وفي رده علي د. الفريح ردد نفس النغمة فقال: وحقيقة قلت اكثر من مرة ان البلاء ياتي في عدم فهم الـمكتوب، او عدم قراءته، او تعمد الظلم والتزوير،وللاسف ان كل هذا و زيادة قد وقع فيه الاخ الفريح.. (الحلقة السادسة من الحديث عن القعقاع: وقفة مع الردود والتعقيبات). ولـم يـسـلـم د. العسكر من هذ التهمة، رغم ثناء المالكي عليه و ان رده اكتسي بحلل الخلق الرفيع والادب الـجـم.. لـكن المالكي عاد ليقول عن العسكر:اشعر بان الدكتور استعجل في قراءة مقالاتي الاربع، و حملني اشياء لم اقل بها..(كتاب الرياض ص 89، 91). امـا د. الـهـويـمـل فرغم ما في مقاله من وقفات و اشارات معبرة فقد اعتبره المالكي (انه مقال بلا مـوقـف)، واخـتـزل الرد علي مقال الدكتور الذي جاء في صفحة كاملة بعدد من الاسطر، و وصف كـتـابـاته ب (الضبابية)، وانها لاتخدم هدفااسمي؟ واتهمه بسوء الفهم الي درجة انه يجعل الخمسة اربعة، ثم ثلاثة في سطرواحد؟ ولقد نصح د. الهويمل المالكي، وحدد موقفه حين قال: وكلمة اخيرة للمالكي نقولها ناصحين السكينة السكينة، و التروي التروي... فالامر اخطر من ان تتلاحق فيه الاحكام، وتستمر الهدميات والقفز من قضية الي اخري،والتشابك مع الطرح المشبوه... وهذه العبارة الاخيرة - في نظري - كافية لتحديد الموقف من طروحات المالكي..، ومن قرا المقال مرة واحدة خرج منه بعدد من النتائج والمواقف، وان استعصت علي المالكي اثر (ثلاث) قراءات؟ شنشنة قديمة انـظـر مقال د. حسن الهويلم (المالكي والتاريخ) الرياض 4/3/1418ه وقارنه مع رد المالكي، في وقفة مع الردود والتعقيبات، الحلقة السادسة من حلقات القعقاع. وهـذه شنشة قديمة تتجدد عند المالكي (اتهام المخالف له بسوء الفهم والتعدي عليه بالقول، وتسفيه احلام الاخرين... وهذه و ان كانت اقصر الطرق للخروج من المازق، فهي اسواها واضعفها ولـئن وعـي الناس هذا الخلل في كتابة المالكي (حديثا) فلا يزال (المتابعون) يتذكرون مواقفه مع الشيخ صالح الفوزان من قبل وهذه هي الملاحظة الاولي في مقالة عبداللّه بن سبا وكاسحات الحقائق. المالكي يرد علي نفسه ولا اقـول ذلك تزيدا، ولا اتهاما، و دونكم الحقيقة واحكموا عليها ومن كلام المالكي نفسه، فقد قال فـي مـلاحـظـتـي الاولـي: كل مقالات د. سليمان العودة كانت نتيجة لسوء فهم او اساءته او تعمد الـتـحـريف وليختر منها الدكتوراصحها، فهو قد ظن - وهنا موطن الاستشهاد - انني انفي وجود عـبداللّه بن سبامطلقا، وهذا ما لم اقله البتة... وفي المقال نفسه واثناء تعليقه علي الرواية (الثامنة) قـال مـا نـصـه:.. ثـم كـيف قامت الرافضة تشنيع في ابن سبا ولم توجد الابعده، (علي افتراض وجـوده) بـعشرات السنين وفي آخر مقال كتبه في المسلمون بتاريخ 4 / 5 / 1418 ه لا يزال شـكـه في اصل وجود ابن سبا فهويقول: ان كان عبداللّه بن سبا موجودا فلا يجوز ان ننسب اليه اخبارا مكذوبة. ويـبـقـي الـسؤال: وهل ثبت لديه وجود ابن سبا من خلال مروياته هو؟ ام انه لا يزال شاكا ولكنه عاجز عن الافصاح؟ المقال ينتهي والشك هو الاصل عنده. وانا هنا اسال كل قارئ وقف علي هذه العبارات هل تعني التشكيك في دور ابن سبا في الفتنة، ام تعني التشكيك في اصل وجوده؟ وهبوا انني اسات الفهم، فليصحح لي غيري هذا الفهم لا اظـن العبارة تحتمل التاويل وقد اختار المالكي بنفسه لفظتي (وجوده،موجودا) لتحسم النزاع، وتـؤكد (تناقضا صارخا) ربما يشعر به المالكي اولايشعر و انه لا يزال يشكك في وجود ابن سبا اصلا، وليس فقط فضلا عن دوره الكبير في الفتنة، ويقول: ولولا انني امتلك روايات اخري غير مـا اورده الدكتور لنفيت ابن سبا مطلقا، في دوره في الفتنة، واعظم من هذا ان يصرح انه خلص من دراسته للمرويات الثمان انه ليس فيها ما يدل علي وجود ابن سبا.. واذا اراد ان (يـلـبـس) علي القارئ حتي لا يخرج منه براي واضح قال:وقد صرحت في مقالات سابقة وفي كتاب الرياض انني (متوقف) في عبداللّه بن سبا من حيث مطلق وجوده، وان كنت انفي و بشدة دور ه في الفتنة.. ولـسـت ادري الـي متي سيستمر هذا التوقف عند المالكي، وهو الذي قراكثيرا و كتب كثيرا؟ اولـيـست مسالة عبداللّه بن سبا من القضايا التي يبني عليهاغيرها، اثباتا او عدما؟ هل تنقصه الادلة المثبتة؟ ام لديه ادلة اخري تنفي وجوده لم يطلع الاخرين عليها؟ هل يتشكك في اجماع الامة قديما وحـديـثا في اثبات وجوده، ام هو اميل الي طروحات من اسماهم الهويمل الطرح المشبوه؟ كل ذلك اوقع المالكي في تناقضات مشينة، وعبارات قلقة لا تغيب عن فطنة القارئ اللبيب. سـواء فـي هـذا الـمـقـال او ما سبقه من مقالات و كتابات، و اليكم نموذجايؤكد ما اقول في حلقته السادسة عن القعقاع (وقفة مع الردود والتعقيبات) ففي حديثه عن ابن سبا يتشكك في وجوده لا في دوره فـي الـفـتـنـة حين يقول:.. هذاعلي افتراض وجود عبداللّه بن سبا.. (الملاحظة الثالثة عشرة) ثم يخشي ان ينكشف امره، فيشير الي دراستين في الموضوع، و تابي عليه عاطفته و ميوله الاان يـبـدا بـالدراسة المنكرة، واضعا اسطورة ابن سبا بين قوسين، و الي جانبهاعلامات التعجيب (المالكي ان يذكر لفظة (مثبتة) الي جانبها، وهذه في نظره لا تستحق الفرح وعلامات التعجب. واهم من ذلك ان المالكي لا يتمالك نفسه من الافصاح عن ميوله، ويقول بكل صراحة مع انني - حتي الان - امـيـل الـي نـتـيجة د. الهلابي لكن لم اجزم الاببطلان دور ابن سبا في الفتنة لانني بحثت الموضوع لكن هل يجزم بوجوده؟ افكار مترددة ويـكشف المالكي نفسه - وفي هذه الملاحظة نفسها - مؤكدا ان وجودابن سبا لم يجزم به، فيقول: امـا وجـوده مـطلقا فانا الي الان لا اجزم بذلك ولم يقل اما نفي وجوده فلم اجزم بذلك، وفرق بين الامرين لمن تامل وانـظـروا سـقـم التعليل فهو قد بحث دور ابن سبا في الفتنة ولم يبحث اصل وجوده فهل يمكن ان يبحث دوره دون ان يمر علي اصل وجوده، ولماذا لم يبحث اصل وجوده و يعلن رايه بكل صراحة؟ انها عبارات قلقة، وافكار مترددة،تنبئ عن غموض في الشخصية، ورغبة في الضحك علي السذج، لكنها مكشوفة لمن تامل. ونتيجة دراسة الهلابي - التي يميل اليها المالكي - يصرح بها و يفهمهاالمالكي كما نفهمها حين يقول في مقاله في المسلمون.. د. عبدالعزيز الهلابي الذي ينكر شخصية عبداللّه بن سبا.. فاين تتجه ميول المالكي؟ وهل السبئية (الطائفة) محل شك؟ لا يـنـتـهـي الـمالكي عند التشكيك في اصل وجود ابن سبا، بل يشكك في (السبئية) حين يقول في الـمـلاحـظـة الـسـابعة: هل السبئية المقصود بها التابعون لعبداللّه بن سبا في العقائد ام انها لفظة تحقيرية للمعارضة، كما يقول د. الهلابي. ولي علي هذا التساؤل اكثر من وقفة: 1 - فالمالكي و ان احتمي بالدكتور الهلابي فهو لا يعارض، بل سبق القول انه معجب بدارسته. 2 - تـتـضـافـر الـمـدونات التاريخية وكتب العقائد والمقالات والفرق،وغيرها علي تاكيد نسبة (السبئية لابن سبا، و ان كان يعوزك الدليل فهاك شيئامن هذه النصوص المثبتة: فابن حبيب البغدادي (ت 245) يـقـول: عـبـداللّه بن سبا صاحب السبائية (المحبر ص 308)، ويقول ابن قتيبة (ت 276 هـ) الـسـبـائيـة من الرافضة ينسبون الي عبداللّه بن سبا (المعارف ط المحققة ص 621) ويقول العقيلي (ت 322 ه) وهو يعلق علي لفظة (سباي) هم صنف من الرافضة اصحاب عبداللّه بن سـبـا (الـضعفاء الكبير 4 / 77) وجاء في الابانة لابن بطة (ت 387 ه) ومنهم السبائية تسموا بـعـبـداللّه بن سبا (الابانة عن شريعة الفرق الناجية 1 / 384) هذا فضلا عن ذكر اهل التاريخ لـذلـك، وكـتب المقالات والفرق والجرح والتعديل وقد فصلت القول في ذلك في كتاب عبداللّه بن سـبـاواثـره فـي احداث الفتنة في صدر الاسلام، وفي البحث المنشور في المسلمون ابن سبا والسبئية من غير طريق سيف بن عمر. بـل نـص علي ذلك ولم ينكره متقدموا الشيعة امثال القمرة (229 -301ه) والنوبختي (310 ه) وغـيرهم (انظر: المقالات والفرق للقمي ص 20،وفرق الشيعة للنوبختي ص 22، 23، وللمزيد انـظـر مـا كتبه د. ناصر القفاري في كتابه اصول مذهب الشيعة الامامية الاثني عشرية 1 / 73 - 76). ليس امام المالكي امام هذه النصوص الا الاذعان والتسليم ان كان صاحب حق او يسلك مسلك استاذيه مرتضي العسكري، د. عبدالعزيزالهلابي، في رفض ما ورد في هذه المصادر، واتهام مؤلفيها بما لا يليق. بـل هـل لنا ان نفهم ان التشكيك في نسبة السبئية لان سبا وسيلة للتشكيك في ابن سبا نفسه؟ سياتي مزيد بيان لهذه المسالة. ابن سبا و مغالطة المالكي يحاول المالكي ابعاد الرافضة عن ابن سبا ويقول: ثم كيف قامت الرافضة تشفع في ابن سبا ولم توجد الا بعده - علي افتراض وجوده بعشرات السنين؟ وفي كتاب الرياض ص 79 يحاول المالكي انكار بث ابن سبا لعقيدة (الوصية) وهنا.. مسالة خطيرة، فـكثير من المنكرين او المشككين في شخصية (ابن سبا) يرمون من وراء ذلك قطع صلة الرافضة بـابـن سبا، وهذه اعترف بهاعلماء الشيعة المتقدمون، كما سبق البيان في الحلقات الماضية، في النقل عن (الكشي) في اعتبار ابن سبا اصل الرافضة واكد علي هذا شيخ الاسلام ابن تيمية يرحمه اللّه - اكثر من مرة - فهو يعتبر (ابن سبا) اصل الرافضة ومن مناقبهم (الفتاوي 4 / 435، 28 / 234) ونـقل ان (عليا) رضي اللّه عنه طلب ابن سبااول الرافضة ليقتله فهرب منه (الفتاوي 28 / 500) وقال: ثبت عن علي انه احرق غالية الرافضة الذين اعتقدوا فيه الالهية (الفتاوي 28 / 475). روايات من طرق اخري ويـقـول ابـن حجر: عن ابن سبا و طائفته واحراق علي لهم بالنار: وله -ابن سبا - اتباع يقال لهم الـسبئية معتقدون الالهية في علي بن ابي طالب وقداحرقهم علي بالنار في خلافته (لسان الميزان 3 / 290). ويبقي بعد ذلك راي المختصين المحدثين مهما في تاكيد صلة الرافضة بعبداللّه بن سبا. الروايات الاحدي عشر مـن السفه والحمق ان ترد علي شخص - لبطلان دعواه - بثمان روايات فيصر علي ان يكون الرد عليه باحدي عشرة رواية لا وجود لنص فيها، وهذه عليه لا له، و ان اوهم القراء بخلاف ذلك، فان قيل وكيف ذلك؟ قلت: الاصل في سياق هذه المرويات لتاكيد بطلان القول بان اخبار عبداللّه بن سبا لم ترد الا من طريق سيف بن عمر، فان قيل: وهل قال المالكي بذلك و اين؟ اجيب: نعم هوممن قطع بـذلـك، كما جاء في كتاب الرياض ص 260 وهذا نص قوله:.. مع ان سيفا قد انفرد برواية اخبار ابن سبا، وانظر كذلك ص 58 من الكتاب نفسه. ولكن المالكي حين احس بالالزام والمحاصرة، خرج لتحقيق المرويات والتعقيب علي التحقيق السابق فـرفـض مـا رفض وقبل ما قبل، وكل ذلك اشغال عن الهدف من سياق هذه المرويات و خروج عن دائرة الحصار، ونقول للمالكي ومع اتساع صدورنا لوجهة النظر في التحقيق، ومع قبولنا لمزيد من المرويات المؤكدة لعبداللّه بن سبا من غير طريق سيف، فتظل هذه المرويات حججادامغة لمن زعم انفراد (سيف) كاخبار عبداللّه بن سبا و ان قال ما قال و زعم مازعم. وان كـان الـمـالـكي طالب حق، ولا يمنعه من الاعتراف بوجود ابن سبا الاكون مروياته جاءت من طـريـق سيف (المجروح) فها هي المرويات جاءت من طرق اخري، وبعضها عثر عليها بنفسه او نـقـلـهـا عن الاخرين؟ فهل يعترف بوجود ابن سبا ام ان في الامر شيئا لا تكفي الحجج والبراهين لازالته. الـيـس ذلـك خللا في المنهج، وقد صدق مع نفسه حين حدد الخلاف معه (في اصل المنهج) كما في مقاله في المسلمون وانصح من يريد النقاش مع المالكي ان يستحضر هذه القضية جيدا. جوهر القضية: يـشـكك المالكي في وجود ابن سبا - كما مر - فاذا احس بالمحاصرة وتكاثرت عليه الادلة فر الي الـقـول بـانـكار دوره في الفتنة - كما قال ذلك في رده في جريدة (الرياض)، وحاول في رده في جريدة المسلمون تركيز هذا المفهوم والتلبيس فيه، فلماذا؟ وقـبـل الاجـابة يمكن تصوير القضية بما يلي: وعلي فرض اثباته لوجود ابن سبا شكلا فهو ينكره حقيقة و مضمونا. كيف ذلك؟ لان جوهر القضية في ابن سبا دوره في الفتنة، اما اثبات شخص يدعي ب (عبداللّه بن سبا) مقطوع الصلة عن الاحداث والفتن التي وقعت في زمنه وتلاحقت من بعده فهذا لا قيمة له من الناحية الفعلية، سـواء اثـبـت او انـكـر، فغيرابن سبا من اليهود وجد في هذه الفترة ولم يحتفل بذكره العلماء كما احتفلوا بذكرابن سبا. وهنا مكمن الخطر، فالامر الذي يريد ان ينتهي اليه المالكي في طروحاته ويفرضه وكانه امر مسلم هـو انكار دور ابن سبا في الفتنة، ولذا تراه يشكك في نسبة (السبئية) اليه كما مر، و اذا شكك في نسبة هذه الطائفة اليه قل وزنه وضعف اثره. وتـراه مـن جـانـب آخر يحاول عزل ابن سبا عن (الرافضة) والتشكيك في بعض عقائده التي بثها وكانت بعد اصولا عند الرافضة، كالوصية، وهكذا تسلخ الشخصية من مكوناتها الاساسية. ان الامـر الذي ينبغي ان يستقر في الاذهان هو ادراك ان عناية العلماءباخبار ابن سبا، و رصد كتب الـتـراث بـمـختلف فنونها لدوره في الفتنة - برغم من انكر او شكك - كل ذلك مرتبط بدوره في الـفـتنة، و بذر بذور الشقاق والفتنة في الامة، وليس علي انه شخص موجود لا اثر له ولا اعتبار، كـمـا يـريـد الـمـالكي ومن سبقه - ان يقرر، و هيهات، ما بقي الاتصال بمدوناتنا العظيمة، والثقة بعلمائناالافذاذ، وسياتي الحديث عن دوره في الفتنة كاشفا لمجازفات المالكي وافترائه وتقوله علي الائمة. لماذا يدافع عنه وفـرح المالكي - و ان تحول بعد الي مكروه - بخطا غير مقصود، ولبس وقع في الحديث عن (ابي مـخـنـف، وعمرو بن شمر) و انما وقع اللبس لان سياق الكلام ورد فيه: (ابو مخنف، وعمرو بن شـمـر، وابو مريم) كما جاء في تاريخ يحيي بن معين 2/500. ولكن فرحته (تتهاوي) علي اصداء الحقيقة العلمية التي جهلها،او اجتزا لبعضها عمدا لانها لا تخدمه، ولو كان مريدا للحق لذكرها. لـقـد فـات عـلي المالكي ان (ابا مخنف) شر من (عمرو بن شمر) وهاك نص يحيي بن معين: سئل يـحـيـي: ابو مخنف، وابو مريم، و عمرو بن شمر ليسوا هم بشي ء، قلت ليحيي: هم مثل عمرو بن شـمر (الذي يشتم الصحابة و يروي الموضوعات عن الثقات). قال (ابن معين): هم شر من عمرو بن شمر فـاذا كـان ابـو مـخنف شرا من عمرو بن شمر، والاخير يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات، فماذا يكون حال ابي مخنف؟ وفـضـلا عـن ذلك فان عدي (ينص) علي تناول (ابي مخنف) للسلف،ويقول بصريح العبارة حدث بـاخـبـار مـن تقدم من السلف الصالحين، ولا يبعدمنه ان يتناولهم، و انما وصفته لاستغني عن ذكر حديثه.. و انما له من الاخبارالمكروه الذي لا استحب ذكره؟ (الكامل 6 / 2110). ولست ادري لماذا يتشبث المالكي بابي مخنف هذا، و يدافع عنه، او ادفع تهمة قد يتشبث بها المالكي؟ ولـسـت ادري اقناعة ام تغفيلا للاخرين حين يقول عن الرجلين لكنه - يعنيني - يريد ان يتساوي ابو مخنف في الجرح مع سيف بن عمر، ووجد الجرح في سيف اقوي واكثر.. (الملاحظة السابعة عشر في مقال الرياض) ولم اقل ذلك بل قلت ولا ازال ان اشترك الاثنان في الضعف في الحديث، فابو مخنف اخباري تالف وسيف اخباري عارف وعمدة في التاريخ،وانا في ذلك تابع غير مبتدع، والفيصل كتب الجرح والتعديل. الجراة علي الائمة كـل انسان يؤخذ من كلامه ويرد الا صاحب هذا القبر، وليس عنداهل السنة عصمة لائمتهم كما يـعتقد غيرهم؟ انما العصمة للانبياء والمرسلين -عليهم السلام - المبلغين عن اللّه، ولكن الجراة فـي (تـخطئة) هذا العالم، و (لمز) العالم الاخر، و (النيل) من ثالث دون مسوغ مشروع، هذا هو مـكـمـن الـخطر، وهوطريق لانتهاك اعراض العلماء، ولحومهم مسمومة، بل ولتجرئة الاخرين علي التخطئة واللمز وان لم يكونوا اهلا لذلك. وقـد سـبـق لي القول بجراة المالكي علي الائمة الاعلام، فقد لمز ابن تيمية وحاول النيل من كتابه منهاج السنة كما عرض بكتاب ابن العربي العواصم من القواصم وعرض بقول الحافظ ابن حجر فـي اعـتـماد سيف في التاريخ وقال: اظن انه من الظلم للعلم ان نتعلق بقول موهم مشتبه للحافظ ابن حـجـر ونـتـرك قـول عـشرات المحدثين الاخرين في تضعيف سيف بن عمر... (كتاب الرياض ص 85) مـع ان كلام ابن حجر غير موهم ولا مشتبه في سيف، لكنه لا يروق للمالكي فاضطر لهذا القول. ويستمر المالكي في التخطئة للاعلام اذا خالفوا مايريد، ولم يسلم (الذهبي) يرحمه اللّه من ذلك فقد قال عنه في هذا المقال الجديد (عبداللّه بن سبا وكاسحات الحقائق) ما نصه: فهذا نص من الـذهـبي في المساواة بين سيف بن عمر وابي مخنف، واظن ان الذهبي لم يوفق للصواب فابو مخنف فوق سيف..؟ ومـع هذه الجراة علي الذهبي، ففيها ظلم له، فقد فرق الذهبي بين الرجلين ولم يسو بينهما حين قال عن سيف (اخباري عارف) وقال عن ابي مخنف (اخباري تالف لا يوثق به) وقد سبق البيان وبـالـفـعل فمن يقارن بين مرويات الرجلين يجد الفرق واضحا، وانا هناادعو القارئ الكريم لقراءة كتاب مرويات ابي مخنف في تاريخ الطبري للدكتوريحيي بن ابراهيم اليحيي، ليري بنفسه نماذج الـتـحـريف والتشويه لتاريخناوبالذات تاريخ الصحابة من قبل هذا الراوي المحترق (ابي مخنف) وقفوا بانفسكم علي الحقيقة، ودعوكم من التهويش والهراء. ولـم يـسـلم الامام البخاري رحمه اللّه من جراة و لمز المالكي، فقد قال في كتاب الرياض ص 21 واخرج البخاري روايات يفهم منها التقليل من بني هاشم من طريق بعض المتهمين (بالنصب) كقيس بـن ابـي حازم، و مروان بن الحكم قال ذلك في سياق تقريره لقبول رواية المبتدع الداعي لبدعته؟ وستاتي مناقشة المالكي في هذه القضية. فهل يوافق المالكي علي هذه التهمة؟ وعلي العموم فالتعريض باعلام الامة مسلك خطر من الكبار، فكيف اذاوقع من الصغار، وهو خطوة جريئة لها ما بعدها فلينتبه لهذا المسلك. واخطر من ذلك النيل من الصحابة. وهـذه لـيست تهمة يتهم بها المالكي، يجدها المطالع لكتبه ومقالاته بين السطور و ان جاءت بعبارات ملفوفة احيانا لكنها لا تخفي، وهذه نماذج لها: 1 - عـثمان بن عفان (رض) عنه (سبق الحديث عنه في حلقات (الانقاذمن دعاوي الانقاذ) وانظر كتاب الرياض ص 198. 2 - مـعـاوية بن ابي سفيان (رض)، يعرض به ولسياسته، ويصور الامربينه وبين بعض الصحابة علي انه امر عداء؟ 3 - ابـو بـكر و عمر (رض) ولم يسلم الشيخان من قلم المالكي فقدعرض ببيعتيهما وشمل بذلك عثمان وعليا(رض)، كما في ص 262 من كتاب الرياض. بيعة ابي بكر ودعـونـا نكتفي بحديثه عن ابي بكر، فهو يوهم القارئ بالاستدلال باحاديث في صحيح البخاري في كره بعض الصحابة لبيعته، ويحمل النصوص اكثر مما تحتمل (ص 263 من كتاب الرياض). و يـتـزيد في القول عن (علي، والزبير) (رض) حين يقول ولا ريب انهمالن يتخلفا عن بيعة ابي بكر الا عن عدم رضي (الصفحة نفسها من الكتاب) ولاوجود لهذا التفسير في الرواية التي ساقها و انما هذا فهمه وتعليقه؟ بل ويعظم امر الكراهية لبيعة ابي بكر - في ذهن القارئ - حين يقول: اذن فـعـلي سيد بني هاشم، والزبير بن العوام كبير بني اسد، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، وابو سـفيان كبير بني امية، وغيرهم من المتبوعين لم يرضواببيعة ابي بكر، ولابد ان يكون معهم بعض قومهم علي الاقل في كراهية بيعة ابي بكر.. (كتاب الرياض ص 263). فـهل يصح هذا الزعم من المالكي حول بيعة ابي بكر، حتي و ان اعتذربعد ذلك وحتي لاينكشف بان هـذه الـكـراهية لاتضر بيعة ابي بكر فقد انعقدت،وبايع بعض الكارهين كالانصار و تريث بعضهم كعلي والزبير، وامتنع بعضهم كسعد بن عبادة..، كما يقول في ص 263، 264). سـاكـتـفـي بـنـقـل بعض كلام الامام الاجري المتوفي سنة 360 ه رحمه اللّه وفي كتابه العظيم الشريعة وعن بيعة علي (رض) وعن ابي بكر (رض)، وبيعة المهاجرين والانصار. بيعة المهاجرين والانصار فـقد اورد محمد بن الحسين الاجري في كتابه الانف عددا من النصوص والاثار في بيعة علي وابي بـكر (رض) بل وفي فضله وخيرته وتقدم فضله علي الصحابة، ثم قال: من يقول علي علي بن ابي طـالـب (رض) فـي خلافة ابي بكرغير ما ذكرناه من بيعته له، و رضاه بذلك، ومعونته له، وذكر فـضله، فقد افتري علي علي (رض) ونحله الي ما قد براه اللّه عز وجل من مذهب الرافضة الذين قدخطي بهم عن سبيل الرشاد. ثـم يـقول (الاجري) فان قال قائل بانه قد روي ان علي بن ابي طالب (رض) لم يبايع ابا بكر الا بعد اشهر ثم بايع قيل له ان علي بن ابي طالب عند من عقل عن اللّه عز وجل اعلي قدرا واصوب رايا مما يـنـحـله اليه الرافضة،وذلك ان الذي ينحل هذا الي امير المؤمنين علي بن ابي طالب (رض) عليه فـيه اشياء لو عقل ما يقول، كان سكوته اولي به من الاحتجاج به، بل ما يعرف عن علي (رض) غير ما تقدم ذكرنا له من الرضي والتسليم لخلافة ابي بكرالصديق (رض) وكذا اهل بيت رسول اللّه (ص) يشهدون لابي بكر بالخلافة والفضل (الشريعة 4/1730، 1731 تحقيق د. عبداللّه الدميجي). امـا عـن بـيـعة المهاجرين والانصار لابي بكر الصديق فيقول (الاجري)عنها كان كما قال النبي (ص) مـا اخـتلف علي ابي بكر بل تتابع المهاجرون والانصار وعلي بن ابي طالب، وبنو هاشم علي بـيـعته والحمد للّه، علي رغم انف كل رافضي مقموع ذليل قد برا اللّه عز وجل علي بن ابي طالب اميرالمؤمنين (رض) عن مذهب السوء (الشريعة 4 / 1734).

ادعوه للمحاكمة امام لجنة علمية (2/2)

د. العودة يعقب علي طروحات المالكي صحيفة المسلمون - 25 جمادي الاولي - 1418 هـ اسـتـعـرضـت في الحلقة الماضية عددا من المحاور المؤلفة لشخصية المالكي وابنت عن ملامح من مـنهجه وافكاره، معتمدا في ذلك علي نصوص نقلتها من كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي)، او من مـقـالاتـه و ردوده في الصحف،واستكمل في هذه الحلقة ملامح اخري من منهجه وافكاره وبنفس الطريقة العلمية السابقة. ولكنني قبل ذلك اقف عند ملاحظة تلفت النظر في ادبيات الحوار عندالمالكي، فهو يستخدم اسلوب الـهجوم، ويسي ء الادب مع من يحاور، ويتهم غيره بالتغفيل والسذاجة وعدم تحري الامانة العلمية.. الخ مسلسل التهم. ولـربـمـا خـرج المالكي عن طوره، واستخدم عبارات سوقية ساقطة،ليست من حلية العلماء ولا الـمـتشبثين بمنهج المحدثين، ولا من سيما المنقذين،فمصطلح (التهريب) يزل به قلمه، وليته سال نـفـسـه: ومـاذا يستفيد (المهربون لشخصية ابن سبا) تلك الشخصية اليهودية المفسدة وهل ادرك المالكي انه بهذه التهمة لا يتهم (العودة) وحده وانما يتهم العلماء قديما وحديثا بتهريب هذه الشخصية فلم آت بجديد، وانما اعتمدت في كل ما سجلت نصوص العلماءوآراءهم. وهـذا الـهجوم وتلك التهم لا يمكن تفسيرها برغبة التفوق وحب الشهرة وحدها، فهذه وان وردت تفسيرا جزئيا، فعندي ان هناك امرا آخر يدعوه لمثل هذه الاساليب، الا وهو ابعاد شبح التهمة عنه بتهمة الاخرين والدفاع عن اخطائه وانحرافاته بالاسقاط علي الاخرين، علي طريقة (الهجوم خير وسـيـلـة للدفاع) ولكن هذه لن تجدي فتيلا، فالحق ابلج و ان اثير حوله من الغبار ما اثيرفترة من الزمن، والباطل سينكشف ولو زخرفه اصحابه بغرور القول. امـا الشحن النفسي، والتوتر العصبي، والحدة في النقد، فتلك مكونات لايكاد، ينفك عنها قلمه، وكنت قـد نـصحت له من قبل بان الحق المدعوم بالدليل لايحتاج لمثل هذه الاسقاطات والاتهامات، بل يفهم الـنـاس مـن حدة النقد، وتجاوز الناقد ضعف الحجة، وغياب الدليل المقنع، مما يضطر معه الناقدالي التهويش والتهم وحين تاكد لي ان رسالتي (الاولي) بلغته، بل واحفظته، فمااردت منها - علم اللّه - الا النصح له ولغيره، وكان اولي به ان يقبل الحق ويرعوي اليه لا ان يظل يماري ويحاول بالباطل. ولـي او لـغيري ان يفهم ان هذه الخصومة تخفي ما تخفي وراءها، فليست القضية اختلافا في تحقيق هـذه الـمسالة او تلك، اوضعف هذه الراوية او صحتهافتلك قضايا تتسع لها دائرة الخلاف، وما فتئ العلماء قديما وطلاب العلم حديثايختلفون ثم يتفقون، او يظل كل احد منهم مقتنعا بادلته دون ان يتهم المخالف له. منهج المالكي ومن خلال التامل في مقالاته الاخيرة او كتاباته الاخري امكنني رصدعدد من محاور الخلل وسمات المنهج، وحيث اثبت عن بعضها في الحلقة الماضية استكمل بعضها الاخر في هذه الحلقة وهذا بحدود ما قرات له حتي الان. 1 - المجازفة باصدار الاحكام، و دعوي عدم ذكر العلماء لدور ابن سبا في الفتنة. لا يـتـورع الـمالكي من المجازفة بالاحكام، والتقول بغير حق علي الائمة الاعلام، وان اتهم غيره بـذلـك حين قال: التاريخ الاسلامي مبتلي ببعض العلماءالذين يجازفون باصدار الاحكام المستعجلة حول الاحدات والمواقف والاشخاص... (كتاب الرياض ص 7). وحـتي تقفوا علي الحقيقة، اسوق لكم نموذجا واحدا، وانقل لكم كلماته بحروفها ثم اعرض ما يبين زيفها، وادع لكم الحكم علي اصحاب المجازفة ومثيلاتها يقول المالكي في رده في المسلمون: ولذلك تكلم المحدثون والمؤرخون المتقدمون عن الفتنة ولم يذكروا عبداللّه ابن سبا بحرف واحد، حتي الذهبي وابن حجر.. لم يذكروا دور عبد اللّه بن سبا في الفتنة بحرف واحد.... وهـذه فـريـة يـتحمل المالكي مسؤوليتها، واسوق لكم ما ينقضها، واكتفي بنموذج للمحدثين يمثله (الاجـري، ت 360) وهـو من حفاظ المحدثين - كما قال ابن الاثير (الكامل في التاريخ 7 / 44) والمحدث القدوة و شيخ الحرم الشريف كما قال الذهبي (سير اعلام النبلاء 16 / 133)، ومما قاله الاجـري عـن دور ابـن سبا في باب: سبب قتل عثمان رضي اللّه عنه: فان قال (قائل)، فمن الذي قتله قيل له: طوائف اشقاهم اللّه عز وجل بقتله حسدا منهم له، وبغيا، وارادواالفتنة... فـان قال: فمن اين اجتمعوا علي قتله قيل له: اول ذلك وبدو شانه ان بعض اليهود يقال له ابن السوداء ويعرف بعبد اللّه بن سبا لعنه اللّه زعم انه اسلم... الي قوله: فهكذا عبد اللّه بن سبا اظهر الاسلام، واظهر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصار لـه اصـحاب ثم ورد الي البصرة فصار له بها اصحاب،ثم ورد الي مصر فصار له بها اصحاب كلهم اهـل ضـلالـة ثـم تـواعـدوا الوقت وتكاتبوا... ثم ساروا الي المدينة فقتلوا عثمان رضي اللّه عنه (الـشـريعة4 /1987، 1979) ومن رجع الي بقية كتب اهل العلم وجد مثل ذلك او قريبامنه، فهل رايتم مثل هذه الفرية واين الامانة العلمية التي يدعيها المالكي ويتهم الاخرين بفقدانها؟ اما الذهبي، وابن حجر اللذين خصهما المالكي وحكم عليهما ظلماوعدوانا بانهما لم يذكرا دور ابن سـبا في الفتنة بحرف واحد فدونكم زيفهاونقضها ففي تاريخ الاسلام 2 / 122، 123 ذكر الذهبي ان ابـن سـبـا هو المهيج للفتنة بمصر، وباذر بذور الشقاق والنقمة علي الولاة.. هذا فقط في كتاب تاريخ الاسلام. امـا ابـن حجر: فيكفينا منه القول عن ابن سبا ودوره في الفتنة: واخبارعبد اللّه بن سبا شهيرة في التواريخ.. (لسان الميزان 3 / 345 ط دار الكتب العلمية). و اذا كان يجهل المالكي او يتجاهل بما اشتهر ابن سبا في كتب التاريخ فغيره لا يجهل ذلك ونقل في الـفـتـح عن الاسفراييني خبر احراق علي لطائفة السبئية وكبيرهم عبد اللّه بن سبا اليهودي الذي اظهر الاسلام وابتدع ما ابتدع،ثم نقل اصلا له في الجزء الثالث من حديث ابي طاهر المخلص بسند قال عنه:وهذا سند حسن (الفتح 12 / 270). و اذا بـطـلـت دعوي المالكي علي الذهبي وابن حجر، تهاوت دعاواه الاخري علي العلماء والائمة الاخرين، وكانت تلك واحدة من ادلة جراة المالكي علي العلماء وعلي كتب التراث، واوجب ذلك كله الاحتياط لما ينقله مستقبلا. الا فـينتبه لذلك انصاف المثقفين الذين ربما غرهم طرح المالكي،واعتمدوا علي جزمه ولم يتبينوا كـذبه علي العلماء، ومن رام فريد البيان فاليرجع الي كتب التراث وسيجد فيها ما يشفيه وسيتبين له كـذبه علي مؤلفيها بعدم ذكردور ابن سبا في الفتنة، وقد اكتفيت بذكر نموذج كذبه ولئن كنا غير مـحـتـاجـيـن لـراي الـمـالـكـي، انكر ام اثبت دور ابن سبا، ام ظل حائرا قلقا بين اثبات الوجود وانكارالدور، فذلك لتشخيص موقفه لا اكثر. 2 - النيل من الصحابة سـبـق في الحلقة الماضية الاشارة الي نماذج من نيل المالكي من الصحابة واضيف هنا وحين يتحدث المالكي عن فترة القتال علي الملك يحشر عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما فيها، ويشير الي قتاله مع بني امية كنموذج من نماذجها(انظر كتاب الرياض ص 184). وهذه تهمة لابن الزبير رضي اللّه عنهما، والرد عليها بامرين: ا- فان شاء بمنهجه الذي يردده كثيرا بعدم اتهام النوايا، قلنا له: ان ابن الزبير نفسه ابان عن هدفه من الـقـتـال في حديثه مع امه اسماء بنت ابي بكر رضي اللّه عنهم حين سالته عن هدفه من القتال فاجاب بـقـولـه: واللّه ما ركنت الي الدنيا ولا احببت الحياة فيها، وما دعاني الي الخروج الا لغضب للّه ان تستحل حرمته.. (ابن كثير: البداية والنهاية 8 / 354، 355) فهل يسوغ لك ان تتهم نية صحابي كـبـير في العلم والشرف والجهاد والعبادة وان كان من صغار الصحابة كما قال الذهبي (السير 3 / 164). ب - وان شـاء بـمنهج اهل الحق الذين قدروا ابن الزبير حق قدره،وذكروا من مناقبه وفضائله ما يصعب معه حشره مع المقاتلين علي الدنيا، وهذه نماذج منها: - اخرج البخاري في صحيحه بسنده عن ابن ابي مليكة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما انه قال حين وقـع بـينه وبين الزبير قلت (ابن عابس) ابوه الزبير،وامه اسماء وخالته عائشة، وجده ابو بكر، وجدته صفية.. (انظر: الفتح8 /326). فـمـاذا تـفهم من كلام ابن عباس في ابن الزبير رضي اللّه عنهما، وان لم يوافقه في بعض امره فقد ذكر ابن حجر في الفتح 8 / 327) عن ابن عباس رواية تفيد استحقاقه للبيعة، ولماذا لم يبايعه ابن عباس. - وفـي صـحيح مسلم ان عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، وقف علي ابن الزبير وهو مصلوب - مسلم عليه وكرر، السلام عليكم يا ابا خبيب، اما واللّه لقد كنت انهاك عن هذا (ثلاثا) ما علمت: صواما، قواما، وصولا للرحم اما واللّه لامة انت شرها لامة خير منهم وان لم يوافقوه علي القتال فلم يتهموه بفتنة ولم يرموه بالقتال من اجل الملك. فمامستند المالكي علي هذه التهمة. ج - واكـد ابن كثير ان قيام ابن الزبير بالامارة انما كان للّه، وذلك في سياق رده لحديث منكر جدا في اسناده (القمي) وقد تشيع، ومثله كما قال ابن كثير لايقبل اذا تفرد به. الي ان قال ابن كثير: وبتقدير صحته، فليس هو بعبد اللّه بن الزبير، فانه كان علي صفات حميدة وقيامه بالامارة انما كان للّه عز وجل، ثم هو كان الامام بعد موت معاوية بن يزيد لا محالة.. (البداية والنهاية 8 / 339). اذا ثبت هذا فاين كلامك في ابن الزبير هذا واتهامك اياه بالقتال علي الملك، وكلامك الاخر قبل ذلك وفي الكتاب نفسه ص 41، حين قلت: بينما لم نجد من يدافع عن الخليفة الرابع او ابن الزبير فهل هذا هو الدفاع عندك عن ابن الزبير.. اليس هذا تناقضا 3 - الهوي مع المبتدعة يـتـناقض المالكي مع نفسه، ولا يلتزم منهجا محددا، فتراه حينا يتشدد في الرواية، ويلوذ بالثقات، وينعي علي المتساهلين، ويلوم علي المتشبثين برواية الضعفاء، ولو لم يكونوا اصحاب دعة مذهبية ثم تراه يدافع عن الرواة الضعفاء، وان كانوا اصحاب بدع مذهبية كماصنع في دفاعه عن ابن مخنف. وكـمـا نـص علي اعجابه بدراسة مرتضي العسكري من الرافضة المعاصرين وفوق ذلك يرد علي د.عبد العزيز نور ولي في رسالته (اثر التشيع علي الروايات التاريخية في القرن الاول الهجري). ثم يقرر المالكي ان الذي عليه اهل الحق من اهل الجرح والتعديل ان البدعة لا تؤثر في رواية الثقة حتي وان كانت هذه الرواية يفهم منها تاييدلبدعته.. (كتاب الرياض ص 210). وهـذه الـمسالة - قبول رواية المتبدع الداعي الي بدعته - وان كانت خلافية بين العلماء، فالاكثر علي رفضها كما قرر اهل العلم، وهذه بعض اقوالهم: 1 - ذكـر ابـو حـاتم محمد بن حبان بسنده ان احمد سئل: عن القدري والمرجئ وغيرهما من اهل الاهـواء فـكـتـب عـنـه قـال: نعم اذا لم يكن يدعو اليه،ويكثر الكلام فيه، فاما اذا كان داعيا فلا (المجروحين 1 / 82). 2 - وادعي ابن حبان الاتفاق علي رد الداعية وقبول غيره (الثقات 6/140) وان لم يوافقه العراقي، وابن حجر علي هذا الاتفاق (انظر: تدريب الراوي 2/549). 3 - وحـكـي بعض اصحاب الشافعي رحمه اللّه خلافا بين اصحابه في قبول رواية المبتدع اذا لم يـدع الـي بدعته وقال: اما اذا كان داعية فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته (مقدمة ابن الصلاح ص 54). 4 - وقـال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي في الرواية عن اهل الاهواء والبدع اختلاف.. حـتي قال: وفرقت طائفة بين الداعية، وغيره فمنعواالرواية عن الداعية منهم: ابن المبارك، وابن مهدي، ويحيي بن معين، واحمد،وروي ايضا عن مالك (انظر تدريب الراوي 2 / 550). و قال ابن الصلاح: والمذهب الثالث (عدم الرواية عن المبتدع الداعي الي بدعته) اعدلها واولاها وقال ايضا: وهذا مذهب الكثير او الاكثر من العلماء (مقدمة ابن الصلاح ص 54، 55). 6 - ويـفـرق الـذهـبـي بين البدعة الصغري والكبري، ثم يقول: وبدعة كبري كالرفض الكامل، والحط علي ابي بكر وعمر رضي اللّه عنهما، والدعاء الي ذلك، فهذا النوع لا يحتج به ولا كرامة (الميزان 1 / 6). وقـال فـي السير:.. وترددوا في الداعية هل يؤخذ عنه، فذهب كثير من الحفاظ الي تجنب حديثه وهجرانه.. (سير اعلام النبلاء 7 / 153، 154). وفـي (الـموقظة) قال الذهبي: قال شيخنا: وهل تقبل رواية المبتدع فيما يؤيدمذهبه فمن راي رد الشهادة بالتهمة لم يقبل، ومن كان داعية متجاهرا ببدعته فليترك اهانة له واخمادا لمذهبه، اللهم الا ان يكون عنده اثر تفرد به فتقدم سماعه، (الموقظة ص 87). 7 - ولـلـحـافـظ ابـن حجر كلام عن اهل البدع عموما، وخاصة اهل التشيع، فقد فرق بين مفهوم الـمـتـقدمين والمتاخرين للتشيع، وقال بقبول رواية المتشيع في عرف المتقدمين (تفضيل علي علي عـثـمان) ان كان غير داعية، اماالتشيع في عرف المتاخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة، (تهذيب التهذيب (1 / 94). اكتفي بهذه النقول واقول: وهل تتفق هذه مع قولة المالكي الذي عليه الحق من اهل الجرح والتعديل ان الـبـدعة لا تؤثر في رواية الثقة حتي وان كانت هذه الرواية يفهم منها تاييد بدعته وادع الحكم لاهل الاختصاص. امـا الامـر الـذي ينبغي ان يعلم فهو تشدد العلماء في الرواية عن الرافضة بالذات حتي قال الشافعي رحمه اللّه: لم ار اشهد بالزور من الرافضة (الام 6/206). وقال يزيد بن هارن: يكتب عن كل صاحب بدعة اذا لم يكن داعية الاالرافضة. وقال شريك: احمل العلم عن كل من لقيت الا الرافضة. وقـال ابـن الـمـبـارك: لا تـحدثوا عن عمرو بن ثابت فانه كان يسب السلف (تدريب الراوي 2 / 553). الخروج من المازق لا يتورع المالكي عن الكذب علي الاخرين واتهامهم، فهذا لم يفهم قصده: وهذا يتهم نيته، وثالث اساء لـه.. وهـو في كل ذلك يعلم الحقيقة لكنه اسلوب للخروج من المازق، وربما كان وسيلة لاستعطاف مشاعر الاخرين معه، وكيف يتهمه الناس في نيته - كما يقول - والنقل (حرفيا) من كتبه اومقالاته ولو قدر ان (شخصا) اساء فهم ما كتبه، فهل يعقل ان يجتمع الناس كلهم علي سوء الفهم ضده. والـمـتـامل في (ردوده) يري هذه (الشنشنة) مقدمة يبدا بها حديثه وتكادتتفق في عباراتها، وقد استجمعت (نماذج) لذلك كما في الملاحظة الاولي وعباراته (المترددة) و (الغامضة) في ابن سبا (وجـودا او نـفـيـا) نـموذج للكذب،وان شئت فقل نموذج للتناقض والريب، وتلك واحدة من ثمار الكذب. وثمة نموذج آخر فقد قال في مقاله الاخير في الرياض (وفي الملاحظة الحادية عشرة) والغريب ان الـدكتور - يعنيني - يحرف كلامي ثم يحيل علي كتاب الرياض وعلي كتاب بيعة علي حتي انني اظن انني اخطات فاذا رجعت اجد كلامي خلاف ما يقرره فاين الامانة العلمية ولماذا هذه الاساليب واقول وحتي تكتشفوا كذبه عودوا الي مقالاتي في (الانقاذ من دعاوي الانقاذ) ولن تجدوا فيها (اي) احـالـة علي كتابه بيعة علي فلم انقل منه نصه، بل ولم اقتن الكتاب بعد فضلا عن اطلاعي عليه، فـضلا عن احالتي عليه - فاي الفريقين احق بالامن واين اتهام الاخرين بضعف الامانة العلمية ويعود السؤال لمن سال: ولماذا هذه الاساليب وهل تدخل هذه في اطار الصدق ام هي ضمن مجموعة للكذب؟ - وثـالـثـة فـي كذبه علي الامامين (الذهبي وابن حجر) بانهما لم يذكرا دورابن سبا في الفتنة لا بـحـرف واحـد يضاف اليه كذبه في ايراد الروايات عن ابن سبامن غير طريق سيف بن عمر وقد سبق بيان ذلك. المراوغة والـمراوغة والحيل الباطلة عيب في سلوك المرء بشكل عام، وهي في قضايا العلم وطرائق الانقاذ اشد خطرا، وهذا الخلل لا يقل عن سابقه سوءا،فالمالكي حين تضطره الي طريق مسدود ليس امامه الا الاعـتـراف بـالـحـق اورفـضه، يلجا الي اسلوب ثالث هو: تناسي القضية الكبري المطروحة لـلـنـقـاش والهروب من النقطة الجوهرية في الخلاف، والتشبث بامور جانبية يشغل بهاالقارئ ولا يـخـرج منها براي محدد، ومن ابرز الامثلة علي ذلك - وفي مقاله الاخير فقط - اطال الكلام علي المرويات الثمان وفقدها و انكر اسناد البعض منها واعترف بصحة اسناد بعضها، وطرح فيها قضايا لـلـنـقاش لاول مرة واضاف اليه مرويات جديدة - وكل هذه القضايا قابلة للنقاش - ولكن المراوغة تـكـمـن في هروبه من اصل القضية، فلم تستوقفه قضية كونها جاءت من غير طريق سيف وهذا ما قطع بخلافه وهي محور الخلاف كما سبق البيان. وحـيـن يقول في الملاحظة السابعة - من هذا المقال - ما نصه اذا كان د.سليمان لا يعرف الا ثماني روايات فيها ذكر لابن سبا من غير طريق سيف فغيره قد يعرفها وزيادة، وليست موطن النزاع كما سـيـاتي.. ويقول في كتاب الرياض ص 260 ما نصه: مع ان سيفا قد انفرد برواية اخبار ابن سبا امكن رصد المراوغة بما يلي: 1 - الـيس موطن النزاع عدم ورود اي مرويات من غير طريق سيف -حسب زعمه - فكيف يتنكر لموطن النزاع؟ 2 - واذا كـان لديه علم مسبق بهذه المرويات التي لا تنتهي الي سيف فكيف قطع بخلافها ولماذ ا لم يذكرها من قبل؟ 3 - هل تجدونه عرج علي مقولته السابقة في كتاب الرياض واعترف بخطئه فيها ولا يمنع بعد ذلك ان يبدا النقاش في هذه المرويات. و اذا كـان هـذا نـموذجا، فثمة نموذج آخر، قد يكون فات علي كثير من القراء لكنه لايفوت علي المالكي بكل تاكيد، وهو يؤكد المراوغة، والحيدة عن الاجابة علي الاسئلة المطروحة. فـفي مقالاتي السابقة طرحت عددا من الاسئلة المهمة لم يعرج عليهاالمالكي البتة، ولم تستوقفه في مقاله الطويل، وانا الان اعيد طرحها ولا زلت انتظر اجابته (الصريحة عليها). لماذا (لمز) ابن تيمية وكتابه منهاج السنة بالذات؟ ولماذا النيل من كتاب (العواصم من القواصم) لابي بكر بن العربي؟ وكيف اعتبر المالكي طه حسين منصفا في بعض القضايا اكثر من المؤرخين الاسلاميين وطه حسين صـاحب الشعر الجاهلي، وصاحب الشك في اعظم مصادرنا وهو القرآن الكريم وهو القائل للتوارة ان تـحدثنا عن ابراهيم واسماعيل، وللقرآن ان يحدثنا عنهما ايضا، ولكن ورود هذين الاسمين في الـتوارة والقران لا يكفي لاثبات وجودهما التاريخي فضلا عن اثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة اسماعيل وابراهيم الي مكة (الشعر الجاهلي 26). لماذا التشبث والدفاع عن (ابي مخنف) هـذه وامـثالها قضايا اثارها المالكي بطوعه واختياره - وليست تهما -تنسب اليه فهو ملزم بالاجابة عنها، والاعتذار عن ما كتبه فيها، اما المراوغة فليست من شيم الرجال، وهي مكشوفة للاجيال النيل من المشاهير لا تـكـاد تـخـطئ عين القارئ المتامل لكتابات المالكي تلميعه وثناءه علي اشخاص مشبوهين، ونيله بـاسلوب مباشر او غير مباشر من مشاهير العلماء،بل ربما عرض ببعض الصحابة الكرام من وراء وراء؟ وفـوق مـا مضي في الفقرة (السابقة)، بل وفي حلقات الانقاذ من دعاوي الانقاذ (الماضية) من ذكر نـمـاذج لهؤلاء واولئك، فيابي المالكي في مقاله الاخير(عبداللّه بن سبا وكاسحات الحقائق) الا ان يـنـال مـن الامـام (الـذهـبي) ويجعل من نفسه حكما علي تخطئته اذا خالف هواه في (ابي مخنف) الشيعي المحترق، ونص كلامه عن الذهبي هو: فهذا نص من الذهبي في المساواة بين سيف بن عمر وابي مخنف، واظن ان الذهبي لم يوفق للصواب.. (الملاحظة السادسة عشرة). كما سبق في الملاحظة (السابعة) انتقاده لكلام الحافظ ابن حجر حين خالف منهجه في اعتماد سيف بن عمر في التاريخ. وليس يخفي موقفه من ابن تيمية وابن العربي،وغيرهما مما سبق بيانه واذاجاء التاكيد اكثر من مرة ان احدا ليس معصوما من الخطا، فاللافت للنظر في منهجية المالكي تسارع نقده لهؤلاء العلماء، فما ان ينتهي من عالم حتي تبداسهامه تتناوش الاخر، ولا ندري ماذا في جعبته مستقبلا وهـل (حـمـي) الـعلماء مستباح لكل ناقد ان بحق او بباطل، وهل يترك صغار الطلبة يجرحون او يعدلون مشاهير العلماء كما يشاءون ولـسـت مـحـتـاجا الي اعادة القول في تهوين المالكي من شان المستشرقين،والثناء علي اذنابهم من الـمـسـتـغـربـيـن، ولا العناية والتمجيد لابحاث الشيعة المحدثين،فضلا عن الدفاع عن رواتهم المستقدمين اليس ذلك خللا في المنهج واحري بالرصد والمتابعة؟ التراجع شكلا لا مضمونا مـن يـتامل (مراجعات) المالكي لا يجد فيها - حتي الان - شيئا ذا بال، اذلم يعلن تراجعه عن قضية كـبـري من القضايا التي طرحها، ولم يوافقه الاخرون عليها والمختصون وسواهم منذ بدا طرحه يـفندون وجهة نظره بالادلة العلمية ويكشفون خلل منهجه من خلال طروحاته الغريبة الفجة، ولم نسمع حتي الان انه تراجع عن شي ء اثبت له خلافه اكثر من سماعنا عن غرامه بالرد وعشقه الجدل والمراء. ولـئن كتب مقالا خاصا عن (مراجعاته) واعلن فيه عن مراجعات شكلية كانت بالفعل محل استغراب عند بداية طرحه، ثم انستها القضايا الكبري التي طرحها، فلم يعلن في هذا المقال تراجعه عن قضايا مهمة خالف فيها غيره،وسبق له من الادلة ما يكفي للاقناع. ويـحـلـو لـلـمالكي ان يجعل اخطاءه في الثناء علي طه حسين، واعجابه ببحث مرتضي العسكري، والـدكـتـور الـهـلابي خاتمة لمقالي المراجعات، ولا يضعهافي مقدمة القضايا والمراجعات، وتاتي صياغته لهما علي شكل تعقيبات وملاحظات علي هؤلاء، ولست ادري هل ستاتي هذه التعقيبات قريبا ام سـيـتاخر صدورها، واهم من ذلك هل ستاتي ملاحظات وتعقيبات ذات بال ام هي ارضاء خواطر، واتـقـاء للصدمة المستنكرة لا نستطيع الجزم بشي ء قبل ان نتبين، ولكن الذي يظهر لنا حتي الان ان مـراجـعـاتـه (شـكـلـية) وخذوا نموذجا علي سبيل المثال: يقول المالكي في مراجعاته كما ان لي ملاحظات علي بحث استاذناد.عبد العزيز الهلابي عن عبد اللّه بن سبا، لكن تلك الملاحظات لاتقدح في النتيجة التي توصل اليها لكنها تجعلني اتوقف في متابعة تلك النتائج بكل تفاصيلها. واذا كان ابرز نتائج دراسة د. الهلابي القول بان شخصية ابن سبا وهمية لم يكن لها وجود، فان وجد شـخـص بهذا الاسم فمن المؤكد انه لم يقم بالدور الذي اسند اليه سيف واصحاب كتب الفرق (ص 73 من حولية كلية آداب الكويت). فـالـمـالـكـي يقرر سلفا مشاركته الافكار او التشكيك الفعلي لابن سبا،سواء كان ذلك التشكيك في وجـوده او انـكـار دوره فـي الفتنة، وبالتالي يسقطالرهان الذي راهن عليه في التفريق بين امرين مـتـلازمـيـن، وتـبقي بعد ذلك مراجعاته وحسب ما قطع به من عدم القدح بالنتيجة التي توصل اليها استاذه الهلابي - في امور شكلية او في تفاصيل تتسع لها دائرة النقاش والخلاف. وعـلـي كل حال فنحن اولا: نرحب بالرجوع للحق، ولكن الذي ننشده ان يشمل القضايا الكلية، والا يكون حجم العنوان اكبر من وا قعه.. ثـانـيـا: ان يسارع المالكي لما وعد به، فتصحيح الاخطاء اولي من المضي قدما في استحدات قضايا جديدة قد تحمل في ثناياها ما يدعو الي مراجعة لهامستقبلا، فتضخم الاخطاء، وربما شكل الاعتذار عنها ثقلا علي النفس اخربيانها. ثـالـثـا: وتـعـنـي المراجعات استصلاح الاخطاء - بعد اعلانها علي الناس -في الكتب المطبوعة وتصحيح ما بني عليها من مفاهيم ونتائج متعلقة بها. رابعا: وان يكون التصحيح بلغة ومفهوم يرضي به العالمون واهل الاختصاص، والا يكون مما يرضي به الدهماء وعوام الناس. وحـيـن يـتـحـقق ذلك كله تعتبر المراجعات، ويقدر للمراجع تراجعه، وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. المالكي بين المباهلة والمحاكمة: يسارع المالكي، ويكرر دعوته لاكثر من شخص من الاشخاص الذين ردوا عليه بالدعوة للمباهلة، او المحاكمة. امـا الـمباهلة التي طلبها من الاخ علي رضا فقد احسن علي رضا حين دعاالمالكي الي ان يبتهلوا الي اللّه تعالي بما يلي: 1- من كان في قلبه خبئته علي احد من اصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه وسلم فاهلكه اللّه. 2 - من كان في قلبه دخن علي شيخ الاسلام ابن تيمية فاهلكه اللّه. 3 - من كان في قلبه غل علي العقيدة السلفية فاهلكه اللّه. 4 - من كان في قلبه غش علي منهج السلف الصالح فاهلكه اللّه ونـحـن نقول: اللهم آمين، وندعو المالكي للدعاء بمثله لنؤمن علي دعائه،ونسال اللّه ان يجعل لعنته علي الكاذبين. امـا الـمحاكمة فهي من عجائب طروحات المالكي، والا فكيف يرضي بالتحاكم الي قسم من الاقسام وفي احدي الكليات، وهو الذي رفض الحكم من عدد من الاقسام، ممثلة لعدد من الجامعات او لـيس الذين ردوا عليه - مختصين او غير مختصين - ينتمون لعدد من الاقسام العلمية، و يمثلون عـدة جـامـعات، فاذا رفض ردود هؤلاء وتنكرلارائهم فهل سيقبل غيرهم، ام يظن ان طروحاته الـمشككة تجاوزت دهماءالناس الي اساتذة الجامعات كلا فقد بلغني ان سيلا من الردود كتبت ضده وان لم تر النور بعد. اما اهل الاختصاص فظني ان عددا منهم لو اتيحت له الفرصة فسيكشف الخلل اكثر ويعري المنقذ. الدعوة لتشكيل لجنة للنظر في كتابات المالكي: واهم من ذلك كله،وطالما ان المالكي دعا بنفسه الي الـمـحـاكـمـة فانني ادعو الي تشكيل لجنة من اهل الاختصاص والعلم الشرعي للنظر في كتابات المالكي. فـان وجـدت فـيـها تشويها للحقائق او اعتداء علي كتب التراث او اتهامالعلماء السنة ولمزا لهم او لـكـتبهم او تجاوزات في العقيدة او ميلا في المذهبية... اونحوا من ذلك فينبغي ان يوقف عند حده وتـرفـع لـلجهات المختصة ما يكفل قطع دابر الفتنة وانهاء سبل الاثارة والتشكيك في تاريخنا وفي تراثنا، وفي ذلك حماية للامة والزام بمنهج اهل السنة والجماعة، المنهج الذي ندعو اليه جميعا.

پاورقي

[1] تجدر الاشارة الي ان العلامة العسكري، برهن في كتبه الاخري علي ان هناك الكثير من الاراء.
[2] معجم رجال الحديث للسيد الخوئي 11 / 207 ط. الخامسة 1413 ه.
[3] غطه: عصره عصرا شديدا.
[4] راجـع سـيرة الرسول (ص) في اخبار البعثة ب: سيرة ابن هشام و تاريخ الطبري وطبقات ابن.
[5] سنن الترمذي، ابواب المناقب وراجع احاديث ام المؤمنين عائشة ج 2 / 280.
[6] لقد برهنا في المجلد الثاني من كتابنا احاديث ام المؤمنين عائشة ان تلك الاحاديث مفتراة عليها.
[7] صحيح البخاري، باب ما ينهي من السباب واللعن، من كتاب الادب.
[8] وفي رواية اخري لسيف (تلعة) اي ما ارتفع من الارض. والجرثومة والتلعة بمعني واحد.
[9] راجع تفصيل الخبر في الجزء الاول من عبداللّه بن سبا 1 / 250. [
[10] الميثاء: الرملة او الارض السهلة.
[11] راجع عبداللّه بن سبا 1 / 198 قصة العلاء بن الحضرمي.
[12] خمسون و مائة صحابي مختلق 1 / 140 خبر بعد ليلة الهرير.
[13] راجع عبداللّه بن سبا ج 2 / 133، قصة الاسود العنسي.
[14] خمسون و مائة صحابي مختلق 1 / 27، البحث التمهيدي الاول.
[15] راجع المقدمة من الجزء الثاني من عبداللّه بن سبا.
[16] ارفض: تفرق.
[17] الابله: بلدة علي شاطئ دجلة البصرة. معجم البلدان.
[18] تـخيل سيف هرمزا وقارنا من قادة الفرس بتلك المعارك التي لم تقع ولم يكن لهم وجود خارج.
[19] راجع (في الحيرة) بترجمة القعقاع من كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق1 /108.
[20] راجع صحفة 103 من هذا الكتاب.
[21] راجع صفحة 320 من هذا الكتاب.
[22] انظر تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر الصفحات 124/ب، 125/ا من اصل المخطوط.
[23] ميزان الاعتدال 3/642.
[24] تاريخ بغداد 3/42.
[25] الميزان 3/438.
[26] سير اعلام النبلاء 20 / 6.
[27] تاريخ بغداد 1/356، سير اعلام النبلاء 18/85.
[28] سؤالات السلفي /56، الانساب 1/430، سير اعلام النبلاء 17/197.
[29] ص 65.
[30] سؤالات السلفي /60، تذكرة الحفاظ 3/1049، وسير اعلام النبلاء17/198.
[31] تاريخ بغداد 2/240.
[32] المصدر السابق 4/162، وتذكرة الحفاظ 2/596.
[33] المصدر نفسه 2/374.
[34] تهذيب التهذيب 4/117.
[35] المصدر السابق 7/406.
[36] المصدر نفسه 5/82.
[37] الاصابة 10/30، وانظر الكاشف للذهبي 3/146.
[38] الطبقات 6/216.
[39] سيراعلام النبلاء 20/53.
[40] سير اعلام النبلاء 19/600، شذرات الذهب 4/78.
[41] انظر سير اعلام النبلاء 18/253، وتذكرة الحفاظ 3/1158 وشذرات الذهب 3/309.
[42] تاريخ بغداد 13/183.
[43] تذكرة الحفاظ 2/776.
[44] التهذيب 9/70.
[45] تهذيب 4/338.
[46] التهذيب 4/155.
[47] التهذيب 4/155.
[48] انظر الاستيعاب - بهامش الاصابة 4/73، والاصابة 4/90، والتهذيب 3/427.
[49] اسد الغابة 6/321.
[50] 11/262 هامش الاصابة، والاصابة 11/145.
[51] الطبقات 6/171.
[52] تهذيب التهذيب 6/61.
[53] سير اعلام النبلاء 15/413، تذكرة الحفاظ 3/858.
[54] الجرح و التعديل 6/263، سير اعلام النبلاء 10/471، تهذيب التهذيب 8/99.
[55] تاريخ دمشق لابن عساكر - النسخة المصورة 10/46، وسيراعلام النبلاء 17/366.
[56] العبر 3/319، سير اعلام النبلاء 19/12.
[57] تاريخ دمشق 5/302، ومختصره لابن منظور 7/260.
[58] الانساب 2/143، سير اعلام النبلاء 20/98.
[59] سيراعلام النبلاء 20/348.
[60] سير اعلام النبلاء 19/162.
[61] السير 17/619.
[62] تاريخ بغداد 1/313.
[63] تذكرة الحفاظ 2/683.
[64] تقريب التهذيب 1/465.
[65] وقد وقع في بعض نسخ التقريب بن علي بدل عدي وهو تصحيف. انظرالتهذيب 2/216.
[66] انظر: تقريب التهذيب 2/154، ميزان الاعتدال 3/521.
[67] التقريب 2/312، التهذ يب 11/8، الميزان 4/284.
[68] تهذيب التهذيب 12/63، تقريب التهذيب 2/408.
[69] مسند ابي يعلي 1/349.
[70] (1/350).
[71] كتاب السنة 2/476.
[72] مجمع الزوائد 7/333.
[73] قال السخاوي معناه ان حديثه وسط لا ينتهي الي درجة السقوطولاالجلالة وهو نوع مدح، وقال ابن رشيد: اي ليس حديثه بشاذ ولامنكر(انظر شرح الالفية ص 158،163).
[74] سير اعلام النبلاء 19/241.
[75] الانساب للسمعاني 3/318. سير اعلام النبلاء 20/284.
[76] تاريخ بغداد 7/279، سير اعلام النبلاء 7 1/415، تذكرة الحفاظ3/175.
[77] تاريخ بغداد 2/147، الانساب للسمعاني 1/101.
[78] الجرح والتعديل 2/75، تاريخ بغداد 5/141.
[79] التهذيب 1/50، التقريب 1/19.
[80] التقريب 1/342.
[81] التقريب 2/270.
[82] تهذيب التهذيب 4/232، 233، تقريب التهذيب 1/332.
[83] سير اعلام النبلاء 9 1/423، الوافي بالوفيات 3/169.
[84] تاريخ بغداد 10/387، 388، الانساب للسمعاني 3/84، 85.
[85] تاريخ بغداد 10/380، شذرات الذهب 3/181.
[86] تاريخ بغداد 2/356، سير اعلام النبلاء 15/508.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.